خلص المشاركون في أشغال «الأيام البيئية الأولى» بخنيفرة، إلى ضرورة تبني «اقتصاد أخضر ومستدام» يكون قائما على التضامن الاجتماعي ويقاوم الهشاشة التي تعاني منها المنطقة، إضافة إلى إيلاء السياحة الايكولوجية الداخلية العناية الكافية بتبني مشاريع قائمة على مبادئ التنمية المستدامة وتراعي الخصوصيات الثقافية للمنطقة، مع تطوير المنتوجات المحلية بكل السبل، كما شدد المشاركون في التظاهرة البيئية على جودة الحياة وتحسين ظروف العيش بالوسط القروي، وفك العزلة عن الدواوير النائية وتجنيب الثروة الغابوية أعمال الاستغلال العشوائي. وبينما دعا المشاركون إلى الحد من مظاهر الاستغلال اللامشروع للثروات البيئية، وتفادي كل أشكال الفساد البيئي (انتشار ظاهرة المقالع في الوسط الغابوي نموذجا)، لم يفتهم التأكيد على ضرورة وضع استراتيجية واضحة وبرامج جهوية وإقليمية مندمجة وفق مقاربة تشاركية لأجل ترسيخ تنمية مستدامة تراعي خصوصيات المنطقة وتستجيب للحاجيات والانتظارات الراهنة والمستقبلية، ورأى المشاركون في هذا الصدد أن البحث العلمي يشكل القطب الأساس لتمكين كافة الفاعلين من معرفة مختلف أوجه المجال البيئي بهدف تحديد المسؤوليات بالشكل الذي يسمح بربط المسؤولية بالمحاسبة. البيئيون بخنيفرة أكدوا بالتالي على أهمية التربية البيئية وربط نجاحها بمدى توفير الوسائل التعبيرية والآليات الضرورية، ومدى دعم الورشات والنوادي التربوية ومركز التربية البيئية، وكذا إعطاء الجانب الفني والثقافي اهميته الحقيقية، دون أن يفوت ذات البيئيين الدعوة إلى توفير مصالح عمومية بالإقليم تسهر على معالجة قضايا البيئة، والى إحداث مندوبية للسياحة وأخرى للثقافة ومتحف بيئي في سبيل التعريف والتحسيس بالمؤهلات الطبيعية والسياحية التي تميز الإقليم الغني بثرواته وخصوصياته المجالية، وكونه محطة مركزية بالأطلس المتوسط تحتوي على منظومات بيئية غابوية ومنابع مائية ومناطق رطبة ذات أهمية وطنية ودولية، وتنوع بيولوجي، إضافة إلى غناه الثقافي الذي جعل منه منطقة تحظى بمكانة خاصة وطنيا. وفي ذات السياق أكد المشاركون على الأهمية البالغة للأيام البيئية، مع أمل جعلها تقليدا سنويا ضمانا لاستمرارية الحوار والتداول والارتكاز على مناهج علمية للنظر في قضايا البيئة، ولم يفتهم الثناء على الدعم المادي والمعنوي الذي أسدته مجموعة الجماعات «الأطلس» بإقليم خنيفرة لهذه التظاهرة البيئية التي شارك فيها ما يناهز 120 جمعية و22 جماعة حضرية وقروية بالإقليم، إضافة إلى المصالح الخارجية لبعض القطاعات العمومية ذات الاهتمام المشترك بمجال البيئة في إطار مقاربة تشاركية أولتها الأيام البيئية الأولى أهمية قصوى من خلال إيمانها القوي بضرورة تطوير آليات الاشتغال عبر مختلف الوسائط التي تتيح إمكانية الانفتاح على كافة الفعاليات المجتمعية، بما فيها الكفاءات العلمية المحلية الوطنية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني ، إضافة إلى المتدخلين المعنيين بالشأن البيئي والتنموي، حسب ما حملته التوصيات التي حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها. التظاهرة تميزت بعرض أشرطة وثائقية وميدانية، وبعروض علمية وتقنية لأساتذة مهتمين وباحثين متخصصين في الشؤون البيئية، بينهم الرئيس الوطني لجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض، ذ. عبدالرحيم كسيري، الذي تناول في ورقته موضوع «الاقتصاد الأخضر»، والتعريف به وسعيه إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، ثم ذ. محمد أوشا الذي ركز في ورقته على المؤهلات الطبيعية والسياحية والتنوع البيولوجي بإقليم خنيفرة، إلى جانب ذ. سمير عبدالرفيع الذي تحدث، من خلال مداخلته، عن السياحة الايكولوجية ودورها في التنمية المستدامة، وكيف «أن التنمية المستدامة تتطلب إحداث تصالح حقيقي بين الإنسان والطبيعة»، وبعده قدم ذ. يونس حميمصة تجربة رائدة في السياحة الايكولوجية للمنتزه الوطني تالاسمطانت، تحدث من خلالها عن المنتزهات الوطنية والتنوع البيولوجي وعلاقة الإنسان بالمجال عن طريق العادات والتقاليد التي من خلالها يمكن النهوض بالقطاع السياحي دون الإخلال بالإمكانات البيئية. وموازاة مع العروض تم تنظيم ورشات للرسم ببعض الساحات الخضراء على مستوى المدينة، وعملية انجاز جداريات من توقيع فنانين من جمعية وشمة، ثم تنظيم ورشات للحوار والنقاش والتوصيات، هذه التي اشتغلت على موضوع السياحة الايكولوجية والأنشطة المدرة للدخل، كما عاش الحاضرون لحظات خاصة مع فصول مسرحية بيئية لجمعية النطاق الثقافي بعنوان «الماء نعمة والطبيعة نسمة»، ليسدل الستار على فعاليات التظاهرة ب»خرجة بيئية» إلى بعض المواقع الطبيعية بالإقليم وتثبيت لوحات تحسيسية بهذه المواقع بهدف المساهمة في توعية المواطنين والزوار بأهمية وقيمة المحافظة على البيئة، وحضر هذه الخرجة ممثلون عن مصالح المياه والغابات وجمعية أم الربيع لصيادي السمك وفاعلون بجمعيات محلية، ومعنيون بالمنظومة البيئية.