بعد أزيد من أربع سنوات على تعيينه ممثلا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، أثبت كريستوفر روس أنه بعيد عن المنهجية المتوافق عليها في التعامل مع ملف الصحراء المغربية. وأثبت أيضا أنه محكوم بالمواقف المسبقة إزاء المغرب، بعد أن بدا له أنه أنضج كل الشروط لكي ينقلب على روح المهمة التي تم تكليفه بها. وهي المهمة التي تعني من بين ما تعنيه، التوجه نحو الحل السياسي المتوافق عليه، وتقدير كل الجهود التي نوهت بمواقف المغرب، ومقترح الحكم الذاتي الذي اعتبرته أكثر من جهة حلا واقعيا ، يحفظ الاستقرار والحقوق في المنطقة. يبدو أن كريستوفر روس، الذي عمل طويلا في الجزائر، كان يراهن على الزمن، أو التقادم حتى تتآكل فكرة الحكم الذاتي، ويراهن على الزمن لتنقلب المعطيات في المنطقة وفي العالم وليعود بأطروحة أناس سبقوه ، دعوا إلى الاستفتاء ومحاصرة المغرب بمقولات لا تكشف حسن النية. وإلا ما معنى السعي الحثيث من أجل أن تمتد مهام المينورسو الى مسألة من صميم السيادة المغربية مثل تدبير ملف حقوق الإنسان. وبلغت التطورات حالة من الاحتقان الصامت بين المغرب الديبلوماسي وبين الممثل الشخصي للأمين العام، أصبح من الصعب معها أن تواصل بلادنا السكوت على مواقف السيد روس. وقد كشفت الجلسات الاخيرة المتعلقة بالتقرير الأممي حول الصحراء أن حربا حقيقية جرت في الكواليس ، لا ضد الأطراف التي كان لا بد من الصراع معها، بفعل العادة وبفعل الإصرار على معاكسة المغرب في حقوقه، بل ضد السيد كريستوفر روس. الذي يسعى الى العودة الى نقطة ما قبل المقترح الحكم الذاتي، والى ما قبل التنويه الدولي بالحل السياسي المتوازن والصادق الذي وضعه المغرب. الجزائر عبرت عن تأييدها لجهود كريستوفر ، وهو موقف مبني على كون مقترحات روس ومواقفه تصادف هوى الجزائر، والتي سبق لها أن رفعت الفيتو وسحبت ثقتها من فالسوم . الجزائر تحرم على المغرب، الطرف الاساسي في صحرائه، ما سبق لها أن قبلته لنفسها، برغم ادعائها بأنها ليست طرفا وأن مواقفها «مبدئية». المغرب اليوم مطالب بأن يطرح السيناريو الذي سيعقب المواجهة مع روس. لاسيما وأن الأمين العام بان كي مون أكد ثقته التامة فيه، على حد ما قاله الناطق باسم الاممالمتحدة مارتن نيسيركي، يوم الخميس 17 ابريل. ومعنى ذلك أيضا بأنه يستنتج أن إصرار بان كي مون يعني نهاية المشاورات مع البوليزاريو عبر الاممالمتحدة، واستبعاد الحل السياسي من دوائر الأممالمتحدة الى حين يتحدد مصير العلاقة بين الأمين العام ومبعوثه الشخصي. روس الذي استحلى تنظيم اللقاءات بين المغرب والبوليزاريو، لا يبدو أنه خلق جوا آخر، جديدا وواقعيا وتوافقيا قادرا على أن ينتقل بالمنطقة من حالة التوجس الدائم والقلق الى منطق التدبير المستقبلي للعلاقة بين مكونات الفضاء المغاربي الحقيقية والتاريخية؟ للمغرب ما يكفي من الأسباب لكي يسحب الثقة، ويضع حدا للالتفاف الموارب على عمل الأممالمتحدة لفائدة أطروحات منحازة. ويضع حدا أيضا لكل التلاعبات، بدون أن يحسب عليه بأنه كان وراء تعطيل النقاش السياسي، أو تعطيل العمل الاممي أو التخلي عن أسلوب التفاوض والسياسة. وهذا يتطلب مجهودا مع الأصدقاء الدوليين لبلادنا. لا شك أن التباسات كثيرة ستخلق من جديد مع وصول الاشتراكيين الى الحكم، وقد رأينا كيف سارعت الجزائر ومنابر الانفصال الى العودة الى مراسلات سابقة للوزير الاول الفرنسي، وكيف بدأ العمل الحثيث من أجل خلق التوتر بين بلادنا وبين باريس. وقد كان لافتا للنظر أن يسارع الناطق باسم الخارجية الفرنسية الى الاعلان عن تجديد دعم باريس لمخطط الحكم الذاتي ، ولافتا أيضا أن تصفه فرنسا بأنه المقترح الواقعي الوحيد المطروح على مائدة المفاوضات. وهذا يتطلب فعلا تنسيقا قويا بين باريس والرباط يستمر على إيقاع المصلحة المغربية. من جهته قال المدير العام للمهرجان فوزي الصقلي في نفس الموضوع «هل يجوز لنا اليوم أن نعتبر بأن جدار العقل الخالص الذي تقوم عليه الحداثة قد أصابه التشقق وأوشك على الانهيار؟ إذ يبدو على نحو مباغت أن العقلانية المنطوية على نفسها قد نسجت على مجرى الأيام، وبتزامن مع القدرة الخارقة على الاختراع، نزعة كليانية غربية أو بالأحرى مؤثرة بشكل خفي على الأقل في أعقاب تجاوزاتها الأخيرة أو بعد «الهول الاقتصادي»، حيث كثر الحديث بكيفية ميسورة عن طغيان نالي نستشعر يوميا أثاره من دون أن ندرك ركائزه الحقيقية.» وأضاف «لقد تضاءل عدد الذين يعتبرون أن الأمر هنا يتعلق بحتمية تدعى العولمة، يتعين على السياسي أن يخضع لها ويتعامل معها من غير أن يأمل في تجاوزها لأن هذه الحتمية - يوضح الدكتور فوزي الصقلي - ليست اقتصادية،وهي ذات انعكاسات اجتماعية وثقافية و إنسانية لا يمكن تجاهلها. ومن خلال شعار المهرجان«تجليات الكون احتفاء بالشاعر عمر الخيام» قال المدير العام «إن تجليات الكون تعني استشفاف إمكانيات ربط صلات جديدة بالعالم الذي لم يعد فيه مكان للحتمية وسيادة الأمر الواقع و تعني أيضا استرداد مكانة الإنسان و الثقافة والقيم وهذا ما سيشكل انتفاضة من أجل كرامة مقبلة تحل محل سابقتها، و سيتخلل المهرجان مجموعة من المضامين التي ستعيننا على إثراء نظرتنا للعالم وتعزز قدرتنا على تغييره وإعادة البهجة إليه، حيث سيكون على الشعر والتوق إلى الجمال و فن العيش المأخوذ بالحسبان جنبا إلى جنب مع مستوى العيش باعتباره ثراء روحيا .هذه بعض التعاليم التي يمكن استخلاصها من شخصية خارجة عن المألوف من عمر الخيام الشاعر والعالم والفيلسوف المرهف الروح» هذا، ومن المنتظر، حسب المنظمين، أن تستقطب الأيام التسعة من المهرجان شرائح جماهيرية متنوعة بما فيها السياح الأجانب، الآتين من القارات الخمس، الأمر الذي سيخلق حركية سياحية بفاس التي تعاني حاليا من ركود نسبي. وفي هذا الإطار سيعرض الطبق الفني الروحي للمهرجان العديد من الألوان الموسيقي العريقية تقدمها مختلف الأجيال ومن مدراس فنية متنوعة، منهم الفنان «أرشي شيب»، الذي سيقدم عرضا مستمدا من جذور البلوز والغوسبل، وعلى امتداد ثلاثة ليالي متتالية ستكون هناك إمكانية متابعة، بمنعرجات دروب المدينة العتيقة، حفلات موسيقية سيحييها العديد من الفنانين المختصين في الموسيقى الغجر والموسيقى الأوكسيطانية من (جنوبفرنسا).. إضافة إلى بعض العروض الفنية من الهند، وسيتم تكريم الشاعر الفلسطيني الرحل محمود درويش من خلال عرض فني من إبداع رودولف بورغر، كما ستقدم الفنانة الأيسلندية «يبورغ»حفلا غنائيا جديدا بعنوان «بيوفيليا» تترنم فيه بالفضاء والطبيعة، وسيكون مسك الختام برفقة المغنية الشعبية الأمريكية ذائعة الصيت «جون بيز» التي ستقاسمنا التزامها وكفاحها من أجل الحرية و العيش الكريم، على أن حفل الافتتاح بباب الماكينة، يوم الجمعة 8 يونيو، وفي عرض غير مسبوق ستقدم لوحات فنية غنائية روحية من توضيب المخرج السينمائي الأمريك طوني غاتليف.. كل هذه الفقرات الفنية والثقافية وغيرها كثير مع الفنان العراقي كاظم الساهر، والإيطالية كانتيكا سمفونيا، والفنانين اللبناني وديع الصافي والتونسي لطفي بوشناق، والحاخام حاييم لوك والفنان عبد الرحيم الصويري ومجموعة النور الايرانية... ستحتضنها الفضاءات التاريخية التي تحتضنها العاصمة العلمية من قبيل دار المقري، دار عديل ، متحف البطحاء وباب الماكينة.. . وموازاة مع هذه الأنشطة الفنية ستسجل الدورة، وكالعادة تظاهرات فكرية، عبارة ندوات تقارب العديد من القضايا الآنية من «الشاعر و المدينة»، «أي مستقبل بعد الربيع العربي»، «الروحانية و المقاولة»، و«هل هي أزمة مالية أم أزمة حضارة».. أما فقرة ليالي المدينة فهو سفر ليلي موسيقي وروحاني يقود الزوار إلى رياضات فاس العتيقة ذات الطابع المعماري الفريد والموروث عن الثقافة العربية الأندلسية.