نفذ صبر المغرب على كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي في الصحراء ، لذلك أشهر الورقة الحمراء في وجهه بعد أن اتهمه ب«التحيز». وأول أمس أعلن المغرب رسميا سحب ثقته من «روس»، بعدما سبق سعد الدين العثماني أن سافر على عجل إلى نيويورك للقاء الأمين العام للأمم المتحدة ليطلعه على نتائج تقييمه لتطورات ملف الصحراء المغربية وتسجيل «الانزلاقات المسجلة على التقرير الأخير» و« تآكل مسلسل المفاوضات الذي أضحى دون أفق ولا تقدم«، وأخيرا، «المفارقات المستنتجة في تصرفات المبعوث الشخصي للأمين العام والمتسمة بتراجعه عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن وسلوكه لأسلوب غير متوازن ومنحاز في حالات عديدة». كل ذلك دفع سعد الدين العثماني ليطلب من الأمين العام الأممي اتخاد القرارات المناسبة للدفع بمسلسل المفاوضات الخاصة بقضية الصحراء، مع تأكيده على التشبت بقرارات مجلس الأمن وفي مقدمتها التفاوض للوصول إلى حل سياسي دائم ومتوافق عليه. المغرب اقترح سنة 2007 منح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية، وخصوصا بعد أن ظهر جليا أن الخيارات الموصى بها سابقا غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، وذاك هو الاستنتاج الذي عبر عنه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة سابقا «بيتر فان والسوم» الذي خلص إلى أن خيار تنظيم الاستفتاء غير قابل للتنفيذ، وأن أي خيار بشأن قيام كيان مستقل غير قابل للتطبيق وغير واقعي. لم يأخد الأمين العام الأممي بعين الإعتبار الإحتجاج المغربي، بل اختار بدوره التصعيد وتبني موقف متعنت. بان كي مون أكد الخميس كرد فعل على الموقف المغربي «ثقته التامة بكريستوفر روس» كما أعلن المتحدث باسم الاممالمتحدة مارتن نسيركي، وهو ذات ما أقدمت عليه الجزائر. ذلك يعني عمليا توقف المفاوضات بين المغرب والبوليزاريو إلى حين إيجاد مخرج للأزمة الحالية والإستجابة للموقف المغربي. ديبلوماسي أممي علق على موقف الأمين العام الأممي في تصريح لوكالة المغرب للأنباء «إن مسلسل البحث عن تسوية تأزم أكثر في ظل تدبير روس للملف»، مضيفا أن «المبعوث الخاص نجح في رهان الدفع بالمسلسل إلى مأزق بشكل نهائي بالرغم من التقدم المسجل في هذا الملف خصوصا بفضل المقترح المغربي».فمنذ تسلمه للملف سنة 2009 كان الجديد الوحيد الذي أتى به روس هو عقد تسع لقاءات غير رسمية يفترض أن تهيئ لجولة خامسة من المفاوضات والتي «لم تر النور بعد انصرام سنتين ». تعبير بان كي مون عن ثقته في روس لايعني استمراره في الإمساك بالملف. مسؤول أممي سابق صرح بأن الوساطة الأممية ترتكز على قبول الأطراف بالمبعوث الأممي ومجرد الإعتراض عليه يؤدي إلى استبعاده . مشكل الإنحياز الأممي لايوجد فقط لدى روس بل في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، في فريق عمل بان كي مون يوجد أعضاء منحازون للبوليسايريو . مصدر مقرب من الملف أكد ذلك، وقال أن الخلل في الملف يجد تفسيره في «الصعوبات الناجمة عن تغيير فريق العمل في الأمانة العامة للأمم المتحدة (في الولاية الثانية لبان كي مون)» وفي «النشاط المنحاز لبعض أعضائه». وهو ما أكده أيضا ملاحظ غربي، الذي نقلت عنه وكالة المغرب للأنباء قوله « بأن هناك تعديلات معادية للمغرب أدخلت على هذا التقرير هنا في نيويورك نفسها»، مضيفا أن «تقرير الأمين العام كان متوازنا في الأصل ولم يتم تعديله إلا بعد أن وصل إلى مقر الأممالمتحدة مسجلا وجود «تحامل » على المغرب». وجود أطراف مناوئة للمغرب يؤكده أيضا ما كشفت عنه قصاصة لوكالة «رويترز» للأنباء، التي أكد مراسلها أن تحليل التقرير في صيغته الأولى التي بعثها مباشرة إلى المقر هاني عبد العزيز قائد المينورسو وحصلت «رويترز» على نسخة منها، يوضح أن الصياغة الأكثر انتقادا للمغرب أضيفت من قبل الأممالمتحدة في نيويورك. وحسب الصحافي العامل بالأممالمتحدة فإن الجزء المناوئ للمغرب أضيف من قبل أمانة الأممالمتحدة . رغم أن المنطقة أصبحت تعيش تحت تهديد مافيات التهريب والإرهاب، فإن الدبلوماسي الأمريكي سابقا بالجزائر يعبر عن «لامبالاة كبيرة»، بل عن عدم التحلي بالمسؤولية من خلال تمنعه عن اتخاذ أي خطوة تتماشى والمسار الذي سطرته قرارات الأممالمتحدة، وأبدى «جمودا ومعاملة تفضيلية حيال جماعة البوليساريو غير الشرعية، من خلال الإصرار على التعامل على قدم المساواة مع دولة قائمة الذات مؤسساتيا و«شرذمة من الانفصاليين» لا تستند لأي مرجع ديمقراطي». تلك النقطة التي أفاضت الكأس وأنهت صبر المغرب على موظف بواجب الحياد المفروض فيه كوسيط أممي. إعداد: أوسي موح لحسن الحكومة الفرنسية الجديدة تدعم الحكم الذاتي جددت فرنسا أمس الجمعة دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء الذي تقدم به المغرب، بعد قرار المملكة سحب الثقة في المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس، داعية إلى «تسوية سريعة» لهذا النزاع. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو بأن «فرنسا تجدد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي٬ الذي يعد المقترح الواقعي الوحيد حاليا على مائدة المفاوضات والذي يشكل أرضية جدية وذات مصداقية لإيجاد حل في إطار الأممالمتحدة».