بعد انصرام حوالي سنة على الموعد المحدد لإغلاق وإعادة تأهيل المطرح العشوائي لمديونة وبناء مطرح مراقب بأحدث التقنيات المتطورة ، أثيرت العديد من الأسئلة بشأن هذا التأخر ، خاصة وأن العملية تمت في إطار مناقصة دولية نظمتها الجماعة الحضرية للدار البيضاء، حيث رست الصفقة على الشركة المغربية الأمريكية ECOMED، وأُبرمت اتفاقية تفويض في شهر يوليوز 2008 لمدة 18 سنة ، كما عززتها اتفاقية شراكة أخرى في مارس 2009 ما بين كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، وزارة الداخلية والجماعة الحضرية للمدينة، حول المساهمة المالية للأطراف خلال 5 سنوات من تاريخ التوقيع على الاتفاقية، والتي قدرت ب 150 مليون درهم، بالإضافة إلى وضع مخطط مديري لتدبير النفايات المنزلية، وهو بمثابة دراسة تحدد التوجهات الأساسية لهذا المجال، حيث تم تمويل كلي لهذا المخطط من طرف قطاع البيئة بكلفة تقدر بحوالي 2,5 مليون درهم، ورغم هذه الامتيازات المالية التي رافقت الفوز بصفقة التدبير الميداني لمطرح النفايات بمديونة، فقد سُجلت عدة تناقضات على الشركة المعنية، التي كانت قد صرحت في عدة لقاءات رسمية أن سنة 2011 تعد آخر تاريخ تعهدت به بشكل رسمي لإغلاق المطرح القديم وبداية الاستغلال بالمطرح الجديد المراقب بتقنيات جد متطورة والذي حددت له مساحة 82 هكتارا بالجهة المحاذية للمطرح القديم، إلا أن هذا التاريخ مر عليه حوالي سنة دون أن يتم الشروع حتى في إعداد الخريطة الافتراضية لعملية بداية الاشتغال به، واكتفت بطمر الأزبال الوافدة على المطرح القديم بأرض بجانب المطرح، والتي من المفروض أن تبقى كاحتياطات لعملية الطمر أثناء عملية الافراغ النهائي واللجوء إلى عملية التشجير، هذه العملية التي وصفتها مصادر الجريدة، ب«غير القانونية وتشكل خرقا لدفتر التحملات المصادق عليه من طرف الشركة المعنية بالأمر والجهات المسؤولة»، بالاضافة إلى الخطر البيئي المتزايد على الساكنة التي تقطن بجوار المطرح ، والتي بدأت تتحرك في إطار جمع توقيعات عبر المجتمع المدني، للتعبير عن عدم رضاها باستمرار هذا المطرح، الذي يشكل مصدر قلق وخطر بيئي كبير! الشركة المعنية بالأمر تتذرع بعدة مبررات لعدم الوفاء بالتزاماتها القانونية، مما جعل عامل إقليم مديونة السابق يراسل آنذاك محمد ساجد رئيس مجلس المدينة، بشأن استعجالية التحرك من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة البيئية، حيث سُجلت زيارة ميدانية للمطرح رفقة مجموعة من الخبراء التقنيين بالمجال ، إضافة إلى السلطات المحلية للإقليم، ووقف الوفد على حجم الكارثة، وتم تشكيل خلية أزمة لتدارك الموقف من أجل الانتقال إلى المطرح الجديد في أقرب وقت! هذا وقد أصبح القلق يتزايد نتيجة التأخر في ترجمة الالتزامات على أرض الواقع، حيث أضحت الساكنة البيضاوية مطالبة اليوم قبل الغد، بالبحث عن موقع لطرح نفاياتها، والتي تبلغ يوميا حوالي 3500 طن، وهي الكمية التي يستقبلها المطرح العمومي، هذا التأخر في توفير المرفق الجديد يرجع، حسب إفادة مصدر مطلع للجريدة، إلى أن مسؤولي الشركة الأمريكية المكلفة بتدبير المطرح العمومي اقترحوا على الجهات المسؤولة تغيير مكان المطرح الجديد بمكان آخر يستجيب للمواصفات الضرورية وكذا التواجد بالقرب من الطريق الإقليمية الرابطة بين البيضاء ومديونة، حيث تم اقتراح أرض بديلة في ملكية أحد الخواص تتواجد خلف المطرح الحالي، والتي اعتبرتها الشركة «مؤهلة للاستعمال كمطرح جديد»، ومازالت، إلى حد الآن، تنتظر الرد مع المطالبة بالعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لنزع الملكية في حال عدم قبول صاحب الأرض العرض الذي سيقدم له من أجل بيع أرضه! وبالنسبة للعارفين بخبايا الأمور، فإن هذه الصفقة تعتبر مربحة، لأن الشركة «ستستفيد» من مقومات البنية التحتية للمرفق القديم، وذلك عوض ما يقتضيه العرض الذي اقترحته الجهات المسؤولة! لكن السؤال الذي أصبح يطرح نفسه بشدة حول هذا التماطل ، يهم الأرض التي تم اقتراحها سابقا، والتهاون الذي يطبع تعامل الجهات المسؤولة عن المطرح، من مجلس المدينة وسلطات الولاية، دون إغفال أنه إذا ما قُبل طلب الشركة، فإن خزينة المدينة مطالبة بأداء مبالغ مالية، وصفت ب«الخيالية» والتي من الممكن أن تسبب عجزا ماليا! كما أن تقاعس الشركة في إقفال المطرح الحالي تسبب ويتسبب في عدة مشاكل للساكنة المجاورة، خاصة دوار الحلايبية واللوز بعين الحلوف جراء تسرب مياه الأزبال العادمة من هذا المدرح و«زحفها» نحو تجمعات آهلة بالسكان، بالإضافة إلى الإضرار بمحمية ضاية «سيدي جغالف»، وهو التسرب الذي تسبب أيضا، في تلويث البيئة وانبعاث روائح كريهة ساهمت في انتشار بعض الأمراض، خاصة في صفوف الأطفال، حيث اعتبر بعض الفاعلين الجمعويين بالمنطقة، «هذا التسرب بمثابة فشل للشركة المسؤولة في تسيير هذا المرفق، الذي ينخر ميزانية مجلس المدينة وصحة المواطنين»، مطالبين الجهات المسؤولة «بالتحرك عاجلا وفتح تحقيق حول هذا التماطل في إغلاق هذا المرفق والحد من المعاناة اليومية لساكنة المنطقة».