لم يعد لفلاحي الأطلس المتوسط في ظروف عجاف ما يشغلهم ويحول دون التحاقهم بقاعة الندوات بمدينة يفرن عشية الجمعة 16/03/2012 للاستماع ومناقشة عرض الرئيس المدير العام للقرض الفلاحي ، وهو الاجتماع الذي تميز بحضور جمعويين و سياسيين يتقدمهم عضو المكتب السياسي لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سعيد شبعتو, الذي افتتح اللقاء مؤكدا بكونه يأتي توطيدا لأسس المقاربة التشاركية في مواجهة مشاكل البلاد ، واكتسائه طابعا تضامنيا اتجاه واقع البادية المغربية التي أصبحت تعيش أوضاعا مزرية نتيجة تأخر التساقطات المطرية ، وما خلفته من هواجس لدى الفلاح المغربي وفلاح الأطلس المتوسط بصفة خاصة، وكان من الضروري أن يؤكد عضو المكتب السياسي للحزب والذي يشغل في نفس الآن رئاسة مجلس جهة مكناس تافيلالت أن واقع المعيش اليومي للبادية في هذه الظرفية والباعث على القلق ليس بغريب عن الإطار العام للأوضاع السوسيوقتصادية للبلاد ككل, مذكرا بفترات الجفاف التي تعاقبت على المغرب ، وكان آخرها الجفاف الهيكلي الذي واجه حكومة التناوب التوافقي في بداية تدبيرها للشأن العام ، وكيف توفقت التجربة في مهدها في التخفيف من آثاره عبر تصور عقلاني ارتكز على آليات للتدخل كانت أكثر سرعة ،نجاعة وفعالية في الاستجابة لمشاكل الظرفية, سواء ما تعلق بخلق فرص الشغل التي استفاد منها الفلاح المغربي وأبنائه في حرص متين على استقراره بالأرض ، أو من حيث دعم الأعلاف التي حافظت على قطيع الماشية من الانقراض عكس ما وقع في فترة جفاف السنوات الأولى للثمانينات, حيث تراجعت رؤوس القطيع لأرقام مهولة ، ولم تتمكن الدولة من تجديدها إلا بعد مرور ما يزيد عن 14 سنة ، ناهيك بالطبع عن خلق آلاف الأوراش داخل العالم القروي من تقوية للبنيات التحتية ،وفتح المسالك وحفر نقط الماء ، كل هذه الملاحظات لقيت ترحيبا من لدن الفلاحين المتتبعين لأطوار هذا اللقاء معتبر إياها عين العقل وداعين إلى الاقتضاء بتوجيهاتها لتحقيق النتائج المرجوة. فلاحون غاضبون من تأخر تدخل الحكومةوالقرض الفلاحي يؤكد مواكبة الظرفية قبل الشروع في الإستماع للفلاحين القادمين من أقاليم خنيفرة ، الحاجب ، يفرن ، ميدلت والدين غصت بهم جنبات القاعة, في الوقت الذي ظل آخرون يتابعون النقاش عبر مكبرات الصوت ، قدم الرئيس المدير العام للقرض الفلاحي منتوج المؤسسة الموجه خصيصا لهذه المرحة ، وقبل الإفصاح عن المبلغ المالي المخصص للتخفيف من وطأة الأضرار الناجمة عن تعطل التساقطات المطرية والتي تعتبر قضاء وقدرا ، أعرب عن أواصر الارتباط المتين التي ظلت تربط مؤسسة القرض الفلاحي بالفلاح المغربي ، وخاصة الصغير منه والذي هو حاليا في أمس الحاجة للمساندة والتآزر ، مذكرا بكون القرض الفلاحي قد وضع تشخيصا دقيقا لأحوال معيش الفلاح بالبادية والتي جعلته يقتنع بضرورة الوقوف إلى جانب الفلاح, سواء من خلال مواقفه من المديونية والتي لا تتطلب فقط إعادة النظر فيها بالجدولة أو الإعفاء في بعض الحالات بل تتجاوز كل هذا للتفكير في صيغ ضخ شحنات جديدة في القطاع من خلال مد الفلاح الصغير بمساعدات جديدة لتدبير الأزمة والتخفيف من أضرار الظرفية ، وتأجيل التزامات الفلاح اتجاه المؤسسة إلى ما بعد تجاوز المرحلة بما تتطلبه من صبر وعزيمة وتضامن مجتمعي ، ولم يترك الرئيس المدير العام للقرض الفلاحي الفرصة تمر دون الإفصاح عن المبلغ المعبأ لمجابهة الظرفية والذي حدده في مبلغ واحد مليار من الدرهم ستوزع عبر جهات المملكة في إطار قروض ستطبع بآثار المرحلة, سواء من خلال تبسيط مساطر الحصول على القروض أو من حيث استرجاع بعض الفلاحين لموقعهم كزبناء للمؤسسة بعدما شاءت ظروف معينة من حرمانهم من هذا الموقع ، موضحا بكثير من التفاصيل أن القروض ستوجه بشكل أدق نحو مرافقة القطيع وحاجيات المعالجة البيطرية واقتناء الأعلاف وكذا تمويل بعض المنتوجات الربيعية التي بالإمكان أن تخلق أنشطة بديلة للفلاح في ظروف الجفاف . تعددت وتنوعت مداخلات الفلاحين الذين اعتبروا الفرصة مواتية للتخفيف ولو شفويا عن هواجسهم وتخوفاتها من الأيام القادمة حتى وإن لم يخفوا إيمانهم بالقضاء والقدر ، واعتبروا أن أي تأخر في التدخل الحكومي لمرافقتهم والتخفيف من معاناتهم من شأنه أن يكلف خزينة الدولة تبعات مالية أضخم بكثير في وقت لاحق ، وذهبت الكثير من المداخلات إلى دق ناقوس الخطر لصعوبة الظروف التي يعيشونها والتي ظلت مغيبة في الإعلام الحكومي ، فموجة الصقيع والجريحة التي ضربت منطقة الأطلس المتوسط حطمت الرقم القياسي من حيث أضرارها ، فهناك مجالات عاشت ناقص 15 تحت الصفر ، وهناك فلاحون ومربو ماشية مدينون بمبالغ خيالية اتجاه أصحاب الأعلاف الذين لم يعودوا قادرين على تزويد مربي الماشية بديون أخرى ،مما سيخلق مستقبلا صراعات اجتماعية خطيرة قد ينتقل رحاها لردهات المحاكم ، ناهيك بالطبع عن تعطل آلة التشغيل التي أصابت البادية برمتها ،مما سيجعل التفكير في الهجرة نحو المدن الأمر الأكثر تحقيقا . لجنة القطاعات الإنتاجية تشخص وضعية البادية المغربية وفي الختام كان من الضروري أن يتدخل السياسيون لزرع بعض بذور الأمل في نفوس الفلاحين عبر تذكيرهم بكون المعركة لن تكون معركتهم لوحدهم, ولكن هي معركة الدولة ومعركة كل المغاربة ، والتي لا يمكن ربح البعض من رهاناتها الكبرى إلا من خلال قيام الجميع بمسؤوليته في إطار التضامن والتلاحم المعهود في مثل هذه الظروف ، حيث ذكر عضو المكتب السياسي سعيد شبعتو في باب التعقيب بالجهود التي يبذلها حزب الإتحاد الاشتراكي من خلال ترأسه للجنة القطاعات الإنتاجية لتحسيس الحكومة بحتمية استعجالية التدخل الحكومي لمساعدة الفلاحين المتضررين ومربي الماشية عبر دعم الأعلاف وتوفيرها بالكميات المطلوبة اعتبارا للمكانة الخاصة التي يحظى بها العالم القروي داخل المخطط الأخضر وخاصة الفلاحة التضامنية الرامية إلى محاربة الفقر في العالم القروي والذي تضرر بشكل فظيع جراء الارتفاع الصاروخي لسعر الأعلاف ،وتراجع ثمن البيع بالنسبة للقطيع داخل السوق الوطنية ، وتقلص مخزون المياه، واستفحال ظاهرة البطالة لغياب فرص الشغل مما يستدعي مطلب الإستعجالية عبر توفير الأعلاف بالقدر الكافي وتخفيض أسعارها ، تعبئة وإحداث نقط الماء وتوسيع دائرة الاستفادة من الماء الشروب و فتح أوراش العمل وإيجاد فرص للشغل لإيقاف نزيف الهجرة في اتجاه المدن وتوطيد الاستقرار بالبادية و إعفاء و جدولة ديون الفلاحين الصغار وتمكينهم من تمويلات جديدة ومناسبة للوضعية الحالية.