سجل أحمد الزيدي, رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب, في اليوم الدراسي صبيحة يوم الاثنين الماضي، ارتباك الحكومة المالية في التعامل مع مجموعة من القضايا، وسلط البرلمانيون الاتحاديون في هذا اليوم الدراسي الأضواء على كل الجوانب المرتبطة بالقانون المالي الحالي. إذ وقف حبيب المالكي على مجموعة من القضايا من خلال مداخلته، "هل أصبح القانون المالي متجاوزاً؟" وهو ما خلص إليه فعلا من خلال تفكيك الأرقام والمعطيات التي جاء بها مشروع قانون مالية حكومة بنكيران، في حين سلط سعيد شباعتو الضوء على العالم القروي، وارتباطه بالأسبقيات البنيوية والإنصاف المجالي، في حين فكك عبد العالي دومو القانون المالي، ورصد هشاشة الفرضيات التي بني عليها، في حين رصد أحمد رضا الشامي المسالك الغائبة في تحسين الحكامة المالية. أحمد رضا الشامي: المسالك الغائبة في تحسين الحكامة المالية طالب أحمد رضا الشامي بالتركيز في قراءة مشروع القانون المالي على المواضيع ذات الأهمية، وأكد أن المشروع أصعب من الميزانيات المقبلة. ولاحظ أن الميزانية هي ميزانية الاستمرارية، ولا تشكل أية قطيعة، وكنا ننتظر أن يتضمن القانون المالي قطيعة فيما يخص الشق الاجتماعي وإعطاء ملامح واضحة بخصوص إصلاح النظام الجبائي لتغيير الاستثمار في قطاعات منتجة وليس في قطاعات مرتبطة باقتصاد الريع. واقترح ضريبة على المباني والضريبة على الشركات. ولاحظ غياب المقترحات التي جاءت بها العدالة والتنمية في حملتها الانتخابية، والتي لم يتضمنها مشروع قانون المالية، إذ بقينا في نفس المسار. وطرح مؤشر التنمية البشرية، للأسف، المغرب مازال في مرتبة متأخرة، وهو ما لم يتم التطرق إليه. ولتحسين هذه المرتبة، يتطلب قطيعة بخصوص الخدمات الاجتماعية، سواء في قطاع الصحة والتعليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما تساءل لماذا تشرف وزارة الداخلية على هذه المبادرة الوطنية عوض وزارة خاصة؟ وأكد الشامي أن الاقتراح الذي تقدم به الاتحاد الاشتراكي سنة 2007، هو اقتراح منطقي ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، والمتعلق ب" »أمال الطالب«" أي منح إمكانيات من طرف الدولة من خلال قرض بنكي من أجل التشغيل، وهو معمول به في العديد من الدول. وفيما يخص الصحة والتعليم، طالب باعتماد الجودة في هذين القطاعين. وبخصوص صندوق المقاصة, أكد بشأنه أن مبلغ 32 مليار درهم لن يتحقق . وطالب بإصلاح جذري لهذا الصندوق,كما هو الشأن بالنسبة لعدد من الدول, ورصد هناك جوانب يمكن أن تكون مهمة من بينها التمويل, سواء على المستوى القصير والمتوسط. وطالب بتمويل مباشر في الميدان الصناعي في بعض القطاعات من بينها قطاع النسيج. وأثار مسألة الشركات الصغرى وإشكالية التمويل. وعلى المدى المتوسط والبعيد أبدى الشامي تخوفه بخصوص الاستثمار الخاص الذي يصل الى الملايير من الدراهم. وطالب بالتعويض الصناعي، واعطاء الامتياز للشركات الوطنية. وبخصوص الاستثمارات العمومية. رأى أن رفعها يجب الا يكون على حساب ميزانية الدولة, أي اعتماد التدبير المفوض. وهو ما تقوم به دول أخرى. و بالنسبة للتصدير هناك مشكل توزيع المنتوجات المغربية. ذلك ان المغرب الاخضر ركز على مقاربة انتاجية. لكن هناك انخفاض الاثمنة. ويجب تقديم مساعدات للفلاحين ورصد العديد من الملاحظات التي لم يأت بها مشروع القانون المالي. ورأى أن الخدمات المقدمة للمواطنين، يجب أن يتم تسهيل العمل من أجل تحقيقها . ودعا الى تدبير ميزانية الدولة. وأثار مسألة مصاريف الوظيفة العمومية. ومسألة توظيف 26 ألفا, وأين ستتم, وفي أي مجال؟ كما أثار مسألة تقويم السياسات العمومية، اذ هناك سياسات ناجحة في دول أخرى. وفيما يتعلق بالبطاقات المتجددة رأى بشأنها انها ستتطلب أداء كبيرا من ميزانية الدولة, ودعا الى مراقبة هذا البرنامج,واعتبر المدن الجديدة المستحدثة تشكل كارثة حقيقية يجب الانتباه اليها. وفيما يهم قيمة الدرهم. طالب بفتح نقاش في الموضوع ,خاصة بعد المستجدات التي حصلت في هذا الباب. أكد الحبيب المالكي أن مناقشة مشروع القانون المالي هو لحظة دستورية وسياسية بامتياز. ويشكل امتحانا لجميع المكونات, ورأى أن هذا المشروع الأول للحكومة الجديدة القديمة. وانطلاقا من تحليلنا للأوضاع العامة ببلادنا وما يميز هذه الأوضاع من حركات احتجاجية تهم فئات شعبية، تعيش مشاكل خاصة في المجال الاجتماعي. وارتباطا ايضا بمعضلة التشغيل هذه الجوانب تجعل من مناقشة القانون المالي محطة اساسية. لا تقتصر على ممارسة النقد من أجل النقد، حتى لا تصبح حلقات مفرغة، ودعا الى أن تكون المقاربات عمودية وأفقية. وفي قراءته لمشروع قانون المالية لسنة 2012 رأى الحبيب المالكي ان الحكومة مازالت مستمرة في عدم احترام الدستور شكلا ومضمونا. اذ لانعلم الى اليوم ماهي الاسباب الموضوعية والحقيقية التي ادت الى تأخير تقديم هذا المشروع. واكد أننا لا نجد اي جديد في المشروع, سواء على مستوى المنهجية والتوجهات، وشدد على أن السبب الرئيسي في تأخير تقديم المشروع هوتحديد الصلاحيات الوزارية على مستوى القطاعات, ومن ثمة تساءل هل من الضروري ان نضيع ما يزيد عن نصف سنة بسبب مشاكل خاصة مرتبطة بتوزيع المهام القطاعية بين الوزراء, ذلك ان اي تأخير له كلفة في المجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي واللجوء المتعدد (ثلاثة مرات) لمراسيم فتح الاعتمادات اللازمة هي مسطرة استثنائية, لكن حينما تصبح قاعدة يؤدي الى طرح عدة تساؤلات، ونعلم ان التدبير المالي والاقتصادي لا يتحمل الاستثناء الذي يؤدي الى الانتظارية التي هي لدى الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لا تساعد على توفير شروط التطبيق السليم للدستور. وهذا التأخير يجسد بالملموس سوء التدبير للحكومة. لأهم المحطات في الحياة البرلمانية, اذ ان مناقشة القانون المالي تعتبر محطة دستورية وسياسية جد قوية.ولابد من من التعاطي معها بروح من المسؤولية، وليس بنوع من الارتباك والتأخير. و هو ما يؤكد التراجع في الممارسات الديمقراطية. مثال يؤكد على احترام الدستور شكلا ومضمونا, وغياب أي رؤية متكاملة لتدبير المالية العامة في أفق الحد من عجز الميزانية طبقا للفصل 77 من الدستور الجديد الذي يؤكد على أن البرلمان والحكومة مسؤولتان على الحفاظ على توازن مالية الدولة. وكان من المفروض أن تفكر الحكومة في وضع خطة لها أفق زمني وتحدد كيف تعالج العجز الخاص بالميزانية العامة. وماهي الوسائل وكيف ستقوي توفير كل الشروط للحفاظ على توزان ميزانية الدولة. الحكومة لا تعنى بمقتضيات الدستور، وكأنها لا تستوعب الفلسفة الجديدة للدستور ولا تستوعب متطلباته. ورأى ان الحكومة تشتغل خارج سياق الدستور الحالي. وهو ما سيكون له أثر بليغ على ما ينتظرنا طيلة الولاية الحالية. انطلاقا من هذا التذكير. خلص المالكي الى ملاحظة عامة مفادها ان مشروع قانون المالية لا يحمل اجوبة مقنعة لمواجهة الاوضاع المقلقة والمتردية اقتصاديا اجتماعيا ماليا التي يعيشها، وارجع ذلك الى عدم واقعية مشروع القانون المالي، والذي يتميز بالهروب الى الأمام. وهذا التفاؤل المفرط هو في النهاية تغطية على عجز الحكومة لتقديم حلول موضوعية وجريئة. أي أن هذا التوجه الحكومي انطلاقا من مضمون المشروع لا يتضمن اي اصلاح عميق على جميع المستويات, لذلك علينا كفريق أن نتساءل، لماذا عملية نشر بعض اللوائح المتعلقة ببعض المستفيدين ببعض الرخص، في سياق ما سمي بمحاربة الفساد. واعتبر القيادي الاتحادي ان هذه العملية استهلاكية, لانها لم تتم في اطار وضع خطة حكومية متكاملة تحدد طبيعة المخطط، والاهداف، والوسائل والحلول البديلة لتعويض اقتصاد الريع، واعتبر ان كل ذلك هو غطاء لتمرير مشروع القانون المالي الحالي, واعتبر ايضا ان المشروع غير واقعي. انطلاقا من نسبة النمو المحددة في %4,2 فهذا يعني ان المسؤولين يعيشون في معزل عما يجري حولنا.ولم يستوعبوا طبيعة الاقتصاد الوطني والتحولات التي تميز ما يجري حولنا اقليميا واورومتوسطيا ودوليا. ذلك ان الاقتصاد المغربي يتنفس عن طريق الاتحاد الاوروبي الذي يعيش ازمة بنيوية. ستستمر لمدة سنوات. فحينما نتحدث عن هذه الازمة فلها مضاعفات جد سلبية على مستوى العلاقات التجارية. سواء تعلق الامر بصادراتنا او وارداتنا, وهذه الازمة ستكون لها مضاعفات على عائدات المغاربة في الخارج التي يقدرون ب 2 مليون مغربي، وعلى الحركة السياحية. هذه القنوات التقليدية تجعل هذه الركيزة عن اقتصادنا تتأثر بشكل سلبي ومباشر. المتنفس الوطني للاقتصاد يتمثل ايضا في الانتاج الفلاحي خاصة الحبوب. ومعلوم ان سنة 2012 هي سنة صعبة. وان نسبة النمو %4,2 التي جاءت بها الحكومة جاءت بها وكأن السنة الفلاحية عادية, علما ان نسبة النمو سنة 2011/2010 كانت اقل من ذلك. هذه التساؤلات تجعلنا قلقين امام جدية الحكومة و تساءل هل الحكومة مسؤولة فعلا. ولها كل المعطيات لوضع هذا المشروع في معزل عن كل التغيرات التي يعرفها الاقتصاد الوطني. والمشروع ايضا غير واقعي يضيف المالكي، اذا اخذنا بعين الاعتبار عجز الميزانية المحدد في %5 وتساءل هل نسبة 4,2 التي هي هشة وغير قابلة للتطبيق، ستساعد على إحقاق هذه النسبة .ففي سنة 2011 نسبة العجز لم تتجاز في 6% , فكيف الاحتفاظ بنسبة %5 ,خاصة ان الميزانية العامة سجلت تدهورا كبيرا. ففي سنة 2007 كان فائض %0,8 إلى أزيد من 6% سنة 2011 و 2012. وهذا يسائلنا حول الاجراءات المتخذة من طرف الحكومة، وأضاف أنه يروج أن هناك قرارات جريئة خاصة بالتقشف. ورأى في ذلك نوعا من الاستهلاك الاعلامي. فالتقشف سيهم السيارات والتنقلات والفنادق , هذه الأشياء كانت تعمل بها جميع الحكومات السابقة. وأكد أنه لا يمكن أن نعتبر هذا الأمر خطة جديدة, مسؤولة وجريئة للمعالجة العميقة لكل ما له ارتباط بالمشاكل الخاصة بالميزانية العامة. ورأى أن الحكومة مدمنة على الاستهلاك العمومي في جميع المجالات. ومن ثمة، يقول المالكي، لا يمكن تدبير القضايا الكبرى للمجتمع من منظور إعلامي استهلاكي. كما أشار إلى أن مشروع القانون المالي غير واقعي، إذا نظرنا في تمويل الميزانية العامة. فالمشروع بني في عالم لا علاقة له بالواقع. إذ نجد نفس المداخيل الضريبية بالنسبة لسنة 2012 مقارنة مع سنة 2011، رغم أن الموسم الفلاحي سنة 2011 ليس هو هذه السنة، وكذلك تأثير الأوضاع الدولية. وتؤكد الحكومة أنها ستلجأ الى الاقتراض من السوق الداخلية بمبلغ 40 مليار درهم. وكل المختصين يؤكدون أنه ليست هناك سيولة قادرة على استيعاب الاقتراض الذي وضعته الحكومة للتمويل الجزئي لعجز الميزانية، وكذلك اقتراض 20 مليار درهم من المؤسسات الدولية، خاصة البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية، خاصة وأننا نعلم أن استجابة هذه المؤسسات تكون مشروطة، مما يجعل الحكومة تكون مضطرة لاحترام تلك الشروط. وتساءل الحبيب المالكي، لماذا لم تلجأ الحكومة للاقتراض داخل الأسواق المالية، علما بأن الشروط متوفرة. إذ نسبة المديونية مقارنة مع المنتوج الداخلي الخام لا يتجاوز 53%، وهو ما يعطينا هامشاً، لكن هناك تخوف من عدم نجاح هذه العملية، نظراً للنهج الحكومي والتصريحات المدلاة بها، وفشل هذه المبادرة ستكون له مضاعفات سياسية أيضاً إزاء الأسواق المالية. وربط المالكي نسبة التضخم المحددة في 2,5% بالتكلفة المعيشية للمغاربة، متسائلا كيف يتحقق ذلك. ومن ثمة رأى أن المشروع غير واقعي، مشدداً على أن هناك تحضيرا للرفع من ثمن الكازوال والبنزين بجميع مشتقاته، إذ أن الحكومة وضعت ما يسمى »ب»المثلث الذهبي»« نسبة النمو 4,2 ضروري أن العجز سيكون بين 3% و 5% والركن الثالث مرتبط بنسبة التضخم التي عليها ألا تتجاوز نسبة 2,2%، وبالتالي فالحكومة هي سجينة هذا المثلث الذي لا يستجيب لمتطلبات المرحلة. إذ أنها تشتغل بكيفية دوغمائية. ورأى أن مشروع القانون المالي جاء محتشماً جداً، متسائلا أين الجرأة التي كان يتحدث عنها في الحملة الانتخابية. ومن ثمة، يضيف، فالمشروع لا يتضمن أي جديدة، ولا يتصف بالجرأة، ولا يفتح أي ورش جديد، خاصة في ما يخص الاصلاحات المالية العامة والنظام الجبائي. ورصد القيادي الاتحادي ملامح الطابع المحافظ في المشروع. إذ قدم مثالا في محاربة الجفاف سنتي 1999 و 2000. إذ قمنا بتقديم وتطبيق مشروع متكامل لمحاربة الجفاف. مشروع متكامل ومندمج، ولا يهم فقط ما له علاقة بالماشية، ولو استمر هذا المخطط بكيفية سليمة، لكان منطلقاً لتوجه استراتيجي لضبط ظاهرة الجفاف التي هي بنيوية بالنسبة لبلدنا، والإجراء الذي اتخذته الحكومة لمحاربة الجفاف هو استفزاز لعالمنا القروي وفلاحينا والكسابة أيضاً.فهل المسؤولون لديهم اطلاع بالبلاد والعالم القروي، وهل اطلعوا على التجارب الماضية؟ هذه التساؤلات تثير قلقا كبيرا بالنسبة للمستقبل، فالاعتمادات المخصصة لهذا المجال غير كافية، ومثال آخر تقدم به المالكي يتعلق بتمويل صندوق التضامن بمبلغ 1,6 مليار درهم. فهل بهذا المبلغ يمكن أن نتضامن مع أكثر من 30 مليون مغربي ضمنهم ما بين 6 ملايين إلى 8 ملايين من المغاربة الذين هم فقراء.وهذا استفزاز آخر، متسائلا كيف سيتم تمويل هذا الصندوق، خاصة وأن الحكومة تقول أن ذلك سيتم عن طريق اعتماد 1,6% من الأرباح على الشركات التي لا يتجاوز عددها 100 شركة، وشدد على أن الاتحاد الاشتراكي سبق أن اقترح سنة 2009 في برنامجه الانتخابي، الذي مازال صالحا، داعيا الحكومة للعمل به والمتعلق بالضريبة التضامنية التي علينا التفكير في آلياتها ووسائل تطبيقها, فالمرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة جديدة وتتطلب وسائل جديدة من أجل ضمان حماس أكبر. واعتبر أن هذا الإجراء هو ضريبة مقنعة، وعليهم أن يقولوا الحقيقة للمغاربة، خاصة وأنهم يرفعون هذا الشعار. كما تساءل عن الجرأة لدى الحكومة في معالجة القضايا الاجتماعية والفوارق الاجتماعية ومحاربة الفقر، هذه التساؤلات تجعنا مرة أخرى نعبر عن قلقنا وعدم الاطمئنان, فالقانون المالي هو الذي يترجم الإرادة السياسية للسلطة الحكومية في معالجة القضايا التي تفرض نفسها. وخلص الحبيب المالكي إلى القول بأن القانون المالي الحالي متجاوز وليس فيه أي شيء يجعل الفاعلين الاقتصاديين يعيشون نوعا من الطمأنينة، ومتجاوز لأنه يتضمن استمرارية مستقرة في ظل ظروف جديدة، لذلك نعبر عن قلقنا ونطرح أسئلة ليست سهلة.فما قلناه منذ تنصيب الحكومة الحالية, يتأكد اليوم من خلال تقديم هذا المشروع, ودعا إلى التفكير جميعا انطلاقا من مناقشة المشروع المالي في التأسيس لنموذج اقتصادي واجتماعي جديد، ووضع أسس جديدة لهذا النموذج لسبب بسيط. على اعتبار النموذج المتتبع استنفد مهامه لكون الاعتماد على الطلب الداخلي لم يعد كافيا، وبالتالي لابد الأخذ بعين الاعتبار بكيفية محورية، أن يكون للمغرب اقتصاد مصدر، فالتصنيع، هو توجه استراتيجي حيوي بالنسبة لاقتصاد البلاد. وذكر المالكي أنه منذ بداية الشهر الحالي، تم التطبيق ا لنهائي لاتفاقية التبادل الحرمع الاتحاد الأوربي، ويشمل قطاع التصنيع, وإذا لم تهتم بذلك لن نستفيد من الامكانيات المتاحة في إطار العولمة. ويتطب من ذلك أن نجعل من التنافسية القوة الضاربة لتحضير أنفسنا لبناء المغرب العربي الكبير، وإذا لم نتموقع في هذه الحركية سواء على مستوى المغرب العربي الكبير أو على مستوى الاتحاد الأوربي فسنخلف الموعد. طالب عبد العالي دومو باتخاذ الحذر وتعميق القراءة في مشروع القانون المالي، واكد ان قراءة في هذا المشروع توضح أن هناك نوعا من الاستمرارية وأن القراءة النقدية لهذه الاستمرارية يجب ان تكون عميقة وذكية. وأكد البرلماني الاتحادي ان الحكومة الحالية جاءت من أجل القطيعة كما صرحت بذلك. لكن قانون المالية يجسد الاستمرارية التي اعتمدتها الحكومات السابقة. وذكر بهذه الجوانب التي تبين الاستمرارية. وركز في مداخلته على ثلاثة محاور منها طبيعة قانون المالية، المتميز بضعف فعالية الاستثمار العمومي الذي اعتبره سرابا، واتسم بتنامي حجم الاغلفة المالية في الاستثمارات لكن هناك ضعفا على مستوى النمو الاقتصادي والتشغيل. وأكد انه بخصوص الولوج الى المعلومة فإن الوثائق المحصل عليها جاءت متأخرة في حين كانت مجموعة من الوثائق حصلنا عليها في عهد فتح الله ولعلو وزير المالية مما اصبح عرفا، وهي وثائق تفيدنا في اعتماد المؤشرات وتطور التوجهات العامة في المالية العمومية. هذه الوثائق لم نتوصل بها حاليا، فالصناديق الخصوصية لم تتم الاشارة إليها في القانون المالي لسنة 2012 بخصوص برنامج الاستعمال الى غير ذلك ،وهو ما يشكل تراجعا على مستوى المعلومات والمعطيات التي تمكن البرلمان من المراقبة الحقيقية. وأكد أن الحكومة ستلجأ الى الدين الخارجي والداخلي. إذا أردنا مقارنة نسبة التطور ليس هناك أي معطى، وبالنسبة لتطور المداخيل. تطور الاستثمار العمومي غير وارد إذ كانت هذه النسبة لسنة 2006 و 2007 أكثر مما جاءت به الحكومة الحالية. وبخصوص الاهداف في ما يتعلق بالواقعية وانسجام الاهداف في اطار مقاربة حكومية والمرجعية الفلسفية. تساءل دومو هل هناك فعلا قطيعة مع الماضي، أم نفس المرجعية التي كانت ترتكز عليها القوانين المالية السابقة. وأثار إشكالا آخر متعلقا بتنفيذ القانون المالي. إذ ليست لدينا أية معطيات أو برنامج استعمال مدقق في هذا المجال، كما أنه ليس هناك تقييم لتنيفذ القانون المالي السابق ومعرفة نوع الإنفاق ومستوى الجودة. وهذا، يقول دومو، هو الذي يجب أن تحدث فيه القطيعة، وشدد في مداخلته على أن القانون يأتي ضمن الاستمرارية في نهج مقاربة قطاعية ممركزة ولا يطرح على الاطلاق المقاربة الشمولية والتنسيق بين القطاعات، إذ يتحدث المشروع عن القطاعات بدون إحراج، وكأن الامر طبيعي. ولاحظ أن المشروع يقتصر على رصد اعتمادات مالية للقطاعات دون رؤية أفقية مؤطرة. رغم أن رئيس الحكومة له صلاحيات دستورية واضحة، كما كشف أن وزارة التعليم لها برنامج استعجالي لم تصرف مبالغه وتمت إضافة اعتمادات مالية اخرى. وتابع ان الفرضيات التي يرتكز عليها القانون متفائلة، وهو موقف سياسي، بحكم الالتزامات التي وعدوا بها الناخب المغربي ولجأوا الى هذه العملية وهي غير مسؤولة. وذكر بمعدل النمو الذي تتحكم فيه عدة عوامل، الجفاف، اذ اعتمدت الحكومة على ان تتهاطل الامطار في مارس وابريل، وهذا طرح خاطئ، إذ ان هناك 7 احواض من أصل 9تتميز بالجفاف المطلق. كما أن المحصول الزراعي خاصة الحبوب سيكون ضعيفا. كما أن معدل النمو سيكون أضعف، ورأى أنه من خلال اعتماد سياسة فلاحية واضحة يمكن ربح القيمة المضافة وأشار الى أنه يتطلب دعم كبير لهذا المجال. واعتماد 1,5 مليار لمواجهة الجفاف، وكذلك من الاشياء المتحكمة هناك الازمة العالمية. والنقطة الاخيرة مرتبطة بوقع التبادل الحر على موارد الدولة والنسيج الاقتصادي، إذ أن هناك ظرفية جديدة. ورأى ان التفاؤل في فرضية النمو على المداخيل الجبائية هو تطور عاد رغم هذه الاكراهات، وهو غير ممكن. وبخصوص الفرضية المتفائلة المحددة العجز في %5 فهي فرضية يصعب بلوغها. كما كشف أن سعر البترول كما جاء في فرضية الحكومة تم تحديده في 100 دولار. في حين وصل الآن الى 126 دولارا، وهو ما يتطلب 48 مليار درهم بالاضافة الى السكر والدقيق ليصل المبلغ الى 53 مليار درهم في حين أن صندوق المقاصة رصد له مبلغ 32 مليار درهم، مؤكدا أنه رغم سنوات الجفاف سنوات 1999-2000-2001 وصل الناتج الداخلي لقطاع الماشية الى 35 %بسبب السياسة المتبعة أنذاك أما اليوم فيصل الى %0 حيث ماضاع تم انتاجه من طرف الكسابة عبر برنامج مكافحة الجفاف، اذ كانت الاعلاف مدعمة وهناك استقرار في الاسعار، حيث ربح الكسابة من ذلك وأنتجوا نصف القيمة المضافة. وهو ما لن يتأتى الآن بحكم غلاء أسعار الاعلاف في الخارج، واستيرادها من طرف الدولة يتطلب دعما كبيرا وهذا لا يسمح به الغلاف المخصص من طرف الحكومة المحدد في 1,5 مليار درهم. وهو ما يبين أن 4,2% الخاص بنسبة النمو يستحيل تحقيقها بل إن معدل النمو سيكون تحت 2,7%، إذا أخذنا بعين الاعتبار تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي.وكذا وقع التبادل الحر على النسيج الاقتصادي. وأكد أن الضرائب المباشرة سترتفع 5% سنة 2015 ونفس النسبة أيضا في ما يهم الضرائب غير المباشرة، وهو مؤشر صعب تحقيقه في هذه الظرفية الاقتصادية. فرضية أخرى متفائلة والتي تهم العجز. وتساءل دومو كيف ستعطي الحكومة ذلك. إذ يقول أن الحكومة ستلجأ الى اقتراض 60 مليار درهم وهو ما يعتبر مسألة خطيرة و20 مليار دهم. على الصعيد الدولي بشروط هذه المؤسسات. لكن الأخطر هو اقتراض 40 مليار درهم من السوق الداخلي وهو ما سيكون له وقع على المقاولة المغربية ويؤدي الى ندرة التمويل الداخلي.. ففي السنة الماضية لجأت البنوك إلى رفع رؤوس أموالها ب 100 مليار، عبر ميكانيزمات متعددة. ورأى أن الأبناك مختنقة وسيزيد اختناقها بهذا الإجراء، وبالتالي أصبحت الدولة منافسة في الاقتراض في حين أن اللجوء الى التمويل الخارجي يمكن أن يوفر ظروفا أحسن. ورأى أن الاعتمادا لذي سيصرف هذه السنة سيصل الى 43 مليار درهم. في حين ستستثمر الدولة 53 مليار درهم. وكشف أنه لأول مر هذه السنة ستكون كلفة خدمة الدين مرتفعة بعدما كانت في تراجع منذ حكومة التناوب إلى سنة 2011. واعتبر أن اعتماد 1,5 مليار درهم المخصصة للجفاف غير كافية، ورأى أن المبلغ المناسب هو 2,5 مليار درهم كما أكد أنه يجب تخصيص 3 مليار درهم لمعالجة مديونية الفلاحين. كما لاحظ غياب وثائق بالنسبة للبرنامج الحكومي ووقع الاستثمار العمومي على دعم التشغيل. كما تساءل عن مستوى الانجاز، إذ لاحظ رقمين في المشروع: الأول مرتبط باعتمادات الالتزام المحددة في 33 مليار درهم، بالاضافة الى الاعتمادات المخولة 14 مليار درهم. وبالتالي نجد 47 مليار درهم لم تصرف في ميزانية الاستثمار العمومية لسنة 2011، وهو ما بين الضعف في الانجاز، أي أن الميزانيات المصوت عليها إذ أنجزت سيكون لها وقع على العديد من المجالات. والمشكل مرتبط بنجاعة الإدارة، وعليه يجب التركيز على الحكامة في هذا المجال، وتساءل كيف يمكن تحسين مستوى الانجاز في الانفاق العمومي، وجودته، ولاحظ غياب برامج استعمال مدققة للاستثمارات العمومية، وغياب توطين مجالي وتقييم ومراقبة لجودة الانجاز، كماكشف أن البرلمان لا يراقب 122 مليار درهم المرصودة للمؤسسات العمومية، كما تساءل عن اعتمادات سوجيطا وصوديا.رغم أنه تمت تفويتها. وتساءل عن إشكاليات الحسابات الخصوصية لتي لا تخضع لمراقبة البرلمان. و أثار مسألة صندوق دعم الشباب الذي خصص له مليار درهم. متسائلا عن الآليات المعتمدة في ذلك وهو تحقيق الشفافية. لتشغيل المعطلين، وبرنامج تأطير المخصص كمنحة للتدريب وبرنامج استيعاب. وهو ما يطرح تكافؤ الفرص أو إقرار مبدأ الشفافية. سعيد شبعتو: العالم القروي بين الأسبقيات البنيوية والإنصاف المجالي من جانبه, ذكر سعيد شبعتو بما قام به الفريق الاشتراكي في مناقشة ميزانية 2008. إذ أكد أن المغرب سيتأثر بالأزمة العالمية، حيث رصدت ذلك جريدة الاتحاد الاشتراكي، وقيل آنذاك أن المداخيل الجبائية غير طبيعية, إذ كانت هناك نزاعات مع مديرية الضرائب. وأضاف كنا ننتظر أن يكون القانون المالي سياسيا، لتبرير التوجهات, فتبريرات بعض فرضيات الأزمة الدولية والوطنية، تبرر في نفس الآن عدم الالتزام.فنسبة النمو المحددة في 4,2% وإذا اعتبرنا الفلاحة ستكلف 13 مليارا. فهذا سيقلص نسبة النمو إلى 2,7%، بينما المتوقع هو أن الخسائر ستكون أكبر. وربط القيادي الاتحادي بين الميزانية والالتزامات الحكومية والخطابات الانتخابية. إذ كان التوجه هو إنصاف الفئات المتضررة والمجالات المهمشة وهو ما لم تتضمنه الميزانية التي جاءت بها الحكومة, ومن ثمة رأى شبعتو أن الميزانية لم تأت لمواكبة الإصلاحات الدستورية وكذلك مواكبة الجهوية الموسعة. إذ أن مشروع الميزانية ينص على 1% للجهات تقتطع من الضريبة على الشركات و1% من الضريبة على الدخل. إذ هناك جماعات ستكون لها التزامات اتجاه المجتمع المدني، فتكون هناك هيئات منتجة بدون موارد مالية لمدة سنة, أي إلى غاية سنة 2013 واعتبر أن الميزانية غير واقعية، ولا تتميز بالجرأة في تشخيص الوضع. وشدد في مداخلته على أن المشروع هو ضم الميزانية القطاعية، وليس هناك شق سياسي لتوجيه الميزانية القطاعية, وتساءل سعيد شبعتو كيف تكون الميزانية مندمجة في المجال. فذلك غير ممكن. وبخصوص الفلاحة تساءل شبعتو، ماذا سيفعل 13 مليون مغربي في العالم القروي بين مارس وأكتوبر في ظل وضعية الجفاف، ورأى أن تدخل الحكومة سيكون بسيطا، مطالبا أن يكون تدخلها في المستوى. وطاب بنوع من المهنية في البرمجة. إذ كشف أن الحكومة تعتزم القيام بالبرمجة بعد الوقوف على الحصيلة الفلاحية. بينما أن القطاع الفلاحي هو قطاع حيوي و متحرك، ويجب اعتماد برنامج يواكب السنة الفلاحية. إذ أن المعالجة البعدية ستطلب تكلفة مضاعفة والعكس صحيح، وللإجابة عن ذلك يقول شبعتو ضروري قلب المعادلة بين الأسواق والفلاحين المغاربة، علينا خلق أوراش للفلاحين من أجل تمكينهم من الدخل. وبخصوص الأرقام أوضح أن الأمر يتطلب مبلغ 6 ملايير درهم. نصف هذا المبلغ يخصص للأسواق ومحاربة المضاربة و 3 ملايير تخصص للأوراش، وهذا سيعطينا 10 ملايير ، للقيمة المضافة, وبالتالي يمكن أن يؤدي الى نسبة نمو من 3,8% إلى 4%. المطلوب من الميزانية أن ينصب النقاش في لجنة المالية لإعادة التوجيهات من قطاع لآخر,وهو ما يتطلب اعتماد توجه سياسي للحكومة وحتى تكون الميزانية المالية هي ميزانية لمعالجة الأزمة.