لن يحول الجفاف بما سيتطلبه من إجراءات استعجالية دون سعي الحكومة إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية، في سباق مع الزمن، ورغم ضغظ الإكراهات، يحاول الوزراء المعنيين بإعداد قانون المالية مواكبة الأخير بسياسات من شأنها الدفع نحو انعاش الإقتصاد الوطني خلال السنة الجارية . وزير الشؤون و الحكامة نجيب بوليف يعتبر أن سياسة الإنعاش الاقتصادي، التي ستنهجها الحكومة خلال سنة 2012 من شأنها المساعدة على استدراك العجز الميزاني و المالي المسجل حاليا. ورغم التفاقم المسجل على مستوى عجز الميزان التجاري طيلة السنتين الماضيتين، الذي جعل الوزير يعترف بصعوبة الوضعية، فإنه يبدى في تصريح ل « الأحداث المغربية» عن تفاؤله بالمستقبل القريب، خاصة وأن « التوازنات الماكرو- اقتصادية ماتزال مستقرة»، دون أن يغفل الإشارة إلى أن « 52 بالمائة كنسبة للدين العمومي على الناتج الداخلي الخام تضع المغرب في الحدود المقبولة دوليا» مستشهدا بأن المعدل العالمي بهذا الخصوص يصل إلى عتبة ال 60 بالمائة. بوليف، الذي اعتبر أن مؤشرا آخرا ما يزال يبعث على التفاؤل، يتعلق الأمر بمعدل التضخم، الذي بقي دون مستوى 1% خلال السنة الماضية، قلل من وطأة العجز التجاري الذي تجاوزت نسبته 6 بالمائة، وذلك عندما شدد على أن العجز المسجل على هذا المستوى مكن، رغم ذلك، من تحسين الوضع الإجتماعي للمواطنين و من دعم الطلب الداخلي ». هواجس، يبدو أنها تقف وراء تأخر حكومة ابن كيران في إخراج القانون المالي لسنة 2012 للوجود بعد ما توالت تأجيلات المصادقة عليه . في نفس السياق جاء قرار الحكومة بالرفع من حجم الاستثمار العمومي في الميزانية المرتقبة بمبلغ 21 مليار درهم بحسب ما كشف عن إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، إذ يرفع مشروع قانون المالية للسنة الحالية ، الذي ركز اهتمامه على السياسات الاجتماعية، الاستثمار العمومي من 167 مليار درهم الى 188 مليار درهم، أي بزيادة تفوق 21 مليار درهم. مبالغ من شأنها أن « تترجم عزم الحكومة ورغبتها في برمجة مشاريع جديدة في إطار الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى بهدف تقليص نسبة العجز إلى 3 في المائة في أفق سنة 2016، بعد أن وصلت في نهاية السنة الماضية إلى 5 في المائة» يضيف الوزير هذا إلى جانب 2 مليار درهم سيتم تخصيصها لصندوق التضامن الاجتماعي الذي ستساهم الدولة والشركات الكبرى تمويله ، حيث تمكن الحكومة من اتفاق من حيث المبدأ مع الشركات المعنية، مع التعهد بإحداث إجراءات تشجيعية للمقاولات على تشغيل المدربين٬ زيادة على برمجة أكثر من 26 ألف منصب شغل في القطاع العام في مشروع قانون المالية الجديد٬ سيتم توزيعها بنسبة 45 في المائة على القطاعات الاجتماعية٬ بما فيها العدل والتعليم والصحة٬ بالإضافة إلى مليار درهم آخر للتنمية القروية. مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، كان، بدوره، قد أكد عقب آخر لجتماع لمجلس الحكومة أن القانون المالي لسنة 2012 يرتكز على توجهات كبرى، أولها تعزيز دولة القانون مبادئ الحكامة الجيدة، وثانيها إرساء أسس نمو اقتصادي قوي، ومستدام يتم فيه تكثيف الاستثمار، واستعادة توازنات الميكرو اقتصادية، وضمان الولوج إلى الخدمات الأساسية كمرتكز ثالث. مشروع القانون المالي، الذي ينتظر أن تصادق عليه الحكومة بحر الأسبوع الجاري، ستسعى الحكومة من ورائه إلى تحقيق 4,2 في نسبة النمو، وتخفيض عجز الميزانية من 6,1 إلى 5 في المائة، وتعبئة 2 مليار درهم لتمويل البرامج الاجتماعية المتعلقة بالمساعدة الطبية ومكافحة الهدر المدرسي، ودعم خدمات الأشخاص في وضعية إعاقة. مامورية النهوض بالمؤشرات الإقتصادية غير الماكرو اقتصادية ستتطلب الدفع بأليات الحكامة إلى أقصي حدودها خاصة في ضل تعهدات حكومية بتخصيص 2,6 مليار درهم لفك العزلة عن المجال القروي، بالإضافة إلى 13.2 مليار درهم من أجل تنفيذ التزاماتها في الحوار الاجتماعي.