في القدم كان تواجد مؤسسة تعليمية بقلب الحي السكني من السمات الإيجابية لاختيار مقر العيش بجانبها لدلالات المؤسسات التعليمية والتربوية الايجابية، باعتبارها فضاء للعلم، ولأنها عنوان على الراحة بالنسبة لمن يجاورونها، إلا أن هذه النعمة أضحت نقمة، خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالنظر إلى غزو جنبات العديد من المؤسسات التعليمية المتواجدة بتراب العاصمة الاقتصادية من طرف مروجي المخدرات، واللصوص، والمنحرفين والمتحرشين بالتلميذات، وهو الأمر الذي أصبح هاجسا مقلقا بالنسبة لأمهات وآباء التلميذات والتلاميذ، الذين أضحوا يخشون على فلذات أكبادهم من خطر الانحراف أو الإصابة بمكروه، ونفس الأمر بالنسبة للسكان المجاورين الذين ضاقوا بدورهم ذرعا من مجموع الممارسات الشائنة التي تضر الناظرين، فضلا عن تحول الممرات والساحات المقابلة للمؤسسات التعليمية إلى فضاءات للتنافس والتباري المتهور، من أجل إظهار المهارات في قيادة الدراجات النارية مختلفة الأحجام والأنواع بسرعة فائقة، ولإبراز المقدرات للقيام بعمليات بهلوانية، هي مبعث للخطر سواء بالنسبة لسائقي هذه الدراجات ومرافقيهم، أو بالنسبة للغير من المواطنين، أكانوا من المارة الراجلين أومن مستعملي الطريق! لمواجهة هذه «المظاهر الشائنة»، نظمت عناصر الدائرة الأمنية السابعة 2 مارس/ «الموحدين» بعمالة مقاطعة الفداء مرس السلطان ، تحت إشراف رئيس الدائرة وبمؤازرة عناصر من الصقور الدراجة، حملة مباغتة صباح يوم السبت 18 فبراير، استهدفت جنبات الثانوية التأهيلية «أم البنين»، التي تجاورها المدرسة الإعدادية «الأندلس»، حيث عملت العناصر الأمنية بالزي المدني على تطويق منافذ ومخارج الشارع الرئيسي للمؤسستين المذكورتين بشكل غير علني، فيما توقفت سيارات الدورية بأماكن متفرقة بعيدا عن المكان، قبل أن تلتحق عناصر الصقور، التي شرعت في توقيف الدراجات النارية التي كان يمرق بها راكبوها وسط جموع التلميذات والتلاميذ الذين كانوا يتواجدون بكثرة خارج أسوار المؤسسة ، رغم أن التوقيت تزامن ولحظة الدراسة، كما عاينت ذلك «الاتحاد الاشتراكي»، وهي الحشود التي ظلت تتابع مايقع أمامها وكلها حيرة وتساؤل، البعض منهم تشبث بتتبع الواقعة بدافع الفضول، في حين آثر البعض الآخر الانسحاب، وهو ما دفع رئيس الدائرة إلى مخاطبة التلميذات بالخصوص ودعوتهن للعودة إلى منازلهن متسائلا عن استمرار حضورهن في الشارع العام؟! قبل التوجه صوب مجموعات من التلاميذ هنا وهناك، وبالأزقة الخلفية لتكرار نفس الأمر، في حين استرعى الفضول أصحاب المحلات التجارية ورواد المقاهي والسكان الذين منهم من أخذ له مكانا بالنافذة، ومنهم من غادر بيته لتتبع مايقع! تمشيط جنبات المؤسسة التعليمية لم يستثن السيارات المتوقفة، إذ طولب صاحب سيارة مرقمة بإيطاليا متوقفة أمام المؤسسة ، بالكشف عن الوثائق الخاصة بالسيارة، قبل شروع العناصر الأمنية في تفتيشها، الأمر الذي لم يرق صاحبها الذي حاول التعبير عن سخطه، إلا أنه لم يجد جوابا مقنعا عن سؤال حول الداعي الذي دفعه للتوقف بالمكان، علما بأنه ليس بتلميذ، فلم يجد بدا من الادعاء متلعثما بكونه ينتظر صديقا له، إلا أن قانونية الوثائق وعدم العثور بحوزته على ما يمكن أن يعد مخالفا للقانون أنهى الحوار معه حيث غادر المكان. بعد ذلك بدأت الدراجات النارية تٌركن على جانب الرصيف ، بينما أصحابها كلٌّ يدعي أمرا بهدف استرداد دراجته، كما تم الوقوف على دراجات متوقفة على الرصيف بأماكن متفرقة، والتي لم تسلم من الحجز إلى حين التأكد من قانونية وثائق حيازتها، وهو الأمر الذي لم يستسغه قريب أحد أصحاب هذه الدراجات النارية الذي لما علم بالأمر، شرع في التعبير عن احتجاجه بدعوى أنه لايمكن أن يترك دراجة بمبلغ 20 ألف درهم تحجز، قبل أن يخرج هاتفا نقالا مدعيا أنه سيتصل بشخصية نافذة، لكن جواب بعض عناصر الأمن ، الذي دعاه إلى الإسراع بالاتصال بالشخصية التي ستوافقه على عدم احترام القانون، دفعه إلى التراجع مستشعرا ما صدر عنه، هذا في الوقت الذي تحلق مواطنون من سكان المنطقة للتعبير عن مساندتهم للخطوة الأمنية ، داعين إلى مواصلتها، ومن بينهم رجل متقدم في السن، صرخ بعفوية « راه هاذو اللي شديتو ليهم الموطور منهم ولدي حتى هو، ولكن أنا ميضرنيش الحال لأنه بالفعل راه حنا عيينا من هاذ لمقرقبين اللي النهار وماطال وهوما كيجريو فالشارع، مصدعينا وخالقين لينا المشاكل، راه ماكيحشموش، احنا بغينا الأمن وبغينا القانون حتى لو أدينا حتى احنا ثمن أخطائنا واندفاعنا». الحملة التطهيرية، التي تندرج ضمن « تأمين المؤسسات التعليمية والحفاظ على سلامة التلاميذ من كافة الظواهر»، خاصة تلك التي تخص أصحاب الدراجات النارية ممن يعملون على القيام بألعاب بهلوانية ويضايقون الفتيات، دامت قرابة ساعة من الزمن وانتهت تفاصيلها بإيقاف أكثر من 20 دراجة نارية، تم استرجاع بعضها بعد الإدلاء بكافة الوثائق القانونية التي تخصها، في حين تمت إحالة 16 دراجة نارية على المحجز البلدي بعد نقلها عبر «الديبناج»، وذلك نظرا لمخالفات أصحابها لقوانين السير من قبيل «عدم التوفر على الخوذة الواقية، أو لانعدام التأمين» كما هو الحال بالنسبة لدراجتين ناريتين!