بحلول يوم الخميس فاتح مارس 2012، يكون قد مر على تنصيب الأستاذ مصطفى فارس رئيسا أول للمجلس الأعلى عامان (1 مارس 2010) بعد أن تم تعيينه بظهير شريف يوم 26 فبراير 2010 هذا المجلس الذي حمل فيما بعد اسم محكمة النقض، والذي كان الرئيس الأول قد لخص في كلمته بمناسبة تنصيبه بحضور وزير العدل آنذاك الأستاذ النقيب محمد الطيب الناصري مفهومه للقضاء قائلا: »... إن القضاء يعتبر محور المشروع المجتمعي الديمقراطي والحداثي، وأن مقوماته تكمن في تكريسه لحق الإنسان الطبيعي و المقدس في عدالة مستقلة ناجعة فعالة ونزيهة، تضمن الحقوق وتصون الكرامة وتشيع الأمن والاستقرار، وتسهم في التنمية وتدعم دولة الحق والقانون....«. وقال في مناسبة أخرى: ».... وإن محكمة النقض لتعبر عن التزامها التام بمضامين الدستور، وسعيها الأكبر إلى تفعيل خيارات المملكة التي لا رجعة فيها وتكريس الحقوق الدستورية من خلال توفير كافة الآليات لتسيير ولوج المواطن للمعلومة القانونية والقضائية واستعمال كافة أدوات الحكامة الجيدة التي تقتضي الشفافية والعصرنة والمسؤولية والفعالية والانفتاح على الغير والاحترام المطلق لدولة الحق والقانون، بهدف ضمان شروط المحاكمة العادلة وإصدار الأحكام داخل أجل معقول...«. ».... من هنا أدعوكم زميلاتي زملائي الأجلاء رؤساء الغرف ومستشارين ومحامين عامين وكتاب الضبط كذلك إلى أن نجعل من هذه المؤسسة الرائدة، قاطرة تهتدي بها باقي المحاكم، وتساهم في ترشيدها ورقابتها وتوجيهها...«. هذا المفهوم الذي لم يكن ممكنا للأستاذ مصطفى فارس تكريسه دون إشراك كافة مكونات محكمة النقض من قضاة وموظفين، إذ عمل مع مساعديه الأقربين، ليس فقط على عقد لقاءات مع كل فئة للتعرف الشخصي، ولكنه كذلك وجه إلى السادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين مجموعة من المذكرات أعتقد أن أهمها على الإطلاق، تلك المتعلقة بالاستمارة التي تجب تعبئتها من أجل »... المشاركة في صياغة التصورات اللازمة لاستكمال مسيرة التحديث وتطوير أساليب العمل....«، والتي تضمنت الإجابة الصريحة عن أسئلة من قبيل: هل القسم الذي تعمل به يتلاءم مع مؤهلاتك المهنية؟ هل هناك انسجام بين أعضاء القسم الذي تعمل به؟ هل ترغب في العمل بغرفة أخرى أو بقسم آخر؟ هل هناك معوقات تواجهك في أداء مهامك؟ ما هي الحلول المقترحة للتغلب عليها؟ ماهي مقترحاتك للرفع من المردودية؟ وقد لاحظ الرئيس الأول وجود ملفات لم يحسم فيها ما بين سنوات 2003 و 2008 فوجه مذكرة خاصة يدعو فيها رؤساء الغرف والمستشارين للرفع من المردودية وتقليص مدة رواج الملف أمام المجلس الأعلى، وهو ما تحقق بالفعل معززاً بالأرقام. كما خص مذكرة أخرى لحث الجميع على إعداد تقارير حول سير العمل كوسيلة اتصال، خدمة لوظائف التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وبخصوص تراتبية نشر القرارات وتعميمها، تم وضع منهجية مستحدثة لفرز القرارات وتصنيفها بمجرد النطق بها. وأخيراً وليس آخراً، وفي اجتماع لمكتب المجلس الأعلى بتاريخ 22 دجنبر 2011، تم تقرير إحداث القسم المدني الثامن، والقسم الاجتماعي الثاني، وإدخال تعديلات على تشكيلات بعض الأقسام، وذلك بنقل بعض الرؤساء أو المستشارين من غرفة إلى أخرى أو من قسم لآخر، ضماناً لحسن سير العمل. حسن سير العمل هذا، أدى إلى أن يصبح النشاط العام لغرف المجلس الأعلى خلال سنة 2010 أفضل مما كان عليه سابقاً، وهو ما يتضح من الإحصائيات التالية: 1 الغرفة المدنية: المسجل 5010 المحكوم 5485 الرائج 6443 ملفاً. 2 غرفة الأحوال الشخصية والميراث: المسجل 823 المحكوم 613 الرائج 1174 ملفاً. 3 الغرفة التجارية: المسجل 1771 المحكوم 2002 الرائج 1286 ملفاً 4 الغرفة الاجتماعية: المسجل 2000 المحكوم 1139 الرائج 2467 ملفاً 5 الغرفة الادارية: المسجل 1512 المحكوم 1067 الرائج 1204 ملفا 6 الغرفة الجنائية: المسجل 16630 المحكوم 21926 الرائج 5839 ملفاً. يتبين إذن أنه تم التغلب على القضايا بالرفع من عدد القضايا المحكومة، وتقليص الفرق بين الطعون المدنية والجنائية، وتقليص المخلف من القضايا لتصل إلى أدنى رقم لها منذ 30 سنة، إذ بلغت 18413 قضية، وبالمقارنة مع 2009 وحدها تبين أن نسبة التخفيض بلغت ناقص 20%، كما تم تقليص أمد البت في القضايا، إذ بلغت نسبة القضايا المحكومة داخل سنة وأقل نسبة 85,95%، وداخل سنتين نسبة 14,15% وأكثر من سنتين نسبة 0,8%. ولم تقف مجهودات السادة القضاة/ المستشارين وكتابة الضبط والاداريين عند هذا الحد، بل ازدادت انضباطاً لتوجيهات الرئيس الأول لتتمكن خلال عام 2011 من تحقيق إنجازات مماثلة لسابقتها سنة 2010، إذ يظهر من خلال الإحصائيات حتى حدود 31 دجنبر 2011، أن عدد الملفات المسجلة بلغ 26531، والمحكومة 28946 أما المخلفة 16107: فمنها 4716 ملفا جنائياً، و 11391 ملفاً مدنياً و 693 ملفاً خاصاً بقضايا المعتقلين. وبالمقارنة مع 2007 فقد تقلص عدد الملفات المخلفة بنسبة 50% وقضايا المعتقلين بنسبة 73% بعد أن كانت على التوالي 31640 و 2571. كما تم خفض نسبة الوقت الذي تبقى فيه الملفات رائجة أمام محكمة النقض إلى حين صدور القرارات بشأنها، إذ تمت تصفية كل ملفات سنتي 2007 و 2008 ولم يبق سوى 87 ملفاً لعام 2009 أي نسبة 0,54%، و 3249 ملفا لعام 2010 أي بنسبة 20,17%، و 12,771 ملفا للسنة المنصرمة (2011) أي بنسبة 79,29%. بالطبع، عم التغيير كافة مجالات عمل محكمة النقض بفضل سياسة التشاور والإشراك التي يسهر عليها الرئيس الأول ومساعديه الأقربين رغم قلة القضاة وكاتبات الضبط والاداريين والأعوان.
التعريف بمحكمة النقض توجد محكمة النقض في قمة الهرم القضائي، وتشرف على جميع محاكم الموضوع بالمملكة. أسست محكمة النقض بمقتضى الظهير الشريف رقم 1/57/223 المؤرخ في 27 شتنبر 1957 وكانت آنذاك تسمى المجلس الأعلى إلى حين صدور قانون رقم 58/11 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5989 مكرر بتاريخ 26 أكتوبر 2011 الذي تم بموجبه تغيير اسم المجلس الأعلى إلى محكمة النقض. تتجلى مهمة محكمة النقض بالأساس في مراقبة تطبيق القانون، وسلامة تفسيره إلى جانب توحيد الاجتهاد القضائي لتسير على هدْيه مختلف محاكم المملكة. يرأس محكمة النقض رئيس أول، ويمثل النيابة العامة الوكيل العام للملك يساعده المحامون العامون. تشتمل محكمة النقض على رؤساء غرف ومستشارين بالإضافة إلى كتابة الضبط. وتقسم المحكمة إلى ست (06) غرف: 1 الغرفة المدنية وتسمى الغرفة الأولى وبها تسعة (09) أقسام. 2 غرفة الأحوال الشخصية والميراث قسم واحد. 3 الغرفة التجارية قسمان. 4 الغرفة الاجتماعية قسمان. 5 الغرفة الادارية قسمان. 6 الغرفة الجنائية أحد عشر (11) قسماً. يمكن لكل غرفة أن تحكم في جميع القضايا المعروضة على محكمة النقض أياً كان نوعها. تكون جلسات محكمة النقض علنية عدا إذا قررت المحكمة سريتها. تعقد محكمة النقض جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. يعتبر حضور النيابة العامة إلزامياً في سائر الجلسات. تعقد المحكمة النقض أيضاً جلسات بغرفتين أو بغرف مجتمعة.التعريف بمحكمة النقض اختصاصات حددت اختصاصات محكمة النقض بمقتضى قانون المسطرة المدنية، وقانون المسطرة الجنائية، ومقتضيات نصوص خاصة عند الاقتضاء، وذلك حسب ما يلي: 1 الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم المملكة باستثناء: أ الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف (20.000) درهم. ب الطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء والتحملات الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية. 2 الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الادارية للشطط في استعمال السلطة. 3 الطعون المقدمة ضد الأعمال والقرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم. 4 البت في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير محكمة النقض. 5 مخاصمة القضاة والمحاكم غير محكمة النقض. 6 الإحالة من أجل التشكك المشروع. 7 الإحالة من محكمة إلى أخرى من أجل الأمن العمومي أو لصالح حُسْنِ سير العدالة. الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية لا يمكن الطعن في القرارات التي تصدرها محكمة النقض إلا في الأحوال الآتية: أ- يجوز الطعن بإعادة النظر: 1- ضد القرار الصادرة استنادا إلى وثائق صرح أو اعترف بزوريتها. 2- ضد القرارات الصادرة بعدم القبول أو السقوط لأسباب ناشئة عن بيانات ذات صبغة رسمية وضعت على مستندات الدعوى ثم تبين عدم صحتها عن طريق وثائق رسمية جديدة وقع الاستظهار بها فيما بعد. 3- إذا صدر القرار في حق أحد الطرفين لعدم إدلائه بمستند حاسم احتكره لنفسه. 4- إذا صدر القرار دون مراعاة لمقتضيات الفصول 371 و372 و375 من (ق.م.م). ب- يمكن أن يطعن من أجل طلب تصحيح القرارات التي لحقها خطأ مادي من شأنه أن يكون قد أثر فيها. ج- يقبل تعرض الخارج عن الخصومة ضد القرارات الصادرة عن محكمة النقض في طعون إلغاء مقررات السلطات الإدارية. وشهد شاهد من أهلها عند إعدادنا لهذا الملف، حاولنا الاتصال جاهدين بإدارة محكمة النقض، للمزيد من المعطيات وإدراج وجهة نظر بعض قضاتها الشرفاء، لكن الهاتف ظل دائما يرن »مشغول«، مما دفعنا لعقد دردشة مع قاضٍ متقاعد حول تجربته بالمجلس الأعلى: اعتبر الأستاذ المبجل أن بداية التسعينات كانت مرحلة تشبيب قضاة مجلس الأعلى، إذ تم تقرير إلحاق بعض القضاة من العاملين بمحاكم الاستئناف أو المسؤولين بها، من طرف المجلس الأعلى للقضاء الذي يعطيه القانون هذا الاختصاص وهذه السلطة، خاصة بعدما كان بعض المستشارين بالمجلس الأعلى قد تقدموا بطلب الإعفاء من المسؤولية. كان الملتحقون يحملون معهم تجربة ممارسة لمدة تفوق أو توازي 25 سنة مروا خلالها بالقضاء الابتدائي والاستئنافي، وقضاء التحقيق والمسؤولية بالمحاكم، ومعدل أعمارهم 45 سنة وأكثر. هذا الجيل الذي منه اليوم من لازال يمارس بمحكمة النقض منهم من تقاعد وما بدلوا تبديلا عملوا إلى جانب زملائهم ضمن حملة لإنجاز الملفات الشكلية التي كانت متراكمة، نظراً لكون غرف الجنايات كانت تتوصل بأعداد هائلة من الطعون، مما أدى إلى تصفية أعداد مهمة، منها خلال السنوات الموالية لعام 1994 بنسبة عالية لم تحدث من قبل، وصلت الثلثين. مباشرة بعد هذا النجاح، بدأت عملية تصفية متخلف السنوات الماضية بخصوص ملفات الموضوع، لتبدأ اجتهادات المجلس الأعلى في الظهور. وتعتبر تلك الفترة انتفاضة مؤسسة المجلس الأعلى بكل مكوناته على متخلف القضايا، حيث انعكس ذلك على جميع الغرف، مما أدى إلى الاقتناع بضرورة تكوين الأقسام داخل كل غرفة على حدة. وكمثال على ذلك، غرفة الجنايات كانت بها أربعة أقسام فأصبحت ثمانية (واليوم وصلت إلى أحد عشر (11) قسماً) نتيجة لكثرة الملفات المطعون في القرارات الاستئنافية الصادرة بشأنها ليس فقط لفائدة أحد أطراف الملف، ولكن كذلك لفائدة القانون من طرف النيابة العامة. للحقيقة والتاريخ، فإن القضاة الملتحقون بالمجلس الأعلى قد استفادوا من تجربة سابقيهم أهرامات هذه المؤسسة القضائية الذين لم يبخلوا في مساعدتهم في صقل مهاراتهم، والتمكن من فن البحث والكشف عن موجبات النقض من عدمها، ومن فن التعليل. اليوم، محكمة النقض تضم حوالي 80% من القضاة من جيل التسعينات، منهم رؤساء بعض الأقسام وآخرون تقاعدوا. عند الالتحاق بالقسم، يستوجب قراءة آلاف القرارات لتكون للملتحق الجديد مدخلا للاختصاص في مواد القسم الذي انضم إليه. إن العمل بالمجلس الأعلى يختلف عن عمل المحاكم التي تبحث عن الوقائع، وتمحص مدنياً في الوثائق للفصل في الحقوق والواجبات، فالمجلس محكمة قانون ينظر في الأحكام أكثر مما ينظر في الوقائع، يبت في الخروق المثارة من قبل الدفاع ضمن الدفوعات الشكلية، وإذا تبين للقاضي صحة الطعن نقض القرار الاستئنافي وأحاله على نفس المحكمة لتبت فيه بهيئة أخرى وطبقا للقانون. بالنسبة للمستشارين، فإن الإجابة عن أسئلة الدفاع لها أسلوب خاص تقتضي نوعاً من التمرين، يكرسه الاطلاع على قرارات المجلس واجتهاداته، تم المناقشة الجماعية المهمة كثيراً التي تتم ليس فقط خلال المداولة، ولكن كذلك قبلها بين بعض الزملاء. إن رئيس الغرفة هو الذي يقرر متى يصبح القاضي الملتحق بالمجلس عضواً مقرراً ضمن الغرفة أو القسم، عندما يلمس فيه استيعابه شكليات العمل وموضوعه، إذ يكلفه في مرحلة أولى بإعداد مشاريع تقارير تناقش جماعياً، وبعدها يصبح مستشاراً مقرراً. منذ 1990 حتى هذه السنة، فقد التحقت بالمجلس الأعلى محكمة النقض اليوم عدة أفواج من السادة القضاة الفضلاء كلهم ساهموا فيما هو عليه الاجتهاد القضائي اليوم. قاضٍ متقاعد
محكمة النقض في أرقام
يرجع الفضل فيما حدث من إنجازات إيجابية خلال السنتين إلى الطاقم التالي: مجموع العاملين بمحكمة النقض 588 منهم 206 قاضياً و 382 موظفاً. عدد قضاة الرئاسة: 20 عدد الذكور: 120 بنسبة 70% عدد الإناث: 050 بنسبة 30% عدد قضاة النيابة العامة: 36 عدد الرجال: 31 بنسبة 86% عدد النساء: 05 بنسبة 14% عدد الموظفين: 382. الذكور: 114 بنسبة 30% الإناث: 268 بنسبة 70%
المرافق الخاصة بتنظيم العمل وتطويره
أمام ما ينتظر إدارتها وقضاتها من مهام، تمت مراجعة الوضعية التنظيمية بالشكل الذي يساعد على تطوير العمل ورفع المردودية وحسن الأداء والاستقبال من خلال: 1 قسم الشؤون القضائية. 2 قسم العلاقات الدولية والتعاون. 3 قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي. 5 الكتابة العامة. 6 مركز النشر والتوثيق القضائي. 7 مصلحة المعلوميات. 8 مصلحة الإحصاء. 9 مكتب استقبال العموم.
منشورات
تصدر عن مركز النشر والتثويق القضائي خلال كل سنة مجموعة من المنشورات الدورية منها: النشرة. الدفاتر. التقرير السنوي. الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلي. Jurisprudence de la cour de Cassation الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية
لا يوقف الطعن أمام محكمة النقض التنفيذ إلا في الأحوال التالية: 1- في الأحوال الشخصية 2- في الزور الفرعي 3- التحفيظ العقاري يمكن علاوة على ذلك للمحكمة بطلب صريح من رافع الدعوى، وبصفة استثنائية أن يأمر بإيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب لإلغاء. يمكن للمحكمة وفقا لنفس الشروط وبصفة استثنائية أن تأمر بإيقاف تنفيذ حكم أو قرار صدر في قضية مدنية كلا أو بعضا ويمكن لها في هذه الحالة إذا تعلق الأمر بأداء مبلغ مالي أن يأمر بإيداع هذا المبلغ كلا أو بعضا بكتابة الضبط لضمان حكم الإدانة الصادر في الأصل كلا أو بعضا.
عنوان المحكمة
الموقع الإلكتروي www.coursuprene.ma شارع النخيل حي الرياض ص. ب 2007 الرباط الهاتف: 0537.71.51.13 الفاكس: 0537.56.56.48 البريد الإلكتروني لمركز النشر C.PDJacoursuprene.ma
قبسات من اجتهادات قضاة محكمة النقض
إن رصد مجموعة من القرارات والتوجهات المبدئية التي كرستها غرف واقسام هذه المؤسسة العتيدة يتضح من خلالها بالملموس المقاربة الاصلاحية و النفحة الحقوقية والروح الدستورية التي تستهدف صون الحقوق والحريات وتكريس الثقة في المؤسسة القضائية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أشير الى أن محكمة النقض ومساهمة منها في تخليق الحياة السياسية اعتبرت أنه لا يجوز لشخص منتخب باسم حزب معين في احدى غرفتي البرلمان أن يترشح باسم حزب آخر غير الحزب الأول الذي زكاه - للانتخابات الجماعية، ما لم يتم انسحابه من حزبه الأول كما تقضي بذلك المادة 26 من قانون الأحزاب السياسية، وفي ذلك مسايرة للمادة الخامسة منه التي تمنع الترحال الحزبي، ولديباجته التي جعلته وسيلة لاضفاء الشفافية على تشكيل الأحزاب السياسية وتسييرها والارتقاء بها وتأهيلها للتداول على تدبير الشأن العام، على اعتبار أن القانون المذكور يندرج ضمن القوانين الانتخابية. وحفاظا على حسن سير العملية الانتخابية واستقرارها اعتبرت محكمة النقض ان فقدان المرشح الرابع باللائحة الأهلية الانتخابية لا يؤدي لبطلان العملية الانتخابية برمتها، التي فاز بها العضوان المرتبان في الدرجتين الاولى والثانية. ولدعم حق افراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في ممارسة العمل السياسي والجماعي بالمغرب ،ذهبت محكمة النقض الى أن الشخص الذي له محل اقامة بالخارج وغير مرتبط بوظيفة أو نشاط خاص على سبيل الاستقرار يحول دون ممارسة اختصاصاته الرئاسية بالجماعة، فإنه يجوز انتخابه لتلك المهام، إن كان له محل اقامة كذلك بالمغرب، تحت طائلة اقالته بقرار من وزير الداخلية، ان استقر بالخاج بعد انتخابه. وفي مجال حماية الافراد من الاعتداء المادي للادارة، ذهبت محكمة النقض الى أن الإدارة لما قامت بإحداث بناء على جزء من عقار محفظ أبرمت بشأنه وعدا بالبيع لكن دون أن تبلوره في صيغة عقد بيع نهائي داخل الأجل المتفق عليه تكون قد أضفت على فعلها صبغة الاعتداء المادي. وضمانا لحماية المال العام اعتبرت محكمة النقض ان الحكم لفائدة المدعي بالتعويض عن الاعتداء المادي على عقاره من طرف ادارة انشأت مدرسة عمومية عليه يقتضي الاستجابة للطلب المقابل للدولة الرامي لنقل ملكية العقار لها إعمالا لاحكام الاثراء بلا سبب حتى لا يثري المالك ببقاء العقار في ملكيته وحصوله على تعويض مادي، وتقتصرذمة الدولة بدفعها مبلغ التعويض دون حصولها مقابله على ملكية العقار. وفي المجال الضريبي، أكدت محكمة النقض على أنه لكي يعفى شخص طبيعي من اداء الضريبة على القيمة المضافة بشأن ما يسلمه لنفسه من مبنى، حسب الفقرة الرابعة من المادة السابعة من القانون رقم 85/30، رهين بتوفر شرط عدم تجاوز المساحة المغطاة 240 مترا مربعا، في مبنى يشكل وحدة سكنية غير قابلة للتجزئة، ولو تعدد الشركاء. وإضفاء الحماية القضائية في مجال التأمين لضحايا حوادث السير فقد اعتبرت محكمة النقض ان الفصل 21 من ظهير 2 أكتوبر 1984 الذي يلزم مؤسسة التأمين باداء تعويض للمستفيدين لا يتجاوز 50 من المبالغ غير المنفذة عندما تتقاعس عن دفع جميع ما عليها، جاء بصيغة عامة ومطلقة تشمل جميع انواع التعويض وليس فقط حالات ابرام صلح بين ضحايا حوادث السير وفق مؤسسات التأمين. ولأن الحقوق الاقتصادية تعد من الحقوق الاساسية الواجبة الاعتبار والجديرة بالجماعية، فقد ذهبت محكمة النقض الى أن العقد الذي يمنع شخصا من مزاولة نشاط مماثل لنشاط الطرف الاخر، بشكل عام في الزمان والمكان، يكون مخالفا للنظام العامل كونه يحدمن مباشرة الانسان لحقوقه ورخصة الثابتة. وضمانا للحق في الاعلام الذي اصبح من الاليات الاساسية لحماية المستهلك فقد اعتبرت محكمة النقض البنك المكلف بتتبع اسهم زبونه وتدبيرها، مسؤولا عن اي انتكاسة قد تتعرض لها هذه الاسهم، ان قصر في اعلام صاحبها بتقلبات السوق المالية. ومساهمة من محكمة النقض في مواجهة آفة ترويج البضائع المزيفة فقد قررت ان ركن العلم المنصوص عليه في المادة 201 من القانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية يعتبر قائما ومفترضا بخصوص التاجر الذي يمارس التجارة بشكل اعتيادي ومنظم، ويلجأ الى استيراد منتجات من الخارج تحمل علامات معينة لها شهرة دولية ومواصفات واثمنة معروفة لا يمكن من خلالها ان يجهل مدى كونها حقيقية او مزيفة وأن الضرر الحاصل لمالك العلامة التجارية يتحقق حتى ولو لم يتم ترويج البضاعة المزيفة لسبب من الاسباب كحجزها من طرف ادارة الجمارك. وفي مجال حماية الحريات وادراكا من محكمة النقض بأن المحاكمة العادلة لا تستقيم الا بتحويل الافراد كافة الضمانات المسطرية والموضوعية فقد استقر عملها على لزوم إخضاع شهادة شهود المتهم للتمحيص والتقدير بدل استبعادها بعلة ان شهادة اثبات مرجحة على شهادة النفي. كما قررت ان محكمة الموضوع يجب ان تفسح المجال للمتهم لاثبات ما يخالف ماجاء في محاضر الضابطة القضائية من وقائع منسوبة اليه فان ادلي امامها بوثائق تفند ما ورد بالمحضر، وجب عليها ان تناقشها، وصولا لتكوين قناعتها على الوجه السليم. وسعيا منها الى اصدار احكام مبنية على قناعة ثابتة مستمدة من وسائل اثبات يقينية فقد ذهبت محكمة النقض الى أنه ان كان رأي الخبير الطبي المعتمد لاثبات مرض الموت مبنيا على التخمين والاجمال، فانه يتعين على محكمة الموضوع ان تعين خبير آخر لاستيضاح ما أبهم طالما أن الامر يتعلق بمسألة فنية بحتة لا يجوز الحسم فيها الا بالاستناد الى آراء حذاق أهلها. كما اعتبرت محكمة النقض أن مهمة قاضي التحقيق تتجلى في جمع الادلة عن الجرائم، وليس في تقدير الادلة الذي يبقى من سلطات قضاء التحقيق مدعوة بدورها للسهر على قيام قاضي التحقيق بوظيفته على النحو المذكور. ولأن أعز ما يطلبه الإنسان كأحد حقوقه الأساسية هو عدم المساس بحريته فقد اعتبرت محكمة النقض أنه إذا تقادمت العقوبة الجنائية الصادرة بمضي المدة المنصوص عليها في المادة 649 من ق. م. ج، وحاز الحكم بها قوة الشيء المقضي به، فإن المحكوم عليه يتخلص من آثار الإدانة، وبذلك يمتنع اعتقاله ومحاكمته ثانية عن نفس الفعل. كما أكدت في قرار آخر على أنه إذا تمت إدانة شخص من أجل أفعال جناية اقترفها خارج المملكة وكان قضى مدة اعتقال احتياطي عن نفس الأفعال بالخارج، فإنه يتعين تطبيقاً للمادة 30 من قانون المسطرة الجنائية خصم المدة المذكورة من مدة العقوبة المحكوم بها عليه. وفي إطار القراءة المقاصدية لنصوص مدونة الأسرة، فقد قررت محكمة النقض عدم سقوط حضانة الأم عن ابنها رغم زواجها وبلوغ الطفل أكثر من سبع سنوات، عندما يتبين أن هذا المحضور متشبث بأمه وتتحقق الخشية من أن يلحقه ضرر بسبب فراقها أو كانت به علة تجعل حضانته مستعصية على غير أمه. وحماية لحقوق الطفل ورعاية لمصالحه أيضاً، اعتبرت محكمة النقض أنه لا يكفي صور حكم بتحديد واجبات سكنى المحضور، للقول بالاستجابة لطلب إفراغ الحاضنة من بيت الزوجة واعتبارها محتلة له بدون حق ولا سند، وإنما لابد من أن يدلي الأب بما يفيد تنفيذه لواجبات سكنى المحضور أو عرضه تنفيذه لها على الأقل. واعتباراً لخصوصية القضايا الأسرية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج والإشكاليات التي تثيرها قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص، فقد اعتبرت محكمة النقض أن الدعوى المرفوعة أمام المحاكم المغربية من طرف زوج أجنبي في مواجهة زوجته المغربية للمطالبة باقتسام الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج، الذي سبق إبرامه بالخارج أمام ضابط الحالة المدنية تحت نظام الأموال المشتركة، لا يطبق بشأنها القانون الأجنبي، وإنما يطبق القانون الوطني الذي يأخذ باستقلال الذمة المالية لكل زوج، عدا لما يكون هناك اتفاق مستقل بينهما على اقتسام الأموال التي ستكتسب أثناء قيام علاقة الزوجية تبعاً للمادة 49 من مدونة الأسرة، تكريساً لسمو القانون الوطني. ودرءاً لتشعب القضايا الأسرية، فقد قررت محكمة النقض أن الزوجة المغربية التي اختارت قضاء أجنبياً لاستيفاء حقوقها المترتبة عن الطلاق، ولم تطالب أمامه بتطبيق قاعدة الإسناد التي تحيل على تطبيق قانونها الوطني، لا يحق لها الرجوع مرة أخرى للقضاء المغربي للمنازعة في توابع الطلاق. وفي مجال تطبيق الاتفاقيات الدولية وتأويل بنودها فقد توجهت محكمة النقض إلى أن الأمر بالأداء الصادر بدولة إيطاليا من طرف المحكوم عليه يمكن إعطاؤه الصيغة التنفيذية من طرف القضاء المغربي، ولا يوجد في ذلك أي خرق لاتفاقية التعاون القضائي المتبادل بين البلدين، على اعتبار أن مسطرة الأمر بالأداء في الدولتين تصدر في غيبة الأطراف ولا تتحقق التواجهية التي تشترطها الاتفاقية إلى في المرحلة الاستئنافية. ولأن بلدنا يعتبر قبلة استراتيجية للتجارة البحرية منذ زمن طويل بحكم موقعه الجغرافي وأوراشه التنموية الكبرى، فإن الأمر يقتضي مواكبة قضائية تحرص على التطبيق السليم للقانون البحري وأعرافه. وفي هذا السياق، فقد اعتبرت محكمة النقض أن محكمة الموضوع ملزمة بالقيام بتحرياتها وتحقيقاتها اللازمة الموصلة لعرف ميناء الوصول المحدد نسبة الضياع المتسامح بشأنه، والذي يختلف من رحلة بحرية لأخرى، حسب البضاعة المنقولة وكيفية نقلها وظروف الرحلة ومسافتها. وفي مجال حماية حقوق الأجراء، فقد أكدت محكمة النقض على أن إغلاق مؤسسة بداعي إصلاحها وفسخ عقد الشغل خلال مدة الإصلاح، دون حفظ حقوق الأجير أو إنهاء عقده، يعد بمثابة إنهاء تعسفي لعقد الشغل. كما اعتبرت في قرار آخر أن قيام الشغل بسب وشتم الأجير أثناء قيامه بعمله يعد خطأ جسيماً يعطي للأجير الحق في إنهاء عقد الشغل، ومغادرة العمل واستحقاق التعويضات المقررة عن الفصل التعسفي. وأمام بروز العديد من مقاولات التشغيل المؤقت، فقد عملت محكمة النقض على توضيح العلاقات القانونية بين مختلف أطراف العقد، حيث قررت أن لجوء رب مقاولة إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت لا يجعل منه مشغلا بالمفهوم القانوني، وإنما تبقى علاقة التبعية قائمة بين مقاولة التشغيل المؤقت والأجير. كما استقر عمل محكمة النقض على أن ساعات العمل التي يحددها الاتفاق أو القانون، لا يجوز خفضها بالادارة المنفردة للمشغل. ولضمان شفافية المعاملات التوثيقية وإعطائها المصداقية والقوة الثبوتية، فقد قررت محكمة النقض أن مجرد إيداع الشيك لدى الموثق ولأمره لا يعتبر وفاء بباقي الثمن، لأن الشيك وإن كان يعتبر أداة وفاء، إلا أن التزام المدين لا ينقضي بسحبه الشيك، بل بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد فعلا في التاريخ المحدد بالعقد، أما الإشهاد الصادر عن الموثق، فلا يكفي للجزم بأن الشيك صرف في الوقت المناسب. كما اعتبرت في قرار آخر أن هذا الانتهاء الصادر عن الموثق بإيداع باقي الثمن يعد مجرد إخبار وليس حجة على تنفيذ المشتري لالتزامه، بل لابد من الإدلاء بما يفيد الإيداع الفعلي، وأن العقد التوثيقي هو الذي يعد ورقة رسمية طبقاً للفصل 418 من ق. ل. ع وليس الإشهاد الصادر عن الموثق. وختم الأستاذ مصطفى فارس كلمته بمناسبة افتتاح السنة القضائية بمحكمة النقض يوم 24 يناير 2012 قائلا: إن المساحة الزمنية لهذه الكلمة لا تسمح لي باستعراض كافة نماذج القرارات التي تفتقت عن تجربة وحنكة وكفاءة قضاتنا بهذه المؤسسة العتيدة الذين يعملون بكل مسؤولية ونزاهة على التفعيل الأمثل لمقتضيات الدستور والتطبيق العادل للقانون في أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والسياسية، مستهدفين حماية حقوق الناس وحرياتهم وإرساء دعائم أمنهم القضائي، مهتدين بقوله تعالى: »إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل«. صدق الله العظيم...«