لا يمر يوم دون أن تسمع أو تعاين صراخا مؤلما من أحد ضحايا جرائم السطو على المواطنين الذين تسلب ممتلكاتهم أمام الملأ و في واضحة النهار. فبعد الشكايات المتكررة التي تتزايد على الدوائر الأمنية والسلطات المحلية أصبح بعض محترفي السرقات وقطاع الطرق يجوبون شوارع مدينة مراكش بكل حرية و بكل طلاقة محدثين فزعا في ساكنة مراكش من نساء و فتيات وعاملات المنطقة الصناعية, إضافة إلى تلاميذ المدارس و مرتادي المحلات التجارية و الأسواق الكبرى. ضحايا من مختلف الأعمار و قواسم مشتركة في عمليات النشل والسطو المسلح, حيث قطاع الطرق يعملون على سلب ما بحوزتك تحت تهديد السلاح الأبيض , ويتمتعون بأحقية الظهور لمواجهة ضحايا لا حول ولا قوة, بسيوف وخناجر ما قبل عصور الميتوكوندري, يباع بكل المحلات و يصنع تحت الطلب وبمقاييس من اختيارك. في ظل هذا الوضع المتأزم و المأساوي و حالة الاختناق التي تعيشها ساكنة مراكش على اعتبار سمعتها الداخلية و العالمية كقبلة سياحية بامتياز ولها فضاءات مفتوحة وجب التفكير في تنظيم حملات معقلنة وموجعة لضرب أغوار الجريمة على اختلاف درجاتها وبالتالي الحزم مع هؤلاء في ظل احساس المواطن بانفلات الخدمات الأمنية و اقتصارها على السير والجولان بالمدينة. فكل الجرائم التي يذهب ضحيتها أبرياء يحاولون الدفاع عن أنفسهم تجدونهم في دهاليز المستشفيات نتيجة ظلم أباطرة الجريمة الذين يجوبون شوارع المدينة الحمراء صباح مساء و بمختلف الأحياء بدون استثناء. حالات عديدة أودت بحياة البعض أو بتر أحد أعضاء البعض أو حالات نفسية مضطربة نتيجة " السيبة" التي تشهدها مراكش في الآونة الأخيرة. آخرها كانت صباح أمس حيث بترت يد إحدى السيدات عندما حاولت الدفاع عن نفسها غداة خروجها من وكالة بنكية و مواجهتها للصوص تربصوا بها, كما أن أحد الزملاء الصحفيين تعرض لاعتداء رفقة أحد أفراد عائلته و تم سلب ما بحوزتهما ليفطن إلى أن اللص سكير فتم انتظاره بأحد الأسواق الممتازة لشراء الخمر و تم التبليغ عنه لدى الشرطة ليتم القبض عليه. لكن في المقابل، من المسؤول عن تفشي هاته الظاهرة في حين أن المسروقات تجد من يسوقها ويشتريها في أسواق عشوائية بحي المسيرة والخميس وممر "برانس" مما يجعل الغنائم في ازدياد نتيجة إقبال بعض الباعة على الحصول على هواتف نقالة، ساعات وملابس بأزهد الأثمان. عواصف الجرائم بمراكش تتناسل يوما بعد يوم والضحايا في ارتفاع, مما يخلق ذعرا كبيرا لدى المراكشيين وزوارهم المغاربة والأجانب ليشكل عنصرا سلبيا و نقطة ضائعة على سمعة المدينة ومسؤوليها. إن ظاهرة النشل والجريمة في بعدها السوسيولوجي هي ظاهرة عالمية لكن الحدة التي تجتاح بها مراكش والسرعة في انتشارها وأصحابها من قاصرين وذوي السوابق وحتى الغرباء عن مراكش تحتم على من له الوصاية على القطاع وكل المتدخلين وضع تصور واقعي وفعال لاجتثاث هذه الآفة الخطيرة والتي تجعل من جل أحياء مراكش بدون استثناء بؤرا للفزع والخوف و نقطا سوداء تزيد من معاناة ساكنة البهجة و تحول دون الحفاظ على راحتهم و ممتلكاتهم ولو البسيطة منها.