ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يحوّل اللصوص ليل الدار البيضاء إلى جحيم
يجردون المارة من أموالهم وقد يسلبونهم أرواحهم
نشر في المساء يوم 29 - 05 - 2011

إن العاصمة الاقتصادية للمغرب، وبالتالي قلبه النابض، تعرف استفحالا كبيرا للإجرام. وحسب الشهادات المرعبة المستقاة، فالعيش في مدينة البيضاء أصبح مدعاة للقلق. فالوضع معقد جدا
إلى درجة أصبحت معها أصابع الاتهام توجه إلى أطراف أخرى غير المجرمين ومثيري الشغب، كالشرطة -مثلا- التي من المفترض أنها تسهر على استتبات الأمن، إلا أن اللامبالاة التي تتعامل بها هذه الأخيرة تزيد الوضع سوءا.
تشير الساعة إلى الثانية زوالا، في شارع الحسن الأول الذي يوجد في قلب المدينة. في هذا الجو الربيعي وعلى أرصفة هذا الشارع، تجد المحلات والمقاهي جنبا إلى جنب وعيون اللصوص والمشاغبين تتصيد المارة. يسود جو من الحذر والريبة، خصوصا وأن ظاهرة السرقة والاعتداء عرفت تزايدا ملحوظا في السنوات الأخيرة. أما اللصوص فقد أصبح لديهم أكثر من سبب للاحتشاد. يتذمر أحمد، سائق طاكسي، في الثلاثين من عمره: «ولّى ذلك الوقت الذي كان فيه اللصوص يكتفون بسرقة الحقائب اليدوية المملوءة بالدراهم، الآن توسعت نشاطاتهم لتشمل سرقة الهواتف المحمولة و«البلابيريز» و«الآي فون» و«الآي باد» والحواسيب المحمولة. أصبح الوضع، بكل بساطة، لا يطاق». وحسب شهادة ليلى، صاحبة محل تجاري في شارع الحسن الأول، تعدت عقدها الرابع، فحتى المحلات لا تسلم من السرقة: «لا أستطيع المكوث في المحل بعد حلول الساعة الثامنة مساء لأنه أصبح من الشائع أن نسمع بحدوث عملية نهب في هذا المحل أو ذاك أو بالاعتداء على صاحبه».
«المدينة القديمة» كازا نيكرا..
أبعد قليلا عن شارع الحسن الأول، نجد «المدينة القديمة» التي تعرف مختلف أنواع الجرائم، ابتداء من الاعتداءات الجنسية، مرورا بجرائم الانتقام ووصولا إلى السرقة. ولا يجد سكان هذه المنطقة من مهرب من مشاهدة هذه الجرائم ترتكب أمام أعينهم، أمام لامبالاة الشرطة التي تغذي هوس المجرمين وتشجعهم على خرق القانون.
يعتبر الوضع في «المدينة القديمة» من الخطورة بحيث أصبحت تندرج في القائمة السوداء حسب دراسة حديثة أنجزها مجلس مدينة الدار البيضاء. وتقول امرأة مسنة بهذا الخصوص إن العيش في تلك المنطقة أصبح «خطرا» يتهدد حياة السكان. وتضيف بكل تذمر: «يمارس المنحرفون جميع أنواع الشذوذ الجنسي ويستهلكون المخدرات الخفيفة، كالسيليسيون، مما يجعل منهم كائنات بشرية خطرة. ويكفي أن تخرج فتاة ما في الليل، لسبب من الأسباب، لتتعرض للاعتداء أو التهديد بالسلاح الأبيض، وذلك في غياب تام لعناصر الشرطة. لن أنسى أبدا تلك الفتاة التي خرجت ليلا، بعد انتهاء حفلة لعيد الميلاد على الساعة الرابعة صباحا، وتعرضت للاعتداء أمام أعين رجال الشرطة دون أن يحركوا ساكنا». وحتى المنازل المهجورة لا تسلم من الأفعال الشنيعة. وتبقى أغرب القصص في هذا السياق تلك التي رواها لنا أحد الشهود: «ذهلنا مرة لرؤية الشرطة تحضر في لمح البصر، لكن هذا الأمر لم يكن في الحقيقة بالمفاجئ، فالأمر كان يتعلق بسائح كويتي، أي بالمال الوفير»، يقول بنبرة متهكمة. على بعد خطوات قليلة، وهذه المرة قرب ساحة ماريشال، يصطف سائقو سيارات الأجرة البيضاء (أسماك القرش البيضاء) وهم يتأملون، بكل هدوء، الطابورات الطويلة للركاب. ولن تستطيع كل الشكاوى التعبير عما يعانيه هؤلاء من اللصوص المسلحين بدراجاتهم النارية ومن المتشردين الذين يتلذذون بمضايقة الآخرين، خصوصا الجنس اللطيف. والمؤسف أنه حتى تلك الحدائق المجاورة، التي من المفترض أنها وجدت لتكون متنفسا للمارة، أصبحت مسرحا لجميع أنواع الجرائم، سواء كانت تحرشا أو سرقة أو اغتصابا... يقول أحد سكان الحي: «لقد عدنا إلى عهد السيبة، فابتداء من الساعة الثامنة مساء، تصبح كل المحرمات حلالا وتفتح شهية المجرمين عن آخرها على جميع أنواع الجرائم».
ويبقى الحال على ما هو عليه، ويبقى سكان الدار البيضاء في انتظار إنشاء مخفر للشرطة في الساحة يضمن سلامتهم وأمنهم. الكل يجمع في شارع الجيش الملكي على أن لامبالاة المسؤولين الأمنيين تحطم أرقاما قياسية. ويكفي أن تتجول بين الفينة والأخرى في البازارات وباب مراكش لكي تلحظ النشاط المفرط للصوص والنشالين الذين يجدون في كاميرات السياح صيدا ثمينا.
باب مراكش
عند مدخل المدينة القديمة ينتابك إحساس بالأمن والأمان، ويكفي أن تتوغل في الأزقة الضيقة القديمة لتتأكد من ذلك. ويقول تاجر في درب غناوة: «إن اللصوص والنشالين يبتعدون ما أمكن عن مناطق سكناهم». ويمكن لأي أحد أن يلاحظ الانعدام التام للشرطة.
عندما يعم الرعب مدننا

باعتبارها أكثر المدن اكتظاظا بالسكان والأكبر مساحة، تسجل مدينة الدار البيضاء أكبر معدل للجرائم. ولقد عانت هذه المدينة، التي تجذب أكبر عدد من سكان الريف والبوادي، من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 2008 بشكل كبير.
استعرض وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي، خلال ندوة صحفية مفتوحة، التقرير الذي أنجزته المديرية العامة للأمن الوطني حول الإجرام في الفترة الممتدة ما بين 2009 و2010. وتضمن هذا التقرير إحصاءات متعلقة بسنة 2009 والستة أشهر الأولى من سنة 2010، مع إنجاز مقارنة بين إحصائيات معدلات الجريمة لسنتي 2009 و2010 لتبيان ما إذا اتخذ معدل الجريمة منحى تصاعديا أم تنازليا. وتبقى هذه الأرقام، التي جاء بها التقرير، كفيلة بأن تعطي لمحة عن تطور معدلات الجريمة في المغرب، علما بأن الأرقام التي يقدمها رجال الدرك لا تؤخذ بعين الاعتبار إلى جانب الأرقام التي تقدمها الشرطة.
تأثير الأزمة المالية لسنة 2008
أول درس يستخلص من هذا التقرير هو أن المغرب ليس بمعزل عن أي تغيرات اقتصادية عالمية، بل إنه يتأثر، على العكس، بالمناخ الاقتصادي العالمي على جميع المستويات، بما في ذلك مستوى تفشي الجريمة التي عرفت تصاعدا ملحوظا عقب الأزمة الاقتصادية لسنة 2008.
وتفيد الإحصاءات بأن سنة 2004 سجلت وقوع 301.866 جريمة لترتفع في 2009 إلى 335.528. وعلى هذا النحو، يكون عدد الجرائم قد ارتفع ب33.662 جريمة في ظرف ست سنوات، أي بمتوسط معدل نمو سنوي يزيد على 1 في المائة.
وقد ارتكبت 321.077 جريمة سنة 2008 في المجال الحضري مقابل 335.528 سنة 2009، مسجلة بذلك نموا بنسبة 4.5 في المائة مقارنة ب2008. وتعتبر هذه النسبة عادية بالنظر إلى وتيرة النمو الديمغرافي للبلاد والتوسع الذي يعرفه المجال الحضري. ويفسر هذا الارتفاع الذي سجل سنة 2009 بالأزمة المالية العالمية التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة والإفلاس وانهيار العديد من الأسر ودفعت بالكثيرين إلى الانقطاع عن الدراسة. ويرجع ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 4.5 في المائة أساسا إلى ارتفاع نسبة الانحراف، ومن مظاهره الدعارة والسرقة والمخالفات المالية التي تعرف تزايدا طبيعيا في ظل ظروف الأزمة المالية. وإذا كانت أجهزة الأمن قد عجزت عن تخفيض نسبة الجريمة وزرع الإحساس بالأمن والأمان في أوساط السكان، فإنها نجحت مقابل ذلك في رفع نسبة حل الجرائم والمخالفات إلى 2 في المائة. ففي 2008 حلت حوالي 282.662 جريمة من أصل321.077، مقابل 297.491 من أصل 335.528 سنة 2009.
المدن الأقل أمنا في المغرب
إذا كنت تخشى على سلامتك وتبحث عن مكان آمن، فلن تجد مكانا أفضل من مدينة الحسيمة، فهي من بين ال17 مدينة التي تعرف أقل نسبة إجرام، حسب ما جاء في تقرير مديرية الأمن الوطني، وذلك بعدد لا يتعدى 1949 جريمة ومخالفة. وبالتالي، عليك بالابتعاد ما أمكن عن العاصمة الاقتصادية لأنها تسجل أعلى معدلات الجريمة في المغرب.
تعتبر مدينة الدار البيضاء أكثر المدن اكتظاظا بالسكان، كما أنها الوجهة المفضلة للمهاجرين القرويين باعتبارها مدينة تعرف رواجا اقتصاديا كبيرا، وبالتالي فرص عمل أكثر. وبطبيعة الحال، كانت هذه المدينة أكثر المدن المغربية تضررا من الأزمة الاقتصادية لسنة 2008 مسجلة 89.625 جريمة ومخالفة سنة 2009. هذه الصدارة التي تحتلها مدينة الدار البيضاء من حيث معدل الجريمة تفسر الإحساس بانعدام الأمن الذي يعاني منه سكان المدينة، وذلك لانتشار ظاهرة السرقة والاعتداء خصوصا تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض ومن طرف أشخاص عادة ما يكونون تحت تأثير المخدرات وحبوب الهلوسة «القرقوبي» و«الدوليو». وهذه الظاهرة ليست خصوصية القلب النابض للمغرب، بل تعرف انتشارا أيضا في العديد من المدن المغربية، حيث يمكن أن ترتكب جريمة قتل في وضح النهار وأمام أعين المارة من أجل هاتف نقال مستعمل أو غيره... وتلِي الدار البيضاء من حيث ارتفاع معدل الجريمة مدينة وجدة، وذلك ب26.672 جريمة ومخالفة. ومع ذلك، فهذا الرقم لا يعني تلقائيا أن وجدة مدينة خطرة، وتفسر الجرائم التي تعرفها المدينة بموقعها الجغرافي باعتبارها مدينة حدودية تعرف نشاطا مكثفا لتهريب البضائع من الجزائر، كما هو حال جميع المدن الحدودية. وتأتي مراكش في المرتبة الثالثة ب26.481 جريمة ومخالفة. وفي كل من مراكش وطنجة، لا يسلم الأجانب من تبعات هذه الظاهرة. ومادامت هاتان المدينتان تجذبان عددا كبيرا من السياح وأثرياء العالم، فمن الطبيعي أن تجذب كذلك النشالين والمحتالين والعاهرات... إلخ. وتأتي في الصف الثالث مدينة الرباط ب25.925 جريمة ومخالفة مع أن التقرير لم يحدد ما إذا كان هذا العدد يشمل الرباط وسلا، إلا أننا نرجح ذلك. وإذا كان الجميع يعتبر أن الرباط مدينة آمنة، فالأمر يختلف بالنسبة إلى الجهة الأخرى لوادي أبي راقراق، سلا، التي تعرف ضغطا بشريا كبيرا نظرا إلى ارتفاع المعيشة في الرباط. ويلاحظ أن العاصمة الإدارية تسجل معدلات أقل من حيث الجريمة. وتأتي في المرتبة الرابعة مدينة فاس التي سجلت فيها 49520. جريمة ومخالفة، مع العلم بأن هذه المدينة تعرف احتجاجات كبرى من حين إلى آخر ضد الانفلات الأمني. ويرجع آخر احتجاج بهذا الخصوص إلى شتنبر 2010 الذي أعقبه قرار اتخذه عمدة فاس يقضي بتثبيت 280 كاميرا مراقبة في العاصمة الروحية لطمأنة مواطنيها. وليس بعيدا عن فاس، سجلت مدينة مكناس ما يقارب 20.024 جريمة. وهكذا راكمت كل من فاس ومكناس وسلا وطنجة سمعة سيئة منذ الثمانينيات. وتفسر معدلات الجريمة المرتفعة بكل من فاس ومكناس تاريخيا ببعدهما عن البحر، أضف إلى ذلك ضغط النزوح السكاني من الريف.
جرائم القتل
بلغ عدد جرائم القتل في المغرب سنة 2009، 181 جريمة، تم اكتشاف مرتكبي حوالي 179 منها، أي أن نسبة هذا النوع من الجرائم وصلت إلى 79 في المائة. لكن الخطير في الأمر هو تسجيل تورط 50 قاصرا في هذه الجرائم. وفي ما يخص الدوافع التي كانت وراء اقترافها، أصدر محللو مديرية الأمن الوطني تقريرا يشرحون فيه الدوافع المحتملة للجرائم المرتكبة سنة 2009. وقد أسفر هذا التقرير عن نتائج صادمة، حيث إن 60.76 من جرائم القتل تسببت فيها خلافات شخصية بين الأفراد!
هذا المعطى يترجم لنا بوضوح عدم قدرتنا على التواصل بشكل سليم ولجوءنا إلى العنف بفعل التوتر الشديد، خصوصا في شهر رمضان. ويرجع التقرير هذه الظاهرة، بالإضافة إلى «سخونية الراس»، إلى الضغط النفسي والتوتر الذي يعاني منه الفرد، خصوصا في المجال الحضري. هذه الحالة النفسية لا تأتي من عدم، بل هي نتيجة طبيعية للضغوطات التي تخلقها المشاكل اليومية من قبيل الارتفاع الصاروخي في أثمنة المواد الغذائية. ومع أننا نعيش في بلد مسلم، فثاني مسبب لجرائم القتل هو الكحول، وذلك بنسبة 16.77 في المائة من مجموع جرائم القتل المرتكبة سنة 2009!
وهذا يؤكد ما يروج في الخارج من كون المغاربة يسرفون في تناول الكحول مما يدفعهم إلى التصرف بعدوانية مفرطة. ويفسر هذا المعطى بتزايد استهلاك الكحول في أوساط الفتيان والفتيات لتوفرها في الأسواق وبأثمنة في المتناول. ويبقى أخطر المجرمين هم أولئك الذين يتعاطون، بالإضافة إلى الكحول، حبوب الهلوسة «القرقوبي» والحشيش...
أما الجرائم العاطفية فنسبتها لا تتعدى 12.15 في المائة من مجموع الحالات التي تم إحصاؤها من طرف الأمن الوطني. ورغم أن المغرب بلد عربي ومسلم ومحافظ، فإنه من المفاجئ أن تكون الجرائم العاطفية أكثر عددا من تلك التي ترتكب بدافع السرقة والتي تصل نسبتها إلى 10.38 في المائة!
هذا الميل إلى العنف ورد الاعتبار إلى النفس بشكل شخصي دون اللجوء إلى القضاء يترجم لنا بوضوح انعدام الثقة بين المواطن والقضاء.
الأمن اليومي
كان المغرب سنة 2007 يملك 40 ألف شرطي يسهرون على أمن ساكنة تقدر ب32 مليون نسمة (109 آلاف شرطي ل33 مليون نسمة في الجزائر و150 ألف شرطي ل11 مليون نسمة في تونس)، أي أنه يسهر على أمن كل 740 مواطنا مغربيا شرطي واحد (لكل 302 مواطن جزائري شرطي واحد، ولكل 73 مواطنا تونسيا شرطي واحد).
أما الدار البيضاء، التي تقارب ساكنتها 5 ملايين، فتملك حوالي 5 آلاف شرطي فقط. وبعد أحداث 16 ماي 2003، ارتأى العنيكري أن يواجه هذه الثغرة الأمنية بإحداث مخافر للشرطة في الأحياء الحساسة والنقط السوداء ليسهر على أمن المواطنين ويزرع الطمأنينة في نفوسهم.و بالإضافة إلى مخافر الشرطة، أحدث العنيكري ما كان يعرف باسم «كرواتيا». هذه الآلية الأمنية كانت تسخر مجموعة من رجال الأمن يجوبون الشوارع في سيارات رباعية الدفع وأخرى من نوع «كونكو»، معززين برجال أمن يمتطون درجات نارية. وكان الهدف وراء هذه الخطوة هو ردع المجرمين، غير أن الأمر كان مثيرا للانتباه ومكلفا من حيث بناء مخافر الشرطة واستهلاك الوقود. لهذه الأسباب، تم التخلي عن هذه الآلية الأمنية غير الفعالة لعجزها عن اختراق أزقة الأحياء الشعبية والوصول إلى الأماكن الحساسة. بعد إلغاء «كرواتيا»، تم اعتماد آليات أمنية أخرى أكثر فعالية وأقل إثارة لانتباه المواطنين وأقل كلفة. هذا ما تؤكده الأرقام في مدينة الدار البيضاء التي عرفت انخفاضا في معدل الجريمة المسجل في الثلاثة أشهر الأولى لسنة 2010 بنسبة 7.52 في المائة مقارنة بالأرقام المسجلة سنة 2009. ويرجع الفضل في ذلك إلى تعبئة قوات التدخل السريع التي تضم 3000 رجل أمن.
التغاضي عن ناقوس الخطر
يستخلص من هذا التقرير أن ارتفاع معدل الجريمة في المغرب سنة 2009 تمت مواجهته بشكل جيد، مما جعله يأخذ منحى تنازليا سنة 2010. أما في ما يخص الارتفاع الذي سجل سنة 2009 بنسبة 4.5 في المائة مقارنة ب2008 فهو طبيعي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تأثير الأزمة المالية العالمية والتي ترتب عنها اتفاع في معدل البطالة وانقطاع عن الدراسة، مما دفع بالشبان إلى السرقة والشابات إلى الانحراف. أضف إلى هذا المعطى، الفشل في إدماج السجناء في المجتمع. وبعيدا عن هذه المعطيات، يتشبع المغاربة بثقافة «سخونية الراس» التي تؤدي بهم إلى استعمال العنف في جميع المواقف. ولا ننسى أن الموقع الجغرافي للمغرب يلعب كذلك دورا في ارتفاع نسبة الجريمة والمجرمين، فالمغرب يستقبل بشكل منتظم عددا كبيرا من المهاجرين السريين، كما يسجل نشاطا كبيرا لأعمال التهريب... إلخ. ومن هنا، يتعين علينا طرح سؤال نعرف جميعا جوابه: هل يشعر المغاربة بالأمان؟ الجواب العاطفي سيكون بكل تأكيد لا! ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة حالات السرقة في الشوارع تحت التهديد بالسلاح الأبيض، خاصة سرقة الحقائب اليدوية والهواتف النقالة، وذلك في غياب مراقبة صارمة لمرتكبي هذه الممارسات. أما الجواب العقلاني فسيكون نعم! فالمغرب، بشكل عام، بلد آمن شريطة ألا تخرج في أوقات متأخرة من الليل وأن تبتعد، ما أمكن، عن المناطق السوداء. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار ضحايا حوادث السير في المغرب، فسنجد أنها تفوق بكثير ضحايا الجرائم...

المنطقة 1
عين الذياب، ملتقى كل المغاربة والأجانب الذين يسعون إلى الاستمتاع ليلا، كما أنه المكان الذي تلتقي فيه بائعات الهوى والمخدرات والكحول واللصوص.


المنطقة 2
الألفة الحي حسني، منطقة السكن الاجتماعي والأحياء الفقيرة والشقق المفروشة المخصصة للدعارة، الشيء الذي أفسد سمعة هذه المنطقة التي كانت هادئة إلى حد ما.


المنطقة 3
المعاريف، حي هادئ في الدار البيضاء، أصبح سوقا لترويج الكوكايين، وهو المنطقة المفضلة للصوص الهواتف المحمولة والحقائب اليدوية وكل أنواع المغامرين والمغامرات.


المنطقة 4
المدينة القديمة حيث يلتقي الميناء والدعارة والمخدرات والفنادق الكبرى وأزقة غوتيي الخالية وحافلات النقل وجميع أنواع اللصوص.
المنطقة 5
الحبوس والقيساريات والفراشات وحافلات النقل وسيارات الأجرة البيضاء والازدحام المفرط، مما يشجع على عمليات السرقة، خصوصا في قيسارية «الحفاري».
المنطقة 6
تدارت منطقة شاسعة وساكنتها قليلة، تكون آمنة نهارا أما ليلا فمن الأفضل اتخاذ الحيطة والحذر. تعرف هذه المنطقة بكونها مرتعا لسارقي السيارات.
المنطقة 7
الصخور السوداء حيث المصانع المهجورة والأراضي الصناعية والبنايات المهجورة. في النهار تعرف تجوال عدد كبير من العمال، أما في الليل فتصبح أزقتها الخالية مخيفة.


المنطقة 8
عين السبع، حي صناعي قريب من الميناء لا ينصح بالمرور بين دروبه ليلا، إلا أن تصنيفه يظهر أنه لا يجذب اللصوص والمنحرفين بقدر المعاريف أو عين الذياب.



تحقيق: هدى بلعابد - عبد العالي الشيباني
PUCE عن مجلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.