يتقاسم المجرمون صفات كثيرة مع غيرهم، لكنهم يختلفون عن عامة الناس بتضخم في إحدى الصفات وتفريط في أخرى إلى حد العدم. إنها صفات يتسم بها المجرم عادة، وليس ضرورة. انطوائي «ليس كل المجرمين انطوائيين» يؤكد محمد الأزهر، الأستاذ الجامعي الباحث في علم الإجرام. إذ منهم المنغلقون على ذواتهم العاجزون عن التواصل مع محيطهم. لكن غالبيتهم تتمتع بمؤهلات، قد تكون أحيانا خارقة، تمكنهم من الاندماج في المجتمع. وإذا كان الانطوائي يرد العدوان إلى الذات إلا في حالات استثنائية، فإن الأزهر يؤكد أن اندماج المجرم في الجماعة وتفاعله مع المحيطين به بشكل إيجابي صوري وظرفي، بل إنه ارتباط هش، حسب عبد اللطيف فيلق، الباحث في علم الاجتماع بالمعهد الجامعي للبحث العلمي، سرعان ما ينقطع بمجرد إحساس المجرم بتعارض مصلحته مع مصالح غيره أو عند ارتكاب الجريمة ونيله مبتغاه. والمرتشي نموذج للمجرم المندمج في المجتمع. فرغم أنه يقوم بفعل إجرامي يعاقب عليه القانون، فإنه يتمتع في بعض الأحيان بحضور لافت للنظر مدعوم بسمعة طيبة، خاصة إذا كان من لأعيان. وهذا معطى يتفق المتخصصون في علم الإجرام والسوسيولوجيون على اعتباره تناقضا يفرض نفسه بقوة، حيث يجمع الشخص الواحد بين السمعة الطيبة وصفة المجرم، يقول عبد اللطيف فيلق. وعموما، فالمجرم حسب الأزهر يجمع ما بين الجريمة والاندماج الكلي في المجتمع على عكس الانطوائي الذي يجد نفسه عاجزا عن الامتثال لقوانين المجتمع والخضوع لقيمه ونظمه. ف«بولوحوش» كان في شبابه، حسب الذين رافقوه في هذه المرحلة، شخصا محبوبا من لدن الجميع في قريته. لكن الحكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا بتهمة السرقة حوله إلى شخص آخر مختلف تماما عما عهد عليه في صباه ومراهقته. كما أن منير وجمال، السجينين السابقين، يرفضان نعتهما بالمجرمين، وإن ألحقت بالنعت صفة السابق. «لقد دفعنا ثمن ما فعلناه، وندمنا عما اقترفناه، لكن قلة من الناس يتعاملون معنا بشكل طبيعي دون إبداء أي خوف منا أو التعبير عن الخجل من التعامل معنا علنا بحكم سوابقنا العدلية» يقول جمال. «بعض أفراد عائلتي ما يزالون بعد خروجي من السجن، بأكثر من سبعة شهور، يعاملوني بكيفية تجعلني أفطن لحذرهم بسهولة» يضيف منير الذي توبع بتهمة هتك عرض قاصر والتغرير به. ذكي أم غبي «لا علاقة لنسبة الذكاء بالجريمة» يجزم عبد اللطيف فيلق، كما أن الأزهر يؤكد أن نسبة الذكاء تتفاوت من مجرم لآخر، كما هو الشأن بالنسبة إلى عامة الناس. ويصنف البعض الجرائم إلى نوع لا يقدر عليه إلا مرتفعو نسبة الذكاء مثل: الاحتيال والتزوير وبعض الجرائم المالية والاقتصادية، حيث تعتبر عمليات السطو على الأبناك على الطريقة الهوليودية أبرز مثال يستشهد به في هذا الإطار. أما الصنف الثاني فيلجأ إليه المجرمون الأغبياء أو الأقل ذكاء، من قبيل التسول، العنف غير المفضي للوفاة، الاعتداء بالسلاح الأبيض والسرقات البسيطة. وسيئو الحظ منهم يكون غباؤهم سببا مباشرا في سقوطهم في أيدي الشرطة على شاكلة ما قدم في البرنامج الوثائقي الشهير «أغبى مجرمي أمريكا» الذي أضحك مشاهدي العديد من القنوات أكثر مما أفلحت في بلوغه بعض سلسلات كوميديا الموقف. بديهي أن ينفي كل مجرم عن نفسه صفة الغباء، مثلما فعل جمال الذي كرر أكثر من مرة أن جميع من عرفه يشهد له بذكائه، لكن وحدهما نوعية الجريمة والطريقة التي يقع بها مرتكبها بين أيدي الشرطة يفيدان في الاعتراف بذكاء مجرم أو السخرية من غباء آخر في الوقت الذي تشير فيه الدراسات المنجزة، خاصة تلك التي قام بها الباحث هيولي، إلى أن نسبة ذكاء المجرمين تكون عموما في حدود 10 في المائة. عدواني أم مدافع عن نفسه العدوانية صفة متأصلة في سلوك أي مجرم، وإن اختلفت الأضرار الناجمة عنها من جروح وطعنات، أو حتى آلام نفسية قد تكون مبرحة أكثر من الأولى. كل المجرمين، حسب محمد الأزهر، عدوانيون، باستثناء ما يعرف بالمجرم بالصدفة الذي تتم متابعته من أجل الجرم الذي ارتكبه، وإن سقطت عنه نية ارتكابه. فالمرتشي يعتدي على غيره، لكونه يسلب الناس أموالهم مستغلا موقعه في السلطة، كبر أو صغر، للحيلولة دون قضاء حوائجهم ما لم يدفعوا له المبلغ المطلوب ويؤكد عبد اللطيف فيلق أن الدفاع عن النفس مشروع في إطار ما يسمح به القانون، حيث إن الاعتداء ممنوع حتى في الدول التي يعتبر فيها حمل السلاح حقا دستوريا مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. مسؤول يقر القانون بمسؤولية كل من ارتكب جريمة عما فعله، لكن أصنافا من المجرمين، خاصة البسيكوباتي الذي يعد أخطر المجرمين على الإطلاق، لا يقرون بمسؤوليتهم عن أي أذى ألحقوه بغيرهم، بل إنه يكون على استعداد لتكرار الشيء نفسه لو أتيحت له فرصة أخرى لذلك. وبشكل طريف، تسقط العديد من المجتمعات، خاصة التي تعرف حضورا قويا للسحر والشعوذة، عن المجرم مسؤوليته بالاستناد إلى تفسيرات غيبية كأطروحة استحواذ جني أو عفريت على عقل الإنسان وروحه، إلى درجة أن الشخص في هذه الحالة يتصرف وفق ما تمليه عليه القوى الغيبية حسب زعمهم.. وأحيانا أخرى تلقى المسؤولية على المجتمع الذي لم يوفر له الحماية التي تغنيه عن الدفاع عن نفسه بوسائله وطرقه الخاصة. فبولوحوش مثلا لم يقدم على الانعزال في الغابة إلا عند تهديده عدة مرات والهجوم على منزله، كما أنه لم يسلم نفسه إلا بعدما علم بما تقاسيه عائلته من جراء البحث التي تباشره السلطات الأمنية عنه. كما أن الحاضي، الملقب بسفاح تارودانت، حمل مسؤولية قتله لسبعة أطفال لما تعرض له من اغتصاب على أيدي أربعة عشر شخصا في شبابه، مضيفا أنه لم يستطع التوقف عن الإجرام بعد قتله الضحية الأولى. متلذذ بالجريمة باستثناء المجرم بالصدفة الذي غالبا ما يرتكب جريمة واحدة دون قصد ولا سابق ترصد، فإن معظم المجرمين، خاصة أولئك الذين يجنون أكثر من مرة، يصبح لديهم الفعل الإجرامي مصدرا للذة والسعادة أحيانا. جمال، الذي تنقل على مدى خمس سنوات قضاها في السجن بتهمة القتل الخطأ، أكد أنه التقى بالعديد من الأشخاص الذين لم يكونوا قادرين على إيذاء ذبابة، فبالأحرى أن يقدموا على إزهاق روح. فالسجن بالنسبة إلى جمال ومنير يعلم ما لا يلقن في المدارس والكليات، ولا يقرأ في الكتب. «قد تدخل إليه صدفة، بجريمة لم تكن لديك نية ارتكابها، فتخرج منه برغبة جامحة في انتقام يشفي غليلك من مجتمع رماك بين أحضان عصابات تتخذ من الزنازين فصولا لتفريخ مجرمين محترفين»، يقول منير محاولا تفسير تلذذ بعض المجرمين بالقتل أو غيره من الجرائم التي تعتبر سلوكات شاذة عن قيم المجتمع ومثله. وهكذا يدخل الإنسان في دوامة الإجرام وبعد أن تصبح النفس غير ذات قيمة لديه، يكتسب القدرة على ارتكاب الجرائم بشتى أصنافها بدم بارد. وقد يتحول ذلك من فرط التكرار من رغبة في الانتقام إلى مصدر للذة والاستمتاع. ويبقى المجرم السادي النموذج الأبرز لتلذذ المجرمين بتعذيب ضحاياهم، لأن هذا الصنف من المجرمين يجد لذة كبيرة في التنكيل بالآخرين وتعذيبهم. عاطفي يصعب الجزم بانعدام العاطفة لدى المجرم، فالأكيد أنها تتفاوت حسب أصناف المجرمين. ورغم أن وجود العاطفة يتناقض ظاهريا مع وقوع الجريمة، فإن هناك صنفا من المجرمين يسمى العاطفي، يتميز باحتكامه إلى العاطفة وتهميشه للعقل مع مزاج عصبي حاد حسب محمد الأزهر. ويضيف أن هذا الصنف يقدم على ارتكاب الجريمة دون تردد، ثم يكون بعد ذلك ضحية عاطفته بسبب عقدة الذنب التي تلازمه، مما يدفعه أحيانا إلى الانتقام من نفسه ولم لا تدميرها أو يوصله إلى مستشفى الأمراض العقلية أحيانا أخرى. وهناك نوع من المجرمين يتميزون بسادية متضخمة تقتل عاطفتهم إلى درجة أنهم يصبحون وكأنهم جبلوا على الإجرام. جمال ومنير يقران بأن علاقاتهما تغيرت كثيرا بعد خروجهما من السجن. الكل ينظر إليهما على أنهما مجرمان بغض النظر عن كونهما «أديا الثمن غاليا» يقول صديق لهما استنتج في نهاية كلامه أن عاطفة المجرم مرتبطة بكيفية استقباله من لدن أهله ومحيطه بعد خروجه من السجن. ذو ضمير «لو أتيحت لي الفرصة مرة أخرى فسأفعل الشيء نفسه» بهذه العبارات نفى بوسمة أن يكون نادما عن قتله 11 مشردا وعجوزا في العاصمة الرباط . فالضمير يراقب العقل ويحاسبه على أي توجه نحو إشباع النزعات البدائية بما في ذلك السلوك الإجرامي، ويترتب عن هذه المحاسبة التي غالبا ما تتم بشكل تلقائي قصد استعادة التوازن الذي أخل به الوقوع في المحظور. فمنير أحس بندم على ما فعله حتى قبل أن تصل قضية اغتصابه لفتاة إلى المحكمة. بينما جمال، الذي قتل أحد أصدقائه خطأ، أقر أنه شعر بألم لبضعة شهور بعد الحادث ولا يزال يلازمه إلى اليوم لكن على نحو أقل حدة من أيام السجن. بعض المجرمين لا يتحملون تأنيب الضمير، فينتهي بهم الأمر إما منتحرين، مثلما وقع لمحمد زويتة الذي قتل عشيقته وصديقا له، أو نزلاء في مستشفى للأمراض العقلية، وهذا شأن الكثير من الناس الذين لم يستطيعوا تَحمل صدمة تحولهم في رمشة عين إلى مجرمين. أناني قدرة المجرمين على فعل أي شيء مهما كانت خطورته على الآخرين في سبيل الحفاظ على حياتهم، تدفع إلى القطع بأنانيتهم. لكن منير، الذي واجهته ضحيته بالأنانية وكونه لا يفكر إلا في نفسه في الوقت الذي كان يخططان فيه معا للزواج، أكد أن الكثير من المجرمين يوثرون غيرهم على أنفسهم ويقدمون مصالح الآخرين على مصالحهم. فارتكابه الجريمة، حسب جمال، لا يعني إلا دفاعا عن النفس أضر بالطرف الآخر دون أن يفيد المجرم بالضرورة. «المجرم الحقيقي لا يهاب الموت، لأنه يواجه مشاكل أخرى أكثر إيلاما من الموت نفسه» يقول منير، قبل أن يستدرك ويؤكد أن هذا ما خلص إليه من تجربة السجن. مشاكل مكتوبة برموز لا يعرف فك شفراتها إلا المتهمون بكونهم مجرمين في أعين غيرهم. «كيف يمكن لأي شخص ألا يكون أنانيا محبا للذات بإفراط في محيط يتهمه بالإجرام، ويرفض أن يعامله بطريقة أخرى غير النبذ والتهميش» يقول أحد أصدقاء منير وجمال الذي يكتري معهما غرفة في البرنوصي بالدار البيضاء. فلماذا سلم بولوحوش نفسه في الرباط بعدما علم بأمر تعرض أسرته لمضايقات مستمرة على خلفية فراره من العدالة؟ غير متعلم كفاية صحيح أن المستوى التعليمي لمعظم المجرمين يكون متواضعا، إن لم يكن في بعض الأحيان منعدما، غير أن هذا لا ينفي وجود مجرمين ذوي شهادات جامعية. «كان معنا في السجن مجازون وآخرون أميون» يقول منير الذي فصل من المدرسة في آخر سنة من التعليم الأساسي. أما جمال فيقلل من أهمية التعلم في الإقدام على الجريمة، مؤكدا أن الوعي هو الذي يتحكم في كل شيء، فأن يكون الإنسان أميا لا يعني بالضرورة أنه ليس واعيا والعكس صحيح. فما سماه العالم الإيطالي، لومبروزو الذي يعد من رواد علم الإجرام، بالمجرم السياسي هو شخص يقدم على اقتراف الجريمة منتهكا بذلك القوانين التي طالما نادى بتطبيقها وأحيانا يكون مشاركا في صياغتها، وخارجا عن الأعراف الاجتماعية التي لا يتردد السياسيون في التغني بها في مهرجاناتهم الخطابية وخرجاتهم الإعلامية. وعموما، فالأميون وذوو المستويات التعليمية المتواضعة هم الأكثر قابلية لولوج عالم الجريمة، دون التقليل من أهمية الجرائم التي ارتكبها المتمتعون بمستوى تعليمي أرقى. صفات فيزيولوجية يجزم عبد اللطيف فيلق بعدم وجود أي علاقة بين الصفات الفيزيولوجية والجريمة، مشيرا إلى أن أطروحة وجود علاقة بينهما كانت سائدة في القرن التاسع عشر قبل أن يتم تجاوزها تدريجيا. فالمجرم يتميز، حسب لومبروزو، بملامح عضوية «شاذة» تذكر بالإنسان البدائي من قبيل صغر الجمجمة وطول الذراعين وضخامة الكتفين وشذوذ في تركيب الأسنان مع قدرة كبيرة على تحمل الألم. ومن طرائف هذه الأطروحة قولها إن السارق يعرف من خلال حركة غير عادية لعينيه وصغر مثير لحجمهما مع انخفاض الحاجبين وكثافة شعرهما وضخامة الأنف، وأنه غالبا ما يكون أشول. ويؤكد فيلق أن هذه الصفات أصبحت متجاوزة، حيث يمكن أن نجد مجرما وسيما بربطة عنق أنيقة وله من الهيبة ما يصرف عنه الأنظار إلى غيره من المجرمين الذين لا يعتنون بأنفسهم مثله. بعض أخطر المجرمين في تاريخ المغرب الحاج ثابت.. آخر مجرم أُعدم في المغرب حكم على الحاج ثابت في مارس 1993 بالإعدام رميا بالرصاص من أجل تهم الاغتصاب وافتضاض بكارة العذارى والتحريض والاختطاف والهجوم على أزيد من 1600 امرأة وفتاة على مدى ثلاث سنوات، رغم أنه كان متزوجا بامرأتين وله 5 أبناء، مستغلا في ذلك نفوذه ومستفيدا من تستر السلطات الأمنية على ما يفعل. وقد عثر في شقته الكائنة بشارع عبد الله بن ياسين بالدار البيضاء على قرابة 118 شريط فيديو عدت دليلا على صحة ما نسب إليه، رغم إنكاره المستمر حيث أعدم بعد خمسة أشهر من النطق بالحكم. محمد زويتة.. القاتل اللغز قتل عشيقته وصديقا له سنة 2003. جزأ جسديهما إلى أشلاء، ثم وضعها في علب كارتون قبل أن يضع أشلاء جثة العشيقة في شارع الروداني بالدار البيضاء، وتلك التي تعود للصديق في حي المعاريف غير بعيد عن المكان الأول. كلتا الضحيتين قُطعت أصابعهما مما جعل الكشف عن هويتهما أمرا مستعصيا. ركز المحققون على كون العلب التي وضعت فيها الأشلاء تعود إلى شركة واحدة متخصصة في صنع علب الرسائل. وعليه، انصب البحث على كل الذين بإمكانهم أن يحصلوا على هذه العلب. لما استجوب زويتة، بصفته بواب إحدى العمارات التي زودتها الشركة بعلب الرسائل أياما قبل العثور على الجثتين، ادعى أنه أعطى العلب لأصدقاء له نزولا عند طلبهم، لكن الأصدقاء المعنيين أنكروا ذلك أمامه. أحس بأن أصابع الاتهام موجهة إليه، فانتحر لينكشف أنه كان يوهم المحيطين به أن صديقه سافر سرا إلى إسبانيا في وقت هجرته فيه عشيقته ورحلت إلى أكادير. نينجا الحي المحمدي.. المجرم بالصدفة كان راكبا دراجته في خريف 1992، حين أوقفه شرطي وطلب منه 50 درهما للسماح له بالمرور. استشاط نينجا غضبا واستل مسدس الشرطي في غفلة من هذا الأخير قبل أن يوجه له ضربة أردته قتيلا. أسابيع بعد ذلك، سيقتل شرطيا آخر بعين السبع قبل أن يذيع صيته في مختلف أحياء المدينة بعد تعدد خرجاته الليلية التي أكسبته لقب «النينجا»، حيث هاجم شخصين في الحي الحسني وسلبهما 1600 درهم. حكم عليه بالإعدام، علما أن اختباءه لمدة طويلة جعل بعض عناصر الشرطة في البرنوصي لا يتعرفون عليه منذ الوهلة الأولى عندما تقدم لإحدى مصالح الشرطة بهذا الحي. بوسمة.. مرعب مشردي العاصمة قتل 12 مشردا بمن فيهم عجوز اغتصبها قبل أن يقضي عليها بالطريقة نفسها: كان يوجه ضربة قاضية إلى رؤوس ضحاياه. ظل بعيدا عن الشبهات لكون تقرير الطبيب الشرعي يشير في كل مرة إلى أن الموت ناجم عن انزلاق مميت في الشارع، خاصة وأن الضحايا لا مأوى لهم. لكن شاهد عيان سيراه لحظة إجهازه على ضحيته الثانية عشرة، مما ساعد السلطات الأمنية على رسم صورة تقريبية له، وزعت في كل أرجاء العاصمة الرباط. «لقد قتلتهم من أجل لقمة العيش» بهذه العبارات برر عبد العالي عامر، الاسم الحقيقي لبوسمة، قتله لضحاياه، مؤكدا أنه سيفعل الشيء نفسه، لو أتيحت له الفرصة مرة أخرى. فهذا الجندي السابق في العيون، المكناسي الأصل، طردته عائلته، ولم يجد سوى أخته التي ساعدته على اقتناء عربة استعملها في التجارة. لكنه سرعان ما خسر عربته قبل أن يفقد أخته التي عجل السرطان بوفاتها، وبالتالي تشريده. في 2004، قتل متسعكا في مقبرة الرباط بعد أن وجه له ضربة مميتة في رأسه بواسطة حجرة أصبحت سلاحه فيما بعد وسلبه 60 درهما. وهكذا توالت جرائمه بالطريقة نفسها وبالأداة ذاتها. بولوحوش.. روبن هود المغربي كان محمد عزو، وهو الاسم الحقيقي لبولوحوش، مولعا بالصيد حيث كان يوزع في كل مساء ما اصطاده على فقراء «دواره» الواقع بين أزرو وإفران . لما بلغ السابعة والعشرين من العمر حكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذة بتهمة السرقة. خرج من السجن شخصا آخر، فاستدعاه دركيون، وطلبوا منه أن يكون مخبرا لهم، لكنه رفض. في 1996 تحول حفل زفاف أخيه إلى مأساة بعد تدخل الدرك بدعوى البحث عن أسلحة مسروقة، فترك بولوحوش «الدوار» لاجئا إلى منطقة كتامة، حيث علم أن أسرته طردت من منزلها. قرر بعد حصوله على مسدس أن يجعل من الغابة منطقة محظور ولوجها على غيره. وفي تلك الأثناء كان في الغابة نفسها مجرم آخر يدعى إدريس أمخشوم الذي كان يغتصب النساء وتهاجم عصابته قطعان الماشية. رفض بولوحوش الانضمام إلى عصابة أمخشوم مفضلا التدخل لوحده مهاجما السياح الذين يزورون الغابة ليسلبهم بعض المال في الوقت الذي نسبت إليه جرائم كثيرة. ولما أوقف الدرك أسرته، توجه إلى وزارة الداخلية في الرباط حيث أشرف إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، شخصيا على استجوابه قبل أن يصدر في حقه حكم بالمؤبد. عبد الإله الحاضي.. سفاح تارودانت خرجت تارودانت عن طبيعتها الهادئة سنة 2004، على إثر العثور على بقايا عظام أطفال على ضفة واد بمدخل المدينة، وعلى بعد أمتار من هذه البقايا وجدت علبة سردين بها ورقة كتبت بها هذه الكلمات: «12 أكتوبر، الأسبوع 41، أديداس 55، الحاضي 2303، أديداس 5». ركز المحققون على المحطة الطرقية التي يبيع فيها الحاضي، المعروف بمعاملته الحسنة للأطفال، أكلات سريعة منذ سنوات، بعد تسجيل اختفاء عدد من القاصرين الذي كانوا يترددون عليها بكثرة. اعترف الحاضي عند توقيفه باستغلاله جنسيا لسبعة أطفال قبل أن يقتلهم، مبررا ذلك بما تعرض له من اغتصاب في شبابه من لدن 14 شخصا، مؤكدا أنه حاول التوقف عن جرائمه بعد قتله الضحية الأولى لكنه لم يستطع. مجينينا.. قاتل خير من مقتول في سنة 1991، قطع مجينينا رأس أحد خصومه ووضعه في كيس بلاستيكي قبل أن يودعه بنفسه لدى مصالح الدرك الملكي. لم تكن الضحية سوى حنفوزا الذي تشاجر معه مجينينا أكثر من مرة في السجن. ولما خرجا كان كل واحد منهما يعتقد أن الآخر يترقب الفرصة المناسبة للإجهاز على غريمه. الخنفوري.. مرهب الغرب ابتدأ مساره الإجرامي في السجن المركزي بالقنيطرة أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث قتل زميله في الزنزانة وأتبعه سجانا قبل أن يلوذ بالفرار رفقة سجين آخر. كان يهاجم الأعراس ليشتت شمل الحاضرين ويغتصب العرائس، بل إن عصابته كانت تفرض على الملاكين الكبار للأراضي إتاوات يدفعونها دون تأخير، زيادة على تنظيم نقط أمنية في الطرق الثانوية ليسلب المسافرين والمارين ممتلكاتهم. كما قتل دركيين حاصراه في حقل لقصب السكر ما بين القنيطرة وسيدي قاسم. لكنه سرعان ما وقع في قبضة الأمن لتنطلق بعدها الاحتفالات في الغرب بمناسبة الحكم عليه بالإعدام.