عرف المغرب خلال الفترة الأخيرة تطورات سياسية مهمة ومتلاحقة ساهم الحراك السياسي والاجتماعي الذي يعرفه العالم العربي في إفرازها، حيث بدأت مع تأسيس حركة 20 فبراير التي انتقلت من حركة شبابية افتراضية بالفايسبوك إلى حركة جماهيرية شعبية تحمل مطالب سياسية واجتماعية واقتصادية حددتها الأرضية التأسيسية للحركة في عشرين مطلبا، حيث ناضلت بأسلوب احتجاجي ترافعي، من خلال تشكيل قوى ضغط على صناع القرار سواء العمومي أو السياسي أو المدني ، بشكل متحضر مؤسس على الاحتجاج والتظاهر السلمي من أجل التغيير الديمقراطي، و قد نتج عن هذا الحراك المغربي، الخطاب الملكي يوم 9 مارس الذي أعلن عن البدء في مراجعة الدستور و فتح الباب أمام إصلاحات دستورية جديدة توجت باستفتاء الفاتح من يوليوز 2011 . لم يكن الاستفتاء الدستوري هو النتيجة الوحيدة لحراك الشارع المغربي، بل شهد المغرب إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها يوم 25 نونبر 2011 جعلت قوى أصولية ومحافظة في مقدمة المشهد السياسي المغربي. وقد بينت فترة ما بعد إقرار الدستور و الأجواء التي مرت فيها الحملة الانتخابية و يوم الاقتراع في إبراز أن كل الشعارات الرنانة و الخطابات التي كان يروج لها النظام السياسي رسميا و إعلاميا حول التنزيل الديمقراطي للدستور على أرض الواقع ومحاربة الفساد السياسي والإداري ماهي إلا شعارات مزيفة هدفها إسكات صوت القوى الديمقراطية التقدمية التي كانت في طليعة المدافعين عن الإصلاح السياسي و الدستوري بالمغرب، و ضخ جرعات من الأوهام للجماهير الشعبية التي خرجت في مسيرات حركة 20 فبراير مطالبة بالكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية ، حيث عرفت الانتخابات الأخيرة تجاوزات و تدخلات للدولة و أعوانها أثناء الحملة الانتخابية و يوم الإقتراع، مما أعاد إلى أذهاننا ممارسات حزب الدولة السري وصنع أغلبية تحت عباءة الدين، وتشكيل تحالف حكومي هجين مكون من الاصوليين، واليمين المحافظ، وبعض المحسوبين على اليسار، وعودة التكنوقراط، و بقاء ما يسمى بوزارات السيادة، وضرب تمثيلية المرأة في الحكومة، في تراجع واضح عن المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية ونضالاتها من أجل تمثيلية مشرفة في مؤسسات الوطن . إضافة إلى التطورات السياسية المتلاحقة، فإن المغرب يعاني من أزمات اجتماعية و اقتصادية، تتجلى في توالي احتجاجات المعطلين والأطر العليا المحرومين من حقهم في الشغل ، و الإضرابات التي تعرفها قطاعات الوظيفة العمومية، وحالة الكساد الاقتصادي التي يعيشها المغرب وتزايد حجم الديون الخارجية وتشجيع الدولة لاقتصاد الريع والجمع بين المال و السلطة، و استفراد فئة قليلة بخيرات البلاد و بإمكانياتها الاقتصادية، وغياب سياسة عمومية اقتصادية و اجتماعية واضحة، لذا فكل هذه التطورات تنذر بوضع مأزوم ينتظر جماهير شعبنا المغربي . و انطلاقا من كون الشباب الاتحادي بالدارالبيضاء كان في طليعة الفاعلين السياسيين و المناضلين الذي ساهموا في تأسيس حركة 20 فبراير فكريا و ميدانيا و لعبوا دورا أساسيا في تأطير الشارع البيضاوي خلال مسيرات الحركة و في جل مراحل نضالها خلال 11 شهرا و في الدفاع أيضا عن مواقف الحزب و الانخراط في جل معاركه النضالية مع الجماهير الشعبية، فإن لجنة قضايا الشباب باعتبارها الإطار المؤسساتي الحزبي الذي يشتغل داخله الشباب الاتحادي و الناطق الرسمي باسمه و المعبر عن مواقفه السياسية تعلن للرأي العام البيضاوي و الوطني مايلي : 1 . وطنيا : * نحمل الدولة المسؤولية في الخروقات و التجاوزات التي شابت الانتخابات التشريعية الأخيرة من خلال تدخلها في التقطيع الانتخابي وإلاشراف المباشر على الانتخابات وحيادها السلبي تجاه استشراء المال الحرام ودعم أعوان السلطة لبعض المرشحين المفسدين وإخراج الأوراق الفريدة منها بجهة الدارالبيضاء الكبرى. * نندد بالخرق المتكرر لمقتضيات الدستور الجديد و الذي لم يرق إلى مطلب الملكية البرلمانية و الفصل الواضح للسلطات و الذي مازال يكرس استبداد النظام وسلطويته و استفراده بجميع السلطات إضافة إلى خرق التحالف الحكومي للدستور. * نتحفظ على الطريقة التي تم بها تشكيل الحكومة الجديدة و التي أبانت عن غياب استقلالية القرار السياسي للتحالف الحكومي الجديد أمام لوبيات الفساد السياسي. 2 . نحذر من أن ما يعرفه المغرب من تطورات سياسية متلاحقة و خطيرة و أزمة اقتصادية و حالة احتقان اجتماعي تلوح في الأفق ينذر بنشوب أزمة سياسية و اجتماعية ستتحمل الدولة مسؤوليتها 3 . محليا : * إن حالة البلوكاج التي يعرفها مجلس المدينة، يتحمل مسؤوليتها التحالف الرجعي الانتهازي ممثلا في الحزب الأصولي الحاكم والوافد الجديد ومن معهم الذين زكوا مظاهر الفساد وتبذير المال العام طوال كل السنوات الفارطة لولايتين متتاليتين، والذين ضربوا بعرض الحائط مصالح الجماهير البيضاوية في العيش في مستوى يليق بمدينة تعتبر عاصمة المغرب الاقتصادية. أمام مباركة الوزارة الوصية (وزارة الداخلية ) التي عجزت بشكل مقصود عن التدخل لحل حالة البلوكاج، مما يؤكد صحة ما قيل حول أن اختيار الفريق المسير لمجلس المدينة كان بتدخل من جهات و دوائر عليا بالمخزن . 4 . فيما يتعلق بحركة 20 فبراير : * يؤكد اتحاديو 20 فبراير بالدارالبيضاء اعتزازهم بكونهم كانوا في طليعة المكونات السياسية التي ساهمت في تأسيس حركة 20 فبراير و شاركت في مسيراتها و جموعها العامة و نقاشاتها السياسية و دافعوا باستماتة عن الخط الإصلاحي للحركة و مطالب أرضيتها السياسية و سقفها السياسي الملكية البرلمانية انسجاما مع مطالب الاصلاحات السياسية و الدستورية و الاجتماعية و الاقتصادية التي دافع عنها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طيلة تاريخه النضالي، و التي تعتبر جزءا أساسيا ضمن أجندته السياسية الاصلاحية ، و كانت حاضرة بقوة في جميع مقررات مؤتمرات الحزب خاصة المؤتمر الثالث سنة 1978 و الثامن سنة 2008 . * يسجل اتحاديو 20 فبراير الدارالبيضاء أن تنسيقية الدارالبيضاء عرفت في الفترة الأخيرة تطورات سلبية تجلت فيما وقع في عدد من الجموع العامة خاصة منها الجمع العام ليوم الأربعاء 28 دجنبر 2011 من تهريب للنقاش السياسي و اختلاق صراعات و مشادات كلامية و نقاشات هامشية و التغييب المقصود للنقاش السياسي الحقيقي و حالة الاستنزاف التنظيمي و البشري الذي تعيشه الحركة إضافة إلى التشرذم الواضح و غياب التنسيق بين مكوناتها و التحاق السلفيين بها، و أصبحت تتناسى أنها تحمل على عاتقها أمال التغيير الديمقراطي الحقيقي بالمغرب . * يعتز اتحاديو 20 فبراير بالدارالبيضاء بأن قراءتهم القبلية لمسار الحركة كانت صحيحة و تعبر عن بعد نظرهم وفهمهم الصحيح لآليات اشتغال حركة 20 فبراير باعتبارها حركة اجتماعية احتجاجية و هو ما عبر عنه بيان لجنة قضايا الشباب الصادر يوم 23 فبراير 2011 و التقرير التقييمي لمائة يوم من الحركة الذي قدم يوم 10 يونيو 2011 في اللقاء التقييمي للحركة، و هذا ما تجلى في فشل استراتيجية الأحياء الشعبية ، و غياب رؤية سياسية واضحة ، و التحول من حركة سياسية إلى حركة خبزية، و الإكتفاء بالفعل الاحتجاجي بدل التحول إلى قوة اقتراحية، مما استنزف طاقة الحركة . * يعبر اتحاديو 20 فبراير الدارالبيضاء عن أن ما تعرفه حركة 20 فبراير من انحرافات يقتضي منهم وقفة للتأمل العميق في مستقبل الحركة في علاقتها بالذات الاتحادية و القيام بالنقد الذاتي لمسارنا داخل الحركة ، و توضيح علاقتنا بها و بباقي مكوناتها السياسية . * يؤكد اتحاديو 20 فبراير تشبثهم بالروح الإصلاحية لحركة 20 فبراير و ضرورة عودتها إلى لحظتها التأسيسية ، و الحفاظ على فكرها النضالي الاصلاحي حتى تحقيق الملكية البرلمانية الحقيقية ، و دولة الحريات ، و الديمقراطية ، و الكرامة ، و العدالة الاجتماعية. 5 . حزبيا : * يثمن الشباب الاتحادي بالدارالبيضاء القرار التاريخي الذي اتخذه المجلس الوطني للحزب و المتعلق بعودة الحزب إلى صفوف المعارضة للدفاع عن قضايا الجماهير الشعبية . * نؤكد أن المعارضة تقتضي من الحزب إعادة بناء الأداة الحزبية السياسية و التنظيمية و الامتداد العضوي داخل المجتمع المغربي من جديد من خلال إعادة بناء القطاعات الحزبية و التواجد في الحركات الاجتماعية و النقابات و الجمعيات و القطاعات الشبيبية (القطاع الطلابي ، و التلاميذي) و ذلك لربط العلاقة من جديد مع القوات الشعبية التي تأسس الحزب للدفاع عنها . * ندعو إلى ضرورة عقد المؤتمر الثامن للشبيبة الاتحادية بشكل عاجل من أجل بلورة الخط السياسي و التنظيمي لمنظمتنا العتيدة تمهيدا لعودتها إلى مكانها الطبيعي و هو الحركة الشبابية التقدمية . * نعلن تشبثنا كشباب اتحادي مناضل داخل حزب القوات الشعبية بإعادة بناء تنظيماتنا الشبيبية و نقل الدينامية التي خلقناها داخل حركة 20 فبراير إلى تنظيماتنا من أجل بناء اتحاد اشتراكي جديد و شبيبة اتحادية لهما ارتباط عضوي بقضايا الجماهير الشعبية . نؤكد على أن شباب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالدارالبيضاء بإعتبارهم يشكلون استمرارية لأجيال الحركة الاتحادية الأصيلة و نضالات الشهداء المهدي و عمر و كرينة ، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مغرب الحرية و الكرامة و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، لن يتنازلوا عن الدفاع عن مطالب الجماهير الشعبية و حقها في التغيير الحقيقي من أجل مغرب أفضل و سيدافعون عن مطالب الإصلاح التي يريدها الشعب المغربي في جميع مواقعهم النضالية الحزبية و الجماهيرية خدمة لمشروعنا المجتمعي الحداثي . الارهاب لا يرهبنا و القتل لا يفنينا و قافلة التحرير تشق طريقها باصرار . الدارالبيضاء : 04 يناير 2012 . لجنة قضايا الشباب