حتى يحافظ أي نادي على حضوره في أذهان وذاكرة الأجيال القادمة، و من أجل الاحتفاء بنجومه ورجالاته، الذين رسموا مساره بالانجازات والبطولات و الألقاب، فإن لا خيار أمامه سوى جمع تاريخه وأرشيفه، وعرضه أمام أجياله المتلاحقة لربط الماضي بالحاضر. ومن الفرق التي صنعت تاريخ كرة القدم الوطنية، يقفز إلى الواجهة فريق المغرب الفاسي. فحسب المدير الإداري والناطق الرسمي باسم الماص، الأستاذ محمد النصيري، فإن قيمة الأرشيف في أي نادي أو مؤسسة يعتبر هو نقطة الانطلاقة لبناء المستقبل، ولوضع استراتيجية معينة، فهو بمثابة المرآة الخلفية التي تكشف المميزات الإيجابية والمبادرات السلبية، التي يمكن إصلاحها والاستفادة منها. مؤكدا على أن الأرشيف له أهمية بالغة في استحضار الماضي، ليكون شحنة للجيل الحاضر وبناء اختياراته. ومن هذا المنطلق يمكن أن نعتبر المغرب الفاسي واحدا من الفرق ذات الأرشيف الزاهر، سواء على المستوى الإنجازات التاريخية وما حققه رواده كمسيرين، لاعبين، مؤطرين و الشيء الذي يهديه الفريق للجيل الحاضر بكل أطباقه للتباهي بهذا الأرشيف أولا، وللاعتماد عليه لتحقيق الأهداف المستقبلية ثانيا. من حسن حظ المغرب الفاسي أن بعض رجالاته مازالوا يمارسون عطاءهم في مختلف المسؤوليات، الشيء الذي يسهل على الإدارة تجميع هذا الأرشيف وتبويبه وتنظيمه لنفض الغبار عنه. فجلسة مع رئيس المكتب المديري، الحارس الدولي حميد الهزاز، مثلا تساعدك من أجل استحضار هذا الأرشيف والوقوف على العديد من محطاته الكبيرة، كما أن دردشة قصيرة مع أعضاء المكتب المسير مثلا، عبد الحق المراكشي والرئيس السابق خالد بنوحود، تجعلك تقف على العديد من المحطات التاريخية البارزة للفريق العريق. أما إذا تجاوزت دائرة المسؤولين الحاليين، وطرقت باب من مروا بالفريق وتاريخه دون شك ستشفي غليلك عن طريق الرواية الشفوية، والوثائق والصور وهذه أشياء مهمة من أجل أرشيف الماص. للأسف فإن غياب ثقافة أرشيفية داخل النوادي والمؤسسات، التي تشرف على تدبير كرة القدم، راجع لسببين. أولهما موضوعي، ويتجلى في غياب مختصين في إعداد الأرشيف، وثانيهما ذاتي يتجلى في تكريس الأنانية والمصادرة، التي تغزو بعض النفوس عندما تتقلد منصب المسؤولية، وتحمل معها كل شيء عندما تغادر المسؤولية وكأنها تحمل معطفها الشخصي، دون مراعاة تاريخ الجمعية أو المؤسسة أو مستقبلها، ولعل هذه الثقافة توضح بكل بساطة غياب المتاحف والخزانات الثقافية المتعددة المهام وكذلك غياب الاهتمام بالتوثيق والبحث، والاهتمام بالأرشيف، وليس الأرشيف الجامد الذي تأكله عوامل الزمن ورطوبة المناخ. الفكرة حاضرة لدى إدارة النادي من أجل العمل في عمق لإحياء هذا الأرشيف، وزرع الروح فيه ليكون حاضرا لنشر الأمل ويتكلم بلغة المستقبل لدى عشاق المغرب الفاسي. ويؤكد رئيس المكتب المديري، حميد الهزاز، أنه رفقة بعض الأعضاء، وعلى امتداد ثلاث سنوات، عملوا على جمع كل ما يهم تاريخ المغرب الفاسي بجميع فروعه، وعلى وجه الخصوص فرع كرة القدم، و«انطلقنا بالتنقيب على تاريخ الماص منذ التأسيس سنة 1946». كانت البداية بأرشيف الصور من خلال المحطات التاريخية، ثم الصور التي لها دلالاتها التاريخية والرمزية، بعد ذلك جمعنا صور كل الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير المغرب الفاسي منذ التأسيس إلى اليوم، وعملنا على جمع صور كل التشكيلات التي لعبت ومثلت المغرب الفاسي، سواء بالبطولة الوطنية أو الاقصائيات الإفريقية والعربية، ثم هناك صور تاريخية تشمل المناسبات النادرة، التي تواجد فيها الفريق بين أيادي جلالة الملك المغفور له محمد الخامس والمرحوم الحسن الثاني وبعدهما جلالة محمد السادس والأمير مولاي رشيد. من جهة أخرى، خصصنا مكانا خاصا للاعبين الدوليين الذين حملوا قميص المغرب الفاسي والمنتخب الوطني، بالإضافة إلى كل الأطر التقنية التي دربت المغرب الفاسي من سنة 1946 إلى 2011، وعملنا على البحث عن الكؤوس سواء في اللقاءات الرسمية أو الودية وأيضا الميداليات والشعارات التي تهم تاريخ المغرب الفاسي. بكل صراحة وجدت صعوبة كبيرة في ذلك، حيث أن هناك أرشيفا أجمل لدى اللاعبين القدماء، حيث أعمل على جمعه من أقمصة لها تاريخها وكرات وشواهد ومازالت المجهودات مبذولة من طرف المكتب المديري لأرشفة كل تراث المغرب الرياضي الفاسي». وأضاف الهزاز أنه تم خلق مواقع خاصة لجميع الفروع بالصور والتسجيلات الصوتية والأشرطة، التي سجلت لحوارات للاعبين، إن على مستوى الإذاعة أوالتلفزة، وكذلك نعمل على جمع البرامج التلفويونية والإذاعية الأخيرة بعد فوز الماص بكأس الاتحاد الإفريقي وكأس العرش. كما نتوفر داخل خزانة المكتب المديري على مقابلات المغرب الفاسي للبطولة الوطنية من سنة 1970 إلى 1996، ونعمل جاهدين على حيازة باقي المقابلات الأخرى، وهي موجودة لدى اللاعبين وأعضاء المكاتب المسيرة التي تعاقبت على تسيير الماص، وكذلك لدى العديد من المحبين، كما نتوفر على جميع التشكيلات ونتائج المقابلات من سنة 1970 حتى الآن من خلال أوراق التحكيم، التي تملأ قبل المقابلة، وأشكر الكاتب العام محمد عمار على هذا الأرشيف التاريخي الذي يعد اليوم مرجعا تاريخيا للفريق. نحن بصدد تجميع أكبر عدد ممكن من المقالات الصحافية التي تطرقت للماص أو حوارات مع اللاعبين والمدربين وتغطيات المقابلات.» ويأمل الهزاز تطوير فريق المغرب الفاسي على جميع المستويات، حيث «نعمل على استغلال ستة هكتارات من أجل بناء مركب رياضي خاص بالمغرب الفاسي، ولدينا مشروع يليق بتاريخ وحجم المغرب الفاسي، حيث سيكون لكل فرع ملعبه وكذا متحف بكل ما للكلمة من معنى، متحف على الطراز الأوروبي نضع فيه تاريخ النادي، كما ننصب على جلب كل ما يتواجد لدى أسرة الرئيس المؤسس المرحوم إدريس بنزاكور وأسرة المرحوم شاكر بنعمر.»