بعد قرن من ميلاده ،أصبح نجيب محفوظ جزءا من تاريخ الانسانية، ورمزا لمصر،لا ينكره إلا جاهل , خرج المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية فى لقائه مع قناة النهار وقال, إن أدب نجيب محفوظ يشجع على الرذيلة وتم خلال أماكن شرب الخمر وبيوت الدعارة وان رواية أولاد حارتنا رواية فلسفية فيها بعد الحادي و أنة ضد نجيب محفوظ وسيعرض ادب الإلحاد على مجمع البحوث الاسلامية التى يجب على الدولة أن تلغيه . لكن الاديب نجيب محفوظ قال في حوار أجرته معه مجلة دير شبيجل الالمانية عام 2006 هناك فعلا من يرفض مبدأ الدولة العلمانية نظرا لأنهم يربطون بين العلمانية والإلحاد أو حتي يساوون بين العلمانية والعداء الديني? ومرجع ذلك هو عدم فهمهم الصحيح للأمر, ويجب أن نشير ايضا إلى أن هناك أقلية تحاول أن تشيع الانطباع بأن النظام العلماني يعني اعلان الحرب على الدين,وطبعا هذا هراء, وهؤلاء هم اشخاص لايريدون حوارا رغم ان الحوار هو المفتاح لحل كافة المشاكل . ويستمر مسلسل التكفير والإلحاد للأدب والإبداع, لأن هناك من يريد أن يقحم فكره ورأيه فيما لايعلم فيحول جهله الى نقمه عليه وعلى مجتمعه رغم أن فى الجهل نعمة, فهناك قاعدة فقهية تقول «من قال الله اعلم فقد أفتى « ربما الشحات لايعرفها , لكن لعنة نجيب محفوظ كانت له بالمرصاد فبعد أن تحدث بثقة عضو البرلمان جاءت نتيجة إعادة الانتخابات لتعلن سقوطه . ففي البداية يقول الدكتور جابر عصفور, وزير الثقافة الأسبق , إن نجيب محفوظ اديب عالمى كتب عن أدبه أكثر من 100 كتاب وآلاف المقالات والذي ربما لايعرفه الشحات إن الذي كتب مقدمة « أولاد حارتنا « هو د.احمد كمال ابوالمجد عضو مجمع البحوث الإسلامية . وهناك كتاب كامل بعنوان « الإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ» للكاتب محمد حسن عبد الله يتناول فيه الجوانب الاسلامية لأدب نجيب محفوظ وهناك ثناء سيد قطب المفكر الاسلامى على رواية خان الخليلى فى كتابه كتب وشخصيات الذى قال فيها «احاول ان اتحفظ فى الثناء على هذه القصة فتغلبنى حماسة قاهرة لها، وفرح جارف بها! هذا هو الحق، أطالع به القارئ من اول سطر، لأستعين بكشفه على رد جماح هذه الحماسة، والعودة الى هدوء الناقد واتزانه.» واضاف ان الشحات لو قرأ فى كتب التراث سيجد فيها مالم يستطع أن يكتبه فى مجلة او لقاء تليفزيونى, فهناك باب كامل للنكاح وأدب النكاح فليس ذنب محفوظ ان هناك جاهل لايعرفه. وأكد عصفور أن هذا الموقف ليس جديدا ضد نجيب محفوظ وأدبه, فتعرض محفوظ لعملية على يد أحد الإرهابيين من أعضاء العصابات الإسلاميه فى مصر من الذين أغضبتهم روايته «أولاد حارتنا»وذلك في أكتوبر 1994لكن للآسف ذاكرتنا الثقافية والعامة ضعيفة ونسيت ذلك وهو ما كتبه الاديب الكبير فى اول سطر فى اولاد حارتنا وقال « آفة حارتنا النسيان « واضاف عصفور ان الأدب سوف يظل يكتب وسيظل الابداع ولم يرهب الادباء أي تضييق مهما كان. واشار الروائى يوسف القعيد انه لا تكمن الخطورة فيما قاله عبد المنعم الشحات عن نجيب محفوظ. ولكن الأخطر ما لم يقله الشحات وغيره من السلفيين وما لم نسمعه بعد من الإخوان المسلمين عن الأدب والفن والإبداع. وما قاله الشحات يمكن نظره أمام القضاء, اما الابداع الادبى فلايحاسب بالدين على الاطلاق ولكن نحاسب الادب بالادب. واضاف : باعتبار أننا نعيش حالة إعادة إنتاج لما كان. فكما كان الرئيس السابق يعتبر أن رئيس ديوانه هو البرلماني الأول والمعارض الأول في زمنه. قد تلعب جماعات السلفيين دور الفزاعة التي يستخدمها الإخوان لإخافة المصريين. حتي نستمع لهم فنقول: الإخوان أرحم. هذا قد يحدث في الفضاء المصري. أما داخل البرلمان فربما لعب السلفيون دور المعارضين للإخوان حتي يتحقق له المثل المصري الذي يقول: زيتنا في دقيقنا. وما قاله الشحات يعني أن أزمنة التفتيش في الضمائر قادمة. والرقابات ستكون موجودة في كل مكان واكد القعيد انه بذلك ينتظر الأدب والفن وحضارة وتاريخ مصر وآثارها فترة ظلام مثل الدعوة لتحطيم الآثار المصرية. فقد تكلم أحدهم عن السياحة الصالحة. وتكلم آخر عن السياحة الإسلامية. وقال ثالث إن من يكتب رواية عليه أن يتوجه بها لمجمع البحوث الإسلامية حتي يحصل على الموافقة على نشرها دون ان يعلم ان الرفض نوع من الانتحار لن تدفع ثمنه سوى مصر. وقال لا أعتقد أن المطلوب من جماعة المثقفين الانتظار حتي نصل لساعة الحسم. لا بد من تحرك استباقي يدافع عن حقوق المبدعين المصريين من كل الاتجاهات وجميع الفصائل في حرية الإبداع غير المشروطة ,لأن الانتظار ضار وترك المعركة لهم قد يوفر نصف النصر لمن يقومون بها الآن حتي قبل أن يصبحوا في موقع مركزي عليهم أن يستعدوا له وأن يتثقفوا حتي يصبحوا أهلاً لهذا الدور. وأكد على ان الانحناء للعاصفة انتحار جماعي. فنحن بصدد هدير حماقات المنتصرين التي يمكن أن تغطي حتي على مرارات المهزومين. واوضح الكاتب صلاح عيسى ان ادعاء شحاتة لايحتاج الى تكذيب وانما هى اقرب الى تعليقات على غير علم فهو من الواضح استقى معرفته بنجيب محفوظ من خلال الافلام التى شاهدها ولم يقرأ رواياته, بل لم يقرأ فى الادب العربى اصلا. واضاف انه لو قرأ فى كتب الفقه لوجد فيها من الالفاظ والعبارات التى لم تتضمنها روايات محفوظ, فكيف يصف أدبه بأنه يدعو الى الرذيلة . واشار ماهى قيمة عبد المنعم الشحات مقارنة بنجيب محفوظ المحلية والعالمية. ولماذا يتكلم فيما ليس به علم, فهو ليس بأديب اوناقد وانما مهندس عليه ان يتحدث فى مجاله ويترك الأدب للأدباء . واشار محمد سلماوى , رئيس اتحاد الكتاب , الى ان مؤلفات الاديب الكبير نجيب محفوظ بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر, لذلك استحق ان يحصد العديد من الجوائز لعل اهمها جائزة نوبل. واضاف ان اتحاد الكتاب سيعقد مؤتمرا عالميا خلال هذا الشهر تكريما للاديب نجيب محفوظ سيحضره ادباء من كل دول العالم لكى يكون خير رد لمثل هذه التفاهات التى تقال عنه . وأكد الروائي إبراهيم عبد المجيد في تعليقه على هذه التصريحات أن الشحات شخص مثير للشفقة وقال « كلما رأيته على الشاشة أشعر بالإشفاق عليه ويهيئ لي أنه قادم من ألف سنة علي بعير وجلس في مصر ليستريح، ولا يرى إلا أنه هناك حيث أتى ، لذلك لا أهتم بما يقول. و اعتبر الكاتب حمدي أبو جليل، الحائز على جائزة نجيب محفوظ في الرواية العربية، أن الشحات في تصريحاته يتبع الأولين في كل شىء، لاسيما في تشبثهم بالماضي وكره أي جديد ورفض أي شكل من أشكال الفكر والحياة. ولفت الروائي ياسر عبد اللطيف الحائز على جائزة الأدب أن حديث الشحات لا يحمل جديداً، فهو كلام يقال منذ أيام الشيخ عبد الحميد كشك، لكن خطورته مصدرها فى وصولهم البرلمان، الأمر الذي يذكرنا بما قام به أعضاء إسلاميون في دورات برلمانية سابقة تبنوا قضايا مماثلة كقضية وليمة لأعشاب البحر، والقضية التي عرفت بالروايات الثلاث. وتساءل عبد اللطيف، هل قامت الثورة لتضيف مزيدا من القيود؟ وهل انسحبت التيارات الديموقراطية خلف مسرحية الانتخابات البرلمانية، فساهمت بنفسها في وأد جانب كبير من الثورة؟. وشدد عبد اللطيف على أن مسألة حرية التعبير هي جزء من قضية الحريات بشكل عام، ومالم تستعد الثورة عافيتها، وفي الأيام القليلة المقبلة، ستستمر هذه المسرحية، وقد نتورط في حكومات فاشية لعقود مقبلة على أقل تقدير، وبمباركة كل الأطراف الدولية المتواطئة، ولا عزاء للحقوقيين والادباء والمثقفين. حامد ابو احمد الناقد الادبى قال انه لا بد أن نؤكد حقيقة بديهية، وهى أن محفوظ شخصيا فى رحاب مولاه، ولا يحتاج منا أى شىء على الإطلاق، وإنما نحن الذين فى أشد الحاجة إلى إبداع محفوظ وأدبه. ومن المعروف أن ثورة يناير العظيمة، لم تخرج من فراغ، وإنما جاءت بجهد وعمل وتضحيات وإبداع ونضال وكتابة أجيال عدة، ومن ضمن هؤلاء المبشرين بالثورة نجيب محفوظ، فأعماله الأدبية، وكتاباته المباشرة، كانت تدعونا للثورة على الظلم والقهر والطغيان، ومحفوظ من أكبر دعاة الديمقراطية فى عالمنا العربى، وهو من أشد المدافعين عن مبادئ حقوق الإنسان وكرامته. واشار الى انه لم يكتب من أجل الحصول على المال، أو الشهرة، أو المجد، أو إعجاب الناس به، أو غير ذلك من أسباب، فبدأ الكتابة فى زمن لا تدر فيه الكتابة أى أموال، واستمر لسنوات طوال يكتب دون أن يلتفت إليه النقاد، ودون أن يعرفه الناس، لكن كل هذا لم يعقه عن مواصلة عمله الإبداعى، فى إصرار ودأب وجد ومثابرة. فمحفوظ قيمة كبرى فى حياتنا المصرية، ولا يصح أبدا أن نتجاهل كل هذا الجمال والرقى، والإبداع والتحضر,فقال محفوظ فى ديوان النثر العربى «اعتبرت الأدب حياة لا مهنة، فحينما تعتبره مهنة لا تستطيع إلا ان تشغل بالك بالثمرة ، اما انا فقد حصرت اهتمامي في الانتاج نفسه ، وليس بما وراءه» .