يعتبر قطاع الزيتون من الركائز الأساسية للنشاط الفلاحي بجهة تادلة أزيلال؛ إذ يلعب دورا أساسيا سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي بما يدره على الفلاحين ومجموع المنتجين من مداخيل مالية، وتوفير ما يناهز 2 مليون يوم عمل سنويا وبخاصة في موسم الجني، وكذا مختلف العمليات الأخرى بما فيها التسويق، التصنيع والتحويل. هذا، وتمثل أشجار الزيتون بجهة تادلة أزيلال حوالي 60 بالمائة من الأشجار المثمرة بمساحة تقدر ب 61 ألف هكتار منها 70 بالمائة مسقية. كما يلعب هذا القطاع دورا اقتصاديا واجتماعيا مهما حيث يوفر ما يناهز 2 مليون عمل بالجهة ويساهم بنسبة تصل إلى 15 بالمائة من الإنتاج الوطني، أي ما يعادل 52460 طنا ، ومن المرتقب أن يصل إنتاج الزيتون خلال هذا الموسم (11/2012) لما مجموعه 60 ألف طن. وجدير بالذكر أن قطاع الزيتون بالمنطقة عرف تحولات هامة خلال السنوات الأخيرة همت أساسا توسيع المساحة المغروسة بوتيرة 1000هكتار سنويا مع إدخال أصناف جديدة وذلك بتوزيع مليون شتلة من الزيتون على الفلاحين خلال الأربع سنوات الأخيرة مدعمة من طرف الدولة ب 80 بالمائة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة المعاصر التقليدية وعصرنة قطاع التحويل حتى يتمكن من مسايرة متطلبات السوق في إطار المنافسة والعولمة. ورغم هذه التحولات، فإن هذا القطاع لايزال يعرف بعض العراقيل: تقنية، تحويلية وتنظيمية تحد من تنميته مثل :( ضعف العناية بشجرة الزيتون، هيمنة استغلاليات الزيتون الصغرى 75 بالمائة، عدم وجود شراكة وروابط بين المصنعين والفلاحين، ضعف تثمين المنتوج ثم كثرة المضاربين والوسطاء). ووعيا بالأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقطاع الزيتون، فقد وجب إعادة تأهيل القطاع حتى يلعب دوره المتميز ويواكب التحولات عبر تأهيل قدراته الإنتاجية وتحسين الجودة ليكون قادرا على مواجهة التنافسية والانفتاح. في هذا الصدد وضعت استراتيجية جديدة تستمد مشروعيتها من المخطط الجهوي للفلاحة، في إطار برنامج المغرب الأخضر يروم بالأساس الانتقال من رؤية تقليدية إلى مقاربة عصرية تهدف إلى تجديد نسيج الفاعلين بالقطاع وتشجيع الاستثمار الخاص حول نماذج مندمجة أثبتت نجاحها إن على الصعيد الدولي أو الوطني. هذا، وحظي قطاع الزيتون بالجهة بميزة خاصة في المخطط الجهوي الفلاحي، حيث اشتمل على 20 مشروعا لتنمية سلسلة الزيتون، أي حوالي 30 بالمائة من مجموع المشاريع المقترحة بالجهة تتوزع على دعامتين أساسيتين : الدعامة الأولى ( 10 مشاريع )، وهي دعامة ذات قيمة مضافة عالية ممولة من قبل مستثمرين حول نماذج جديدة للتجمع « المجمعون « «Agrégateurs «، ودعامة ثانية ( 10 مشاريع أيضا )، وهي زراعة اجتماعية باستثمارات ممولة من طرف الدولة تهدف إلى تحسين دخل المنتجين. وتستهدف هذه المشاريع 40 ألف منتج للزيتون ، فيما تقدر قيمة الاستثمار بهذا القطاع مابين 2009 2020 بحوالي561 مليون درهم. وقد أنجزت المديرية الجهوية لجهة تادلة أزيلال 8 مشاريع لزيتون خلال هذه السنة (5 مشاريع بالدعامة الأولى و 3 مشاريع بالدعامة الثانية)، أي ما يمثل 40 بالمائة من عدد المشاريع الاجمالية المقترحة. ومن بين هذه المشاريع التي تم إنجازها مشروع سيدي عيسى لتثمين منتوج الزيتون الذي حظي بتدشينه من طرف جلالة الملك أثناء زيارته للمنطقة في أبريل 2010 . ونظرا لنجاح هذا المشروع، قامت المديرية الجهوية للفلاحة ببرمجة 3 مشاريع في سنة 2011 ( مشروع لكل إقليم ) بقيمة إجمالية تفوق 11 مليون درهم؛ مشروع تثمين منتوج الزيتون بمنطقة الجبل / أزيلال، مشروع تثمين منتوج الزيتون بمنطقة الدير / بني ملال، ثم مشروع تثمين منتوج الزيتون بمنطقة السهل / الفقيه بن صالح، إضافة إلى توسيع مشروع سيدي عيسى وذلك باقتناء وحدة عصرية ثانية وكذا مشروع تنمية قطاع الزيتون بمنطقة الري الصغير والمتوسط. وفي سياق تفعيل مشاريع أخرى للتجميع « «Agrégation؛ كمشروع إنتاج وتثمين الزيتون أوليا كبيطال، المتواجد بإقليم الفقيه بن صالح دائرة بني عمير الذي حظي بتدشينه من طرف جلالة الملك يوم 19 أبريل 2011 لدى زيارته للإقليم، والتي توجت كما هو معلوم بتوقيع اتفاقية شراكة للتجميع مابين المجمع أوليا كبيطال ووكالة التنمية الفلاحية والمديرية الجهوية للفلاحة لتادلة أزيلال يوم 22 ماي 2009 . لأجل هذه الغاية، تم تنظيم يوم تواصلي من أجل تقديم وشرح عقدة التجميع التي تحدد التزامات المجمع أوليا كبيطال والفلاحين كمتجمعين، الهدف منها هو تحسين الإنتاج وضمان دخل الفلاحين مع تزويد المجمع بمنتوج جيد للزيتون قصد استخراج زيت الزيتون ذي جودة عالية توجه إلى الأسواق الوطنية والعالمية. هذا، وتوج هذا اليوم بتوقيع أربع (04) عقد للتجميع كبداية أولى بين المجمع ‹› أوليا كبيطال›› والفلاحين كمتجمعين وذلك في أفق تحسين وتثمين الإنتاج ومن ثم الرفع من مردودية الفلاح. هذا، ومع التزايد المستمر وكذا الطلب الداخلي والخارجي، فإن الاستهلاك الفردي لزيت الزيتون بالمغرب يبقى مع ذلك ضعيفا بالمقارنة مع دول أخرى متوسطية. ومما يزيد في تشجيع الاستثمار في هذا القطاع المهم، هو الاهتمام المتزايد لكبار المستثمرين بزراعة زيت الزيتون بالمنطقة( مغاربة وإسبان على الخصوص )، حيث يجدون فضاءات رحبة وشاسعة جد مشجعة لممارسة هذه الزراعة، هذا إضافة إلى وجود إمكانيات حقيقية للتصدير من خلال الانفتاح على الأسواق العالمية الأخرى وتنويعها ( دول آسيا نموذجا) ، بحيث تعتبر جودة زيت الزيتون البكر، التي هي بمثابة زيت طبيعية لتوفرها على القيم الغذائية والبيولوجية وكذا الخصائص العضوية للزيت، حيث أكدت أبحاث طبية حديثة دورها الشفائي ضد مرض انسداد الشرايين Athérosclérose . هذا، وللوصول إلى زيتون ممتاز، لا بد من الحفاظ على جميع الأصناف والسلسلات المعتمدة من ( مناخ، صنف ، ،تقليم وري... )، هذا دون أن ننسى أهمية التسميد ومن ضمنها الملح / الآزوت Azotes ) ) والفوسفور phosphore ، وذلك باحترام أقساط ومقادير كافية، بحيث تساهم في هيكلة وتقوية الشجرة، هذا بالإضافة إلى أهمية المواد العضوية ( matières organiques) التي تساهم في تغذية جذور الأشجار، دون أن ننسى كذلك إخضاع التربة وهذا شيء أساس مرة كل سبع سنوات لدى مختبرات الدولة أو الخاصة، مع إيلاء الأهمية القصوى كذلك لمراحل السقي التي يستوجب احترامها بشكل مرن وذلك بحسب فترات نمو الشجرة على مدار شهور السنة. وحتى يتأتى تطوير النمط الاستهلاكي لزيت الزيتون البكر، فلابد من تحسين جودة المنتوج مع تقليص فارق الثمن بالمقارنة مع زيوت البذور. ولن يحصل هذا إلا بزراعة أصناف زيتون غنية بالزيت وكذا تحسين الأساليب الفنية لزراعة الزيتون من أجل الرفع من الإنتاجية في الهكتار، وكذا تحسين نسبة الزيت المستخلصة في المعاصر. وتجدر الإشارة إلى أن جودة زيت الزيتون تبدأ عند غرس صنف معين منه، ثم تمتد لتشمل بعد ذلك، الأساليب الفنية المتبعة في الزراعة؛ طريقة وموعد قطف الثمار، الأشغال الأولية، مدة تخزين الزيتون بالمزرعة، ظروف نقل الثمار إلى المعصرة، مدة التخزين قبل التحويل ثم طريقة استخلاص الزيت. وهكذا تشبه جودة زيت الزيتون بسلسلة مكونة من مجموعة حلقات، إذا فقدت إحداها نتج عنه تكسير السلسلة بكاملها، ولعل التبكير في القطف ( زيتون أخضر ) يؤدي إلى نقص في كمية الزيت المستخرج ويجعل الزيت تتأكسد بسرعة نظرا لتوفرها على تركيزات عالية من اليخضور ( Chlorophylle ) التي تيسر الأكسدة الضوئية، كما أن الزيت المستخلصة من الزيتون الأخضر تكون عادة ناقصة من مركبات الفينول المضادة للأكسدة كالهدروكيسترول وحامض الكافييك، كما أن القطف في درجة نضج كاملة ( زيتون أسود ) يؤدي إلى الحصول على زيوت ذات نكهة ضعيفة وناقصة من مركبات الفينول المضادة للأكسدة، مع إمكانية زيادة في نسبة الحموضة، ثم إن التأخير الزائد في القطف يستنفد المدخرات الغذائية لأشجار الزيتون ويقوي حدة التناوب (( Alternance في الموسم التالي. لذا ينصح بالقطف في درجة نضج مثلى، من أجل الحصول على جودة عالية للمنتوج. على صعيد آخر، يطرح ماء الزيتون، المادة السائلة المتبقية بعد عصر عجينة الزيتون العديد من المشاكل البيئية، وتعتبر هذه المادة سامة للكائنات الدقيقة، وحتى يصبح ماء الزيتون بدون أضرار أو سموم ( Toxicité ) ولا يمثل أي خطر على النبات أوالحيوان وكذا الوسط الفلاحي. لذا وجب تخفيفه بالماء، ونظرا لكون هذا التخفيف جد معقد ويتطلب أحجاما كبيرة من الماء مادام أن تصفية ماء الزيتون المعمول بها حاليا مكلفة ماديا وفي غير متناول المعاصر . ومن ضمن هذه التقنيات نذكر؛ تركيزات حرارية، معالجات فيزيائية، كيماوية وبيولوجية. وهكذا، ففي منطقة تادلة نموذجا، يمكن معالجة ماء الزيتون بعملية تبخر بسيطة في حفر ترابية أو إسمنتية على شكل أحواض، وتعتبر هذه الطريقة البحيرية قليلة التكلفة، لكنها قد تكون مصدر التلوث البيئي وبخاصة أثناء تبخر ماء الزيتون.