«المعركة الأخيرة للقبطان نعمت»، رواية صدرت في مطلع السنة الجارية للكاتب والصحفي المغربي باللغة الفرنسية محمد لفتح، وذلك بعد غيابه المفجع، يوم 20 يوليوز 2008، في القاهرة حيث ظل يقيم منذ عام 2000. وإذا كان ابن سطات، المبدع في حقل الرواية مثلما هو مبدع في جنس القصة، قد بقي وفيا لدار النشر «لا ديفيرونس» التي أصدرت كل نصوصه السردية التي بلغ عددها، قيد حياته، ثمانية كتب، فإن روايته المنشورة بعد غيابه نالت، هذه السنة، الجائزة الأدبية الخاصة بفندق «المامونية» بمراكش في دورتها الثانية، وذلك بعد منافسة ضمت عشرة أعمال أدبية لروائيين مغاربة يكتبون باللغة الفرنسية. واعتبرت لجنة تحكيم الجائزة، التي ترأستها الروائية الفرنسية كريستين أوربان، بإجماع أعضائها أن رواية «المعركة الأخيرة للقبطان نعمت» عمل أدبي كبير يبرز مدى التمكن والبراعة في سرد الأحداث لمبدعها. منذ صدور الرواية في فرنسا، وحتى قبل فوزها بالجائزة الأدبية المذكورة، ظل القراء المغاربة الذين تمتعوا بأعمال لفتح السابقة، مثل «هوى» أو «آنسات نوميديا»، وانتبهوا إلى أسلوبه الراقي والاستثنائي، هو الذي شبهه النقد الفرنسي بجان جينيه، ظلوا يجوبون المكتبات بحثا عن نسخة من «المعركة الأخيرة للقبطان نعمت»... لكنهم ظلوا كذلك يصدمون بصقيع جواب واحد ووحيد: - «عفوا... الرواية غير متوفرة لدينا... لسبب بسيط يكمن في كونها لم توزع في المغرب!» رسميا، «المعركة الأخيرة للقبطان نعمت» ليست محظورة في المملكة السعيدة... لكن سيف الرقابة الخفي أعدم وجودها في رفوف المكتبات المغربية عمليا! هذا «المنع المقنع» جعل الكاتب عبد اللطيف اللعبي يبادر إلى صياغة مشروع عريضة استنكارية، ويقترحه للتوقيع على الكتاب والمثقفين المغاربة قبل نشره. ورد في العريضة-الإدانة التي ستوقعها بدون تردد العديد من أصوات المغرب الأدبية والفكرية أن رواية الراحل لفتح «منعدمة في مكتباتنا» منذ صدورها، وأن حصولها على الجائزة الأدبية للمامونية «لم يغير هذا الواقع». ثم يضيف النص-المشروع أن «الاستفسارات التي وجهت حول الموضوع إلى وزير الاتصال، من طرف العديد من وسائل الإعلام، ظلت بدون جواب». وبناء على هذه الحيثيات، فإن الاستنتاج الذي يفرض نفسه منطقيا، وفق العريضة، هو «أننا، في الواقع، أمام قرار بالحظر». مما يجعل موقعي البيان يعبرون عن استنكارهم لهذا الإجراء الذي يشكل «مسا خطيرا بحرية التعبير والفكر في بلدنا»، معتبرين إياه «احتقارا لذكاء القارئ المغربي ونهمه بالمعرفة». أجل، لن تمر المهزلة، ولن يصمت الكتاب والمثقفون المغاربة أمام مقصلة الحظر العملي التي تبتغي تغييب صوت لفتح بعد أن غيب الموت جسده وخجله... وعريضة عبد اللطيف اللعبي، التي ستتقاطر التوقيعات على عنوان صاحبها الإلكتروني، لن تكون سوى خطوة أولى... أما هروب البعض للاختفاء خلف اكتشاف الطيار المصري، بطل الرواية، لمثليته لتبرير منعها المقنع، فتلك ذريعة أكل الدهر عليها وشرب، كنا نعتقد أنها دفنت مع رفات الماضي... مثلها مثل ذريعة «الاهتمام بالقضايا الكبرى وليس ... بالأمور الثانوية!». عفوا، فالحظر العملي لعمل إبداعي ليس قضية ثانوية. وليس ثانويا كذلك وضع الكمامات على أقلام المبدعين بهدف مسخ الإبداع ليصبح مجرد نسخة مزيدة ومنقحة من بعضه البعض!