تعرض يوميا على المحاكم التجارية بالمغرب دعاوى للمطالبة بإفراغ الأصل التجاري متصدرا أحكاما ابتدائية وتليها أخرى استئنافية ثم النقض والاحالة كما هو الحال بالنسبة للقرار رقم 308 الصادر في 25 - 2 - 09 في الملف التجاري عدد 891 - 3 - 2 - 07 عن المجلس الأعلى بناء على القاعدة التالية: »لا يحق للمحكمة أن تقضي بالإفراغ من الأصل التجاري الذي يستغله المكتري في إطار التسيير الحر إلا بعد أن يثبت لها سبب من أسباب إنهاء العقد أو فسخه إن وقع طلبه«. في هذه القضية تقدم المدعي (A) بمقال للمحكمة التجارية بالبيضاء عرض فيه أن يملك مناصفة مع (B) الأصل التجاري المستغل بالمحل الكائن بالرقم (-) بالزنقة (-) بالبيضاء ذو السجل التجاري رقم 131558 ومارسا نشاطهما به لمدة عشر سنوات ثم اتفقا على قسمته إلى ثلاثة متاجر بواسطة فواصل خشبية حاز كل واحد منها متجرا بينما اتفقا على إسناد المتجر المتجر الثالث في إطار التسيير الحر إلى مورتهما (C) مقابل 30 درهم يوميا. المشكل أن المدعي لم يتوصل بنصيبه اليومي (15 درهما من أصل 30) منذ 1979 وهو ما جعله يتقدم بدعوى الأداء والقسمة للأصل التجاري عن طريق بيعه بالمزاد العلني. الحكم الابتدائي قضى برفض البيع وأكد قبول طلب الأداء محددا مبلغ 45,000 درهم عن المدة من يناير 1991 ملف رقم 687 - 96 بتاريخ 27 - 5 - 1999. الحكم الاستئنافي الصادر في 14 - 11 - 02 ملف عدد 2324 - 01 ألغى جزئيا الحكم الابتدائي وأذن ببيع الأصل التجاري. المدعى عليهم (C) دفعوا بكون الأمر يتعلق بكراء للمحل التجاري وليس شغلهم للأصل التجاري في إطار التسيير الحر فصدر ضدهم حكم ابتدائي قضى ضدهم بالأداء دون إفراغ والتعويض عن التماطل ضمن ملف التبليغ عدد 7657 - 03 فتم استئنافية فألغته محكمة الاستئناف وجددت الحكم بالإفراغ وأداء مبلغ 15,480 درهم عن المدة الجديدة من 1 - 1 - 05 إلى 31 - 5 - 06 مع الصائر وهو القرار المطعون فيه. المجلس الأعلى قضى بنقضه وإبطاله فيما يخص به بالنسبة للإفراغ وإحالة الملف على محكمة الاستئناف لتبت فيه من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وبتحميل المطلوب الصائر بناء على كون أن: »... محكمة الاستئناف لما عللت قرارها بكون المستأنف لا يملك العقار وإنما يملك فقط الأصل التجاري وأنه تصرف فقط فيما يملك، فإن ما تمسك به المستأنف عليهم من سبقية البت في العلاقة الكرائية لا يمكن أن يتصور بغيرما يملك المستأنف حق التصرف فيه وهو الأصل التجاري وهو عبارة عن منقول له حق التصرف فيه بالكراء والذي هو وجه للتسيير الحر واستجابة المحكمة لطلب الافراغ دون تبيان السبب المعتمدة عليه (الإنهاء أم الفسخ للإخلال بالالتزام) لم تجعل لما قضت به من أساس وعرضته للنقض«. كانت الجريمة قد أرخت بظلالها على حي السلامة 3، وكبر التساؤل حول معرفة ملابسات القضية، ولفك لغز قضية مستعصية قامت الشرطة الجنائية بإجراء تحريات ميدانية، شملت أول الأمر الجيران الذين أفادوا المصالح المختصة بأن المعنية كانت تقطن بمفردها وتتعاطى (القوادة) ولهذا الغرض كانت تتردد عليها مجموعة من النساء والرجال، وكان لها ثلاث صديقات، أخضعن بعدها إلى بحث معمق أفدن من خلاله أنهن يترددن على المعنية بالأمر من أجل ممارسة الفساد مع الزبائن الذين تحضرهم، كما أفدن بأن إحدى المومسات تتردد على المعنية بالأمر تدعى عزيزة المراكشية، هذه الأخيرة كانت تتردد عليها باستمرار من أجل ممارسة الفساد، فتم تركيز البحث على هذه الأخيرة، وتمت معرفة مسكنها، وهو درب الكبير زنقة 42، حيث انتقلت الفرقة لتتبين الأمر، ولكنهم وجدوا أنها رحلت من العنوان المذكور، وأفادهم الجيران بأنها تتعاطى الخمر والفساد والسرقة ومعروفة بسلوكها المشين، الشيء الذي عزز لدى الفرقة فرضية أنه لا يستبعد أن تكون المعنية هي مرتكبة الجريمة. لم يتوقف البحث عند هذا الحد، كان الجهد مضنيا، وتم الانتقال بعدها إلى درب الحجر بقرية الجماعة، ليتبين أن المعنية بالأمر قد سبق لها أن قطنت بأحد البيوت وارتحلت إلى وجهة مجهولة، لقد كانت عزيزة المراكشية متعددة الترحال، لا تستقر بمكان واحد، وبعد مواصلة التحريات، تم الاهتداء إلى إحدى بنات المعنية بالأمر بالحي المحمدي، مشروع الحسن الثاني، وبواسطتها تم الاهتداء إلى شقيقتها الأخرى، حيث أفادتا بأن والدتهما لا تملك سكنا قارا ومعروفة بتعاطيها للسرقة والسكر وكل أنواع المخدرات، وتتردد على بعض المقاهي بحي السلامة 3، وأنها تتصل بهما أحيانا عبر رقمها الهاتفي. ابتدأت خيوط الحكاية تتضح، كانت خديجة المراكشية، وهذا هو لقبها، »العزة العداد«، وهذا هو اسمها المدون في شهادة الميلاد، تبلغ من العمر 41 سنة، متزوجة، تركها زوجها واختفى عن الأنظار، ولها سبع بنات، وبتنسيق مع بنات الضحية، تم نصب كمين لها وتمكنت عناصر الأمن من إيقافها، وأخضعت لبحث معمق بعد مواجهتها بعدة قرائن، فاعترفت بتفاصيل الجريمة البشعة التي ارتكبتها في حق الضحية بالتاريخ المذكور، وبأنها لازالت تحتفظ ببعض لوازم الهالكة أخذتها معها بعد ارتكابها للجريمة الشنعاء، و على إثر ذلك تم الانتقال رفقتها... وتم حجز هاتف الضحية ومبلغ مالي لازالت تحتفظ به قدره 3000 درهم وملابس للهالكة. بعد أن اعترفت بجريمتها، روت المتهمة تفاصيلها، قالت إنه في ليلة الأربعاء، هاتفتها الهالكة من أجل قضاء ليلة مع أحد الزبائن، وبعد انصراف هذا الأخير، وفي اليوم الموالي، كانت تتواجد بالبيت وحدها مع الوسيطة، فطالبتها بإعطائها مبلغ (الليلة الماجنة)، الشيء الذي رفضته الهالكة، وهو الأمر الذي أجج غضب العاهرة التي اغتنمت فرصة تواجد الهالكة بالحمام، وفكرت في الانتقام منها، وقتلها بعد أن تماطلت في دفع أجرتها، ولما دعتها الهالكة إلى مساعدتها في الحمام، أخذت الجانية سكينا وأخفته تحت ملابسها، وفاجأتها بطعنات قاتلة، واستحمت بجانب جثتها، وغادرت المنزل يوم الخميس، وعادت يوم السبت واستولت على المال ولوازم أخرى. هكذا أسدل الستار على واحدة من جرائم الفساد الأخلاقي، بعد أسبوع متواصل من التحريات، تمكنت من خلاله الفرقة الجنائية بن امسيك سيدي عثمان من فك لغز جريمة اهتزت لها ساكنة حي السلامة 3، وقد تم تقديم الجانية إلى المحاكمة بتهمة جناية القتل العمد مع سبق الإصرار المقرون بالسرقة الموصوفة والفساد وإخفاء أشياء متحصل عليها من الجناية.