تأتي هذه المحاولة كخطوة في مسار عملية الجمع والتدوين والتوثيق، إنها حلقة أولى في سلسلة من عمليات التدوين للون معين من «الشعر الأمازيغي»، هو الشعر الحواري في منطقة سوس وهو إن شئنا شكل من أشكال شعر»النقائض» له خصوصياته التي تمنحه التفرد وتجعل منه تجربة مميزة. ويبقى الهدف من المحاولة هو تأسيس تراكم كمي سيشكل بدوره عبر التدوين أرضية خصبة للدراسة والتحليل لبلوغ تراكم نوعي يساير انتقال الثقافة الأمازيغية من ثقافة ذات هوية شفوية إلى ثقافة ذات هوية كتابية. من خلال استقراء أجزاء تنضامت سواء المتن المدون هنا- أو غيرها مما مر علينا أو حضرناه ،لاحظنا أن النظم في أسايس أسس لنفسه تقاليد تنبني عليها القصيدة ، وهي تبدأ باستهلال يمكن اعتباره مقدمة تقليدية وينتهي بخاتمة شعرية «تمسّوست» يعقبها رقص يصاحبه غناء أو ترديد للازمة . وكلاهما (المقدمة والخاتمة) لا يشكلان سوى نسبة ما بين 5 إلى 10 في المائة من مجموع القصيدة ليستأثر الموضوع الموضوعات الأساس بما تبقى من متنها . أ _ الاستهلال وهو تقليد لا تكاد قصيدة الحوار الشعري بأسايس تخلو منه ونلاحظ أنه يقوم على عنصرين متلازمين أحيانا وقد يأتي الشاعر بأحدهما فقط . وهما البسملة والتحية . البسملة : و تكون فاتحة الكلام وبها يتوسل أنضام إلى الله أن يعين ويحل عقدة من لسانه ليفقهوا قوله وفي نفس الوقت يفتح عقله ليستطيع فهم الرسائل التي سيتلقاها من غريمه أو غرمائه . وإذا كان ( التضرع و التوسل ) إلى الله هي السمة الغالبة في القصائد التي بين أيدينا فإن المحفوظ من شعر أسايس مليء بتلكم الاستهلالات التي يتوسل بها أنضام إلى الولي «الشيغ « أو الجن لكي يكون الملهم المعين . كما يثبت ذلك هذا الاستهلال المشهور أ لَْوليّا سّادات أ لْمْلوك ريخْ أوْكان تْحاضْرْم إيغْ ساولغْ وهو توسل أو نداء للأولياء ،السادة والملوك «ملوك الجن» باعتبارهم هم الملهمون والمعتمد عليهم في حل عقدة اللسان لنتذكر هنا مرحلة «العبور» واللجوء إلى الولي أو المغارة _ وهو ما يبرز البقايا المترسبة من الفكر الأسطوري الما قبل إسلامي الثاوي في الذاكرة الشعبية والتي تربط الإبداع «علم الكرش» بالغيبي من حيث كونه إلهاما من الولي أو الجن . فهذا الشاعر «حجوب» في حوار مع أحد فطاحل الشعر «بن زايدة» يقول : يا سيدي «محمد نايت حساين» أسلم للأرض التي يمشي فوقها كل أولادك ها أنا ذا أنادي كل «السادات» أينما وجدوا لتتضح الطريق أمامي و أعود بالبركة ( الخير)1 إلا أن الصحوة الدينية حاربت هذه الأفكار ليصبح هذا النوع من التعبير - الذي ليس إلا تقليدا- من الماضي . وما يثبت ذلك أننا لا نجد في المتن المجموع إشارة إلى هذا النوع من التوسل ، وإنما نجد من مثل أدعوك يا رب أن تجعل في كلامنا ملحا 2 أنت من بيده مصير كل ذي روح لتكن البذور صالحة حيثما نرميها (نزرعها ) نص 17 أجماع عبارة « باسم الله « كينبوع ، كل من قالها لن تعدم سواقيه مياها صافية إحيا ليكن اسم الرب بداية جمعنا ثم نتكلم نص 9 أجماع ها أنا ذا أيها الإله الواحد أدعوك و أنتظر ( عونك ) أنت من بيده ناصية كل من يشرب الماء نص 21 باسم الله ، به تبدأ أيها اللسان ونطلب من الله أن يكون الكلام موحدا نص 10 بك يا «باسم الله « أبدأ ثم أتحدث نص 14 ب التحية وإذا كانت البسملة والتوسل إلى الله قد عوضت التوسل للولي «الشيغ» فبموازاة ذلك عوضت التحية ما يسمى بعادة «التسليم» وهي أن « يسلم» الغريب الداخل إلى أرض أو قرية لأوليائها وأهلها ويكون متواضعا أمامهم غير مختال ولا متعجرف . إلا أن هذه الأخير لازالت تطفو وتبرز في كلام الشعراء بل وعامة الناس . إحيا دخلنا «التسليم» فابدأ يا لساني بكلامك السلام عليكم هو فرض فلنبدأ به على كل من حضر هذه المناسبة حيث أتواجد نص 11 أقول «ضيف الله» لكل الحضور ( لكل من يشاهدنا ) بعد هذا ، نبدأ «بتنقية» الشعر نص 19 ومن أمثلة التحية المصاحبة للبسملة قول أجماع باسم الله دخلنا أرض محبة قائلا «ضيف الله» لساكنيها ولكل من جاء ليحضر هذا الفرح « العرس « فلتصاحبه السلامة حين جاء وحين يعود نص 23 1 - ابراهيم أوبلا «تاسكلا ن -تمازغا «ص :86 2 _ كلام به ملح : يقصد به السوسي حين يكون الكلام مقبولا وليس فيه ما يشينه