طوال أكثر من أربعين سنة، لم يتمكن الليبيون من التوفر على قطارات تسير على خطوط حديدية كوسيلة للسفر المريح عبر المسافات الطويلة التي تفصل ما بين الحدود مع مصر والحدود مع تونس وما بين شواطئ البحر الأبيض المتوسط والجنوب. ولو اقتنع المسؤولون الليبيون، منذ ثورة الفاتح بأهمية دور السكة الحديدية في المواصلات والحياة الاجتماعية والاقتصادية، لكانوا قد شيدوا خطوطا لنقل المسافرين والسلع لأن الوسائل المالية توفرت لهم والحمد لله لتحقيق هذا الإنجاز. والحقيقة هي أن ليبيا لا تتوفر لحد الآن على قطارات تسير على خطوط حديدية رغم أن الأشقاء في ليبيا أبرموا اتفاقية مع شركات أجنبية في هذا الموضوع وهي اتفاقية ظلت حبرا على ورق، والذين يعرفون ليبيا إما من خلال أخبارها اليومية أو سبق لهم أن زاروا القطر الشقيق، لا علم لهم بوجود قطارات. ولو كان للأشقاء الخطوط الحديدية، لما اضطرت التلفزة الجزائرية، أن تصل إلى هذه الدرجة من الوقاحة الإعلامية والافتراءات المكشوفة، عندما بثت منذ أسبوع صورة لحادثة قطار، وقعت في اليونان، على أساس أنه قطار كان يتحرك على السكة الحديدية في ليبيا، تعرض للقصف في إحدى غارات سلاح طيران الحلف الأطلسي. وظهرت على الشاشة صور الخسارات والأعطاب التي ألحقها سلاح طيران الحلف الأطلسي بما اعتبروه في التلفزة الجزائرية قطارا ليبيا. بل إن كاتب التعليق على هذا الحدث الذي لا أساس له من الصحة، قال بأن الحلف الأطلسي اعتبر «القطار الليبي» إقامة متنقلة للعقيد معمر القذافي ولهذا السبب كان استهداف القطار أثناء الغارة الجوية رغم أن القطار ليس موقعا عسكريا. لا أدري كيف يصل الزملاء في التلفزة الجزائرية إلى هذه الدرجة من الكذب على المشاهدين. من حق مختلف وسائل الإعلام أن تعلق كما تشاء على أخبار المحنة التي يعيشها الأشقاء الليبيون، ولكن هذا لا يعطيهم الحق في اختلاق الأخبار والحديث عن مواقع مدنية يتم استهدافها أثناء الغارات الحربية والادعاء بأن إحداها ألحقت أعطابا بقطار لا وجود له في ليبيا على الإطلاق. ولو كان المكلفون بتوجيه أخبار التلفزة في الجزائر على علم بالحقائق الليبية، لما وصلوا إلى هذه الدرجة من انعدام المهنية في إعداد الجرائد المتلفزة واستغلال صورة حادثة قطار في بلد آخر لتقديمها على أساس أنها صورة قطار ليبي تعرض لقصف والعادي والبادي يعرف أن لا وجود لقطار في ليبيا لحد الآن. فهل إلى هذا الحد لا وجود لسلطة في الجزائر قادرة على حماية الإعلام الرسمي وتذكير الساهرين عليه بأن الخبر مقدس؟ !.