كانت 3 أيام كافية لكي تستعيد الروح بعضا من نشوتها على ضفة الشمال الجغرافية. وكانت كافية أيضا لكي نقيس الطريق التي قطعناها مشيا على ... الأمل. الشمال اليوم هو الحجة التي يمكن أن نقدمها لكل من يشكك في قدرتنا على الحركة، كما لو أننا ولدنا لكي نبقى في الشلل الجغرافي والعمراني، وفي الشلل التدبيري أيضا. كل الذين نصحتهم بالشمال هذه السنة، لزيارة مارتيل أو المضيق أو وادي لاو وغيرها من البقع الجميلة في ظلال الريف البهي،شكروني، وأبلغوني آيات الاعجاب والراحة بما رأوه هناك. صفحة جميلة تفتحها البلاد على شمالها الآخر، الشمال الاوربي الذي ظل دائما تربة لكل استيهاماتنا. تصاحب هذا التطور الكبير في العمران وفي البنيات الطرقية، وفي الحرص على جماليات المكان-كما يقول أهل الادب- مصاحبة سياحية داخلية كبيرة ، تزداد يوما عن يوم، وتشعر بها حقا في كل لحظة من لحظات الليل والنهار. في المسابح والشواطئ والاسواق والاماكن العمومية، في الحفلات وفي الاسترخاء وفي السهرات وفي كل منطقة داكنة! للتقدم مغناطيسه الذي لا يقاوم، ولهذا يأتي المغاربة الى شمالهم بعد أن عادت إليه ألوانه الزرقاء والبيضاء، وعادت له سحنته المغربية الأندلسية النظيفة. يصعب فعلا ألا تقارن بين المدينة التي تعيش فيها وبين الشمال، الذي ظل الى حدود عشر سنوات مثل وجه مصاب بالبثور وبالسمعة السيئة لبعض المنتفعين منه ومن خيراته. الشمال الذي ظل على هامش الزمن وعلى هامش المكان المغربي، يتقدمنا نحو أوربا ويتقدمنا على طريق التأهيل الاقتصادي والاجتماعي، وعلى مستوى البنيات ، والتدبير الصارم والجدي، وما له علاقة بالحكامة المركزية للدولة. ويبقى ينقصه التأهيل السياسي ، وتجاوز كل المشاريع التي تم تسويقها لحل هذه المعضلة والانصات الى الناس فيالشمال إنصاتا حقيقيا. في كل التحركات التي قادتنا الى مخابئ الروعة في المنطقة، كان هناك اعتزاز واضح من لدن الناس، سائقي الطاكسيات، أصحاب المطاعم، البائعات ، أصحاب المحلات.. وهذا رأسمال ثقة وتفاؤل نحتاج أن يتعمم وأن يتم تقديره حق قدره، بالحرص على أن تكون المنطقة في أياد أمينة ، وفضاءاتها بيد من يقدر كل ذلك ولا يبدده أبدا! الشمال الرائع أيضا نقطة تستطيع أن تجمع قدرا مهما من الاحتجاج، وهو ما يجب الانتباه إليه انتباها يوميا وعلى المدى الاستراتيجي البعيد. لأن الشمال مثل الجنوب عصي وقصي عندما تكون فيه المنازعة. ويبقى صيف الشمال فصلا آخر في عدن، فصلا من المتعة لا بد من الدعوة اليها جهارا، لأنه بالفعل عنوان على أننا قادرون على أن نخلق الشمال، المرتبط بالجمال. الآن إيلا بغيتي الجمال كله... سر للشمال، كله.