أصبح المطرح الحالي بمديونة قريبا من التحول إلى منطقة تشجير غابوية تعوض كميات الأزبال الهائلة التي كانت تلوث المنطقة، فالشركة التي فوضها مجلس المدينة أمر تأهيل و إعادة ترميم المزبلة، تمكنت من التغلب على ألسنة الدخان المنبعثة من أكوام النفايات وحولت واجهة المطرح إلى فضاء شاسع مكسو بالأتربة، التي أخفت معالم الوجه القبيح للمكان، و سيتحول بعد الانتهاء من تغطية باقي فضاءاته بالأتربة و ردم نفاياته إلى «فضاء» مليء بالأشجار سيغير لا محالة من معالم المكان ، بعد سنوات طويلة من تدبير عشوائي ساهم في الإساءة لمديونة و ساكنة دواويرها المجاورة بتلويث هوائها و إتلاف مياهها الجوفية! إلا أنه يبدو أن المفرغ الجديد الذي تم اختياره ليكون البديل الذي سيحتضن نفايات الدارالبيضاء و الذي يوجد على مرمى حجر من المزبلة الحالية، و الممتد على مساحة 100 هكتار من أرض سوجيطا ، يفتقر إلى المواصفات المطلوبة لكي تنشأ عليه مزبلة حديثة بشكل قانوني لا مكان فيها للإنسان و الحيوان معا. فحسب مصدر مسؤول، فالشركة الأمريكية المكلفة بتدبير المطرح العمومي اقترحت على الجهات المسؤولة تغيير مكان المفرغ الجديد بمكان آخر، يستجيب للمواصفات الضرورية، لأن المكان الذي تم اختياره والمعروف بأرض عبد الجبار سوجيطا، يوجد على مرأى ومسمع عابري الطريق الرئيسية و بمحاذاة تجمعات آهلة بالسكان بدوار البقاقشة و مومنات وعين الحلوف، لهذه الأسباب اعتبرت الشركة «أن هذا المكان غير لائق لكي تقام عليه المزبلة الجديدة، و اقترحت بديلا يتمثل في أرض شاسعة توجد خلف المطرح الحالي، معروفة بأرض الأطلسي»، حيث اعتبرتها الشركة المكلفة بمشروع تأهيل المطرح البيضاوي نموذجية لكي تكون بديلا لاستقبال الأزبال و النفايات على اعتبار أنها تجاور المطرح القديم و توجد في مكان بعيد عن السكان و عن الطريق الرئيسية، وهي مواصفات تغيب عن مكان المطرح الجديد الذي تم اختياره ليكون مفرغا بديلا للقديم ، ومازالت الشركة الأمريكية تنتظر البت في اقتراحها و العمل على مباشرة المساطر القانونية لنزع ملكية الأرض حتى تستطيع تهيئ المطرح الجديد لكي يكون قادرا على استقبال الأزبال و النفايات بعد أن ينتهي العمل في إعادة تهيئ و ترميم المطرح الحالي. مصدر مسؤول مهتم بالمجال البيئي، اعتبر من جهته أن «اختيار أرض عبد الجبار التابعة لسوجيطا، تغيب عنه المعايير المطلوبة من خلال موقعه غير الملائم والقريب من السكان، إضافة لوجوده في مكان يتوفر على أرض فلاحية خصبة مما قد يسبب أضرارا بليغة للبيئة عبر تضرر الفرشة المائية والإساءة إلى صحة السكان المجاورين». وصرح مصدر جمعوي أن «الجهات المسؤولة لو قامت بدراسة مسبقة حول اختيار مكان المفرغ الجديد لوفرت على نفسها الوقت الكافي لاختيار فضاء مناسب لاستقبال أزبال الدارالبيضاء يستجيب للمواصفات الضرورية دون تلويث الهواء وتعريض صحة السكان للخطر» مضيفا أنه «آن الأوان لإعادة الاعتبار لمديونة ونواحيها عبر إنشاء مطرح جديد في مكان ملائم يستجيب للمواصفات البيئية المطلوبة المعمول بها على الصعيد العالمي وتشجيع الاستثمار بالمنطقة، التي عانت من نفور المستثمرين منها، بسبب المزبلة الحالية التي كانت مصدرا للروائح الكريهة ومرتعا خصبا للقاذورات». و«الآن بعد أن بدأت المنطقة تتخلص من روائحها الكريهة ودخانها الخانق الذي شكل شوكة في حلق الاستثمار المحلي والتنموي، صار لزاما التفكير في مطرح جديد مراقب لا يضر بالبيئة والإنسان ويساهم في تحويل المنطقة إلى مكان آمن للعيش الكريم والتنمية». من جهتها، استنكرت مصادر جمعوية بيئية محلية ما يقع حاليا بمزبلة مديونة من «فوضى وسلوكات شاذة وترويج لحبوب الهلوسة، تستهدف بشكل خاص الأطفال، في ظل وجود غرباء من ذوي السوابق يستوطنون المزبلة ويفرضون منطقهم الخاص القائم على التهديدات، دون إغفال الاعتداء على الأطفال المنقبين بالمزبلة من طرف بعض الذئاب البشرية، ممن يقطنون المكان، وذلك في أعشاش بلاستيكية، حيث يستغلونهم، خصوصا بالليل و يرغمونهم على ممارسة الجنس معهم تحت التهديد بالسلاح الأبيض مثلما حدث مؤخرا بالقرب من مكان إفراغ نفايات مطارمحمد الخامس، حيث لجأ أحد هم إلى اغتصاب طفل في الثانية عشرة من عمره ،أما الحبوب المهلوسة فيتم ترويجها على نطاق واسع بالمزبلة زبناؤها الأطفال بالخصوص، أما الاعتداءات الجسدية فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن يعتدي أحد (الميخالة) على بعضهم البعض، مثلما حدث مؤخرا، حيث طعن أحد العمال زميله بمعول على مستوى رأسه، وحتى عمال الشركة الأمريكية لم يسلموا من هذه الاعتداءات، حيث وصل الأمر إلى حد تدوين محاضر بذلك لدى الضابطة القضائية المحلية»، علما «بأن السلطة المحلية و أفراد القوات المساعدة يقومون بحملات تمشيطية بين الفينة والأخرى، لكنها تبقى غير كافية بالنظر إلى حجم المشاكل اليومية التي يعرفها المطرح الحالي»!