لا.. لنموذج عربي يتم تعميمه اليوم على أكبر من صعيد، وعلى أعلى الدبابات والقاذفات. لا لدخول البلاد إلى المأزق، وانتصار منطق إسقاط الحل السياسي والسلمي لكل انتقال إلى الديموقراطية. لا أيضا لتعريض بلادي لعقوبات العالم واحتقاره السياسي والأخلاقي والقانوني والدبلوماسي. لا لوضع البلاد في قفص الاتهام مثل قرد مصاب بإيبولا يتم عرضه على العالم للتحذير من التشبه به.. سأصوت بنعم، لأنني لا أستطيع أخلاقيا وسياسيا ومنطقيا أن أقول للمغاربة أنني تقدمت في حزبي ب100 مقترح وتم قبول 97 منها، وأنني أساوم حول 3 نقط! ولأنني لا أستطيع أخلاقيا وسياسيا أن أقول لا لدسترة التعددية المغربية ثم أعود إلى التباكي أمام الأوراق وأمام كاميرات المبعوثين الخائفين على السحر المغربي الكبير، لأنني لا أستطيع أن أقول لا للمساواة بين رجال وبين نساء بلادي، وأخجل أن أقولها ثم أعود إلى بيتي أبكي أمام ابنتي على هضم حقوقها و أغتم على هذه البلاد التي لا تحترم الجنس اللطيف. سأقول نعم، لأنني لا أستطيع أن أقول لا لدسترة الاختيار الديموقراطي كخيار لا رجعة فيه، وأخجل إذا أنا قلت لا، أن أعود لأنتخب على الذين يطبخون الردة باسمنا.. سأقول نعم لأنني لن أستطيع فكريا وعاطفيا أن أقول لا للطابع الكوني لحقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزيء، لأنني إذا قلت لا، سأخجل عندما أراهم باسم كونية الحقوق يخرجوننا من دائرة البشرية، سأقول نعم، لأنني لن أقول لا للفصل بين السلط وتوازنها، وإذا قلتها، سأخجل وأعود إلى حيث الكل في ركام من التباس بلا حدود كما في كابوس يطول منذ خمسين سنة.. سأقول نعم، لأنني لا يمكن أن أقول لا لسيادة القانون باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وإذا قلتها سأشعر بالخجل من دموع كل الإخوان والأخوات الذين شلت حياتهم آلة القانون، ومن دموع الارامل والفقراء الذين ضاعوا بسبب الظلم.. سأقول نعم لأنني لا أستطيع أن أقول لا لمنع الترحال السياسي. وإذا قلتها سأعود خجلا من كل أبناء شعبي الذين فقدوا الثقة في السياسة لأن نوابا غير محترمين يتنقلون من ماركة إلى ماركة بلا خجل.. سأقول نعم، لأنني لا أستطيع أن أقول لا لتجريم التعذيب.. وإذا قلتها عدت نادما من صناديق الاقتراع التي لم تمنع «القرعة» من الانتصار! سأقول نعم، لأنني أريد أن أقول لا لخروج الدبابات والمروحيات لحسم الخلاف بين فريقين أو أكثر، ولأنني أقول لا لمشاهد القتل الجماعي في حلب، ولأنني لا أريد أن يفتح المغاربة شاشات أعينهم ويرون الدم في شوارعهم. سأقول نعم، لأننا عشنا ما معنى أن تكون البلاد في كماشة، وأن يكون الخيار الوحيد ما بين الفاشية والجاهلية! (يتبع)