عودتي للوطن كانت عن قناعة وليس من باب الارتزاق اتهامي بامتلاك فيلات بالمغرب وبالخارج هو الابتزاز بعينه أكدت النائبة البرلمانية وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، كجمولة منت أبي، أنها متشبثة بالحزب ولن تغادره، عكس ما روجت لذلك أوساط إعلامية في الآونة الأخيرة. وأعلنت في حوار ل»بيان اليوم» عشية أشغال الدورة الثالثة للجنة المركزية التي تنعقد غدا وبعد غد في بوزنيقة، أن ما يربطها بالحزب يستجيب لطموحاتها وقناعاتها الفكرية والسياسية، بالإضافة إلى دفاعه الدائم عن المصالح العليا للبلاد. * يعقد حزب التقدم والاشتراكية غدا دورة هامة للجنته المركزية، وذلك بعد الأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينة العيون، وأيضا التصريحات المنسوبة إليكم بشأنها، كيف ستتعاملون خلال هذه اللجنة المركزية؟ - أود التأكيد بداية أن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر من الأحزاب الوطنية القليلة التي تتوفر على أجندة عمل واضحة للتعاطي مع مشاكل المواطنين، ومنها قضايا وانشغالات ساكنة الأقاليم الجنوبية، وهذا الاهتمام من طرف الحزب يظهر من خلال التجاوب والتفاعل مع ساكنة المنطقة وسعيه الدؤوب لإيجاد الحلول العملية لكل ما يتلقاه من مشاكل وتظلمات وقضايا . وبالنسبة لأحداث العيون الأخيرة، فقد كان الأمين العام والديوان السياسي للحزب يتتبعان أولا بأول مجريات الأحداث منذ بدايتها. وأفضنا في مناقشة مختلف ملابساتها داخل الديوان السياسي، وأصدرنا موقفنا اتجاه الأحداث عبرنا فيه عن تأييدنا للمطالب الاجتماعية للساكنة المحلية. وبرز ذلك أيضا من خلال تصريحات الأمين العام للحزب أثناء استضافته في برنامج «حوار» على القناة الأولى أو من خلال بلاغ الديوان السياسي الصادر عقب الأحداث. داخل الديوان السياسي لحزبنا نمارس نقاشا حقيقيا ونضاليا لكل القضايا، ونتفق فيما بيننا، وأحيانا يحدث بعض التمايز في التعبير عن أفكارنا، وهذا ما يميز الأحزاب الديمقراطية الحقيقية. وخلال الدورة الثالثة للجنة المركزية للحزب، سيقدم الأمين العام التقرير الذي حظي بنقاش واسع وجدي وملتزم داخل الديوان السياسي، وتمت المصادقة عليه بالإجماع. وهو تقرير جريء يعكس الواقع الحقيقي والمعاش ويقدم نظرة موضوعية للأحداث المؤسفة ليوم 8 نونبر بالعيون، وأنخرط فيه بكل التزام. وهذا دليل آخر على مستوى الالتزام والمسؤولية التي يتعامل بهما الحزب مع مشاكل المواطنين، وهو ما يميز دائما حزب التقدم والاشتراكية، أي الجرأة والتجرد والصدق في طرح ومناقشة كل المشاكل. * أدليتم بتصريحات قوية بخصوص أحداث العيون استعملتها وسائل إعلام وطنية ودولية، وتعرضتم لتهجمات واستهدافات وللعديد من الاتهامات، ما تعليقكم على ذلك؟ - بالفعل أدليت بتصريحات لوسائل إعلام مختلفة وطنية وأجنبية، إسبانية بالخصوص، وذلك لأنني عايشت الأحداث عن قرب بطلب من الحزب وبالتماس أيضا من جهات رسمية، ثم لأنني نائبة برلمانية منحدرة من المنطقة لدي مسؤوليات، وطلب مني التوسط والمساهمة من أجل إيجاد الحلول السلمية والمنصفة للمشاكل والمطالب الاجتماعية للساكنة. وفعلا قمنا، سواء كحزب أو بحكم صفتي البرلمانية، بجهود كبيرة في هذا الاتجاه، وكنت في عين المكان، وقريبة من الأحداث، وأتنقل يوميا بين وسط المدينة ومكان المخيم، وعلى اتصال مستمر بالجهات الرسمية التي كانت التمست مني المساعدة، ولذلك لم أكن أتوقع أن يكون الحل كما كان، وانطلاقا من كل ما سلف، جاءت تصريحاتي المشار إليها، ولم أقل سوى ما شاهدته، ومن موقعي كمواطنة، وكعضوة في حزب وطني تاريخي له جذور في هذا البلد. ولا زلت أتشبث برأيي في أن الكيفية التي تم بها تدبير المشكل لم تكن سليمة، وكان من الممكن تجنب تدخل القوات العمومية لتفكيك مخيم «اكديم إزيك» لو تم التعامل مع المطالب بشكل موضوعي. وهذا لا يعني إطلاقا أنني لم أندد بقوة باستغلال تلك الأحداث من طرف خصوم وحدتنا الترابية، أو استعمال العنف من طرف مثيري الشغب. غير أن جرأتي في التعبير استعملها البعض للطعن في قناعاتي السياسية والوطنية لأهداف سياسوية مقيتة، ضدي أنا شخصيا وضد الحزب الذي أنتمي إليه. فكل ما قمت به نابع من قناعاتي الشخصية والحزبية، بتوجيه وبتنسيق مع قيادة الحزب الذي أنتمي إليه، وبالتماس من جهات رسمية بالبلاد أيضا، وكان الهدف من تواجدي في عين المكان المساهمة في إيجاد حلول سلمية ومنصفة للمطالب الاجتماعية التي عبر عنها السكان. ولكم أن تتصوروا، كما قلت سابقا، المجهود الذي بذلناه كحزب على مدى أسبوع كامل من يوم 2 إلى يوم 8 نونبر والمساعي التي قمنا بها في الوساطة بين السكان في المخيم، وبين ممثلي السلطة. بحيث إنني كنت متواجدة بشكل يومي في عين المكان، وكنت أتنقل ما بين وسط العيون والمخيم بهدف الوصول إلى حل منصف وسلمي للمشاكل. ولم أكن أتوقع في أي لحظة أن تتطور الأمور إلى ما وصلت إليه. من هذا المنطلق، مرة أخرى، فإن التصريحات التي أدليت بها قلت فيها كل ما شاهدته وعايشته وعاينته عن قرب، وأعتبر نفسي مواطنة من هذا البلد أنتمي لحزب له جذور تاريخية ومبادئ راسخة، مؤمنة ومتشبعة بمقدسات هذه البلاد، مثلما أنا مؤمنة ومتشبعة كذلك بالثقافة الديمقراطية، ومنخرطة مع حزبي في معركة ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان كخيار اختاره المغرب ونادى به صاحب الجلالة، وتبنته مختلف الأحزاب السياسية ومنها حزب التقدم والاشتراكية. ومع الأسف تعرضت تصريحاتي للتحريف من طرف الصحافة المغربية، والأدهى من هذا أن هناك من ذهب إلى حد التهجم علي شخصيا واتهامي بأنني أمارس الابتزاز لبلوغ أهداف ومصالح شخصية. ومن هنا أستنكر مثل هذه الممارسات ولن أقبل بها، لأن أسلوب الابتزاز ليس من شيمي ولا من أخلاقي، ولا من شيم ومبادئ مناضلي حزبي، فنحن مناضلون ديمقراطيون نربأ بأنفسنا عن مثل هذه الممارسات المشينة. لقد جرى تأويل تصريحاتي وتحريفها من لدن صحيفة مغربية واحدة، ومورس القذف في حقي، كما كيلت لي الاتهامات، خصوصا بكوني أمارس الابتزاز ضد الدولة بغاية الحصول على منافع شخصية... إنني أستنكر كل هذا ولا أقبله، ولم تكن يوما هذه صفاتي، ولا هي من صفات مناضلي حزب التقدم والاشتراكية. ولقد ذهبت الصحيفة المذكورة حد اتهامي بأني أملك فيلات داخل المغرب وخارجه، وهذا غير صحيح إطلاقا، وحتى وإن لم يكن ممنوعا قانونا، وإنني أتحدى هذه الجريدة أن تدلي للرأي العام بما لديها من حجج ودلائل حول مزاعمها، لا أطالب بأكثر من تنوير الرأي العام. وأدعوها إلى توضيح الحقيقة، بدل أن تقوم بمغالطة الرأي العام، وهذا لعمري هو الابتزاز الحقيقي. فمنذ قراري العودة إلى وطني سنة 1991، وهي عودة كانت واضحة وضوح الشمس، وتقوم على قناعات وطنية عميقة وصادقة، ولم تكن من منطلق ارتزاق. إنني أشعر بالحيف في حقي، وأؤكد لمن كال لي الاتهامات، أنني لا أحتاج لدروس من أحد في الوطنية، ولقد عدت عن وعي وصدق، وليس من منطلق الارتزاق كما يريد البعض أن يوهم به الرأي العام أو يرسخه في أذهان المواطنين. والحقيقة أن هذه الاتهامات تشعرني بالحيف والظلم. أما الطامة الكبرى فهي اتهامي بالخيانة من طرف بعض الأوساط، والذين يلجؤون إلى مثل هذا الأسلوب الدنيء، هم ربما لا يشعرون بخطورة ما يقومون به أو ما يقولونه، فالخيانة تهمة جد خطيرة لا يعلمون درجة خطورتها. فأنا أستغرب لمن يلوحون بهذه التهم اعتباطا، فهل أنا خائنة لمجرد أنني عبرت عن رأيي الشخصي، أم لأنني انتقدت كيفية تدبير محلي لملف محدد؟ هل المطلوب من طرف هؤلاء أن نكون منافقين، ونتنافس بيننا في استعمال أسلوب المزايدات السياسوية؟ أم أن مستقبل البلاد ومصلحتها تقتضي أن نكون صادقين، ونتحلى بالشجاعة في الجهر بالحقيقة ملتزمين ومنخرطين كسياسيين من أجل بناء مستقبل مشرق للأجيال المقبلة لتقوية هذا البلد، ولجعل المغرب يتبوأ مكانته الحقيقية بين دول العالم، ومثالا لجيراننا وحلفائنا؟ هل هذه هي الخيانة؟. أعتقد أننا لا يمكن الوصول إلى ما نصبو إليه إلا إذا كان لدينا أناس، نساء ورجال، يتحلون بالصراحة والنزاهة، ويجهرون بالحق ويناضلون من أجل تفعيل وتطبيق الطموحات التي رسمناها جميعا، من أعلى سلطة في البلاد، إلى الأحزاب السياسية، وهي طموحات الشعب المغربي في الرقي والتنمية والازدهار. أريد أن أذكر من وجهوا لي الاتهامات عن جهل، أنه منذ عودتي إلى الوطن قبل نحو عشرين سنة، لم أتفاوض قط مع أي كان من أجل مصالح مادية شخصية، لقد جئت تلقائيا ومعتزة بقناعاتي. ومنذ وصولي إلى وطني لم أتوقف عن الاشتغال من موقعي، بكل تواضع، داخليا وخارجيا، وذلك من أجل نصرة قضايا البلاد، ولم أبق مكتوفة الأيدي أنتظر نهاية الشهر لأتلقى راتبي. وأذكر أيضا أنه حتى قبل وصولي إلى المغرب، كنت قد عقدت مؤتمرا صحافيا بمدريد في 14 نونبر 1991، وأعلنت خلاله أني سأعود إلى وطني مرفوعة الرأس، وقتها لم يكن أحد يستطيع القيام بمثل تلك الخطوة، فأين كان الآخرون؟ علما أني كنت عضوة في المكتب السياسي للبوليساريو ورئيسة الاتحاد النسائي الصحراوي، وأوضحت أمام وسائل الإعلام وقتها الأسباب التي دفعتني للعودة إلى بلدي المغرب. ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، سافرت إلى العديد من عواصم بلدان العالم، من الولاياتالمتحدة إلى إسبانيا إلى فرنسا وهولندا والصين والبرتغال وجنوب إفريقيا وجزر الكناري والسويد وبريطانيا وبلجيكا وإيرلندا الخ...، لم أكن أسافر حبا واشتياقا في السفر، بل كنت أتنقل بين مختلف الدول والعواصم للمساهمة والتعبير عن موقفي وتوضيح الحقيقة، كل هذا على حساب أسرتي الصغيرة وعلى حساب استقراري العائلي، فأنا أم لستة أطفال، أترك كل مشاغلي الشخصية والعائلية للاهتمام بالشأن العام، وانخرطت في العمل الجمعوي والسياسي، وشرعنا في برامج محلية ولقاءات تواصلية مستمرة مع الساكنة، وسنستمر في الكفاح إلى جانب المواطن لنساهم قدر المستطاع وبكل تواضع في تقوية هذا البلد. وهذا سبب لي كثيرا من المشاكل والمواجهات مع الطرف الآخر، وتعرضت في كثير من المناسبات للسب والقذف بل واتهموني هم أيضا بالخيانة. * ما صحة الإشاعات التي تفيد أنك ستغادرين حزب التقدم والاشتراكية؟ - أريد التأكيد أنني مرتاحة داخل حزب التقدم والاشتراكية ومتشبثة به، لأنه يستجيب لطموحاتي وقناعاتي وتربطني به بالضبط هذه القناعات الفكرية والسياسية، ويشدني إليه دفاعه الدائم عن المصالح العليا للبلاد. كما تربطني به أيضا الصراحة والصدق والمستوى العالي الذي يتميز به كل الرفيقات والرفاق، والنقاش الصريح والجاد سواء داخل الديوان السياسي أو اللجنة المركزية في كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين، ويشرفني أن أنتمي إلى هذا الحزب الوطني الكبير ويشرف كل المغاربة وجود مثل هذا الحزب في الساحة السياسية. ولا أخفيكم سرا أن حزب التقدم والاشتراكية يتمتع بمصداقية كبيرة في الأقاليم الجنوبية نظرا لسمعته والتزامه بالقضايا ومشاكل المنطقة، فهو يكاد يكون الحزب الوحيد الذي عقد لقاءات تواصلية مفتوحة مع المواطنين في الصحراء من مختلف المشارب، في العيون والسمارة والداخلة وبوجدور، كانت تحضرها وفود رفيعة المستوى من الديوان السياسي سواء برئاسة الأمين العام السابق، المناضل الكبير والصدوق والنزيه مولاي إسماعيل العلوي، أو الأمين العام الحالي المناضل الرفيق نبيل بنعبدالله، والذي كان يحضر لقاءاتنا الحزبية والنضالية حتى لما كان وزيرا، وأيضا الرفيق خالد الناصري، والرفيق أحمد سالم لطافي، وقاسم الغزوي، ورفاق ورفيقات آخرين من قيادة الحزب. وهذه اللقاءات كانت باستمرار فضاءات مفتوحة لكل من أراد التعبير من سكان تلك الربوع، وتركت انطباعا جيدا لدى الساكنة وأحس الصحراويون بكثير من الارتياح لأنهم وجدوا من يستمع إليهم، وهذه مفخرة للحزب كونه يساهم بذلك في ترسيخ الحياة الديمقراطية. إن هذه الثقة التي اكتسبها الحزب هي التي جعلتنا نتابع عن كثب ما وقع بالعيون لنساهم من موقعنا في إيجاد تسوية للمشاكل والمطالب الاجتماعية المعبر عنها. * ما هو تقيميكم لملابسات وأسباب هذه الأحداث الأليمة بمدينة العيون؟ - لقد انتقدت الطريقة السيئة للسلطات المحلية في تدبير الملف، مثلما سبق لي انتقاد طريقة التدبير في السابق، بالإضافة إلى نهج المقاربة القبلية في معالجة المشاكل، وهي المقاربة التي لن تجدي نفعا ولن يكون لها إلا تأثير سلبي على المجتمع الصحراوي. ونحن في حزب التقدم والاشتراكية لنا منظور آخر ورؤية أخرى في التعاطي مع الملف. فإذا كان الحزب منخرط في الإجماع الوطني حول قضية الوحدة الترابية للبلاد، فإنه في نفس الوقت متشبث بمنظوره في التعاطي الإيجابي في تدبير الملف. نحن نتحدث اليوم عن الجهوية الموسعة وعن مقترح الحكم الذاتي كمحطات متقدمة من الممارسة الديمقراطية التي يحسدنا عليها جيراننا. ونحن مستعدون كحزب سياسي للعمل والمساهمة فعلا في أن تنخرط هذه المنطقة في الدينامية الوطنية، وتسود فيها التنمية على جميع المستويات وفي جميع القطاعات اسوة بباقي مناطق المغرب. ولا نريد أن تظل منطقة استثنائية تنتشر فيها كل مظاهر التفرقة والريع والصراعات القبلية. ونطمح إلى وحدة ترابية ووحدة وطنية وسكان يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات على غرار إخوانهم بباقي المناطق. * وما هي إذن، الآفاق المستقبلية وكيف يمكن تعزيز التصالح مع الماضي؟ - بصفة مستعجلة الآن، يجب تجاوز هذه المرحلة واستشراف المستقبل، بعد الأحداث المؤسفة الأخيرة، ونحن مطالبون جميعا، أحزابا سياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني وسلطات عمومية أيضا، أن نتجاوز هذه الفترة الصعبة والانكباب على جبر الضرر الجماعي للساكنة المتضررة. فإذا كان هناك مجرمون يستحقون العقاب يجب معاقبتهم بالمقابل يجب إخلاء سبيل الأبرياء والعمل على جبر أضرار الساكنة بخصوص ما لحقها جراء تلك الأحداث. وبالتالي يجب اعتبار السكان مواطنين كاملي المواطنة يسري عليهم ويحميهم القانون، ويمكنهم من حرية التعبير عن مطالبهم، ونحن نستبشر خيرا الآن على هذا الصعيد، ونؤكد من موقعنا الحزبي والسياسي، استعدادنا التام للمساهمة في هذا المسار الرامي لتكريس الهدوء في المنطقة والاستقرار. ونحن كحزب وكمناضلين نعلن أيضا استعدانا للانخراط في هذه الطريق ونساهم بكل تجرد ورزانة وصدق والتزام من أجل عودة الاستقرار إلى المنطقة، وإعادة البسمة إلى الأمهات والأطفال في العيون. وأدعو من هذا المنبر إلى التوقف عن حملة الاعتقالات التي تطال السكان، وفتح تحقيق نزيه حول الأسباب والدواعي التي كانت وراء الأحداث. وذلك كمبادرة أولية لتهدئة النفوس. وإذا أثبت التحقيق النزيه والواضح وجود مجرمين يجب توقيفهم، وإحالتهم على القضاء من أجل محاكمتهم، كما لا بد إطلاق سراح الأبرياء الذين لا يد لهم في الأحداث. وبالمناسبة، لابد هنا أن أحيي عمل اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول أحداث العيون لما تقوم به من جهود أتابعها يوميا وأحترمها، وأعضاء اللجنة كلهم زملائي وأكن لهم كل التقدير والاحترام، ولهم ما يكفي من الكفاءة والدراية للقيام بتحقيق وازن، وأحيي زميلي ورفيقي ورئيس فريقي، الحاج مصطفى الغزوي ممثل فريقنا في اللجنة، وهو بصراحة رجل طيب ونزيه وصدوق. كما أن تواجد رؤساء الفرق يعطي للجنة مصداقية أكبر، ويرفع من مستواها وقيمتها، وما نقل عني مرة أخرى بهذا الخصوص، يعتبر محض افتراء، ولم أقل سوى أنني كنت أتمنى أن نكون ممثلين بها لا أقل ولا أكثر، ولي كامل الثقة في هذه اللجنة وفي أعضائها وفي ممثل فريقنا داخلها، وهناك زميلة أخرى في اللجنة هي نائبة محترمة من المنطقة، ومناضلة وقريبة من الساكنة. أتمنى كذلك تعميم التعويضات المادية على كل الذين لحقت بهم الخسائر أو تعرضت أملاكهم وممتلكاتهم للتخريب، سواء كانوا صحراويين أو غير صحراويين، والشروع في سياسة حقيقية للإدماج، وفق المقاربة الشمولية التي أعلن عنها جلالة الملك في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء. مقترح الحكم الذاتي مشروع يعبر عن إرادة وطموح. الإرادة الملكية من جهة وإرادة جميع الأحزاب السياسية والمجتمع المغربي عموما من أجل السير قدما في المسار الديمقراطي بغاية الوصول إلى مستوى أرقى من الممارسة في هذا المجال. وطموحنا هو التسوية النهائية والعادلة لملف قضية الصحراء. هذا المشروع، نريد تطبيقه على أرض الواقع، أولا على المستوى القانوني، من خلال بلورة إصلاحات قانونية، وأيضا لتشجيع الأحزاب للقيام بدورها التأطيري والسياسي والنضالي وسط الساكنة من أجل إعادة الثقة وتعزيزها، وأيضا لشرح وتفسير أهمية ومر دودية المشروع وقيمته محليا وجهويا ووطنيا. وهذا هو الدور الذي يجب على الأحزاب السياسية الجادة ومنظمات المجتمع المدني أن تقوم به اليوم وسط أقاليمنا الجنوبية. وأن نكون مسلحين بأشياء ملموسة لإقناع المواطنين بمصداقية وجدية المشروع، وبالتالي تجاوز المقاربة الأمنية التي هيمنت طويلا على التعاطي مع الملف، وذلك طيلة 35 سنة والتي لم تثمر، على كل حال، أية نتائج إيجابية. في اعتقادي، مشروع الحكم الذاتي له أبعاد إيجابية جوهرية لما يقوم عليه من إشراك فعلي للساكنة المحلية في تدبير شؤونهم، ولابد من التوعية به في الميدان، والاستعداد للشروع في إعماله، كما لا بد من الحرص من الآن على أن يتولى أبناء المنطقة مواقع في مراكز المسؤولية بجميع القطاعات، وإشراك الشباب والنساء والكفاءات في التدبير المحلي اقتصاديا وسياسيا. وتوفير البنيات التحتية والتجهيزات الضرورية والمرافق العمومية، من مستشفيات ومدارس ومعاهد وجامعات، والاهتمام أكثر بالعنصر البشري. وعلى صعيد آخر، فإنه بالرغم من المواقف الصادرة مؤخرا عن البرلمان الاسباني وقبله البرلمان الأوروبي، فلا زال لدى المغرب الكثير من الإمكانيات، والرصيد الهام من الايجابيات، لا بد من استثمار كل هذا وتفعيل التحرك خارج الوطن، ومن جهتنا في حزب التقدم والاشتراكية، نحن على استعداد للمساهمة في هذه التعبئة للدفاع عن صورة المغرب. اليوم، رغم كل ما قيل في حقي، لا بد أن أسجل أنني أتحدث وأعبر عن آرائي بكل حرية، ولم أتعرض لأية مضايقات من جهات رسمية، وقلت هذا لوسائل الإعلام الاسبانية، وهناك أشخاص آخرون تكلموا بدورهم ولم يتعرضوا لأية مشاكل بسبب ذلك، وكل هذا في حد ذاته يشكل مكسبا إيجابيا، ولا بد للمغرب أن يستثمره. لا زال لدينا في المغرب رصيد عبر العالم، وفي حزبنا مثلا لدينا رفيقات ورفاق وكفاءات مستعدة لتكثيف العمل الدولي دفاعا عن المغرب وعن قضاياه الوطنية.