تشكل وثيقة الدستور الجديد التي أعلن عنها العاهل المغربي محمد السادس والتي سيجري الاستفتاء عليها من قبل الشعب في الأول من شهر يوليو المقبل، استجابة سريعة لمطالب شرائح واسعة من أبناء الشعب المغربي وخطوة بل خطوتين كبيرتين إلى الأمام في مسيرة الإصلاح والديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان وصيانة الحريات العامة والحقوق الفردية. إن التأييد الكبير الذي لقيه مشروع الدستور الجديد من قبل العديد من الأحزاب السياسية المغربية، وتأكيدها على أنها ستصوت بنعم في الاستفتاء الذي سيجري على الدستور، يؤشر إلى أن المغرب يتجه سريعا نحو إقامة بلد المؤسسات واحترام القانون، فالتعديلات الدستورية أكدت الصلاحيات المهمة لرئيس الوزراء كما أكدت فصل السلطات بما يسمح بإيجاد توازن دستوري جديد لمصلحة المؤسسات المنتخبة في ظل احترام الملكية. الدستور الجديد الذي لقي تحفظا من قبل بعض الحركات السياسية المغربية كحركة 20 فبراير وجماعة العدل والإحسان المحظورة، ينص على أن يبقى الملك «رئيسا للدولة» و»أميرا للمؤمنين» وسيحتفظ خصوصا بقيادة الجيش ووضع السياسة الخارجية، وتعيين القضاة ويحتفظ بإمكان حل البرلمان ويمكنه المطالبة بقراءة جديدة لأي قانون. لكنه بموجب الدستور الجديد بات عليه أن يختار رئيس الحكومة المقبل من داخل الحزب الذي يحتل الطليعة في الانتخابات، أما رئيس الوزراء فسيحظى من جهته بصلاحية حل مجلس النواب التي كانت منوطة بالملك في الدستور الحالي. بغض النظر عن التفاوت في الرؤى الذي ظهر بين الأحزاب والحركات السياسية في المغرب حول الدستور الجديد الذي سيحسم الاستفتاء الشعبي المقرر مصيره، فعليه يمكن القول إن المغرب دخل مرحلة دستورية جديدة ستتيح إقامة دولة ديمقراطية حديثة . ما يمكن التأكيد عليه بثقة في الحالة المغربية، أن النظام الملكي في المغرب قد أخذ بزمام المبادرة وأنصت لمطالب الشعب والهيئات السياسية والنقابية في التغيير والإصلاح ،ولم يواجه احتجاجات الشارع المغربي بالقبضة الأمنية بل بادر إلى الاستجابة لمطالب التغيير، وألقى الكرة في ملعب الأحزاب والقوى السياسية التي باتت مطالبة الآن بالانخراط في عملية التحول الديمقراطي، وتفعيلها والبناء عليها خدمة للمغرب وللشعب المغربي.