إساءة كبيرة للصحافيين من طرف بعض الفنانين المشاركين في مهرجان فاس للموسيقى العريقة في دورته 17، حيث أن منابر صحافية وطنية منعت من أخذ أي تصريح في الوقت الذي نجد أن قنوات تلفزية غربية تتمكن من ذلك.. وهي وصمة عار للمشاركين في هذا المهرجان المغربي، حيث يتم إقصاء الاعلام المغربي بطريقة ممنهجة لا ندري هل هي أوامر و توصيات من المشرفين على المهرجان أو مجرد قرار فردي.. أضف إلى ذلك المفاجأة اغير السارةللمنظمين، وهي رداءة أحوال الطقس التي أفشلت بعضا من مجهودات الجهة المنظمة التي أرغمت على البحث عن أماكن مغلقة لتنظيم بعض السهرات من قبيل قاعة عمالة فاسالمدينة سابقا ومجموعة من الدور القديمة والرياضات، الشيء الذي جعل المنظمين يمنعون الصحافة وعدد من المولعين من الدخول نظرا لضيق هذه الدور، مما خلق احتجاجات كثيرة على المسؤولين عن المهرجان. وبالنسبة لأنشطة المهرجان فقد سجل تنظيم ندوة دولية حملت شعار «الثقافة و جوه الحكامة و الرشوة» مما جعل الموضوع يغري للنقاش بحضور عدة فعاليات من مختلف المشارب الفكرية والجمعوية.. كما تم تسجيل فنيا لقاء مع الحب السامي والروحانية البريئة عبر فرقة هندية تحت إشراف الفنان غونديتشا براذرز من شمال الهند التي نجحت في تحقيق الأهم و تجاوب معها الحضور كان أغلبه من الأجانب. كما واصل المهرجان أمسياته في جو فني ساهر بدار المقري، حيث امتلأت عن آخرها بهواة الموسيقى الأندلسية بمجموعة الفنان محمد أمين الاكرامي الذي أتحف المغاربة والعرب والعجم بميازين جعلت الدار تردد كلمات موزار وأصوات المرحوم الرايس. في الوقت نفسه كانت الموسيقى اللاتينية بمتحف البطحاء، حيث مجموعة «باراغواي باروكو داسونثيون .. واختلط الليل بموسيقى وتعالت الأصوات والأحان بمختلف أماكن وأزقة المدينة القديمة كانت تتجاوب في ما بينها بين الموسيقى الأفغانية لهاو مايومساخي - و نهال تاجدودو.. لتعيش من جديد دار التازي سهرة أندلسية شامخة أحياها الأستاذ محمد بريول تكريما لروح الراحل الحاج التازي ماصانو . وبرياض شهرزاد أدى الفنان الأسود الأمريكي سوندوالك أغاني تحتوي على مواضيع الهجرة، الهوية، و تلاقح الثقافات.. وبساحة باب بوجلود كانت الفنانة المغربية فاطمة الزهراء لعروسي على موعد مع الجماهير الشعبية في الهواء الطلق ليتمتع الجميع بالصوت المغربي في اغاني شعبية تقليدية، وقد تعرضت خلاله إلى نزيف دموي حاد أدى بها إلى إجهاض، نقلت على إثره وعلى وجه السرعة، إلى إحدى المصحات الخاصة بالعاصمة الروحية للمملكة لتلقي الإسعافات الضرورية، بعدما ألم حاد على مستوى البطن وانهيار من أثر الصدمة. وقد غنت فاطمة الزهراء لعروسي لجمهورها الفاسي، الذي حج بكثافة وملأ ساحة بوجلود وجنباتها، الذي أعربت له من خلال كلمة مقتضبة، عن سعادتها بلقائه في هذه المدينة، التي تربت بين أحضانها، وكانت مفتاح خير في مشوارها الفني، كلمة أثرت في نفوس عشاقها وهم يحملون صورتها، بحيث لم يتوقفوا عن الزغاريد والتصفيقات، التي زادت الحفل بهاء، وجعل الفنانة المغربية لعروسي لم تركع للوعكة الصحية التي أصابتها دون سابق إنذار وهي فوق الخشبة، واستمرت ترقص وتتقاسم الجمهور الفرحة وهي تردد بحماس النشيد الوطني. الوعكة الصحية، لم تمنع الفنانة فاطمة الزهراء من إشباع جمهورها بطابق من الأغاني الشعبية والمغربية، الذي تقاطر على الساحة بحثا عن صوت فنان يعشقه، حيث قدر المنظمون عدد الجماهير الحاضرة بعشرات الآلاف، الذين ألهمتهم الأغاني الوطنية، أعلن من خلالها الفنانة المغربية المقتدرة عن إنهاء السهرة الفنية، التي دامت ساعة ونصف بالتمام والكمال كما تتضمنه ورقة برنامج المهرجان خارج المدينة، الذي تديره منذ مدة الأستاذة زينب لمرابط وينشطه الإذاعي أمين القادري. استمرار فاطمة الزهراء لعروسي فوق خشبة المهرجان لفترة طويلة رغم إحساسها ببعض التعب زاد من الخطورة ألقت بظلالها على الجنين. وبفضاء باب المكينة، كان جمهور المدينة الإدريسية على موعد مع المغني السينغالي يوسو ندور، الذي شنف آذان الجمهور بأغاني الصوفية التيجانية والأمداح النبوية، تعانق فيها الفن المغربي بنظيره السينغالي، وأغاني أخرى تفاعل معها الجمهور الفاسي وضيوفه وصفق لها بحرارة. فعلى شذى ألحان إفريقية تمت تأدية أناشيد دينية، جمعت هذا المغني الإفريقي بمجموعة محمد بنيس للمديح والسماع في توليفة جعلت من محبة الرسول رابطها ومن الترابط الديني لحمتها، رغم البعد الجغرافي، حيث حلق وسافر بجمهوره الذي تقاطر على المكان، إلى معارج الروح عبر الصوت والموسيقى.