تأكد والحكومة الحالية في آخر أيامها أن الأداء الثقافي لهذه الحكومة تحت رئاسة الشاعر الحداثي محمد الأشعري تميز ببعض الظواهر الثقافية التي يمكن أن نقول بشأنها أنها تسعى جاهدة للتمكين في المجتمع للتوجه الحداثي الليبرالبي على حساب المقومات المغربية الأصيلة. ولقد تميزت الحصيلة الثقافية للسيد الأشعري وهو على رأس وزارة الثقافة والاتصال بالقيام بعض المهرجانات "الثقافية" التي أثارت خلافات عدة حول جدواها وحاجة المجتمع الثقافي المغربي إليها وحول رسالتها الفكرية كمهرجان كناوة و العيطة و موازين و غيرها، وأيضا بإشراف الوزارة على المعارض الدولية كالمعرض الدولي للكتاب وخاصة في دورته الثامنة التي تميزت بمنع عرض المصحف الشريف وباقي الكتب الدينية التي وصفتها الوزارة بالكتب التراثية. وعموما يمكن القول إن وزارة الثقافة والاتصال في أدائها خلال توليها شؤون الثقافة والإعلام ببلدنا، سعت من خلال اندراجها في صف العولمة الحداثية إلى إلغاء الهوية ومصادرة المواطنة والانتماء، ومسخ الذات المغربية، وفسح الطريق أمام الهيمنة الأجنبية بحجة الدفاع عن حقوق الغير أو الطوائف الدينية المقيمة بالمغرب والتي تدين بالولاء للقوى الخارجية. فهل تدرك وزارة الثقافة والاتصال خطورة مسارها المعتمد على مناهج التحديث المجتمعي بغير ضوابط حيث أطلقت العنان لغزو شرس لكتب "الحداثة" وإعلام "الحداثة والتنوير" وكلاهما يحتوي على مظاهر الاستخفاف والإسفاف موازاة مع تلميع صورة بعض الشخصيات الفكرية والثقافية العلمانية، وطنية وأجنبية، لترسيخ هيمنة اللادينية ومحاربة التدين، وليس هذا غريبا عن أقطاب اللوبي اليساري المعروفين في كتاباتهم ومواقفهم العدائية لأصالة هذا الشعب وهويته الدينية. وسنقف في هذا المقال عند أهم إنجازات حكومة التناوب وأدائها على المستوى الثقافي مستنيرين في ذلك بمعطيات وشهادات أطر ثقافية لنبرز مكامن التقصير ومكامن التوفيق. المعرض الدولي الثامن للكتاب وصمة عار على جبين الحكومة ووزارة الثقافة والاتصال نسجل بداية أن ظاهرة المعارض ظاهرة إيجابية تهدف إلى إشاعة العلوم والمعارف والارتقاء بالمجتمع المغربي من وهدة التخلف والتبعية للآخر لكن المؤسف أن توظف هذه المعارض لإزالة ما بقي من خيط رابط بين المغاربة وعقيدتهم ودينهم وهكذا ففي ظل ولاية السيد محمد الأشعري على وزارة الثقافة والاتصال تم تسجيل منع عرض أو بيع المصحف الشريف ومعه الكتب الإسلامية التي وضعت آنذاك في نونبر بالمعرض الدولي بالدار البيضاء سنة 2000 بالكتب الصفراء. وهو الشيء الذي خلف ردود فعل متعددة أدانت كلها الموقف المعادي لهوية الشعب ودينه الذي اتخذته الوزارة بهذا القرار الجائر. ونيابة عن المجتمع المغربي تقدم فريق العدالة والتنمية بسؤال شفوي في الموضوع للسيد محمد الأشعري وهو ما لم يرض بعض الفرق في الأغلبية الحكومية التي تصدت للسؤال بالتشويش والشغب في قاعة الجلسة يوم فاتح نونبر 2000. ولقد وصل الأمر إلى درجة قطع البث التلفزي مما جعل البعض يتساءل هل هي محاولة لحرمان الرأي العام الوطني من متابعة أشغال هذه الجلسة الدستورية والوقوف عن كثب على مختلف الآراء في موضوع حساس يتعلق بأقدس المقدسات وهو المصحف الشريف، وحينها لم يكن من النائب مصطفى الرميد رئيس فريق العدالة والتنمية إلا أن يمتنع عن متابعة تدخله إلى حين عودة البث التلفزي المباشر، وهو الأمر الذي دفع برئيس الجلسة آنذاك إلى رفع هذه الأخيرة حتى يتمكن المغاربة من متابعة أطوار هذه الجلسة التاريخية. وتميزت ردة الفعل الثانية في الاستفزازات التي كانت من توقيع الوزير الأشعري الذي تضمن رده على سؤال فريق العدالة والتنمية موقفا إيجابيا تجاه هذه القضية حيث اعتبر أن كل الأخبار التي راجت حول منع المصحف الكريم باطلة ولا أساس لها من الصحة، رغم أن صحافة حزب الاتحاد الاشتراكي نقلت ذلك بوضوح وصراحة عن مدير المعرض آنذاك، كما نقلته عنه جرائد وطنية وعربية لكن مع ذلك أبى إلا أن يطلق للسانه العنان ليتهم صحافة العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح بالسعي نحو الوصاية على كتاب الله، وتلقي أموالا من تحت الطاولة، وسوء النية... وحقيقة الأمر فعلا أن السيد الوزير الأشعري منع في شخص مندوبه العام على المعرض الذي هو تابع له ولوزارته الذي قال آنذاك بجريدة الاتحاد الاشتراكي 3 أكتوبر 2000 "وسيرا على هذا النهج، واستجابة لرغبة المهنيين المغاربة، تقرر أن نخصص المعرض بالدرجة الأولى لتقديم الجديد من طرف الجميع مغاربة وأجانب، على اعتبار أن المعرض معرض للنشر وليس للكتب المجلدة والتراثية، وفي هذا الإطار ونظرا لما تعرفه السوق المغربية مباشرة بعد المعرض خاصة في مجال بيع المصحف الكريم فقد تقرر عدم بيعه في المعرض" وهو نفس الشخص الذي قال بجريدة الشرق الأوسط في عدد الجمعة 13 أكتوبر 2000 لا يمس أي المنع فقط الكتاب المقدس (المصحف) بل يشمل الكتب القديمة والكتب خفيضة الثمن، لأن من المفروض أن يضم المعرض الكتاب الجديد، أما الكتاب التراثي المجلد فله معارض خاصة به". وحينها لم يكن حزب العدالة والتنمية وحده من تصدى وأدان قرار وزير الثقافة والاتصال بمنع عرض وبيع المصحف الشريف بمعرض الكتاب في دورته الثامنة، بل كانت إلى صفه غالب المؤسسات المدنية من مجالس علمية وهيآت عدلية ورابطة علماء المغرب التي أصدرت بيانا طويلا تحذر فيه وزارة الثقافة والاتصال من خطورة هذا الإجراء الخطير فضلا عن جماعة العدل والإحسان التي أصدرت هي الأخرى بيانا في الموضوع أدانت فيه القرار الوزاري واعتبرت أن قرار المنع كانت أسبابه الحقيقية ترجع إلى تعليمات مخزنية عليا مستغربة في الوقت نفسه أن يحصل ذلك في وزارة يرأسها المثقف اليساري التنويري الحداثي محمد الأشعري وذلك في 4 - 11 - 0002، فضلا طبعا عن حركة التوحيد والإصلاح والبديل الحضاري والحركة من أجل الأمة. المعرض الدولي فرصة لتلميع كتاب يساريين همشهم مستواهم الثقافي لئن كان المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته الثامنة لسنة 2000 محطة ثقافية استغلتها وزارة الثقافة والاتصال لمنع عرض وبيع المصحف الشريف ومعه الكتب الدينية بمبررات واهية لا اعتبار لها، تنم عن رغبة حقيقية في فصل هذا المجتمع عن أصوله، كما تميزت تلك الدورة لنفس القرار بمنع عرض كتب الشيخ عبد السلام ياسين بعدما عرضت في الدورة السابعة للمعرض وعرفت إقبالا جماهيريا على شرائها، فإن المعرض الدولي في دورته الثامنة سجل محطة انبعاث جديدة في طريق رفع الحظر عن محمد شكري صاحب الخبز الحافي. وجدير بالذكر أن كتاب "الخبز الحافي" كان محظورا بيعه قبل وصول الأشعري على رأس وزارة الثقافة لما يتضمنه من إخلال بالأخلاق العامة وتكريس لبناء الزندقة وسط المجتمع المغربي، لكن الأشعري وباسم الحداثة والتنوير والتنوع رفع الحظر المفروض عن هذا الكتاب في الدورة الثامن للمعرض بالدار البيضاء سنة 2000فلوحظ بالمعرض الدولي طغيان واكتساح لهذا الكتاب على طول أروقة المعرض على حساب المؤلفات الوازنة التي تقدم فعلا خدمة جليلة للفكر والثقافة العربيين الإسلاميين ككتاب " الموسوعة اليهودية والصهيونية" الذي حصل على جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة سنة 1999 ومنحت له جائزة الدولة التي سلمها لعبد الوهاب المسيري رئيس الجمهورية المصرية محمد حسني مبارك شخصيا. ولم تكتف وزارة الثقافة والاتصال برفع الحظر عن الخبز الحافي بل سخرت الإذاعة والتلفزة المغربيتين للتعريف به وبخبزه وانبرت إلى جانب ذلك بعض الأقلام تجري معه الحوارات لمزيد من التعريف به. وكان آخر ذلك أن أهدى الشاعر حسن نجمي ديوانه الشعري الأخير المستحمات لمحمد شكري واصفا إياه بالصديق والكاتب الكبير. وفي السياق نفسه ومن خارج المغرب منعت السلطات المصرية عددا من الكتب من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والأربعين الذي افتتح في 24 يناير 2001 كان منها ثلاث روايات للكاتب المغربي محمد شكري وكتابان للمؤلفة المغربية فاطمة المرنيسي. وأكد آنذاك مدير دار الساقي اللندنية أن رقابة المعرض منعت روايات "الخبز الحافي" و"الشطار" و؛الخيمة" لمحمد شكري كما منع تدريس الخبز الحافي في مادة الأدب العربي بالجامعة الأمريكية إثر احتجاجات طلابية عليه لأنه يخرج عن تقاليد المجتمعات العربية والإسلامية، وبالموازاة مع ذلك منع كتاب الخوف من الحداثة" "وهل أنتم محصنون ضد الحريم" لفاطمة المرنيسي من المغرب. وهكذا إذا استطاع محمد الأشعري الشاعر الحداثي أن يرفع الحظر بالمغرب عما رفضته المجتمعات الأخرى في الوطن العربي كمصر ولبنان ويبعث الحياة من جديد في مؤلفات محمد شكري برغم رفض المغاربة لمثل هذه الثقافة الماجنة.
المهرجانات الثقافية ظاهرة ميزت وزارة الثقافة والاتصال لا جدال في أن المهرجانات الثقافية حقا من شأنها أن تقوي فعلا النسيج الثقافي المغربي وأن تشكل صلة وصل وقناة عبور لتبادل الرؤى والآراء حول الإشكاليات الثقافية الكبرى التي أصبحت تلزم المغرب المثقف بالإجابة عنها في ظل تنامي المد العلماني والإباحي بالمغرب، الذي من شأنه أن يزعزع عقيدة المغاربة ويذهب بأخلاقهم أدراج الرياح ويأتي على البقية الباقية من حياء هذا المجتمع. ولذلك ففي الوقت الذي يقتضي منطق الصواب أن تتجه المهرجانات الثقافية إلى تمتين الصلة بين المغاربة وموروثهم الحضاري الذي لا يمكن أن يختزل في أنواع الطرب وإلى تأسيس قوة مناعة ضد الثقافات الدخيلة علينا عن طريق الإعلام بأنواعه، أبت وزارة الثقافة والاتصال إلا أن تجعل من هذه المهرجانات محطات للفرجة فقط. وهكذا بلغ عدد المهرجانات الثقافية التي أشرفت عليها وزارة الثقافة والاتصال 13 مهرجانا، اشتغل بها حوالي 158 فرقة موسيقية وغنائية، وساهم فيها 1916 فنانا مغربيا وأجنبيا، وتقدمت في مجموعها 66 حفلة فنية على مدى شهرين امتدت على عدد من المدن المغربية. ولو أخذنا مثلا مهرجان العيطة الذي نظم بمدينة آسفي يوم 11 و12 و13 ماي سنة 2001 نجد الأستاذ حسن نجمي وهو صاحب فكرة هذا المهرجان والمدافع عنه يقول إن مهرجان الغيطة بآسفي اشتغلت فيه: 12فرقة غنائية. 2 فرق مسرحية قدمتا مادة منبثقة من التراث العيطي 150شخصا تقاضوا أجورهم بمن فيهم مغنيون وتقنيون ويد عاملة حضر المهرجان ما متوسطه 51000 متفرج كل ليلة لمدة ثلاث ليالي، أي 54000 شخصا تابعوا أنشطة المهرجان. وقس على ذلك باقي المهرجانات الأخرى ك: المهرجان الغرناطي بوجدة اشتغلت فيه حوالي 501 شخصا. مهرجان الملحون اشتغل به حوالي 105 شخصا. مهرجان عبيدات الرما بخريبكة اشتغل فيه 190 شخصا مهرجان مسرح الشباب اشتغل به 72 شخصا. مهرجان أندلسيات شفشاون اشتغل به 113 شخصا مهرجان المسرح الوطني بمكناس اشتغل به حوالي 100 شخصا مهرجان أحيدوس بعين اللوح اشتغل به حوالي 420 شخصا مهرجان الجديدة للموسيقى الشبابية اشتغل به 106 شخصا مهرجان وليلي اشتغل به 56 شخصا مهرجان الناظور للفنون الشعبية المتوسطية اشتغل به 90 شخصا وعلى العموم ففي جميع المهرجانات السابقة اشتغل حوالي 1534 شخصا تقاضوا كلهم أجورهم وبلغ عدد الجمهور 513800 متفرج ومهتم، وحيث إن الأمور لا تقاس بحجمها ومدى استثارها باهتمام الإعلام الحزبي الم... فإنه بمجرد ما بشر الأستاذ حسن نجمي في أحد أعمدته بجريدة الاتحاد الاشتراكي سكان اسفي حتى نزلت عريضة شعبية إلى جماهير آسفي تستنكر الموقف المخزي لوزارة الثقافة والاتصال الرامي إلى اختزال تراث المدينة المجاهدة في ما يعرف ب"العيطة والشيخات" معتبرة هذا المهرجان مؤامرة تستهدف كرامة المدينة وتراثها العريق. وقد تعززت هذه العريضة التي وقعتها فئات عريضة من السكان من بينهم محامون وأطر ورجال تعليم وحرفيون وبحارة وغيرهم بالبيان المشترك لحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والاصلاح بآسفي أعلنا فيه أن المدينة بحاجة إلى مهرجانات جاءت تعيد لها كرامتها وترفع عنها الحيف والتهميش، واعتبر البيان أن اختزال تراث المدينة الأصيل في فن العيطة ظلم لها ولا يعكس إطلاقا الوجه الحقيقي ولها ومجالات نبوغها وأن هذا النشاط عمل فاحش لمخالفته لأحكام الدين الحنيف وامتهانه لإنسانية المرأة وكرامتها. ثم ما انفكت بعض الاتجاهات الأخري بالمدينة أن انضافت لموقف حركة التوحيد والاصلاح وحزب العدالة والتنمية وهكذا استنكر كل من حزب الاستقلال فرع بياضة والكتابة الإقليمية لحزب الطليعة والاتحاد المحلي للكونفدراليات الديمقراطية للشغل فوقعوا جميعا عريضة استنكارية تدين إقامة مهرجان الشيخة والعيطة بآسفي، في ظل انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي يباد أمام مرأى ومسمع من العالم، ثم بعد ذلك جاء بيان الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية وعريضة أخرى لجمعيات ثقافية ووداديات الأحياء ترفض كلها إقامة مثل هذه المهرجانات. ولمعرفة رأي الأستاذ حسن نجمي في الموضوع بصفته صاحب الفكرة ومن المشرفين على مهرجان العيطة قال: >أتحدت إلى إخواني بجريدة التجديد عن مهرجان العيطة بآسفي الذي أثار نقاشا فأقول كان هناك مهرجان فيه فرق غنائية، وكانت إلى جانبه ندوة علمية شاركت فيها إلى جانب عدد من الباحثين كحسن بحراوي وميلودي شغموم وسعيد يقطين والباحثة الإيطالية الكسندرا توتشي ومحمد الحزاز... وكل هؤلاء تحدثوا في حلقات عدة عن الإطار التاريخي والسوسيو ثقافي لفن العيطة، وكان هناك محور خاص بالإطار الموسيقي وكان هناك محور خاص آخر شاركت فيه وتعلق بالجانب الشعري والأدبي لفن العيطة، ومن ضمن الأسئلة التي أثيرت حول فن العيطة أن تشجيع هذا الفن هو تشجيع للدعارة، وكنا واضحين منذ البداية بأن الفساد الأخلاقي والبغاء الذي يخشى أن يعممه مثل هذا الفن لا علاقة له بالتعبير الفني في حد ذاته. ولو أخذت القصائد الحقيقية لفن العيطة في الحوزي والعصبة والعبدية وفي غيرها من الأنواع العيطية تجد أن تعبير شعري شفاف وجميل وثري من حيث الجوانب الفنية والبلاغية، تم الجانب الموسيقى حيث يجري عليه من حيث النظام جميع ما يجري علي الأنساق الشعرية الأخرى من مقامات ومكونات إيقاعية مختلفة، ثم من ناحية الأداء فأنت تجد قصائد عيطية تشبه في إيقاعها ولحنها القصائد الصوفية. أما يتعلق بالدعارة والخمور والبغاء فليس ذلك أصلا منبثقا من داخل القصيدة العيطية، وإنما أسباب ذلك موجودة في المجتمع وعلينا أن نتعامل معها كظواهر اجتماعية وعلينا أن نعالجها في قلب المجتمع لا في قلب الأغنية. وأنا أتحدى أن يقول أي أحد من الناس إن فن العيطة فاسد ومفسد للفن وللأخلاق<. ولئن كان الأستاذ حسن نجمي يرى في مهرجان العيطة بعدا ثقافيا أصيلا وواحدا من الأسباب التي قد تنتقل بالمنطقة من التهميش الذي يحيط بها، ألم يكن من الأنسب والأفيد للمنطقة أن يعمل حسن نجمي بدلا من فن العيطة الفرجوي علي تعريف سكان المنطقة بتاريخها وبرجالاتها المجاهدين الذين تراوحوا بين علماء فقهاء وساسة مقاومون ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الفقيه الكانوني والفقيه إدريس بن ناصر الراشدي والفقه الهسكوري والنقابي أمحمد البركة والسياسي عبد السلام المسار وغيرهم كثير في حق هؤلاء على وزارة الثقافة والاتصال أم تراهم بدعوي أنهم فقهاء وعلماء غير حداثيين لا يستحقوا أدنى التفاتة من وزارة الثقافة والاتصال ومعها اتحاد كتاب المغرب.
وزارة الثقافة والاتصال: إنجاز هامشي وانتقاء حزبي إديولوجي في الوقت الذي تحفظت فيه فرنسا من العولمة الثقافية وحصنت منتوجها الثقافي ضد أي دخيل خاصة الثقافة الأمريكية معتبرة ذلك من الأمور الذي تقوض أركانها وتوابثها عمدت وزارة الثقافة والاتصال إلى تشجيع الأقلام اليسارية والكتاب اليساري وإلى الاقتيات الإعلامي على حساب ما تبثه القنوات الإعلامية الغربية، فأصبح في الأوساط المغربية من المحظور أن تجتمع الأسرة كلها على متابعة ما يعرض في الإعلام البصري المغربي بقناتيه الأولى والثانية نظرا للأفلام الساقطة والإشهارات المائعة التي تعرض دون مراعاة للشعور الوطني الأمر الذي دفع فريق العدالة إلى تقديم أسئلة كتابية في الموضوع للسيد الأشعري حول ضرورة الالتزام بالفن الملتزم وتخليق المادة الإعلامية المرئية المقدمة بما ينسجم وأخلاق المجتمع، ويمكن القول إن الزبونية والحزبية والقرابة الإيديولوجية المعتمدة جعلت وزارة الثقافة والاتصال تقصي حزب العدالة والتنمية من الاستفادة من الحصص الإعلامية التي تحصل عليها باقي الأحزاب المغربية للتعريف ببرامجها والدعاية لها، كما تعرضت صحافته ومعها صحافة التوحيد والإصلاح "التجديد" إلى المنع من عدم الظهور ضمن الفقرة الإعلامية اليومية بالقناة الثانية "أقوال الصحف" لسبب الله وحده أعلم به دون سواه. وليت الأمر اقتصر على ذلك، فقد طال ظلم وزارة الثقافة والاتصال لصحافة التوحيد والاصلاح وحزب العدالة والتنمية وغيرها من الصحف كالأيام ودومان ماغازين مثلا التي حرمت من الدعم المالي الذي تخصصه هذه الوزارة لدعم الصحافة الوطنية بمرسوم الرسالة الملكية المؤرخة في 91 دجنبر 6891 والتي بعث بها آنذاك الملك الراحل إلى السيد الوزير الأول الدكتور عز الدين العراقي. وقد طفت قضية تمويل الصحف إلى السطح بعد أجواء الانفراج السياسي الذي بدأت تعرفه الحياة السياسية المغربية وظهور العديد من الصحف المستقلة سواء باللغة العربية أو اللغة الفرنسية، حيث اتضح أن هذه الصحف تواجه تنافسا قويا غير مشروع مع الصحف الحزبية بسبب الدعم الذي تتلقاه هذه الأخيرة. وكانت فكرة رفع الدعوى القضائية ضد وزارة الثقافة والاتصال بمبادرة من جريدة الأيام التي أقدمت على مراسلة السيد الأشعري حول الاستفادة من الدعم غير المباشر الذي تقدمه الوزارة للصحف والمتمثل في الاعفاء من 50% من فاتورة الهاتف على أربعة خطوط و25% من استهلاك الصحف من الورق، وكان جواب الوزارة على مراسلة الأيام أن هذا النوع من الدعم لا تستفيد منه سوى الصحف الحزبية، مع أن جريدة الأحداث المغربية برغم ما يقال عنها أنها غير حزبية فإنها تستفيد من الدعم المالي وأن الوزير السابق محمد العربي المساري هو من وقع قرار استفادتها من هذا الدعم. وسرعان ما انضافت أزيد من 9 مؤسسات إعلامية رفعت كلها إلى جانب الأيام والتجديد دعوى قضائية ضد الوزير الأشعري من أجل أن يصدر قانون واضح يضع شروطا شفافة وموضوعية للاستفادة من الدعم. وهذه المؤسسات هي الأيام والتجديد ولافيريتي، ولوربوتر، ودومان ماغازين، وليكونوميست، ولافي أكونوميك وماروك إبدو ولاكازت دوماروك وتل كل. ويظهر مرة أخرى منطق الانتقاء والاعتبار الإيديولوجي الذي تستحضره دائما وزارة الثقافة والاتصال في العمل الثقافي حيث ركزت بشكل واضح لحد الآن في سلسلة الأعمال الكاملة التي تصدرها على الكتاب ذوي النزعة اليسارية كمحمد زفزاف وغيره متناسية أعمال أدباء وكتاب عظام ساهموا في صناعة الحضارة المغربية كعبد الله كنون وعبد الرحمان الكواكبي وعلال الفاسي والمختار السوسي ويوسف بن تاشفين وغيرهم. عبد الرحمان الخالدي