تنص المادة 11 من مشروع القانون رقم 32.09 على ما يلي: « تتكون اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين و نقلهم و إعفائهم و إعادة تعيينهم، و البت في المتابعات التأديبية للموثقين و المتمرنين من: - وزير العدل بصفته رئيسا أو من يمثله، - الوزير المكلف بقطاع المالية أو من يمثله، - الأمين العام للحكومة أو من يمثله، - رئيس أول لمحكمة استئناف أو نائبه، - وكيل عام للملك لدى محكمة استئناف أو نائبه، - قاض بالإدارة المركزية لوزارة العدل من الدرجة الأولى على الأقل بصفته مقررا، يعين كل من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف و الوكيل العام للملك و نائبيهما و القاضي بالإدارة المركزية من طرف وزير العدل، -رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه. - رئيسي مجلسين جهويين ينتدبان من طرف رئيس المجلس الوطني. تحدد طريقة عمل اللجنة بنص تنظيمي». بداية نود التنويه بالخطوة الملحوظة و الإيجابية التي جاء بها المشروع، و المتمثلة في إسناد الاختصاص في مادة التأديب إلى لجنة وطنية رفيعة المستوى، من بين اختصاصاتها إبداء الرأي في تعيين الموثقين و نقلهم و إعفائهم، و هذا من شأنه أن يمنح لهذه اللجنة، بحكم تركيبتها المتميزة، نظرة وطنية شاملة تهم كل ما يتعلق بميدان التوثيق من مستجدات و تطورات، سواء من ناحية التشريع، أو الممارسة، أو عدد الموثقين و المنخرطين، أو غير ذلك ، فتكون بذلك لجنة متخصصة كفيلة بممارسة مهام التأديب بكل حرفية و نزاهة، و هذا إن دل على شيء، إنما يدل على المكانة التي يوليها القائمون على هذا المشروع لمهنة التوثيق و حرصهم على النهوض بهذه المهنة بما يكفل حق المواطنين و الموثقين على السواء، تكريسا لدور الموثق كضامن للأمن التعاقدي و ساهر على استقرار المعاملات. لكن نريد أيضا إبداء بعض الملاحظات التي نراها ضرورية لتنقيح هذا المقترح بما يساعد على تحقيق مبتغى المشروع، فنقول: 1 - إن إسناد مهمة التأديب في حق المتمرنين للجنة المنصوص عليها بالمادة 11 من شأنه أن يثقل كاهل هذه اللجنة و يزيدها من الأعباء ما يمكن أن يضطلع به غيرها، خصوصا و أن أعضاء هذه اللجنة لهم مهامهم الخاصة التي يقومون بها بحكم وظائفهم، مما يجعل من الصعب أن تنعقد اللجنة في كل مرة أخل فيها أحد المتمرنين بواجباته التدريبية كما لو أخل بالاحترام الواجب لأساتذته و مؤطريه، أو راكم التغيبات بشكل يعرضه للتوبيخ أو العزل من التمرين، لذلك فنحن نقترح أن تسند هذه المهمة إلى المجالس التأديبية التابعة إلى الغرف الجهوية، مع إمكانية الطعن في قرارات هذه المجالس أمام المجلس الوطني. 2 - إن مقر اللجنة المشار إليها أعلاه سوف يوجد حتما بالرباط، و هنا نضع التصور التالي: إذا ما قرر الوكيل العام للملك بعد البحث الذي أجراه، و بعد أخذ رأي الغرفة الجهوية، الذي ليس إلزاميا، متابعة أحد الموثقين، ثم أحال الملف إلى اللجنة المذكورة، ففي هذه الحالة يجب على الموثق المتابع أن يمثل شخصيا أمام اللجنة ليطلع على الملف، ثم ليختار من يؤازره، ثم ليجيب عن الأفعال المنسوبة إليه، و لنا أن نتصور كم من المرات سيكون على هذه اللجنة أن تنعقد، و كم من المرات سيكون على هذا الموثق أن يتنقل إلى الرباط، و الموثقون يتزايدون، و ملفات المتابعات تتزايد، و كل ذلك إلى حين أن تكوّن اللجنة قناعتها و تستكمل موجبات اتخاذ قرار التأديب، و غالبا ما يكون هذا القرار، بحكم التجارب السابقة، بعدم المؤاخذة، فكم أهدر من الوقت و الجهد، و خصوصا ما يتحمله أعضاء اللجنة من مهام جسام بحكم مراكزهم الحساسة و وظائفهم المتميزة كما سبقت الإشارة إلى ذلك. نظرا لكل ما قيل، و حتى نعطي المرونة و السرعة اللازمتين في هذا الإطار، فنحن نقترح أن تسند مهمة التأديب إلى المجالس الجهوية في مرحلة ابتدائية، ثم، و في حالة الاستئناف فقط، يرفع الأمر إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة 11. و نحن لا نريد أن نذكر في هذا المقام بأن التأديب يوكل دائما إلى الهيئات المهنية على ما هو معمول به دوليا في البلدان التي تأخذ بنظام التوثيق اللاثيني، و معمول به وطنيا في كافة المهن المنظمة ، وعلى رأسها مهنة المحاماة؛ بل نقول فقط إن سلوك مسطرة المتابعة التأديبية أمام المجالس الجهوية من شأنه أن يخفف العبء على اللجنة الوطنية، و ذلك بتصفية الملفات محليا ثم اللجوء إلى هذه اللجنة عند الاقتضاء، و ليس عند الابتداء، فكل شكاية قدمت ضد موثق, سواء إلى المجلس الجهوي مباشرة أو إلى الوكيل العام للملك، تحال على المجلس التأديبي التابع للغرفة الجهوية، الذي يشعر الموثق المعني بالأمر، و يستدعي الأطراف، و يقوم بالبحث، ثم بمحاولة الصلح، و بحسب نجاح أو إخفاق محاولة الصلح، و بحسب نتيجة البحث، يقرر المجلس التأديبي إما حفظ الشكاية أو إما إحالة الملف على المجلس الجهوي للنظر في المتابعة التأديبية، و من حق الوكيل العام للملك وحده الطعن في مقرر الحفظ أمام اللجنة الوطنية، إلا إذا كان هذا الحفظ مبنيا على محضر صلح بين المشتكي و الموثق المشتكى به، ثم إذا ما أحيل الملف إلى المجلس الجهوي، فإن هذا الأخير، بعد احترام المسطرة الخاصة المنصوص عليها في هذا الإطار، يصدر قرارا إما بتطبيق إحدى العقوبات التأديبية التي نص عليها المشروع، أو عدم مؤاخذة الموثق ، و في الحالتين معا، يحق للوكيل العام للملك و للموثق المعني بالأمر استئناف القرار أمام اللجنة الوطنية التي تبت في الأمر بقرار مشمول بالنفاذ المعجل. ففي تقديرنا أن هذا المقترح لم يبخس اللجنة الوطنية حقها، و دورها في المراقبة العليا و اضطلاعها بما توخاه المشروع منها في مادة التأديب مكفول على الدوام، و ما قد يدعيه البعض من كون جل التجارب التي أسند فيها التأديب إلى هيئة مهنية عرف عدة إخفاقات في قطاعات شتى، من حيث تواطؤ المهنيين مع إخوانهم و انحيازهم للمصلحة الذاتية على حساب مصلحة المواطنين المتضررين، كل ذلك لا ينبغي أن يثنينا على زرع الثقة في هيئة يفترض في أعضائها أنهم أهل لهذه الثقة، لما يتولونه من مهام يفوق تقديرها أحيانا إصدار قرار بالتوبيخ أو التوقيف أو حتى العزل ضد عنصر سولت له نفسه العبث بمصالح المتعاملين، و من ثم بمصالح المهنة برمتها، و هذا ما نتوخاه من إعطاء الحق في اتخاذ القرار إلى ثلاثة أرباع أعضاء المجلس الجهوي، ثم من كون قرارات هذا المجلس قابلة للتقويم من طرف اللجنة العليا المنصوص عليها في المادة 11 المشار إليها أعلاه