استحضرت وأنا أوقع بقلمي بين هذه السطور فكرة أن أقف مكان « نيني « ، وراء قضبان أو بين جدران أردنا في عهد جديد أن ننساها ... تذكرت زمن المد والجزر ، حين كانت الأمواج لا ترحمنا بالرغم من أننا كنا نتقن فن السباحة، لكن الأمواج عودتنا أن تأتي في كل لحظة بحلة جديدة. أكيد أننا فقدنا إخوانا لنا في أعماق هذه البحار، فقدنا أجسادهم برحيلهم عنا، لكن لم نفقد أفكارهم لأن المسافة بين الفكرة والجسد لا يمكن أن تحاصرها الأمواج، القضبان أو الجدران... تأملت حينما أدركت بأننا وبشكل جماعي كسرب يحلق في سماء مغرب الغد أردنا أن نبحر ضد التيار... اتفقنا في ماض قريب أن نمحو كل التجاعيد التي نحتها ذاك الزمن، لكن يبدو أن المحاولة فشلت مرة أخرى. استحضرت وأنا أقف مكان رشيد أن نهاية المشوار لا تنتهي عند اعتقال الجسد، وأن الفكر ليس له قيود. تذكرت مرة أخرى أمي وأنا أوقع بصرخاتي الهادئة بين هذه السطور، كيف علمتني أن أصرخ وألا أبكي، كيف أواسي ألمي بمفردي، وأنا أبحث عن فرصة أجتاز بها محنتي... تفاءلت كثيرا حينما وجدت فاصلا بين المد والجزر ... هذا الفاصل الذي أعيشه اللحظة بين ضربات هذه الأمواج معلقة على تضامني مع أقلام مهنة المتاعب، مؤكدة أن أخطر الجرائم هي محاكمة الفكر وليس الجسد، وأن اعتقال الأفكار ضرب من الفشل والهزيمة وجريمة ضد البشرية...