«....في قاعة غاصة بأمازيغن ، في إحدى قاعات مدينة أكادير، حيث شاركت في تأطير ندوة فكرية حول الأمازيغية... عبر أحد المنتمين الى حزب الاتحاد الاشتراكي في مداخلته، بأنه ضد الأمازيغية ، وأن هذه الضجة لن تفيد المغاربة في شيء..هل تعلمون ماذا كان رد القاعة؟ ولا أحد تحرك ، أو أخذ منه هذا الاستفزاز المتعمد أي مأخذ...هل تعلمون لماذا؟ لأن الأمازيغ يؤمنون بالاختلاف، وأن الذي لايؤمن بالاختلاف ، ويشجع على الاقصاء والعنصرية هو من تربى في أحضان الحركة الوطنية..» بهذا الكلام خاطب أحمد عصيد الحاضرين في الندوة الفكرية التي نظمها المركز المغربي للحريات والحقوق ، بمركب الأوقاف بمكناس عشية الجمعة 22أبريل 2011 . ولتعضيد هذه الفكرة بالحجة القاطعة والدليل المفحم ،أسقط السيد عصيد طائرته على أحد المقررات الدراسية للسنة الأولى ابتدائي ، معتبرا الجملة التالية «انا تلميذ عربي مسلم «الواردة في هذا المقرر قمة في العنصرية، لا بل زاد على ذلك بأن أقام مقارنة فجة بين المرحوم علال الفاسي ويوسف ابن تاشفين، متهما الأول بالشوفينية لأنه معاد - على حد قول عصيد- للأمازيغية، ونفى عنه صفة الزعيم الوطني... بينما الأمير يوسف بن تاشفين زعيم وطني ..لأنه وحد المغاربة جميعا.. وحتى يظل عصيد منسجما مع ذات الحساسية إزاء كل ما هو عربي ، فقد نفى عن الأمازيغ من مناضلي حزب القوات الشعبية ،كل نضالهم المرير ضد الحكم المطلق ، معتبرا كل تلك التضحيات محصورة في خانة الصراع بين ايمازيغن ، والعرب. بداية لا يسعني الا أن أعبر لكم، يا سيد عصيد، عن اعتزازي بالتنوع اللغوي والثقافي الذي تربينا في أحضانه كمغاربة ردحا من الزمن الجميل ، دون أن نحس بأي فرق لا بين العربي ولا بين الآمازيغي، وكانت أسماعنا وقلوبنا تتسع لأغاني المعطي البيضاوي، وفيتح، والمورزكي.. وغيرهم بالحجم الذي تتسع فيه للشيخ حمو اليزيد، والدمسيري، ، ورويشة، وحادة وعكي.. وكما عبرت لكم في مداخلتي ، فإنني أحس عميقا في داخلي بأنني أفتقر لأية حساسية ضد دسترة اللغة الأمازيغية، ولكنني فقط ، أريد أن أعرف ما مدى انعكاسات الدسترة المرجوة على الآمازيغي في أقاصي آيت مرغاد ، وآيت عطا ،وجبال الريف والأطلس الكبير والصغير والمتوسط،؟هذا المواطن المغربي البسيط ،الذي ينتظر منا جميعا أن نتعرف على عدونا المشترك ، ونبتعد عن الخصومات الهامشية والمفتعلة، و نكثف الجهود لنحقق له شروط العيش الكريم، ونرفع عنه الهشاشة ، والفقر والجهل ، والظلم الاجتماعي والسياسي، والاستغلال.. لا أن نضيع اللحظة التاريخية في المعارك الوهمية ، وأقول الوهمية، لأن معركة المغاربة كانت وما زالت ضد الاستبداد والحكم المطلق ،ولم تكن أبدا حر ب ثقافات وهويات.. و حتى في عهد الاستعمار، خرج المغاربة جميعا عربا وأمازيغ ،في مظاهرات حاشدة من المساجد ،متصدين للظهير البربري؛ اللهم الطف بما جرت به المقادير.. ولا تفرق بيننا وبين اخواننا البرابر.. هكذا يا سيد عصيد المغاربة، بعيدون عن كل ما تحاول أن تبثه من تحريك لنعرات قاتلة. وهذه هي مدرسة الحركة الوطنية، التي اتهمتها بالعنصرية و الاقصاء. أما عن الاتحادي الأكاديري الذي- حسب ماصرحت به - قام، فاستهجن الدفاع عن الأمازيغية، فانني أشكك بقوة في هذا الزعم، لأن أكادير المناضلة ظلت قلعة اتحادية بأمازيغييها وعربها ،وأن الاتحاد داخل هذه القلعة كان وما زال ضامنا لهذا التنوع الثقافي، مما أكسب النضال ضد الاستغلال والاستبداد صلابة وتوهجا. وورجوعا الى مقارنتك بين علال الفاسي ويوسف ابن تاشفين، أسائلك ،سيد عصيد ؛من من المغاربة يتجرأ وينفي صفة الزعامة بل امارة المسلمين، عن الملك يوسف بن تاشفين؟ ومن من المغاربة يقيم مقارنة بين أي ملك مغربي مرينيا كان ، أومرابطيا أو وطاسيا ، أو سعديا ..وبين الزعيم علال الفاسي؟؟؟ ...الوحيد ، ربما الذي يتمحل، ويضع مثل هذه المقارنات، هو أنت ، ياسيد عصيد،و اختيارك ليوسف ابن تاشفين ، وليس لملك آخر، يأتي في سياق التعصب للأمازيغية في مواجهة العربية، كون يوسف بن تاشفين أمازيغيا، ولا يعرف اللغة العربية . من هنا أخلص الى القول بأن اللغة والثقافة الآمازيغية، هي ملك للمغاربة جميعا ، وأن تبويئها المكانة اللائقة، الى جانب اللغة العربية، كمكون من مكونات الثقافة المغربية ، واحدى ثوابت هويتها ،هو هم مشترك لجميع المغاربة ، وكل محاولة للاستئثار به أنما هي اقصاء للآخر وشوفينية مقيتة، لا تخدم الآمازيغية في شيء، بل بالعكس قد تحيد بالقضية عن الهدف النبيل. ولتسمح لي سيد عصيد ،أن أرجع معك الى مفهوم العنصرية كما تحدده في كتاباتك، والذي يعني؛ عدم القبول بالآخر كما هو، وتجعل من هذا التعريف مطية للهجوم على الحركة الوطنية بقولك: ان الحركة الوطنية تقبل بالآخر كما تريده ، لاكما يريد هو أن يكون، وهذا جوهر العنصرية-كما تدعي-. وللتدقيق في مفهوم العنصرية، دعني هنا أسائلك عن موقف الآمازيغي أبيض البشرة، من أخيه الآمازيغي (أقبلي، أو أسوقي)أي أسود البشرة؟؟وأستأذنك في بسط مجموعة من المواقف والسلوكات ، لتبحث لها عن التوصيف المناسب؛ - اذا كان أحيدوس لدى أقبلي أو أسوقي، فإن من حق الأمازيغي الأبيض أن يقتحم، ويغني.. ويرقص .. لكن اذا كان العكس، فان أقبلي أو أسوقي لا حق له حتى في الفرجة؟ -عندما ينقل الأمازيغي الأسود بضاعة ما ،فوق دابة ، وغالبا ما تكون حمارا، فلاحق له في امتطاء الدابة بعد افراغ حمولتها ، مهما كانت المسافة بعيدة؟؟ -في احدى التجمعات الآمازيغية المجاورة لمدينة مكناس، يحرم زواج الامازيغي أبيض البشرة من أقبلي تحريما قطعيا؟؟ بل ان الأمازيغي أبيض البشرة ، اذا صادفه أقبلي في الصباح الباكر، فانه يتطير ويلغي كل ما كان ينوي عمله في اليوم، ويعود أدراجه الى البيت؟؟ -اذا قتل الأمازيغي أبيض البشرة أخاه الآمازيغي أسوقي ،فإن الدية لا تتعدى ، ربع كيلوغرام فول أسود مطحونا؟؟ هذه سيد عصيد بعض من مواقف وعادات المجتمع الأمازيغي، لاشك أنك تعيها أنثروبولوجيا . فهل سنخضعها هي الأخرى للدسترة؟؟ علما بأني مع دسترة اللغة والثقافة الأمازيغيتين، ومستعد أن أبذل في ذلك حياتي اذا كانت ستقطع مع هذه العنصرية البشعة التي تطال الأمازيغي أسود البشرة، على يد أخيه الأبيض. بقي أن أشير الى تلك المداخلة القيمة التي ألقاها المرحوم عبد الحميد السايح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأسبق في منتدى فكر وحوار ، سنة 1983 حيث عرى مخططات قادة الكيان الصهيوني ، في هذا الجناح الغربي من العروبة، بعدما نجحوا في مخططهم بالمشرق، وما من سبيل لهم -حسب ما يخططون- سوى استعمال القضية الأمازيغية، يضيف المرحوم عبد الحميد السايح. وقد تعرض هذا التصريح يومئذ ، لحملة استنكار واسعة من لدن المغاربة عربانا وأمازيغ. اضافة لابد منها ويتعلق الأمر بمشروع( بروك 1) و(بروك2 )وهو مشروع يهدف الى غرس مليون نخلة من نخيل المجهول ، وفي سنة 2003،بلغ عدد الخيل في(بروك1) 2300 نخلة وهي يومها تشرف على عملية القطاف الخامس سيد عصيد، من يمول هذا المشروع الجبار ؟؟ ومن يشرف على تنفيذه؟؟ قليلا من الايمان بالاختلاف ، الذي هو شيمة المواطن الأمازيغي الأشم.