من البديهي القول بان نجاح أي مشروع إصلاحي رهين بمدى تعبئة وتجنيد كافة الشروط المادية والرمزية، والإمكانيات اللوجستيكية والبشرية للانخراط الفعال و الإرادي والمُواطن الجماعي والفردي فيه؛ التعبئة هي القوة المادية والرمزية (المعرفية والوجدانية والاجتماعية والقيمية...) الدافعة لمحركات الإصلاح.والتعبئة لا يمكن اختزالها فيما هو سيكولوجي وأخلاقي فقط ،كما هو سائد في الخطابات الرسمية الرائجة؛ بحيث إن الشروط التعبئة تتطلب،كذلك، تعبئة الموارد المادية والمالية والتقنية، والمعرفية العلمية ،والتواصلية... وتعبئة الموارد البشرية ،التي ستنفذ الإصلاح، من خلال توفير أطر تدبيرية وإدارية وتأطيرية وتدرسية كفأة وكافية(مناصب مالية)،و مُتمثلة جيدا لأهداف الإصلاح واستراتيجباته،ومؤمنة ومقتنعة به،وكذا تعبئة رسمية(إرادة سياسية) ومجتمعية شاملة... وعليه، يمكننا القول إن شروط التعبئة لإنجاح الإصلاح التعليمي هي مُركبة ومتنوعة؛بحيث إن التعبئة هي مشروع شمولي ومترابط العناصر المكونة له،كل عنصر/شرط يساهم بفعالية ومن موقعه في تحقيق الأهداف النهائية للإصلاح التعليمي المُرتقب. كما هو معروف،تبنى المغرب مؤخرا مشروعين لإصلاح منظومة التربية والتكوين(الميثاق الوطني للتربية والتكوين،والمخطط الاستعجالي)،وقد سجل مجموعة من الفاعلين والمتتبعين،رسميين وغير رسميين، على المشروعين مجموعة من الملاحظات السلبية التي كانت عائقا(أو ستكون مستقبلا) أمام تحقيق أهداف الإصلاح المأمول،ومنها أساسا شبه غياب التعبئة المواكبة للإصلاح.وعليه ، يمكننا طرح الأسئلة المركزية التالية: لماذا هناك غياب(أو شبه غياب) لتعبئة حقيقية وقوية مواكبة وحاضنة للإصلاح التعليمي؟ وماهي اختلالاتها السلبية؟وماهي،بصفة عامة، شروط التعبئة القمينة بإنجاح الإصلاح وتحقيق أهدافه المسطرة؟ محمد الصدوقي 1-الشروط المالية والمادية واللوجستيكية للتعبئة لقد عبأت الدولة،خصوصا في «الإصلاح» التعليمي الأخير(المخطط الاستعجالي)،موارد مالية ضخمة وغير مسبوقة، مثلا هذه السنة خُصص للقطاع المدرسي حوالي 38 مليار درهم،وهذا وحده يعبر عن إرادة سياسية حقيقية(وإن كان هذا غير كاف لوحده) لإصلاح التعليم،لكن التساؤل الذي يبقى مطروحا دائما في كل إصلاح:هل هذه الموارد المالية تُصرف حقيقة في تحقيق الأهداف الأساسية والحيوية للإصلاح؟وما هي أولويات الصرف، والنسب المخصصة لكل عنصر/هدف حسب وزنه ومدى حسمه في تحقيق أهداف الإصلاح؟ نظن أن الهدف والعنصر الأساسي في أي إصلاح هو بالدرجة الأولى القسم وسكانه الأصليون(الأستاذ/ة والتلاميذ)،من حيث توفير الشروط المادية والتجهيزية البيداغوجية الملائمة والمساعدة على تحقيق جودة التعلمات لدى التلاميذ،وتليه المدرسة من حيث الخدمات و البنيات والتجهيزات الكافية والجيدة ، التي يمكن لها ان تقدم مختلف الخدمات المدرسية(التفتحية،التثقيفية،الترفيهية،الصحية، الداعمة،الاجتماعية...) للتلميذ-ة. (الغريب أن هناك بعض البنيات والتجهيزات التي أحدثتها الوزارة ببعض المدارس لا زالت خارج الخدمة،مثلا رغم ربط المؤسسات بشبكة الكهرباء والماء،وبناء المرافق الصحية،وتزويدها ببعض الوسائط الديداكتيكية الحديثة،فإن كل ذلك لازال ضمن أفواج المعطلين بالمغرب،ياترى لمن/ولما وُجدت،وقد صرفت عليها الملايير؟!) فهل فعلا التعبئة المالية الضخمة المخصصة للإصلاح الجديد تصل إلى القسم والمدرسة؟ وهل الوزارة الوصية وزعت مواردها المالية بكيفية عقلانية على مختلف عناصر/ومجالات الإصلاح المستهدفة؟فمثلا ماهي النسبة المئوية المخصصة للمجال المادي واللوجستيكي(البنيات والتجهيزات والوسائط والوسائل الديداكتيكية)؟وما هي نسبة التغطية والتعميم؟وهل هذه النسبة،إن كانت موجودة فعلا،ملائمة للحاجيات الواقعية الآنية والمستقبلية للعرض التربوي؟ على أي،كإيجابيات، نسجل المجهودات الأخيرة(السنة الثانية من تطبيق المخطط الاستعجالي) للوزارة في هذا المجال،و حسب تصريح وزيرة القطاع المدرسي،في مجلس النواب ليومه الأربعاء 13 أكتوبر 2010،حيث» تم إحداث 359 مؤسسة جديدة،منها 16 مدرسة جماعاتية،و18 داخلية.كما تم تأهيل أكثر من 8000 وحدة مدرسية ،و284 داخلية،فضلا عن تعويض المتلاشي من التجهيزات المدرسية،واقتناء التجهيزات الديداكتيكية للمؤسسات التعليمة»(كم عددها ونوعها،وكم غطت من مؤسسة؟! هذا لم توضحه السيدة الوزيرة). على العموم،الوزارة في عرضها التربوي الحالي تتوفر على 9799 مؤسسة في مختلف الأسلاك،وعلى 137116 حجرة دراسية،وعلى 524 داخلية. غير انه،وحسب الأرقام الرسمية السابقة المتعلقة بالعرض التربوي،نلاحظ انه كمعدل يوجد حوالي 47 تلميذا في الحجرة(وواقعيا أكثر في العديد من الحالات)،مما يطرح مشكلة الاكتظاظ وتأثيراتها السلبية على جودة التعلمات وتطبيق البيداغوجيات الحديثة(خصوصا الفارقية،والتعليم المفردن،الإدماج...).كما انه توجد حوالي 12297 داخلية لكل تلميذ،مما يطرح عدة مشاكل تخص ضعف التغطية،والإيواء والإطعام خصوصا لدى تلاميذة العالم القروي،الذين قد يهددون بسلبيات الهدر المدرسي(الانقطاع غالبا) لعدم وجود خدمات الإيواء الكافية،وهزالة المساعدات المالية(المنح). وتقييما لما سبق،فإن الأمر يتطلب من الوزارة الوصية مضاعفة مجهوداتها لتوفير عرض تربوي جيد وكاف يلائم الطلب الدراسي المتزايد. كما نسجل عدم اهتمام الوزارة الكافي بالتجهيزات الخدماتية التربوية التي تهم التثقيف والرياضة والتربية على المواطنة والاندماج الاجتماعي(مكتبات،قاعات متعددة الوسائط،قاعات العروض والأنشطة...)... حيث لا نعثر على أرقام تهم هذه الخدمات لدى الوزارة حسب علمنا. كذلك بالنسبة للتجهيزات الديداكتيكية للأقسام والمدارس(وهذا الأهم)، الوزارة لم تصرح لنا في أرقام ونسب ماهي التجهيزات الديداكتيكية،من حيث الكم والنوع،التي قامت بها؟وما هو عدد المدارس التي استفادت من هذه التجهيزات؟حسب الواقع العيني،أغلب المدارس والأقسام تعرف خصاصا في التجهيزات الديداكتيككية،اللهم الاهتمام الجدي والتمييزي ب»جيل مدرسة النجاح»،حيث عرفت أقسام المستوى الأول تجهيزا نموذجيا(وإن كان غير كافيا بالمقياس الحديث للتعليم)، والذي لم تعرفه أقسام باقي المستويات،مما طرح ردود فعل سلبية لدى التلاميذ والمدرسين على السواء(الشعور بالتمييز وعدم تكافؤ الفرص). كما لا بد من الإشارة هنا إلى أننا لا نحمل كل المسؤولية المطلقة للوزارة وحدها في تدبير الغلاف المالي المخصص للإصلاح من حيث آثاره الايجابية على القسم والمدرسة، حيث عملت الوزارة على ضخ حوالي 50000 درهم للمؤسسات التعليمية من خلال جمعيات دعم مدرسة النجاح.وعليه فإن أطر المدرسة كذلك يتحملون قسطا من المسؤولية في تدبير الغلاف المالي بشكل فعال لتحقيق الأهداف والمشاريع المتعلقة بالقسم/المدرسة والتلميذ أولا.غير أننا نسجل كذلك تسجيل عدم كفاية المبلغ المخصص لجمعيات دعم مدرسة النجاح،لتحقيق كل الأهداف المسطرة التي تهم المدرسة. إذا كان من الممكن إدخال تعبئة الكلفة المالية و التجهيزات والبنيات التحتية فيما هو لوجستيكي الذي يوفر الوسائل الضرورية لتحقيق أهداف الإصلاح التعليمي،فإن التخطيط الجيد والمعقلن والتتبع والتقييم،والحكامة الجيدة،هي كذلك وسائل وعمليات لوجستيكية ضرورية ولها فعاليتها في تنفيذ وهندسة المشروع الإصلاحي وتجويد منظومة التربية والتكوين. في هذا الجانب بالذات،نسجل تقدما كبيرا في هندسة الإصلاح الأخير،من حيث إرساء أنظمة للقيادة والحكامة،تخطيطا وتدبيرا وإدارة،مع تسجيل بعض الاختلالات على مستوى فعالية التنفيذ والتقييم والتتبع،الذي يتطلب تعبئة وجهودا أكثر... على العموم،جل الفاعلين والممارسين يسجلون عدم وصول الإصلاح بعد،وبشكل قوي وكاف،في صيغته المادية والتجهيزية إلى أبواب المدارس والأقسام.حيث،يُلاحظ هدر التعبئة المالية في الأمور والعمليات الإدارية والتدبيرية ( تضخم الاجتماعات والتعويضات،هواتف ،حواسب وطابعات،الربط بالانترنيت...) وهذا ليس من الأولويات الملحة للإصلاح حاليا،رغم أهميتة ذلك،لان هناك أولويات وحاجيات ملحة تتعلق بالبنيات والتجهيزات وكفاية العرض والخدمات التربوية، وتجويد وتوفير العرض التربوي، ودعم المتعلمين، و إحداث المناصب المالية لتغطية الخصاص في الأطر العاملة بالوزارة. 2- شروط التعبئة البشرية بعد التعبئة المالية والمادية واللوجستيكية،تأتي الأهمية الحاسمة للعنصر البشري في تنفيذ وإنجاح الإصلاح؛ونخص هنا بالذكر أساسا أطر الإدارة والتدبير، والمدرسين،والشركاء من أسرة وجماعات محلية،والمجتمع عامة. وكما قلنا سابقا،فإن توفير شروط التعبئة لا يجب أن يقتصر فقط على الخطابات التحفيزية السيكولوجية والقيمية/ الأخلاقية للانخراط في الإصلاح وتبني أهدافه،بل يجب أن يعني كذلك توفير الوسائل والشروط الاجتماعية و المهنية للعمل، والتكوين والتأطير المهني الذي يقوي الكفاءات التدخلية،وكسب ثقة شركاء المدرسة،من خلال مصداقية تطابق الأقوال للأفعال... فهل شروط التعبئة هذه متوفرة لدى كل الفئات البشرية المشار إليها سالفا؟ - أطر الإدارة والتدبير : إن كنا نسجل عموما مؤخرا التحسن النسبي لشروط العمل والتحفيز لهذه الفئة: تكوينات،تعويضات، تزويدها بوسائل العمل الحديثة(حواسب،هواتف...)،غير انه لازالت هذه الفئة تعيش عدة مشاكل واختلالات من حيث وسائل وظروف العمل،خصوصا في المدرسة الابتدائية:إثقال كاهلهم بأعمال والتزامات كثيرة ومتزايدة دون التوفر على طاقم مساعد(في الابتدائي) او عدم كفايته(في الثانوي)،معاناتهم مع الظروف السلبية لمؤسساتهم(الاكتظاظ،خصاص في الأطر و في التجهيزات ووسائل العمل،التنقل،وسائل العمل الكافية...)، عدم تجاوب الوزارة الرسمية مع مطالبهم المختلفة...هذه الظروف تجعلهم غير واثقين من مصداقية خطابات التعبئة الإصلاحية،مما يطبث من عزائمهم ولا يشجعهم على التعبئة الايجابية و الانخراط الحماسي والجدي في اوراش الإصلاح. - الأطر التربوية: رغم تصريح وزير التربية الوطنية مؤخرا بمجلس النواب(جلسة الأربعاء 13 أبريل 2011) ان قطاع التربية عرف هذا الموسم فقط(2010/2011) 246 إضرابا و 132 جلسة حوار اجتماعي مع ممثلي أطر القطاع،فإن حالة الاحتقان والتذمر لازالت قائمة وسط العاملين بالقطاع وفي تصاعد مستمر،نظرا لعدم جدية الوزارة في حل كل الملفات الاجتماعية والمهنية العالقة.والغريب أن السيد الوزير يقول بان التلميذ هو الذي يتحمل ثمن هذا الاحتقان،وكأنه يحمل المسؤولية في ذلك إلى المضربين!ونسى مسؤولية الحكومة والدولة في ذلك(وموضوعيا لا نبخس بعض المجهودات المهمة التي قامت بها الوزارة مؤخرا).وهو يشهد على نفسه :رغم ذلك الكم الهائل من الإضرابات وجلسات الحوار العبثية وغير الجدية والضعيفة النتائج ،فإن جل الملفات والمطالب العالقة لنساء ورجال التعليم لازالت تراوح مكانها،وتتراكم سنة بعد سنة؟!فهل العاملون بالقطاع يعشقون الإضراب من اجل الإضراب؟هذا ما يجب أن تفهمه الأسر والرأي العام،وعدم السقوط في مطب بعض الخطابات الديماغوجية غير الموضوعية،والوعي بخلفيات سياسة الهروب إلى»الخلف»،والتشويه غير المسؤول لصورة اطر التعليم والمدرسة العمومية.المسؤولية الأولى على الاحتقان والإضرابات تتحملها الوزارة/الدولة.فهل بهذه السياسة التدبيرية السيئة للقطاع،وبهذا التعامل المجحف ، تريد الوزارة أن تحفز وتعبئ أطر التربية والتكوين لإنجاح أوراش الإصلاح؟ الكل بات يعرف الحالة المهنية والاجتماعية المزرية لأوسع قاعدة من اطر التربية والتكوين،ولا يمكن لمتذمر وساخط على الوضع أن يتعبأ وينخرط بحماس وفعالية في إنجاح قطاع يظلمه ويهضم حقوقه ويؤزم وضعيته.ناهيك عن تهميشه(وتهميش ممثليه) وإبعاده عن المشاركة في القرار التربوي وتخطيط وإعداد وتقييم الإصلاحات التعليمية. فلا تعبئة دون إشراك و تحسين الشروط الاجتماعية والمهنية للفاعل الأساسي والأول والمباشر في منظومة التربية والتكوين(الإطار التربوي). 3- الشركاء:الأسرة والجماعات المحلية: إن كانت الأسرة هي الشريك الأول والطبيعي للمدرسة العمومية،فإن وسائل واستراتيجيات إشراكها و تعبئتها وحثها على الانخراط في اوراش الإصلاح، لازالت ضعيفة إن لم تكن منعدمة أحيانا؛وذلك لعدة أسباب:عدم تكثيف برامج ووسائل الاتصال والتوعية مع الأسر لتأطيرها و تحسيسها بأهمية تمدرس وتتبع أبنائها (انفتاح المدرسة على الأسرة)،ضعف مشاركتها في تدبير المؤسسات التربوية( من خلال جمعيات الآباء ومجلس التدبيرخاصة)،نظرا لتفشي الأمية والفقر وضغوطات العمل بين اغلبه الأسر المغربية،وإثقال كاهلها بالمساهمات المالية،والصراعات والحسابات الشخصية والسياسية بين أعضائها،ضعف التواصل وتعبئتها من طرف المدرسة والوزارة...لذا فإن تعبئة الأسر تتطلب فتح قنوات اتصال حقيقية معها،وإشراكها بكيفية مُلزمة ومسؤولة ونظامية في تدبير الحياة المدرسية ،وفي تتبع المسار الدراسي لأبنائها. أما الجماعات المحلية،التي تعول عليها الدولة كشريك للمدرسة،فالكل يعرف أن أغلبها لديها اهتمامات أخرى:بعضها(إلم نقول أغلبها)يهتم أعضاء مكاتبها فقط بمصالحهم الشخصية ،وبكيفية نهب المال والعقار العام في أسرع وقت ممكن قبل حلول الانتخابات، فبالأحرى الاهتمام بالصالح العام التي تأتي المدرسة في آخر لائحة ما الاهتمامات؛وهناك جماعات فقيرة(فاقد الشيء لا يعطيه)،وهناك أعضاء مكاتب أميين لا تربطهم بمؤسسات المعرفة والدراسة إلا الخير والإحسان...فلا يمكن تعبئة من لا رصيد له(أو لا «هاتف» له بالمرة، على سبيل المزاح!). فهذه مؤشرات دالة على إمكانية فشل أي تعبئة لهؤلاء،ويكفي ان نراجع محاضرحضور جل ممثلي الجماعات والأسر في اجتماعات مجالس التدبير،وان نتساءل ماهي التدخلات التشاركية التي أنجزوها لصالح المدرسة؟سنجد الحصيلة تعد على رؤوس الأصابع في بعض المؤسسات،ومنعدمة كليا في أخرى. 4- المجتمع: ونخص هنا أساسا بالذكر المجتمع المدني والإعلام العمومي؛فإن كان المجتمع المدني، من نقابات وجمعيات حقوقية ومتخصصة،يساهم بشكل ملحوظ ومتصاعد(وإن كان بوتيرة غير كافية) في التعبئة من أجل المدرسة ومتابعة وتقييم أوراش الاصلاح،فإن الإعلام العمومي،الذي يصل إلى كل أسرة وإلى كل مواطن ويؤثر في توجهاتهما وتمثلاتهما وسلوكهما،،فهو شبه مستقل من مهام التعبئة حول المدرسة وأوراشها الاصلاحية.بل يساهم في الأغلب في تشويه صورة المدرسة والمدرسة/ة(كما وقع مؤخرا في برنامج كوميديا)،وترسيخ قيم الاستهلاك والتشييء والاستلاب واللذة والمتعة،وتقديم نماذج مثالية سيئة للنجاح المجتمعي بعيدة كل البعد عن الاعتماد على الكفاءة العلمية والاجتهاد التعليمي.فلماذا الوزارة/الدولة لا تفرض(أو تبادر على الأقل) على الإعلام العمومي بقنواته المتعددة برامج وإعلانات منتظمة تهتم بقضايا المدرسة ،وبتعبئة المجتمع حول المدرسة وأهداف اوراش الإصلاح التي تنخرط فيها الدولة،وتوضح للجميع أهمية التعليم في حياتنا الفردية والمجتمعية وفي نهضة وتقدم وطننا... وفي الأخير،نقول إن التعبئة لإنجاح أوراش الإصلاح،ولجعل التعليم قاطرة حقيقية للتنمية والتقدم،وللرقي بالأفراد والجماعات والوطن،تحتاج إلى إرادة سياسية ومجتمعية حقيقية ومُواطنة،لجعل الجميع(دولة ومهنيين وشركاء ومجتمعا) ينخرط بمسؤولية وقناعة فيها(الاوراش) ،وذلك من خلال توفير جميع شروط التعبئة المتعددة والمركبة(التي أشرنا إليها سابقا) وتفعيل كل الوسائل والاستراتيجيات المتاحة والضرورية،وعدم الاكتفاء بالخطابات الأخلاقية الرسمية الموسمية،خصوصا ونحن في زمن حضاري وسياسي جد حرج،يتسم بالتطور والمنافسة والغليان الاجتماعي،وبتصاعد الوعي واليقظة من اجل حقوق الانسان المواطنة والوطن،ومحاربة كل أشكال الفساد والفقر واللامساواة والتخلف...فمزيدا من التعبئة الشاملة والفعالة والمُواطنة غيرة على المدرسة العمومية وأبنائنا،وعلى وطننا المشترك أولاوأخيرا. مدرس وباحث تربوي