ما وقع بمخفر الدرك الملكي بالنقوب بإقليم زاكَورة يكشف هذه المرة بالملموس عن التعذيب الوحشي الذي لطالما نددت به الجمعيات الحقوقية في بيانات سابقة، وطالبت غير ما مرة بفتح تحقيق حول ما يرتكب في مخافر الشرطة والدرك من تجاوزات تنتمي إلى العهد البائد بالإقليم. فقد اهتز الرأي العام لما وقع بالنقوب وأجج غضب الجمعيات الحقوقية مرة أخرى بعد أن تعرض المدعو «احساين أيت ملوك» للاعتقال والتعذيب الوحشي يوم فاتح أبريل 2011،حيث سقط على إثر ذلك في غيبوبة تامة عن الوعي فتم نقله إلى مستشفى الدراق بزاكَورة، قبل أن ينقل إلى مستشفى سيدي احساين بورزازات صباح يوم الجمعة 9 أبريل2011،بعد أن تدهورت صحته بشكل سيء. وحسب بيان حقوقي توصلنا به، فقد عاين مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكَورة آثار التعذيب والضرب المبرح الواضحة على الضحية بمستشفى الدراق، فيما أفاد أحد أفراد عائلته أن الملابس التي كان يرتديها الضحية قد تم تغييرها بأخرى ليست تلك التي كان يلبسها حين تم اعتقاله واقتياده إلى مخفر الدرك الملكي بالنقوب، وذلك لطمس معالم وآثار التعذيب الذي تعرض له الضحية. وعلى ضوء هذا الخرق السافر لحقوق الإنسان، طالب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكَورة، بفتح تحقيق نزيه في الموضوع، وتقديم المعتدين للعدالة، كما أعلن تضامنه المطلق مع الضحية وإدانته القوية للتعذيب الشنيع الذي تعرض له «احساين أيت ملوك» واحتجاجه الشديد على الأساليب المعنوية والمادية الحاطة بكرامة الإنسان، والتي لاتزال تنهجها الأجهزة الأمنية بالإقليم بمخافر الشرطة والدرك على حد سواء. هذا وخلف هذا الحدث استياء عميقا لدى المجتمع المدني والهيئات السياسية التقدمية والجمعيات الحقوقية بزاكَورة، لأنه لامبرر، في نظرها، بأن يلجأ الدرك الملكي إلى التعذيب كوسيلة لانتزاع اعترافات المعتقل تحت طائلة الضرب المبرح والتهديد حتى يقبل التهمة المنسوبة إليه، إن كانت هناك تهمة حقا، لأن المغرب قطع مع هذه المسألة بصفة نهائية، وجرّم التعذيب داخل مخافر الشرطة والدرك وفرض على النيابة العامة القيام بزيارات مفاجئة لها لمعاينة وضعية المعتقلين وظروفهم. لكن درك النقوب هذه المرة بقي يغرّد خارج السرب أكثر من اللازم، وكأنه يحنّ إلى العهد البائد عندما كانت أسواط الجلادين بالأقبية والسجون السرية والعلنية تتهاوى تِباعا على أجساد المعتقلين الأبرياء بقسوة وسادية ووحشية، دون الحديث طبعا عن التهم الملفقة التي نسبت إليهم تنكيلا بهم وانتقاما منهم في المحاضر التي كانت معدة سلفا. هذا وتجدر الإشارة أنه وقع حدث مماثل منذ شهر تقريبا بمخفر الشرطة بزاكورة حيث أفادت مصادرنا أن مفتش أمن بزاكَورة عذب بائعا متجولا وتسبب له في كسور على مستوى فكي الوجه، فقدم للعدالة وأدانته ابتدائية زاكَورة بأربعة أشهر حبسا نافذا قبل أن تخفضه محكمة الاستئناف إلى شهرين يوم6 أبريل 2011.