في مستوى درجة الحرارة التي تعرفها خنيفرة خلال هذا الفصل الحار عاشت هذه المدينة حرارة غضب كبير ضد جرائم وانتهاكات الملقبين ب«العشيرة» التي تعيث في الأرض والبشر طغيانا وجبروتا ... وهذه المرة يتجدد الغضب على خلفية القافلة الوطنية التي حلت بالمدينة قادمة إليها من مختلف مناطق المملكة للتضامن مع ضحايا هذه العشيرة والاستماع لشهادات بعضهم، وقد تميزت زيارة القافلة، التي حضرتها جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، بتنظيم لقاء احتضنه مركز التكوين المستمر للأستاذات والأساتذة، بعد أن منعت السلطات طلب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (صاحبة المبادرة) باستعمال قاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات، وقد عرف اللقاء حضورا مكثفا للعديد من الهيئات الجمعوية والحزبية والسياسية والنقابية والحقوقية والنسائية والشبابية، إلى جانب عدد من المحامين والمعطلين ومناضلي الحركة الأمازيغية وقدماء المعتقلين السياسيين. لقاء القافلة افتتح بكلمة رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مصطفى عذاري، الذي استعرض واقع التهميش الذي يعاني منه الإقليم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والتدمير الممنهج الذي تعرفه الثروات الغابوية والمقالع والمياه، تنضاف إلى ذلك انتهاكات حقوق الإنسان الذي ظل الإقليم يتلوى في جحيمها، حيث تشردت العائلات والنساء والشيوخ، وما يزال البعض بهذه المناطق يعتقد أن سنوات الرصاص لم تنته ليستمروا في طغيانهم وجبروتهم، حيث ما تزال آلام الماضي تئن تحت سطوة جبابرة خارج القانون، ودونما مساءلة أو عقاب، ولم تفت المسؤول الحقوقي الإشارة إلى مبدأ الإفلات من العقاب الذي ما يزال واحدا من الانشغالات الأساسية للحركة الحقوقية بالمغرب، ومن الضروري أن يمر عبر دستور ديمقراطي كشرط لإرساء دعائم دولة الحق والقانون، ومعلوم أن رئيس فرع الجمعية ومدير أسبوعية «المشعل» كانا قد مثلا أمام القضاء يوم الثلاثاء 16 يونيو 2009، بناء على شكاية تقدمت بها، أمام محاكم الدارالبيضاء، جمعية أطلقت على نفسها اسم «جمعية أمحزون موحى وحمو الزياني» على خلفية ملف أنجز حول الموضوع، وتم تأجيل النظر في القضية إلى يوم الثلاثاء 14 يوليوز الجاري، ذلك قبل أن تفاجأ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة بدعوى قضائية جديدة تقدم بها أفراد من عائلة أمحزون، ومن المقرر أن يتم النظر في هذه الدعوى يوم الثلاثاء 21 من هذا الشهر. ومن جهتها لم يفت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية الحقوقية، اعتبار الحضور المكثف في اللقاء بمثابة «عنوان عريض للرفض الذي يكنه المواطنون بخنيفرة لكل مظاهر الظلم والطغيان ولتسيبات الخارجين عن القانون، ولمؤامرات الصمت التي لا تجلب غير العار»، معتبرة «الخطابات الرسمية مجرد خطابات مزيفة بالمقارنة مع ما يجري على أرض الواقع»، تلاها مدير أسبوعية «المشعل» المتابع أمام القضاء على ضوء الدعوى المرفوعة ضده من طرف جمعية أمحزون على خلفية ملف أنجزته جريدته، وقال في كلمته «إن عائلة أمحزون هي التي يجب أن تحاكم وليس «المشعل». حمزاوي أما كلمة جمعية المعطلين فلم يفتها التنديد ب«تواطؤ الدولة مع مصالح الجلادين وناهبي المال العام والقمع الطبقي»، مذكرة بمصطفى حمزاوي المتوفى بمخفر للشرطة بخنيفرة عام 1993 دون أية مساءلة أو محاكمة للمتورطين في مقتله أو كشف عن حقيقة مقتله أو حتى مكان قبره الذي ما يزال مجهولا، مضيفة كلمة المعطلين «أن قاتل حمزاوي ما يزال يزاول مهامه بإحدى الكوميساريات بالبيضاء»، ولم يفت ذات الكلمة الإشارة إلى أن هذا الملف لم يسلم من وجود «يد» في مسلسل إقباره منذ الساعات الأولى للحادث والضغوط التي مورست على والد الضحية والشهود. كل نفس ذائقة الخرق «بالوحدة والتضامن، اللي بْغينَاهْ يْكونْ يْكون»، «أبدا لن نركع لن يرهبنا صوت المدفع»، تحت هذه الشعارات وغيرها من الهتافات والأناشيد النضالية تناوب عدد من ممثلي الهيئات والمكونات المجتمعية والإعلامية الحاضرة في اللقاء على المنصة للإعراب عن تضامنهم مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بخنيفرة، ومع الصحافة التي تُغتال يوما بعد يوم أمام المحاكم والمتابعات القاسية، حيث أجمعت كلمات المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، المركز المغربي لحقوق الإنسان، جمعية المدونين بالمغرب، المرصد المغربي للسجون، جمعية المحامين (بينهم محامي ما عرف بمجموعة «رسالة إلى التاريخ»)، تنسيقية الجمعيات الأمازيغية، المنتدى الأمازيغي، النقابة الوطنية للتعليم العالي، الائتلاف من أجل الدفاع عن الحريات الاساسية، وغيرها من الهيئات النقابية والسياسية، أجمعت على تضامنها المطلق مع ضحايا الانتهاكات بإقليم لا زال يتخبط تحت وطأة الظلم و«الحكرة» والطغيان والتهميش بأشكال وألوان جديدة، ووقوفها إلى جانب الأصوات الحرة والضمائر الحية والصحافة الديمقراطية والشريفة في مواجهة قوانين الاستغلال والقهر والقمع والترهيب، ولم يفت بعض الكلمات التنديد بتواطؤات السلطة مع الظالمين والنافذين و«المافيات التي تصول وتجول في هذا البلد»، فيما ذهبت إحدى الكلمات إلى تلخيص الوضع بعناوين عريضة من قبيل «لا حرية ولا كرامة بدون استقلال القضاء، أو بدون مساواة كاملة بين المواطنين، وحرية في الرأي والتعبير»، و«كل نفس ذائقة الخرق»، وبينما اختار أحد المتدخلين (أحمد ويحمان) الانطلاق بورقته من ضحايا ماضي الانتهاكات، اختار أن يربط أحوال إقليمخنيفرة إبان فترة سنوات الرصاص بأحواله مع سنوات الجبروت، ومذكرا بقصة المواطنة هنو التي تعرضت لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب على يد أحد افراد هذه العشيرة إلى أن فارقت الحياة ولم يتوقف عن التلذذ بالعبث بجثتها، ومباشرة بعد الإفراج عنه في الظروف المشبوهة أقدم على جريمة قتل ثانية. مذبحة المواشي المسروقة اللقاء توج بشهادات حية على لسان نماذج من ضحايا الانتهاكات، والبداية من المواطن محمد بنحلو، من قبيلة آيت موسى آيت لحسن واسعيد، الذي استعرض بلكنة قروية بريئة كيف سرقوا من بيته ليلا 23 رأسا من مواشيه، وقال إن المواشي المسروقة تم نقلها إلى ما وراء الوادي، ، وتحديدا بالظهرة المصلى، حيث لجأ إلى اقتفاء الأثر التي انتهت به أمام إسطبل، وتم إبلاغ مصالح الدرك بالموضوع غير أن هذه المصالح لم تقم بأي إجراء، حسب الضحية، بدعوى أن متزعم العملية شخص من المحسوبين على العائلة المعروفة إقليميا باستعمال قربها من القصر الملكي، وقد حاول السارق كالعادة "إلصاق" الجريمة بأحد معاونيه البسطاء (رباع)، هذا الأخير الذي اختفى عن الأنظار أو على الأصح يكون قد تم إخفاؤه إلى حين هدوء الزوبعة. ولم يكن منتظرا أن تصل شرارة الانتقام بصاحب الإسطبل ومن معه إلى درجة القيام ب«نحر» جميع النعاج المسروقة وتمزيق أحشائها على طريقة ما تفعله الحيوانات المفترسة ودفنها تحت أكوام من القش بهدف إخفاء أثار جريمة السطو، وبالتالي للانتقام من صاحب هذه النعاج الذي نجح في الوصول إلى مصير نعاجه التي هي مصدر رزقه، والإبلاغ بأمرها لدى مصالح الدرك، وبسبب الحرارة الصيفية المفرطة تعفنت جثت النعاج المذبوحة وتصاعدت منها روائح كريهة كان كافيا أن تستقطب كلابا شوهدت وهي تنبش في "مسرح المذبحة البشعة"، ولحظتها انتقل أفراد من السلطة المحلية والدرك إلى عين المكان، وأمام حالة التلبس بالتيقن من حقيقة وجود النعاج المسروقة بالإسطبل المعلوم، قاموا بإحصاء رؤوسها التي أكد عددها صدق كلام صاحبها، ومن تم قامت السلطات المذكورة بحرقها، وقد أشارت مصادرنا إلى وجود نعاج حوامل بين المسروقات، ووقتها تقدم ضحايا الفعل البشع لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة بشكاية سجلت تحت عدد 2061 / ش 08 ووجهت للدرك الذي لم يجد أمامه غير التخلص منها بإحالتها على استئنافية مكناس بمحضر رقم 350 يوم 18 غشت 2008 (ورقة الإرسال رقم 2/1120)، وإلى حدود الساعة ما يزال ملف القضية في «غرفة الانتظار» دونما أي جديد، وباللهجة البدوية للضحية قال «إنه لا حكومة خنيفرة ولا حكومة مكناس استطاعت إنصافه»، والواضح أن الملف قد تم إلحاقه ب «الأرشيفات الباردة» التي آلت إليها باقي الملفات المعلومة. ترهيب واحتلال الأراضي ومن جهته جاءت الشهادة الثانية على لسان المواطن/ المناضل عبد الكبير قاشة، المتابع أمام القضاء، بناء على شكاية قدمها ضده أحد الأفراد المنتمين لعائلة أمحزون، وذلك على خلفية مقال كتبه بالعدد 99 من جريدة «النهج الديمقراطي» عام 2006، أي قبل أزيد من ثلاث سنوات، ويوم الخميس 25 يونيو الماضي، نظرت ابتدائية خنيفرة، حسبما تقرر خلال جلسة يوم 14 ماي الفارط، في الشكاية المرفوعة ضد لكبير قاشة، وتم تأجيل ملفها إلى يوم الخميس 24 شتنبر المقبل، وذلك بتهمة «السب والقذف والتحريض على العنصرية والكراهية والإشادة بالاستعمار»، والمرتكزة على المقال الذي سبق نشره بالجريدة السابق ذكرها. ومن خلال التهمة الموجهة للمتابع بها يتأكد أن هناك تدني الفهم والرغبة في الاقتصاص، انطلاقا من تحوير عبارة «يا شرفاء هذه الأرض» إلى حيث تم فهمها على أساس أن المقصود منها هم «الشرفا» (بمفهوم شجرة النسب)، لتؤخذ بمثابة تحريض على العنصرية»، وأكد الضحية أن المناورة تأتي على خلفية تلقيه قبل سنوات مضت عروضا انتخابية من المطالب بالحق المدني لغاية مؤازرة زوجته لأجل الفوز برئاسة جماعة لَهْري. أما الشهادة الثالثة فقد تقدم بها أحد ممثلي سكان قبيلة آيت لحسن أوسعيد، والتي جدد فيها مطالبة سكان منطقته بتفعيل قرار اللجنة الملكية عام 1965 في ملفها 519 بخصوص ما يسمى ب«أراضي إمحزان»، وينص القرار على تفويت هذه الأراضي لأصحابها، حيث لا يزال سكان قبيلة آيت لحسن أوسعيد منذ ذلك التاريخ، أي منذ 44 سنة، ينتظرون من أبناء الباشا الالتزام بقرار اللجنة الملكية وتسليمهم أراضيهم، ويتعلق الأمر بأراض تقع بتمازاورت بأزغار وتملاكت بالجبل وأگرن علي بالگعيدة. وعبر الشاهد عن استياء سكان المنطقة من تأخر إجراءات تنفيذ قرار يعود للجنة أوفدها جلالة الملك، ولم يجدوا أدنى تفسير منطقي للأسباب الكامنة وراء هذا الأسلوب من التماطل المكشوف الذي دام لأكثر من أربعة عقود، اللهم إذا كانت السلطات المعنية لازالت تؤمن بوجود «عشائر» فوق دولة الحق والقانون، ولم يفت الشاهد أن صاح غاضبا «إذا لم يتم الحسم في ملفنا سنلجأ به إلى الحكومة الفرنسية». ويشار إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه القبائل بالإقليم تقاوم المستعمر الفرنسي وتلجأ إلى الجبال كان البعض يترصد للترامي على الأراضي، وأمام زهاء 90 شكاية سكانية قام الملك الراحل الحسن الثاني بالتدخل فعين لجنة ملكية للبث في النزاع، وطلب وقتها من المحكمة الابتدائية بخنيفرة أن ترفع يدها عن الملف، ولما أنهت اللجنة الملكية مهامها بعقد اتفاقية صلح وتسوية، وقررت وزارة العدل عام 1979 التنفيذ، قام أبناء أمهروق بإرجاع الأراضي لأصحابها باستثناء أبناء الباشا الذين واصلوا استغلالهم للأراضي ضدا على الأوامر الملكية. وسبق لعدد من سكان قبيلة آيت لحسن أوسعيد، إقليمخنيفرة، صباح الثلاثاء سابع أبريل 2009، تنظيم وقفة احتجاجية أمام عمالة الإقليم، قبل أن يقرروا تنظيم مسيرة سلمية باتجاه الرباط العاصمة على أساس التوقف بها أمام القصر الملكي العامر في سبيل الالتماس من جلالة الملك محمد السادس التدخل لأجل تفعيل قرار اللجنة الملكية، وقد استقبلهم عامل الإقليم يومها ووعدهم بدراسة المشكل وإحالته على المراكز المعنية. نصب وتعذيب وحشي كما جاءت الشهادة الرابعة من أجلموس، إقليمخنيفرة، وهي لمجموعة من الشباب تعرضوا لعملية نصب واحتيال، وقد استعرض ممثل الضحايا تفاصيل حالتهم منذ أن تمكن الفاعلون من اصطيادهم، في الفترة الممتدة بين يونيو وشتنبر 2006، بوعدهم بالعمل على توظيفهم في سلك الأمن الوطني والبحرية الملكية، مقابل مبالغ مالية تراوحت ما بين أربعة وثمانية ملايين سنتيم، يحضر عملية دفعها شخص من صلب العائلة ، على أساس أن هذا الأخير له علاقات بشخصيات نافدة في إدارتي الأمن الوطني والبحرية الملكية، واتصالات مباشرة بالقصر الملكي، في استغلال واضح لقرابة يتم اتخاذ استغلالها منطلقا في الأساليب التي يعرفها الجميع بإقليمخنيفرة. وبعد انتهاء المحتالين من حصد المبالغ المالية من الضحايا قام الشخص المعني بتسليم الضحايا أظرفة مغلقة بادعاء أنها تحتوي على وثائق مختومة بطابع القصر الملكي، ومن خلالها يسهل الدخول المباشر إلى المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، ناصحا إياهم بعدم فتحها إلى حين يوم الفاتح من شتنبر 2006 حيث يمكن تسليمها لضابط سام سيجدونه في انتظارهم، وبعدها تم تغيير الموعد إلى 12 من الشهر ذاته ثم إلى 29 من نفس الشهر، حيث توجه حملة الأظرفة صوب المعهد الملكي للشرطة ولم يعثروا على أي شخص هناك، تماما كما هو حال الضحية المعني بأمر مباراة الولوج لسلك البحرية الملكية هذا الذي تم وعده بمرافقته شخصيا دونما حاجة لأية استدعاء، وبعد تمطط مدة الانتظار أدرك الجميع أنهم ضحايا أوهام، وعندما أخذوا في المطالبة باسترجاع أرزاقهم تمت مواجهتهم بالتماطل والتسويف وبعدها بالتحدي والتهديد، وكلما تقدم الضحايا للاستفسار عن مصير شكاياتهم لا يجدون إجابات كافية قد تبعث على شيء من الأمل، وإلى حدود الآن لم يجد ملف القضية أذانا صاغية من أية جهة لا إقليمية ولاجهوية ولا مركزية. إلى ذلك تأتي الشهادة الخامسة على لسان مواطنة (غنيمة) استطاعت بنبرتها المؤثرة والدامعة أن تصيب القاعة بجو من الحزن، حيث استعرضت قصتها هي الأخرى مع أمحزون حفصة، هذه التي دعتها ذات يوم الى بيتها على أساس أن تحيك لها غطاء صوفيا، لتفاجأ فور وصولها إلى البيت بالمرأة المذكورة وهي تتهمها ظلما وحيفا بالتورط في محاولة ربط علاقة ما مع زوجها، ولم تترك لها فرصة الدفاع عن نفسها حتى أمرت من قام باقتيادها إلى مكان بالبيت حيث أرغمت المرأة زوجها على أن يصب بنفسه ماء حاميا على جسد الضحية غنيمة، بل وفي قلب فرجها، ومنذ ذلك التاريخ اختارت غنيمة أن تختفي خارج مدينتها ولا تحل بها إلا كلما رغبت في زيارة والدتها المريضة. تحدي القضاء والامن المحامية فاطمة الصابري لم ترفض المشاركة في جلسة الاستماع بشهادتها هي الأخرى، حيث انطلقت بحديثها عن الملفات الحساسة التي كانت تنوب فيها، مثل ملف أراضي الكورص التي حاول بعض أفراد العشيرة انجاز ملكيات مزورة في شأنها، وملف أراض بمولاي بوعزة عندما حاول أحد الإقطاعيين الاستيلاء عليها على حساب تشريد 40 أسرة، قبل أن تدخل في صميم الواقعة التي شغلت الإعلام بالبلاد وخارجها، ويتعلق الأمر باليوم الذي تعرضت فيه المحامية للاعتداء الوحشي على يد حفصة أمحزون ، مستعرضة الضحية تفاصيل ذلك منذ اللحظة التي قام فيها رجال المتهمة بمطاردة شاحنة محملة بالوقود، على طول الطريق الفاصلة ما بين مريرت وخنيفرة، بدعوى أن هذه الشاحنة لم تتوقف بمحطة بنزين في ملكية حفصة لمدها بالبنزين، وقد حاولت بالقوة الضغط على سائق الشاحنة بإفراغ الحمولة بمحطتها لكنه استطاع الإفلات منها ومن عناصرها، متجها وفق ما هو مبرمج باتجاه محطتين بخنيفرة. وبمجرد توقف صاحب الشاحنة بمحطة بنزين تقع بطريق مكناس (تيتريت) في سبيل تسليمها حصتها من حمولة البنزين طبقا لما هو مرسوم على وثائق الشركة، التحق أفراد جيش المرأة المذكورة بصاحب الشاحنة وحاولوا الاعتداء عليه إلا أنه لاذ بالفرار، ووقتها اهتز جميع من كانوا بمقهى المركب السياحي الذي تضمه المحطة على وقع هجوم عشوائي من طرف العناصر المذكورة، حيث تعرض عدد من مستخدمي المحطة والمقهى لاعتداءات متفاوتة الخطورة، كما لم تسلم تجهيزات وواجهات المقهى من التلف والتدمير، فيما عرض المعتدون مالك المحطة لوابل من الشتم والسب، قبل أن تظهر زوجته (الضحية فاطمة الصابري المحامية) التي ما إن رآها المعتدون تتدخل حتى شرعوا في استفزازها وتعنيفها أمام عدد من رجال الدرك والسلطة الذين لم يحركوا ساكنا. وبمجرد مغادرة المحامية للمكان، لم يتوقف المعتدون عن مطاردتها على طريقة الأفلام السينمائية، ولم تجد ملجأ تحتمي به غير المبنى المركزي للشرطة، غير انه لم يكن متوقعا أن يقتحم مطاردوها حرمة المبنى الذي كسروا زجاج بابه، وأقدموا على إشباع ضحيتهم ضربا وجرحا، وقالت بأنهم طعنوها على مستوى الوجه بسكين، وسمعت حفصة تقول لها «ها اللي كيترافع ضد الأميرات، والله حتى نحيد ليك الجنسية»، وقد نقلت الضحية إثر هذا الاعتداء نحو قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي لتلقي الإسعافات الأولية قبل أن تستدعي حالتها الخطيرة نقلها على وجه السرعة إلى إحدى العيادات الخاصة بمكناس حيث خضعت للعلاج من التشوه الذي أحدثه الاعتداء على وجهها وكلفها 18 غرزة، قائلة في كلمتها المؤثرة «سأحمل معي هذه الجروح طوال حياتي، وأنتم تعلمون أن وجه المرأة هو كل شيء بالنسبة إليها»، مضيفة «أنه إلى حدود الآن تكون قد أزيد من ثلاثة أشهر عن القضية ولا جديد بل لم يعد لهذا الملف أثر»، و«كلما اتصلت بهذه الجهة تحيلها على جهة أخرى» ، قبل أن توجه صوتها للقضاء ب«أنه لن يخسر كراسيه بقدر ما سيخسر هيبته إذا لم يعمل على تطبيق القانون»، ولم يفتها التذكير بالاعتداء المهين الذي سبق أن تعرض له رئيس للمحكمة على يد حفصة أمحزون. تحالف لإعاقة التنمية ومن ضيوف اللقاء، عبدالرحمان مسين، بصفته رئيسا سابقا للمجلس البلدي، ومعتقلا سياسيا سابقا إبان سنوات الرصاص، حيث تدخل بحديثه عن عشيرة أمحزون، وكيف أنه التقى بعضهم ونصحهم بعدم التواطؤ مع الظالمين من أبناء جلدتهم، وبألا يعملون بمبدأ «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، قبل أن يركز في مداخلته على «معيقات التنمية بالإقليم»، والتي قال بأنها بدأت بالتحالف المشبوه من أجل القضاء على المقاومة ومحاصرة المجاهدين والمقاومين وسط الجبال والغابات ومن ثم للاستيلاء على أراضيهم بهدف استغلالها في الزرع والرعي، مشيرا إلى من وصفهم ب«أكبر إقطاعي إفريقيا» هؤلاء الذين استولوا على ممتلكات الناس، وبشراكة مع المخزن دخلوا الانتخابات وبلغوا إلى كراسي الرئاسة عن طريق التزوير، واستفادوا من عائدات الثروة الغابوية واستغلوا سيارات الدولة واستعبدوا الفقراء، وازدادت شوكتهم قوة في عهد إدريس البصري. وبينما ذكر بعملية جبر الضرر الجماعي، اعتبر الأمر من غير جدوى كافية بالمقارنة مع مخلفات ما جرى من انتهاكات، قبل توقفه عند برنامج التأهيل الجاري بالمدينة وما يطاله من مظاهر الغش، حسب رأيه، لينتقل بحديثه عما اسماهم ب«المستفيدين الجدد» من أمثال مقاولي ورجال العامل السابق الذين لم يطلهم أي إجراء تأديبي أو قانوني، كما ذكر ببعض الأحداث التي عرفتها خنيفرة من قبيل المرأتين اللتين تم حلق رأسيهما لمجرد أنهما رفضتا التشييخ في حفلة ببيت وزير الداخلية إدريس البصري، ثم مصطفى حمزاوي الذي توفي بمخفر الشرطة، ومذكرا أيضا بمدينة «فازاز» التاريخية التي تم اكتشافها ضواحي المدينة وتم تهديد مكتشفيها ليتم طمس أمرها، ذلك قبل يدعو إلى كتابة التاريخ الحقيقي للأجيال الحالية والقادمة، ويدعو وسائل الإعلام إلى القيام بدورها أحسن قيام. بيان للرأي العام وعلى هامش اللقاء انتقل الجميع إلى حيث تم تنظيم وقفة جماهيرية بشارع محمد الخامس، وعرفت هذه المحطة النضالية حضورا جماهيريا مكثفا شاركت فيه الهيئات المشاركة في القافلة إلى جانب عدة فعاليات مجتمعية ومواطنين ومواطنات من مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية، حيث رفع المتظاهرون سلسلة من الشعارات من قبيل «واكْ واكْ عْلى شوهَة محاكمات مشبوهة»، «الضحايا هاهما والعدالة فينا هي»، لتتم تلاوة «بيان القافلة» الذي افتتح بشعار «كل التضامن مع ضحايا الطغيان بمنطقة خنيفرة: حتى لا يتحول الطاغية إلى ضحية وفاضح الظلم إلى مجرم»، معتبرا الدعاوى القضائية المرفوعة ضد مدير ضد مدير أسبوعية "المشعل" ورئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، بمثابة محاكمة ل«حرية الرأي التعبير وحرية الصحافة ومحاكمة للعمل الحقوقي»، كما هي انتقام من أسبوعية "المشعل" التي فتحت صفحاتها لفضح انتهاكات المنطقة وانتقام من فرع الجمعية بخنيفرة الذي عرف كيف يعبئ آلاف المواطنات والمواطنين للدفاع عن حقوقهم وفضح ما ترتكبه عائلة أمحزون من انتهاكات في حق ساكنة الإقليم»، بينما اعتبر البيان القافلة الوطنية إلى خنيفرة «تعبير عن التضامن الوطني مع منطقة خنيفرة وصرخة ضد التهميش والإقصاء واستمرار الأساليب القرسطوية التي عاشها ويعيشها سكان المنطقة، التي ظلت مسرحا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على امتداد العقود الخمس الماضية»، ولم يفت البيان الإعلان عن تضامن القافلة المطلق مع أسبوعية «المشعل» وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، وطالبت ب«إبطال الدعوى القضائية المرفوعة ضدهما وتقديم الجناة الحقيقيين إلى المحاكمة»، كما أعربت القافلة عن «تضامنها مع كل المعتقلين السياسيين ومطالبتها بإطلاق سراحهم، ومع الجرائد الوطنية التي صدرت في حقها غرامات مالية خيالية، إلى جانب ذلك دعت إلى تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتفادي استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وإعمالا بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون»، وقبل تلاوة البيان تم الإعلان عن دعوة الجميع إلى جعل يوم في السنة «يوم غضب وطني» للتضامن مع ضحايا خنيفرة.