لم تسلم المدن والمناطق الساحلية، مثل باقي المدن الداخلية والصحراوية، من موجة الحرارة العالية التي سادت الأجواء المغربية منذ نهاية الأسبوع الماضي. وقد شوهد مواطنون يلتجؤون إلى شواطئ البحر، والحدائق العمومية في ساعات الليل المتأخرة هربا من موجة الحرارة التي اقتحمت بيوتهم ومساكنهم! ففي مدينة تطوان مثلا، هرع المواطنون إلى شواطئ البحر هربا من موجة الحرارة المفرطة التي غطت سماء المدينة، مع هطول المطر في أوقات متفرقة، خاصة في الساعات الأولى من صباح اليومين الأخيرين، كما سادت غيوم وضباب المنطقة الممتدة من تطوان إلى مرتيل. وتقول الأخبار من هناك، أن المواطنين يعانون كثيرا من رياح «الشركي» اللاسعة. وبنفس الدرجة، سادت أجواء مدينتي المحمدية والدارالبيضاء، حرارة مفرطة، يؤكد بخصوصها بعض المواطنين التقتهم الجريدة، أنها نادرا ما تعرفها المدينتان الساحليتان. ارتفاع الحرارة في هاتين المدينتين، دفع بالمواطنين إلى مغادرة مساكنهم، خاصة أثناء الليل، والاحتماء بأشجار الحدائق العمومية وشواطئ البحر، بل إن عددا كبيرا من الشباب لم يتردد في السباحة في البحر بعد منتصف الليل! فيما أخذ بعض المواطنين من الشوارع والأزقة ملاذا لهم من هذه الحرارة، وهجروا مساكنهم إلى حدود بزوغ أشعة الشمس! أما في مدينة بني ملال، التي تجاوزت فيها درجة الحرارة 47، فتقول مصادرنا من عين المكان أن المواطنين في محنة حقيقية بسبب غياب شروط مقاومة الحرارة المرتفعة! وتضيف مصادرنا، أنه بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة، فقد أدت رياح «الشرقي» إلى حدوث زوابع «لعجاج» ورعد خصوصا في ساعات الليل، مما حول اللجوء إلى الساحات العمومية والحدائق إلى محنة أخرى أمام المواطنين، الذين بحثوا في محيط عين أسردون عن الحماية من لسعات الحرارة المفرطة، لكنهم صدموا بخيبة وهم يكتشفونها أكثر حرارة وسخونة، بسبب تراجع عدد الأشجار بها، وغياب الصيانة. وفي بني ملال دائما، يتخوف الفلاحون من تأثير ارتفاع درجة الحرارة على الأشجار المثمرة، كأشجار الزيتون، الخوخ والعنب كذلك! وفي مدينة سطات، كما في مراكش، اندفع المواطنون للأسواق الكبرى المكيفة، بحثا عن مقاومة الحرارة، وعند حلول مواعيد إغلاقها، يتحولون إلى الغابات المجاورة حتى في ساعات الليل! هذا، وقد عرفت مدينة أكَادير منذ اليومين الفارطين من هذا الأسبوع حرارة مفرطة واستثنائية لم تشهدها المدينة والمناطق المجاورة منذ 60 سنة، حيث بلغت يوم الإثنين 20 يوليوز 2009 ، حوالي 47.70 درجة حسب ما سجلته محطة الأرصاد الجوية بإنزكَان، وبمحطة مطار أكَادير المسيرة، فقد بلغت الحرارة حوالي48.5 درجة في الظل. وحسب مصادر من الأرصاد الجوية بإنزكَان ومطار أكَادير المسيرة، فأكَادير ستعرف تحسنا تدريجيا في الحرارة بداية من يوم الثلاثاء21 يوليوز 2009، وهو ما وقع بالفعل يوم أمس، حيث عرفت المنطقة تقلبا كبيرا في الجو، بعد أن انخفضت الحرارة بشكل غير متوقع من 48 درجة إلى 26 درجة حسب ما سُجل بمحطة مطار أكَادير المسيرة. ارتفاع الحرارة جعل المواطنين يتجهون منذ الصباح الباكر إلى الشواطئ للإستجمام للتخفيف من ضغط الحرارة فيما سُجل الإستعمال الكبير للمكيفات الهوائية سواء بالمنازل أو الإدارات، كما سجلت سوق المكيفات ارتفاعا مُهمّا في المبيعات سواء لدى الشركات المختصة بأحياء أكَادير وخاصة الموجودة بحي تيليلا، أما الرحلات الجوية فكانت عادية، حسب مصادر من مطار أكَادير المسيرة، نظرا لتوفره على تجهيزات ومكيفات هوائية في المستوى المطلوب. وبالنسبة لشاطئ أكَادير، فقد عرف إقبالا كبيرا إلى درجة الإكتظاظ، مما ضاعف من مجهودات الوقاية المدنية ومعلمي السباحة، نظرا لكثرة المصطافين الذين تقاطروا على البحر بفعل ارتفاع الحرارة. وبخصوص ارتفاع درجات الحرارة، أكد محمد بلعوشي، المسؤول بمديرية الأرصاد الجوية الوطنية، أن موجة الحرارة المفرطة التي يعرفها المغرب منذ السبت الماضي ستتواصل إلى غاية عطلة نهاية الأسبوع المقبل، والتي بلغت ذروتها يوم الاثنين. وأضاف محمد بلعوشي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من المتوقع أن يشهد يومه الأربعاء تراجعا طفيفا في درجات الحرارة بالشمال الغربي للمملكة، قبل أن تعاود الارتفاع في اليوم الموالي وتستمر حتى عطلة نهاية الأسبوع. وأوضح أن ارتفاع درجات الحرارة يفوق ما بين 8 و10 درجات في الظل، حسب الجهات، بالمقارنة مع المعدل الموسمي العادي، مبرزا أننا نبقى بعيدين عن الرقم القياسي الذي تم تسجيله بأكادير في غشت 1940 والذي بلغ 8 ر50 درجة في الظل. وحذر بلعوشي من خطر نشوب حرائق بشكل عام وحرائق الغابات على الخصوص، بسبب انخفاض معدل الرطوبة وارتفاع الحرارة. وأكد أن هذه الوضعية قد تطرح مشكلا بالنسبة لقطاع تربية الدواجن والزراعات المغطاة، ما لم يتم احترام احتياطات الاستعمال. كما نصح المواطنين بشرب السوائل بكثرة وتجنب التعرض لأشعة الشمس، خاصة ما بين الساعة الحادية عشرة صباحا والخامسة مساء، لاسيما بالنسبة للأشخاص المسنين والأطفال أقل من أربع سنوات والمصابين بأمراض مزمنة. ومن المتوقع أن تبلغ درجات الحرارة، حسب مديرية الأرصاد الجوية، 47 درجة بالأقاليم الجنوبية وعبدة والرحامنة والشياظمة وسوس وسايس، وما بين 42 و 44 درجة في المناطق الأخرى.