كثر الحديث منذ زمان عن إصلاح القضاء، لكن الواقع المرير الذي تعيشه المحاكم لا يخفى على أحد، حتى بالنسبة لمن لم يسبق له أن دخل محكمة ولو لمرة واحدة في حياته، يسمع عما تعرفه المحاكم من مشاكل وما يعيشه القضاة وكتاب الضبط والأعوان ورجال الأمن من معاناة وعرقلة لعملهم جميعاً. إننا نسمع باستمرار، وخاصة خلال انعقاد جلسات الجنحي التلبسي، والغرف الجنائية بمقر محكمة الاستئناف مقابل كوماناف ونعاين عدم إحضار بعض المتهمين ، المبرمجة محاكمتهم، يوم المحاكمة، والحال أن المسطرة واضحة ومعروفة، حيث يقوم كاتب الضبط بإعداد لائحة المعتقلين ويوقع عليها أحد أعضاء النيابة العامة وتوجه لإدارة السجن، فيما توجه اللائحة الخاصة بالأحداث الى إدارة الاصلاحية. ومن المفروض أن تسهر كل من الإدارتين بسجن عكاشة والإصلاحية على أن تُحضرَ المزمع نقلهم ليلا ليستعدوا لذلك صبيحة اليوم الموالي، حتى لا تكون أي مفاجأة. سيارة الشرطة المكلفة بالنقل، تحمل فقط المساجين الذين تتسلمهم من الادارة، وعند إحضارهم تكتشف الهيئات القضائية الجنحية والجنائية أن بعض المتابعين لم يتم إحضارهم! عدم الإحضار هذا يؤثر على السير العادي لعمل الجميع ويمس بحرية بعض المعتقلين الذين يقضون رهن الاعتقال سنوات قبل محاكمتهم، وقد تصدر في حق بعضهم أحكام بالبراءة أو بأقل مما قضوا أو بما قضوا تجنباً للمساءلة!؟ زيادة على ذلك، فإن هذه التأخيرات تؤثر على عائلات الضحايا والمتابعين، وعلى الشهود، خاصة منهم منعدمي الدخل وذوي الدخل المحدود الذين يضطرون للعودة مراراً للمحكمة لمعرفة المآل! كما أن هذه التأخيرات تؤثر على علاقة الدفاع بزبنائه وعلى علاقة بعض الرؤساء مع المحامين، إذ يضطر الرؤساء للإسراع في البت في الملفات ويطلبون من بعض المحامين التركيز والتلخيص في مرافعاتهم لكنهم يتمسكون بالقيام بواجبهم، مما تتراكم معه الملفات في الجلسات لولا أن بعضهم، وهم مجموعة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، يقومون بأخذ ملفات المساعدة القضائية بالجلسات، ومع ذلك، يفوق عدد الملفات في كل جلسة الخمسين، ووصل في إحداها إلى 109 ملفات! فهل ستعمل الوزارة على حل هذا المشكل الذي لا إصلاح قبله ولا بعده؟ هادن الصغير