صفعة جديدة للجزائر.. بنما تقرر سحب الاعتراف بالبوليساريو    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    لقجع يؤكد "واقعية" الفرضيات التي يرتكز عليها مشروع قانون المالية الجديد    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تنسيق أمني مغربي إسباني يطيح بخلية إرهابية موالية ل"داعش"    كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب        البحرين تشيد بالدور الرئيسي للمغرب في تعزيز حقوق الإنسان    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    السلطات الجزائرية توقف الكاتب بوعلام صنصال إثر تصريحات تمس بالوحدة الترابية لبلده    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    بنما تعلق الاعتراف ب "الجمهورية الوهمية"    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقيب السابق بهيئة المحامين بالرباط عبد الرحمن بنعمرو يكشف عن "خروقات محاكمات السياسيين الستة"
نشر في التجديد يوم 27 - 05 - 2009


عرفت محاكمة المعتقلين الستة في إطار ما أصبح يطلق عليه بقضية بلعيرج (محمد المرواني أمين عام حزب الأمة، مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري، محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي لحزب البديل الحضاري، حميد النجيبي عضو قيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، العبادلة ماء العينين عضو حزب العدالة والتنمية، والصحفي عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار)، الكثير من الانتقادات منذ بداية الإعلان الرسمي عما سمي بـخلية بلعيرج واعتبره رجال القانون والجمعيات والمنظمات الحقوقية تصريحات وزير الداخلية، ووزير الاتصال بخصوص الملف والتهم الموجهة للمعتقلين خرقا للقانون، لأنه إفشاء سر البحث التمهيدي، قبل انتهاء التحقيقات الأولية في محاولة من الجهات الرسمية للتأثير على القضاء، وتكييف الرأي العام للتسليم بالرواية الواحدة.. وحول هذه الخروقات التي رافقت القضية، كان هذا الحوار الذي أجريناه مع الأستاذ عبد الرحمن بنعمرو، النقيب السابق بهيئة المحامين بالرباط وأحد دفاع المعتقلين الستة، حيث شدد هذا الأخير على افتقاد هذه المحاكمة التي اعتبرها سياسية بالأساس للنزاهة ولضمانات المحاكمة العادلة، وقدم الكثير من الحجج تسير في اتجاه أننا لم نفصل بعد مع سنوات الرصاص، محملا المسؤولية إلى الدولة المغربية بكل مكوناتها... وإليكم التفاصيل: تصريحات المعتقلين أمام هيئة المحكمة تصف ملف اعتقال السياسيين الستة بأنه مفبرك؛ ما تعليقكم؟ فعلا كل المعتقلين صرحوا بذلك أمام القاضي، وأكدوا أنه زور عليهم، لاسيما المعتقلين الستة الذين دققوا في هذه المسألة كثيرا، وكشفوا عن الكثير من المسائل غير المشرعة، وغير القانونية، منها ما يتصل بالتزوير، ومنها ما يتصل بتفتيش المنازل بدون إذن من وكيل الملك، ناهيك عن الخروقات التي طالت ظروف الاعتقال وظروف الاستنطاق. وفي رأيي، بالرغم من الضجة التي أعطيت لهذه القضية، فالوقائع المنسوبة إليهم ليست في مستوى الحقائق، بل حتى ولو فرضنا صحتها، فهي لا تكوٌن أركان الجريمة قانونا. ما دونته الضابطة القضائية في محاضرها تحكي عن وقائع لا تفيد، وقائع ترجع إلى اجتماع أو لقاء بمدينة طنجة سنة 1992 بين بعض من المعتقلين الستة وبلعيرج، لكن يبقى السؤال الكبير هو: ما هي أهمية هذا اللقاء الذي ليس إلا عبارة عن نقاش بين أشخاص عن أوضاع البلد؟ وحتى لو سلمنا أنه كان نقاشا نقديا ثوريا لأوضاع المغرب، فلا يرقى الأمر إلى مستوى التهم المنسوبة إليهم، فالنقد مباح مهما كانت حدته، ولا يعاقب عليه القانون. بالإضافة إلى أن جميع الحركات المنسوبة إليهم من قبل الضابطة القضائية انقطعت منذ ,1996 ولهذه المسألة أهمية كبرى، فقد مر ما ينيف عن 13 سنة على ذلك. في قضية المعتصم هناك توازن بين الدفاع والنيابة العامة من حيث الشهود والقرائن والحجج المنصوص عليها، ففي تصدير المسطرة الجنائية المحكمة لم تستجب للعديد من الشهود؛ منهم خالد الناصري، وأحمد حرزني، وهو ضرب للتوازن، والقضاء لم يتحمل مسؤوليته أمام ضميره وأمام القانون حين رفض استدعاء الشهود. بعد الاستماع إلى تصريحات المعتقلين فيما يتعلق بطريقة اعتقالهم، والتحقيق معهم، وفحوى المحاضر، مقارنة مع تصريحاتهم..الحقيقية، ما تقييمكم لتلك الإجابات التي أدانت بشدة واضحة عمل الضابطة القضائية، واتهمتها بالتزوير والتحريف؟ الأمر واضح بالنسبة للخروقات التي طالت هذا الملف، في كل مراحله، البحث التمهيدي، مرحلة التحقيق، وكذا مرحلة الاستماع إليهم من قبل القاضي بوشنتوف، وسأحاول توضيح هذه الخروقات كل على حدة. بالنسبة إلى مسألة التزوير، فقد صرح الموكلون الستة أن النيابة العامة اتبعت بشأنهم الطريقة الآتية: أعطيت لهم نسخة من المحضر للاطلاع عليها وإضافة التعديلات المناسبة، وفعلا قامت بالتعديل الذي اقترحه المعتقلون وبينوا لهم النسخة المعدلة، لكن خلال التوقيع على المحضر فاجأوهم بما يقارب الثلاثين نسخة عن المحضر، وحين هموا بالاطلاع عليها قيل لهم ألا تثقوا بنا، فوقعها المعتقلون بحسن نية. وبالتأكيد النسخة الأولى والثانية كانتا غير مزورتين، في حين أن باقي النسخ دست وهي مزورة، مع العلم أن أقصى ما يجب أن تحرره الضابطة القضائية هو ثلاث نسخ، تحتفظ بنسخة عن كاتبها، ونسخة للأرشيف، ونسخة ثالثة ترسل إلى النيابة العامة. ولذلك فبالتزوير الذي عملت به الضابطة القضائية، غيرت وحرفت في الوقائع التي صرح بها المتهمون، فأصبح النفي اعترافا، وأضيفت بعض المسائل غير المصرح بها، وألصقت بهم تهم منسوبة إلى آخرين، وهذا خرق سافر للقانون، ويعاقب عليه بمقتضاه. التزوير الثاني خص تفتيش المنازل، إذ من المعلوم أنه ألقي القبض على المعتقلين الستة في يوم 18 فبراير,2008 وألقي القبض على البعض يوم 19 فبراير,2008 دون أن يكونوا في حالة تلبس بالجريمة أو الجرائم المنسوبة إليهم، وفي يوم اعتقالهم تم تفتيش منازلهم، وتم حجز العديد من المحجوزات، بدون موافقة كتابية كما يقضي القانون بذلك. لكن يظهر بأن السلطة القضائية أعادت التفكير في قانونية التفتيش، أو وجد من ينبهها بأن التفتيش لم يكن قانونيا، على اعتبار أن التفتيش في المنازل في الحالات التي لا يتوفر فيها التلبس لا يمكن أن تتم إلا بموافقة صريحة ومكتوبة، وبحضور الأطراف المعنية، فطلبت من المعتقلين كتابة إذن بالتفتيش بتاريخ قديم، وأخذت توقيعات من البعض بدون تدوين التاريخ لتتصرف فيه، وبالتالي فقد كتب المعتقلون إذنا بتفتيش منازلهم يوم 24 أو 25 فبراير 2008 حسب الحالات، في حين أن الاعتقال والتفتيش نفذا بتاريخ يومي 18 و19 فبراير، حسب ما أكدت عليه تصريحات المعتقلين وأقاربهم. وهذا التزوير في محاضر رسمية لدى الضابطة القضائية يعتبر جناية يعاقب عليه القانون. هناك أيضا خرق آخر للقانون بهذا الملف، ذلك أن الاعتقال تم يومي 18 و19 فبراير 2008 بدون توفر حالة التلبس التي لن تتحقق حسب المادة 56 من المسطرة الجنائية إلا إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها، إذا كان الفاعل مايزال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها، إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي، أو وجد عليه أثر أو علامات تثبت هذه المشاركة، وهو ما لم يتوفر خلال إلقاء القبض على المعتقلين الستة. وفي حالة انعدام التلبس، فعلى الضابطة أن تستدعي المشتبه فيهم إلى مركز الضابطة القضائية وتستنطقهم، وإذا تبينت لديها بعض القرائن القضائية؛ حينها يمكن وضعهم تحت الحراسة النظرية، على اعتبار أن النتائج القانونية التي تترتب على المتهم المعتقل وهو متلبس بالجريمة تختلف عن المتهم المنسوبة إليه جرائم معينة دون أن يكون في حالة تلبس. وفي حالة هذا الملف فقد تم تفتيش المنازل بدون إذن كتابي، وفي غير حالة التلبس، وهذه جريمة أخرى ينص عليها القانون، وهي الهجوم على مسكن الغير، كما يعتبر اعتقال الشرطي أو الضابطة القضائية على شخص مشبوه فيه في غير حالة التلبس اعتقالا تحكميا، ويعاقب عليه القانون الجنائي، لأن ذلك يعتبر مسا بالحريات، خصوصا وأن الدستور في أحد مواده ينص على أنه لا يجوز اعتقال الشخص أواحتجازه أو نفيه إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة. ولا يمكن أن نتغاضى عن الظروف التي مر فيها التحقيق من خلال التصريحات التي أدلى بها المعتقلون أمام المحكمة، فقد كانوا معزولين، ويحقق معهم معصوبي العينين، ومكبلي اليدين، ولا تفتح العصابة إلا حين يطلب منهم التوقيع ليروا الحيز الذي سيوقعون فيه، والتحقيق مع مشتبه فيهم معصبي العينين أو مكبلين تعذيب نفسي يعاقب عليه القانون عليه. كل هذه الأمور تعتبر خروقات قانونية يعاقب عليها القانون. ما مصير الطلبات التي تقدم بها الدفاع، وكانت هيئة المحكمة تقبلها شكلا، وترفضها موضوعا ؟ العشرات من الطلبات العارضة التي قدمها الدفاع، سواء تعلق الأمر بطلب إجراء تحقيق في التزوير الذي طال محاضر الضابطة القضائية المتمثل في الزور الفرعي في وثائق رسمية، أو طلبات البحث التكميلي فيما يتعلق بالتعذيب، والإذن بالتفتيش، رفضتها هيئة المحكمة، قبولها شكلا ورفضها موضوعا، في الوقت الذي كانت طلباتنا مبنية على الخروقات التي طالت الملف من قبل الضابطة القضائية، وكان على المحكمة أن تبث في الطلبات في الحال، وألا ترفضها لأنها مهمة لمسار الحكم. فقد تقدمنا بطلب معاينة المكان السري بتمارة الذي كان المعتقلون محتجزين فيه، وتقدمنا بأسئلة هل هو مشروع أم غير مشروع، فمثلا بلعيرج قال إنه كان معتقلا به قبل التحقيق معه من قبل الفرقة الوطنية بالبيضاء، في حين لم تدون هذه المدة التي قضاها بهذا المعتقل السري بمحاضر الضابطة القضائية. ذلك أن جميع الأماكن التي يجرى فيها البحث التمهيدي من قبل الضابطة القضائية يجب أن يكون بمحلات معروفة وقانونية، ورسمية وتحت مراقبة النيابة العامة. بعض المتهمين صرحوا بأنهم اعتقلوا ووضعوا بمكان سري بتمارة، وهو مكان غير مشروع في القانون، والاحتجاز فيه يعتبر اختطافا وهذا يعاقب عليه القانون. يضاف إلى ذلك مسألة المحجوزات، أولا المحجوزات المتعلقة بالأسلحة التي أثارت ضجة لأن المفروض قانونا أن تظل هذه المحجوزات بالمحكمة بالقسم الخاص بالمحجوزات، إلا أننا تأكدنا من تصريح الوكيل العام للملك أنها كانت بثكنة عسكرية لتأمينها، وعرضا إذا كانت المحكمة لا تتوفر على قسم خاص بمحجوزات كبيرة مثل الدابابات أوأسلحة من هذا القبيل، فيجب أن تظل تحت مراقبة النيابة العامة على الأقل وليس أي جهة أخرى. لكن ما كشفت عنه اعترافات النيابة العامة بعد أن تملصت مرارا من الحديث عن مسألة المحجوزات من الأسلحة، بأن المحجوزات لم تكن بالمحكمة، وباعتراف من كتابة الضبط أيضا، أفادت هذه الأخيرة بشهادة خاصة على نوع المحجوزات التي تتوفر عليها، والمتعلقة أساسا بالكتب فقط. مسألة أخرى نعتبرها مهمة، وتتمثل في كون المحجوزات لم تكن تحت تصرف القضاء وهذا شيئ خطير، فمن الممكن أن يتم التلاعب فيها عن طريق الاستبدال، أو الزيادة، أو النقصان. وعن المحجوزات أيضا، لاحظنا أنها لم تكن مشمعة، في حين يقتضي القانون أن كل حجز لشيئ من الأشياء، سواء أسلحة أو غيرها، يقتضي أن تكتب عليه ورقة تعرف بالمحجوز من حيث نوعه ومادته، ويعطى له رقم ويوضع بكيس أو تلصق به ورقة مشمعة، وهذا هو مقتضى القانون الذي ينص عليه قانون المسطرة الجنائية بشكل صريح، ووضحناه بتفصيل أمام المحكمة. طالبنا المحكمة أيضا بمعاينة الأسلحة الموجودة، وعرضها على المتهمين قطعة قطعة، وملاحظة أنها ليست محجوزة بطريقة قانونية، لكنها رفضت هذه المعاينة القانونية، وما صرحت به هو أنها لاحظت أسلحة على الطاولة وأخذت تنادي على المتهمين ليروا الأسلحة؛ فكانوا يقولون إنها أسلحة حسب قول المحكمة، وهو ما نعتبره خرقا للقانون في مسألة مهمة في هذه القضية وهي الأسلحة. وفيما يتعلق بباقي المحجوزات، فقد أصدرت المحكمة قرارا أنها ستأتي بها إلا أنها استنطقت المعتقلين الستة، وبمحاضر الضابطة القضائية أنه تم حجز العديد من الكتب والأقراص المدمجة لديهم، إلا أنها لم تعرض عليهم هذه المحجوزات، مع العلم بأن القانون ينص على أنه يجب أن تعرض جميع الحجج على المعتقلين، وطالبنا بمعاينة هذا الخرق، لكنه رفض هو الآخر. كنتم قد طالبتم المحكمة بإحضار جواز سفر العبادلة ماء العينين للتأكد من مسألة سفره سنة 1992 لبلجيكا لمقابلة بلعيرج، الذي أكدته النيابة العامة ونفاه العبادلة، ما مصير هذا الطلب؟ بالنسبة للعبادلة قيل إنه سافر للقاء بلعيرج سنة 1992 فأجاب عن هذه النقطة المسجلة عليه بمحضر الضابطة القضائية أنه لم يزر بلجيكا في تلك السنة، فطلب الدفاع إحضار جوزا السفر، وإحضار ما يثبت أنه سنة 1992 كان قد سافر إلى بلجيكا، فاستجابت المحكمة لهذا الطلب، والنيابة العامة تحركت بسرعة كبيرة في هذه المسألة كأن هناك تنسيقا بين النيابة العامة والشرطة، أوبين المحكمة والنيابة العامة، وجاءتنا في مساء اليوم ذاته بشهادة صادرة من الأمن الوطني بالبيضاء، لكنها لم تكن مفيدة للموضوع، بل أثبنن أن محاضر الضابطة القضائية هي فعلا مزورة. فهذه الوثيقة التي هي عبارة عن جدول يتعلق بمغادرة العبادلة ماء العينين، سنة 1992 إلى سنة 2000 بها خانة تتضمن أن العبادلة غادر المغرب في سنة 1992 عبر ميناء طنجة، لكنها لا تدل على أنه اتجه إلى بلجيكا. الغريب أن النيابة العامة التي استطاعت الحصول على هذه الوثيقة، لاسيما وأن لها باعا طويلا في الحصول على الوثائق من مديرية الأمن، ووزارة الداخلية، لم تستطع الحصول على جواز سفر العبادلة؛ مدعية أنه أتلف، وبدون أن تقدم حجة على سبب إتلافه، مع العلم بأن الوثائق القانونية لا يمكن أن تتلف إلا بعد مرور مدة معينة ينص عليها القانون، على اعتبار أن جواز السفر الذي طالبنا به يعود لسنة 1992 فقط، ومعلوم أن جواز السفر مدته عشر سنوات، وعند تجديده تحتفظ وزارة الداخلية بالجواز لمدة معينة. فمن الضروري أن تأتينا النيابة العامة بجواز السفر لمعرفة هل العبادلة ماء العينين سافر فعلا إلى بلجيكا في ذلك التاريخ، ولو أن ذلك ليس حجة قاطعة بأنه التقى بعبد القادر بلعيرج، فيمكن أن يكون قد سافر دون اللقاء به. ننتظر إذن أن تأتينا المحكمة بجواز السفر الذي قالت النيابة العامة إنه أتلف، الشيئ الذي يضعنا أمام نقطة استفهام كبيرة، لماذا أتلف هذا الجواز؟ ومن له مصلحة إتلافه؟ ألا يعني هذا أن وزارة الداخلية تبين لنا الحجج التي تعتقد أنها تدين المعتقلين، وتخفي حجج براءتهم؟! فما ما مصير كل تلك الطلبات المرفوضة، والتي تسير في اتجاه إثبات براءة موكليكم ؟ هذه الطلبات أوالدفوع التي رفضت سنرتب عليها ما يجب ترتيبه تحت طائلة القانون، وسنثيرها مرة أخرى خلال مرحلة الاستئناف، وأمام المجلس الأعلى الذي يعتبر أعلى هيئة، إلا أن أهميتها ليست قانونية فقط، بل لها أهمية تاريخية أيضا، وسنعمل على تحميل القضاء المسؤولية الكاملة، من حيث تطبيق القانون من عدم تطبيقه، فإصدار الحكم يكون مع أو على القاضي، وستكون مراقبته من قبل الدفاع والاستئناف والمنظمات الحقوقية الدولية. الدفاع يقوم بواجباته ويتحمل مسؤوليته بهذا الخصوص، ويبقى على القضاء أن يتحمل مسؤوليته. من جهة أخرى؛ أريد التأكيد على أن القضاء المغربي غير مستقل، ظهر الأمر في عدد من المحاكمات السابقة، وظهر بهذا الملف من خلال وضع الحاجز الزجاجي، لاسيما وأنه في العديد من المحاكمات السياسية في السابق لم يكن ذلك الحاجز متواجدا، ويظهر جليا أيضا من خلال الكاميرات التي تسجل وتصور كل ما يروج في الجلسة، وهو أمر مخالف للقانون. وكل هذا دليل على أن القضاء غير قادر على الدفاع عن استقلاليته، والدولة تتدخل في هذا الاستقلال، وتهدده بكفية مباشرة أو غير مباشرة، فالقضية سياسية بطبيعتها، يريدون من خلالها أن يرهبوا هؤلاء، وإرهاب الأحزاب التي ينتمون إليها. والدليل على أننا لم نفصل بعد مع العهد السابق، أنه مايزال التزوير والتعذيب والاختطاف بشكل آخر، وبدلا من التزوير المباشر، صار التزوير بالخداع والغش، مثل أن تقول النيابة العامة للمعتقل إنه عليه أن يوقع بسرعة لأنهم مستعجلون، وتضع وثائق مزورة دون علم الموقع عليها. ما تقييمكم لتعامل القضاء في هذا الملف؟ كل هذه الأمور والخروقات التي ذكرناها تعتبر خطيرة، وتلقي المسؤولية على الشعب المغربي، وعلى المنظمات الحقوقية السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية، وكل هؤلاء يجب أن يقوموا بالدفاع على سيادة القانون، وسيادة القضاء، وكفاءته. فمخاطر عدم تطبيق القانون لا يمكن أن تحصر في جهة معينة، أو حزب معين، بل هو مسؤولية للجميع، وفعلا طالت، وتطول الجميع مهما كانت عقيدتهم أوإيديولوجيتهم، ولكل دوره، ويظهر هذا جليا في محاكمات سابقة والمحاكمات الجارية. وبالتالي المسؤول المباشر هو النظام السياسي المغربي أو الدولة المغربية بكل مكوناتها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.