صدر للشاعر محمد بوجبيري عملان أدبيان جديدان، الأول ديوان شعري موسوم ب «كما لو أن الحياة كانت تصفق» (منشورات بيت الشعر بالمغرب، والثاني نص سيرذاتي يستحضر سنوات دراسته الثانوية «العبور: سنوات الفقيه بن صالح» (دار أبي رقراق). من أجواء الديوان الثالث لصاحب «عاريا... أحضنك أيها الطين»، نقرأ: «يكفي، وأنت الصبا، أن تقيم فيك، وأن تعصف، أو تعطف، أو تستكين، يكفي أن تكون مجرد أنت، إذ لا موعد، ولا وعد، ولا وعيد.» عن إصابته بفيروس الشعر، كان محمد بوجبيري قد صرح للجريدة في حوار سابق: «في البداية كان الأمرُ قدراً، إذ وجدتُ نفسي أكتب من دون توجيه من أحد وأنا في المراهقة. كنتُ ساعتها في بيئة جبلية لغتها الأمازيغية. اطلعتُ آنذاك على بعض مؤلفات جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي والمنفلوطي ولا مارتين. شُغِفْت بما يكتبون، ومن دون ترتيب وجدتني أخط بدوري أحاسيس وخواطر أتغنى فيها بالطبيعة الجميلة التي نشأتُ فيها وبالحبيبة كما رسمها خيالي الصغير. بعدها نزلت إلى المدينة من أجل الدراسة في الثانوي، قادتني الصدفة إلى الفقيه بن صالح سنة 1973، وبدأ يتسرب ما أكتب إلى المجلة الحائطية، وكان أحد المشرفين عليها الأستاذ الشاعر عبد الله راجع، الذي توسم خيراً فيما أكتبه، وبالتالي شجعني، صحبة أستاذي محمد العمري وأساتذة آخرين على المُضيِّ في الكتابة. هكذا كان وهكذا صار.» عن سنوات دراسته الثانوية هذه بالضبط، يتمحور كتابه السيرذاتي الذي كتب مقدمته أستاذه محمد العمري، واسما إياه بالنص «اللطيف (الأليف الخفيف المتعفف)، ولكن أيضا العميق الكثيف، إلى الرضا والحنين، وهو رضى وحنين غير مشوب بحداد، أو بكاء على أطلال. معنى ذلك أننا بإزاء لحظة احتفال، وغفران. فحتى ركلات أو صفعات حارس الداخلية –الحارس العام شخمان أو من ينوب عنه في هذه المهمة «التربوية»، لم تترك جرحا، بل جعلها الكاتب مستحقة ومجزية قياسا بالأهداف والعواقب. العقوبة الوحيدة التي مارسها الصديق بوجبيري مع ما/ومن لم يلائم الاحتفال هو النسيان...» اللحظة التي يعانقها المؤلف تمتد على مدار ثلاث سنوات قضاها الشاعر في داخلية ثانوية الكندي بالفقيه بن صالح في أوائل سبعينيات القرن الماضي، قادما إليها من أعالي جبال الأطلس، ليطل على عوالم الأدب والفلسفة والفعل الجمعي رغم خضوعه لنظام الداخلية الصارم. وبكل تأكيد، سيجد قارئ «العبور: سنوات الفقيه بن صالح» بعضا منه وهو تلميذ في الثانوي في مطلع السبعينيات الساخنة.