اعتبر الإعلامي والمترجم محمد جليد أن «الخيانة أساسية في الترجمة لأن الارتباط بالنص الحرفي يقيد المترجم ويمنعه من الابداع، خصوصا في الترجمة الإبداعية»، ومن ثم قد يفضي الى نص ميت إبداعيا، مضيفا خلال لقاء على هامش فعاليات الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، خصص لتقديم ترجمته لثلاثية الكاتب الفرنسي جيلبرت سينويه في جزأيها الأول «أريج الياسمين» والثاني «صرخة الحجارة» سيره الكاتب والناقد عبد الهادي لفحيلي ، أن الحياد في الترجمة مرتبط بالخلفية الثقافية والهوياتية للمترجِم وارتباطه بالنص المترجَم. وأضاف محمد جليد أن الذاتي يحضر في الترجمة، خصوصا في ترجمته لهاتين الروايتين بالنظر الى عناصر الانتماء التي تربطه بالنص المترجم ، فضاء ولغة وهوية، مؤكدا على أنه حرص في ترجمته على إخراج نص عربي ملتجئا الى التخييل الذي لا يمس بسلطة النص الأصلي، وهو تخييل قد يجعل المترجم يتماهى، يتعارض بل قد يتفوق أحيانا على الكاتب الأصلي باعتبار «الرواية خيالا كبيرا جدا»، مقدما للتدليل على ذلك ترجمات الدكتور صلاح نيازي حيث أنه تفوق في ترجماته على الكتاب الانجليز الذين ترجم أعمالهم، وهو تفوق لا يتأتى الا بتقمص شخصية الروائي أو المفكر، بالإضافة الى الإلمام الجيد بالسياقات اللغوية واستعاراتها وثقافة المترجم له. وفي تقديمه لجزأي الثلاثية التي تناول فيها جلبيرت سينويه تاريخ الشرق الأوسط منذ وعد بلفور إلى اليوم، أبرز جليد أن الكاتب اعتمد خطين تاريخيين كزمنين مؤطرين للروايتين، أولهما تاريخ محدد الفترات ويبتدئ من وعد بلفور، (ثورة سعد زغلول، النكبة، ثورة الضباط الاحرار، العدوان الثلاثي على مصر، انقلاب القذافي على الملكية، اتفاقية كامب ديفيد...)، وهو الخط الذي تسير أحداث الجزء الاول» أريج الياسمين» على إيقاعه، فيما الخط الثاني خط تاريخي ممتد من الحرب الاهلية اللبنانية الى حرب الخليج وبداية الألفية الثانية، وهو الخط الذي يتقاطع أفقيا وعموديا في الجزء الثاني «صرخة الحجارة» وأفول أحلام المنطقة. ولم يخف جليد أن اختياره لترجمة هذا العمل جاء بعد قراءة العمل، واقتناعه بأنه يتماشى مع اهتماماته الترجمية والأدبية التي سبق أن اشتغل عليها، والمرتبطة بتحليل الخطاب الغربي حول العالم الإسلامي والعربي، هذا الغرب الذي تطور انطلاقا من انفتاح علومه على دراسة الآخر، مقابل انغلاق العرب على ذواتهم، كما ان اختياره للترجمة الابداعية نابع من اقتناعه بضرورة التنويع على مستوى إنتاج الخطاب الغربي حول قضايا العالم العربي والاسلامي. وتدور أحداث الرواية التي اختار مؤلفها سينويه العمل في مشروعه الروائي على تاريخ منطقة الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط، حول القضية المركزية لعرب قبل ان تركن على الهامش، بالإضافة الى تاريخ العائلات من خلال أربع عائلات( مصرية، عائلتان فلسطينيتان، سورية بالإضافة الى عائلة يهودية في الجزء الثاني)، وهو تاريخ يرمز الى قيم التعايش والانفتاح. يذكر أن المترجم والاعلامي محمد جليد يعكف حاليا على ترجمة رواية» pnin» لفلاديمير ناباكوف والجزء الثالث من ثلاثية سينويه «les cinqs quartiers de la lune ، كما سبق أ ن ترجم كتاب» الاشتراكية والحرية» للكاتبة الروسية «آنا دوناييفسكايا» (ترجمة بالاشتراك مع مجموعة مترجمين وباحثين)، «العدالة الجنائية الدولية في مفترق الطرق: عدالة عالمية أم انتقام شامل؟» للفيلسوف النمساوي هانس كوكلر ، «مملكة الكراهية» للباحث الأمريكي دور غولد ، كما أصدر كتابا فكريا بعنوان «الخطاب الغربي حول الإسلام السياسي».