الاعتداءات الجنسية هي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي. وهي كل فعل جنسي يقع على الإنسان بطريق غير مشروع بغش النظر عن جنسه أو عمره. كل طبيب قد يتم استدعاؤه في يوم ما لمعاينة هذه الاعتداءات الجنسية و تبيان العلامات الطبية الشرعية لها. أولا : الإطار القانوني: ينص الفرع السادس من الفصل الثامن من الكتاب الثالث للقانون الجنائي على الاعتداءات الجنسية، وتتضمن جرائم تختلف درجة خطورتها: 1. الإخلال بالحياء العام الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي ينص على : «من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو البذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم». 2. هتك العرض: كل فعل، لمس محظور أو مخل بالحياء غير الاغتصاب، يطبق بعنف أو دون عنف على شخص دون موافقته أو لا يستطيع التعبير عن موافقته، سواء كان المكان عاما أم لا. ينص الفصل 485 على السجن من خمس إلى عشر سنوات ضد كل من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى مع استعمال العنف. 3. الاغتصاب: يعرف الفصل 486 الاغتصاب أنه مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، ويعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. هكذا يكون الاغتصاب معرفا على أنه جماع امرأة دون رضاها، فيفترض غياب الرضا ليس فقط عند العنف الجسدي لكن أيضا في حالة التهديد ، أو الإكراه، والمفاجأة. بالمقابل، فإن القانون الجنائي الفرنسي جاء بتعريف أشمل وأكثر دقة : «كل إيلاج جنسي، كيفما كانت طبيعته، مرتكب ضد شخص آخر عن طريق العنف أو الإكراه أو التهديد أو المفاجأة «. الارتكاب ضد شخص آخر يفترض أن يكون هذا «الآخر» رجلا أو امرأة، و يمكن أن يكون إدخال شيء ما في فتحة جنسية، أو إيلاج عضو جنسي في فتحة ما. تشمل الجرائم المنصوص عليها في الفصل 485 و 486 ظروفا مشددة منصوص عليها في الفصل 487 من القانون الجنائي المغربي، وهي مرتبطة بنوعية المعتدي (أصول، خادم بالأجرة، أو موظف ديني...) أو بعددهم ( محاولة اغتصاب أو اغتصاب بشكل جماعي). كما ينص الفصل 488 على ظرف مشدد خاص هو افتضاض غشاء البكارة. ثانيا : تدخل الطبيب : يحبذ أن يتدخل الطبيب بناء على انتداب من الشرطة القضائية أو النيابة العامة للفحص المستعجل لضحية الاعتداء الجنسي وفي كثير من الحالات تأتي الضحية لزيارة الطبيب من تلقاء نفسها. باعتباره أول فحص طبي فهذه الخبرة الطبية تمثل بداية للتكفل بهؤلاء الضحايا التي يجب أن يكون متعددة التخصصات، والتي يجب أن يشارك فيه بالإضافة إلى الطبيب، مصلحة المساعدة الاجتماعية والطبيب أو المعالج النفسيين، والسلطات القضائية والتي عن طريق إدانة الجناة تساهم في إعادة التوازن لنفسية الشخص الذي مسّ في عمق كرامته. تعد المشاركة الطبية في هذا التكافل الطبي والاجتماعي والنفسي والقانوني مهمة، عبر إثبات الاعتداء والتكفل بالعواقب الطبية وكذا تنسيق أعمال مختلف الجهات المعنية. كلما كان التدخل الطبي، وعلى وجه الخصوص فحص الضحية، مبكرا كلما كان أكثر حسما وفاعلية. عادة يطلب من الطبيب أن يقرر في النقاط التالية : - تجسيد العدوان: عن طريق الفحص الجسدي والتحاليل التكميلية. - تاريخ الاعتداء. - ملابسات الاعتداء: عن طريق البحث عن علامات تفترض غياب رضا الضحية. - تحديد الأضرار الناجمة عن الاعتداء الجنسي. ثالثا : العلامات الطبية الشرعية في جريمة الاغتصاب الاغتصاب واقعة مادية يحتاج إثباتها إلى دليل يؤكدها، ويعتبر الطب الشرعي أحد أهم وسائل الإثبات الفنية إلى جانب طرق الإثبات الأخرى (الشهود، الإقرار). ويهدف الطب الشرعي من خلال الخبرة الطبية المتخصصة إلى الحصول على أدلة إثبات أو نفي للواقعة موضوع البحث من خلال جمع الأدلة والعلامات والآثار المشاهدة في مثل هاته الجرائم. ومن أهم العلامات والدلالات الطبية الشرعية التي تشير إلى وقوع فعل الاغتصاب نذكر ما يلي : - وجود علامات العنف العام على المجني عليها. - تمزقات غشاء البكارة ( افتضاض غشاء البكارة). - وجود التلوثات المنوية سواء بملابس المجني عليها أو على فراش المواقعة أو بفرجها. - حصول الحمل لدى الأنثى في بعض الحالات. - وجود عدوى الأمراض الجنسية التناسلية عند الأنثى إذا كان الرجل المعتدي مصابا بأحد هذه الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي. (*) نائب رئيس الجمعية المغربية للطب الشرعي وأستاذ الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد وبكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء