يخوض عدد من عمال شركة مفاحم المغرب منذ فاتح غشت 2016، اعتصاما مفتوحا أمام إدارة شركة مفاحم، تخللتها عدة محاولات لتنظيم مسيرات مشيا على الأقدام في اتجاه مدينة الرباط، بعد عجز السلطات المحلية وتهرب مصفي شركة مفاحم وتلكؤ إدارة المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن وغياب تام لوزارة الطاقة والمعادن. وقد سبق لهم أن حاولوا يوم الاثنين 22 غشت 2016 التوجه مشيا على الأقدام إلى الرباط، رغم معاناتهم مع مرض «السيليكوز» ، إلا أن السلطات الإقليمية لتاوريرت أوقفتهم بمدينة العيون بعد قطعهم 70 كلم، ووعدتهم بلقاء والي جهة الشرق، دون أن يتحقق ذلك ... مما اضطرهم إلى العودة إلى المعتصم الذي يقيمونه بمقر خلية شركة مفاحم المغرب. واستمر أسلوب اللامبالاة في حل المشاكل العالقة للعاملات والعمال مما اضطرهم إلى اتخاذ قرار آخر بتنظيم مسيرة إلى الرباط قبل حلول عيد الأضحى بيوم واحد، من أجل إسماع صوتهم لمسؤولي الرباط، ليواجهوا مرة أخرى بالتهديد والوعيد ليقرروا قضاء عيد الأضحى بالمعتصم. ونتيجة تجاهل إدارة المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن وتهرب مصفي شركة مفاحم المغرب وعجز السلطات الإقليمية عن تدبير الملف، قرروا مواصلة النضال بمسيرة في اتجاه مدينة وجدة وبعدها إلى مدينة الرباط، وبمقطع السكك الحديدية بقنفودة الطريق الوطنية رقم 17، مساء يوم الاثنين 17 أكتوبر 2016، قاموا بمحاولة انتحار جماعي تحت عجلات القطار القادم من بوعرفة إلى وجدة، لولا يقظة القائد الجهوي لسرية الدرك الملكي الذي استنفر كل قواته وقام بإيقاف القطارات القادمة من بوعرفة ووجدة وفتح حوارا مع العمال والعاملات توج بتحديد لقاء مع والي جهة الشرق في اليوم الموالي. اللقاء حضره 10 أشخاص كممثلين عن العمال والجمعيات، حيث تعهد الوالي بأنه سيقوم بما يلزم من أجل حل هذا المشكل الذي طال أمده، وبتاريخ 26 أكتوبر 2016، انعقد اجتماع ثان بالولاية تحت إشراف الكاتب العام بحضور مدير بالمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن والمديرة الجهوية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأعضاء لجنة الحوار من العمال... وتقرر إمداد الولاية بلوائح بعض العاملات والعمال ضحايا شركة مفاحم ... إلا أنهم تفاجؤوا بتاريخ 10-11-2016 بعدم التأشير على الطلب المقدم للوالي بمكتب الضبط حتى يطمئنوا على أن لا يطال طلبهم الإهمال، ليواجهوا بأن هناك تعليمات بعدم التأشير على الطلبات المقدمة للولاية، وهذا الإجراء في حد ذاته يطرح أكثر من سؤال بشأن التعامل اللاإيجابي مع طلبات المواطنين والجمعيات.. وما يثير أكثر ما وقع يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2016 لممثلي جمعيات المجتمع المدني المهتمة بملف عمال مفاحم سابقا، بحيث تم استدعاؤهم لمقر عمالة جرادة للقاء مع عامل الإقليم، إلا أنهم تفاجؤوا بإغلاق أبواب العمالة ومنعهم من الدخول من طرف القوات المساعدة، الأمر الذي دفع بعض الجمعيات إلى توجيه رسالة استنكار واحتجاج إلى عامل الإقليم على هذا السلوك المنافي للقيم الإنسانية والمتعارض مع مضمون الخطاب الملكي أمام ممثلي الأمة في افتتاح الدورة التشريعية. ومساء الخميس 10 نونبر 2016 حوالي السابعة مساء، قام وفد برئاسة رئيس المجلس العلمي المحلي ونائب الصحة والسلطات بكل تلاوينها، مصحوبين برجال الأمن والقوات المساعدة لحث المعتصمين على فك الاعتصام لأسباب إنسانية، متجاهلين مطالبهم المتمثلة في تنفيذ بنود الاتفاقية الاجتماعية 17 فبراير 1998 بتكملة الأيام المتبقية للحصول على معاش التقاعد وربطها بتاريخ التوقف عن العمل، خاصة وأن هناك عددا كبيرا من العمال والعاملات تجاوزوا السن القانوني للتقاعد بكثير، وكذا التعويضات عن السكن والرحيل والفحمي الجزافي وعن الأقدمية وعدد الأبناء ونسبة العجز.. إلخ... والتسوية العقارية وإلغاء التقادم والاستغناء عن المحامي في إطار المساعدة القضائية وأنسنة الإدارة وعدم الإجهاز على حقوق ضحايا المفاحم وذويهم من لدن الصندوق المغربي للتقاعد والتأمين والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وإعطاء بطاقة العلاج لجميع العمال على الصعيد الوطني للعلاج بالمستشفيات الإقليمية والجامعية طبقا للاتفاقية الاجتماعية. وأمام تدهور الوضع الصحي للعمال المعتصمين، وجهت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني بجرادة نداء إلى الهلال الأحمر المغربي، قصد إمداد المعتصمين، المتشبثين بحقوقهم المشروعة ، بالأدوية والأغطية الضرورية تفاديا للأسوأ. و يظل السؤال الذي يطرح نفسه : إلى متى سيبقى ملف عمال مفاحم معلقا في غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى المسؤولين لتفعيل مضامين الخطاب الملكي السامي؟