تدبير مدينة آسفي ليس في مستوى أهلها.. أعضاء المجلس مطالبون بالإقلاع عن المزايدات والوقوف لحظة تأمل للنهوض بالمدينة وخدمة المواطنين ..لا يعقل أن يوجد بمدينة آسفي ذات العمق التاريخي والحضاري 60 كلم من الطرقات كلها أتربة .. لا يسمح اليوم بأن يظل المواطنون بدون كهرباء بضاحية المدينة ..من غير المقبول أن تبذر أموال طائلة في سوق مغلق وبالمقابل تنبت أسواق عشوائية هنا وهناك ..لن يسمح بعد اليوم بالترخيص لأية تجزئة دون مواصفات أو مرافق ترفيهية اجتماعية.. حان وقت الجد والصرامة ولي فرط يكرط ... «الحديث هنا لوالي آسفي عبد الله بنذهيبة الذي باغت أعضاء المجلس الحضري لآسفي في دورة الحساب الإداري الأسبوع الماضي، ليقدم درسا للجميع، مؤكدا أنه لم يعرف منذ توليه المسؤولية على رأس الإدارة الترابية عجزا ماليا بالجماعات المحلية مثل ما تعرفه الجماعة الحضرية لآسفي والذي بلغ 27 مليار سنتيم، وشدد الوالي على ضرورة العناية بالأحياء الهامشية وإيلاء عناية خاصة لفضاءات الطفولة والشباب والنساء، داعيا الجميع إلى التعبئة من أجل تنمية المدينة وليس أحياء بعينها . ومعلوم أن تدبير الجماعي لمدينة آسفي يعرف حالة من التيه لعدم وجود اختيارات تنموية واضحة لدى المجلس، ولغياب مخطط جماعي للتنمية المحلية، ويوحي الوضع بفقر فظيع في برامج الأحزاب التي تتولى تسيير المدينة - إن كانت هناك برامج أصلا- كما أن آسفي اليوم تؤدي فاتورة التدخلات العمرانية غير المضبوطة، وهي المدينة التي عانت ولا تزال من حالة الاغتراب في هويتها الحضرية بنمو نسيجها السكني مفتقدا لأي طابع هندسي أو معماري يراعي خصوصية آسفي التاريخية والحضارية بفعل المضاربة العقارية الشرسة... ذلك أن عامل الهجرة والنمو الديمغرافي رفعا من حجم الطلب على السكن الاجتماعي، ومن سوء حظ آسفي أن تدخلات المؤسسات التابعة للدولة إلى جانب تدخلات الخواص لم تف بتعهداتها بتوفير منتوج سكني يغطي الضغط المتنامي ويحترم خصوصية مدينة تتطلع إلى تقوية تنافسيتها وتحسين جودة الحياة بها، والحصيلة تنامي الزحف الإسمنتي الذي قضى على الأخضر واليابس بالوسط الحضري دون مراعاة للتوازن المجالي للمدينة ودون توجيه عقلاني لأنشطتها السكنية والخدماتية والتجارية والصناعية، هذا مع التأكيد على الفقر الكبير في الإبداع والخيال الهندسي ...بل إن جل المتدخلين في مجال السكن يتنصلون من استكمال باقي التجهيزات الأساسية مع هشاشة واضحة للبنية التحتية المنجزة، ليصبح في المجمل أزيد من 120 تجزئة سكنية بدون تسلم نهائي للأشغال، والنتيجة حاجة المدينة اليوم لما يقارب 17 مليار سنتيم لتنفض عنها آسفي غبار الأتربة وتستعيد طرقها المعبدة وإنارتها وما تبقى من مناطقها الخضراء ؟؟.. حالة التيه التي يعيشها المجلس الحضري منذ انطلاقته عكسها لجوؤه إلى التعاقد مع مكتب للدراسات لإعداد مخطط جماعي للتنمية، وهي مبادرة تنم عن عجز مكونات المجلس على استيعاب الإشكالات الكابحة لنهضة المدينة وإيجاد الحلول الناجعة لشروط التأهيل الحضري والاجتماعي والاقتصادي لأسفي، علما بأن المخطط الجماعي للتنمية هو أداة للتواصل بين مختلف الفاعلين المحليين وكل المتدخلين في المجال الترابي للمدينة، كما أن إعداده يشكل فرصة للحوار والتشاور حول مستقبل آسفي باستحضار تام لكل التحولات الديمغرافية السوسيولوجية والمجالية التي شهدتها المدينة خلال العقد الأخير. تشخيص أوضاع الجماعات كان محط دراسة نقدية لقسم الجماعات المحلية بولاية أسفي، وهو شهادة إدانة لما يقع من عبث وفيه ما يكفي من صكوك الإدانة للمنتخبين وسلطات الوصاية، يكشف التقرير أن 14 مليارا لازالت عبارة عن مستحقات ضريبية وجبائية لم تستخلص بعد، ولم تضخ سيولتها في مداخيل الجماعات لتوظيفها في مشاريع تهم بالأساس تحسين إطار عيش السكان، هذا المبلغ الضخم - حسب مدبجي التقرير- يؤثر سلبا على التوازن المالي للجماعات المحلية دون الحديث عن ضعف الادخار وقلة الاستثمارات المحلية، يقابل ذلك - ويا للمفارقة - عدم التزام الجماعات المحلية بتسديد ما بذمتها إزاء العديد من المؤسسات العمومية وتنصلها من الاتفاقات المبرمة مع مؤسسات أخرى .. كما يشدد التقرير على إثقال كاهل الجماعات بالديون المقترضة من طرف صندوق التجهيز الجماعي للقيام بأعمال لا علاقة لها بتنمية الجماعة أو بالتسيير العادي، مما يدخل الجماعة في عملية خدمة الدين إلى أجل غير مسمى. التقرير يقر بعدم ترشيد النفقات واللجوء دائما إلى رصد المزيد من المصاريف في فصول قابلة للاستهلاك بسرعة والتي لا تدر أي ربح على الجماعات كاستهلاك الهاتف والمحروقات وقطع الغيار واقتناء السيارات النفعية .. نفس العبث يطال تدبير الممتلكات حيث التأخير في تنفيذ قرارات المصادقة على عمليات اقتناء الأراضي من الخواص مما يعرض حقوقهم للتماطل والإهمال. وفي مجال الشرطة الإدارية، يسجل عدم الاعتناء بمكاتب الصحة والمجازر الجماعية، وحالة الفوضى والتسيب التي توجد عليها محطات وقوف السيارات والعربات ..أما صرف الميزانية أو برمجتها فلا يرتكز على أي مخطط تنموي يستحضر الأولويات والموارد وجدوى المشاريع كما تقتضيه الحكامة الجيدة ..وبالنظر إلى التوظيفات العشوائية التي تمت في السنوات الأخيرة - يفيد التقرير - بأن من تبعاتها السلبية رفع كتلة الأجور التي أصبحت تشكل أزيد من 60 في المائة من النفقات الإجبارية ... لماذا تصلح الجماعات بأسفي؟ سؤال نجد جوابه في آثار النعمة التي أصبح يعيشها معظم رؤساء الجماعات والمنتخبين مقابل مؤشرات الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي الذي يطبع حياة المواطنين ...