لقد قلنا عقب الأحداث الإرهابية التي ضربت عددا من الدول في أوروبا، بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا والعداء للإسلام ازدادت بشكل مُلفت، وأن المسلمين أصبحوا يعانون في كل مكان، بسوق الشغل و بالشارع، وأن نظرة الأوربيين تغيرت كثيرا، فأينما حللنا وارتحلنا بتنا نشعر بأن لا رغبة لديهم في تواجدنا على أراضيهم ، لكن حقدهم وعداءهم هذا سيمتد ليشمل مقابر المسلمين التي أصبحت تدنس في غياب أي ثقافة للتسامح والتعايش . إن الإرهابيين الذين كانوا سببا في معاناة المسلمين بكل الدول الأوروبية يُدفنون إما في مقابر لا يعرفها أحد حتى لا تصبح مزارا لإرهابيين محتملين أو يتم تسليمهم لأهاليهم لدفنهم وفق الطقوس التي اعتادوا عليها وفي المقابر التي يختارونها ،والدنمارك التي عهدنا في حكومتها إنصاف المهاجرين الذين اختاروا العيش بين شعبها ،أصبحت تجد صعوبة كبيرة في رفع الضرر الذي بدأ يلحق بجزء من مجتمعها ، فقد باتت ظاهرة الاعتداء على مقابر المسلمين و العبث بالجثامين المدفونة التي غادرتها أرواحها تتكرر في كل مرة،و هو الأمر الذي لا يقبله لا الإسلام ولا الديانات السماوية الأخرى، بل إن المعتدي يستمر في ارتكاب جرائمه دون توقف أو ردع، وقد حصل اليوم اعتداء جديد آخر، وكانت مقبرة «بروندبي» الإسلامية مسرحا له ، ويرجع القبر المستهدف لمرتكب الجريمة المزدوجة في نونبر الماضي و الذي قتل أبرياء وترك زوبعة وراءه لن تنتهي ، فقد خلف حقدا وجرحا غائرا بين المسلمين وباقي فئات المجتمع ،جرحا عميقا نتجت عنه علاقات متوترة ومستمرة ،غير أن ممارسات طائشة كهذه سوف تزيد من تأججها . إن مرتكب هذه الجريمة ضد قبر مجرم قتل الناس بغير حق لا يسعى سوى لإذكاء مزيد من الفتنة بين أفراد المجتمع الواحد ،لقد عبرنا عن موقفنا في حينه بأن ما ارتكبه «عمر» جريمة بشعة بقتله أبرياء لا ذنب لهم مهما كانت ديانتهم أوجنسيتهم، ولكن من دنس قبره وكتب عبارات تسيء للقيم الدنماركية فقد ارتكب جريمة تمس قيم التسامح والتعايش. إن تدنيس المقابر اليوم والتمييز في سوق الشغل والاعتداء الجسدي أو اللفظي على المحجبات قد يتطور غدا إلى مسلسل للاغتيال والاعتداء على أماكن العبادة ،ولا ندري ما يخبئه الزمان لنا وللأجيال التي رأت النور في الدنمارك و في أوروبا بصفة عامة.