في اجتماع المجلس الحكومي، عبر وزير محترم وأنيق عن استغرابه لخروج مجموعة من المناضلين الاتحاديين في مسيرة 20 فبراير. لا جواب سياسي على الوزير السياسي، لأن الأمر ببساطة من صلب... السياسة! لنتهكم بهذه الجدية ونعود إلى الأصل. في اليومين الأخيرين خرجت مسيرة مئوية في مراكش، لتندد بما اعتبره مواطنون بسطاء إعلان حرب على مصالحهم. ماذا كان الاتحاديون في مراكش سيفعلون؟ مراكش كمثل؟ كانوا سيستجيبون بدون أدنى تردد لهذه المطالب ويخرجون لمساندتها، ولهم في ذلك ما لا يقل عن خمسة مبررات: فقد تابعوا، باندهاش وألم، كيف تتحول السلطة الحكومية، بجلال قدرها وبركتها وجاهها، إلى أداة تصفي حسابات بعض الجهات الحزبية (الموروثة بفسادها)، مع المناضل اعبيدة، الكاتب الجهوي للتعليم الذي تم عزله وبالرغم من تضامن كل النقابات واحتجاجها على القرار.. تم ونفذ والسلام ! كيف لا يخرجون، وهم يتابعون كيف أن المقيم العام للمندوبية السامية للغابات ينفذ قرارا كانيباليا في حق عبد الله السعيدي، المناضل في مراكش ورئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، وكأن السيد المندوب »الحافي« لا يختار سوى الرئيس والمهندس من كل من في مندوبيته من موظفين: أمثال المندوب السامي يدفعون الناس إلى الإضرابات والاعتصامات وغدا الى حرق أنفسهم، ويضحك المندوب بفرنسية سليمة للغاية لأنه لا يعرف أن البلاد بعدها »»ستشتعل فيها النار»« ! لماذا لا يخرج المناضلون الاتحاديون في مراكش وهم يرون عبد العزيز الرغيوي المناضل الشريف ومندوب الصناعة التقليدية والكاتب الجهوي للاتحاد في مراكش يتعرض للعقاب، وحتى رؤساؤه يقولون: اللهم إن هذا منكر. كيف تريدون من الناس أن يقتسموا العجز مع الدولة التي مفروض فيها أن تحميهم؟ لماذا تريدون من الاتحاديين أن يطبخوا مازوشية جماعية لكي تظلوا في ظلالكم الوارفة مستسلمين الى نوم العسل؟ الاتحاديون في مراكش، لهم »سبب« آخر للغضب: من يذكر منكم أيها السادة الوزراء قضية نجيب آيت بنمالك؟ هل نسيتم الفضيحة الكبرى لانتخاب رئيس غرفة الصناعة التقليدية من مدينة »جامع لفنا«: سنذكركم: لأول مرة بعد مغرب أوفقير والدليمي وادريس البصري، وفي عز المغرب الجديد، يتم تزوير علني ومفضوح لانتخابات ويتم تعطيلها ويتم من بعد رعاية العصيان!! والغريب أن رفاق وأصدقاء السيد الوزير يرفعون أكف الضراعة إلى الله لكي يغفر لهم ما تم بدون قدرتهم ! المندوب الإقليمي في السراغنة، اتحادي بدوره، ولهذا كان عليه أن يعاقب: إنهم يصنعون قبائل »مصراتة« في الحوز، يصنعون المخزن العتيق بالألوان الوطنية، فقط لكي يعاقب الاتحاد الاشتراكي والأحزاب التي طبعت تاريخ المنطقة. بكل صدق لكي يكون الوزير سعيدا ، حقا عليه أن يعلم بما يقع، قبل أن يستفز الاتحاديين بكلامه هذا! وبكل صدق لا أرى سببا لكي لا يخرج الاتحاديون في وجدة، وهم يرون القضاء مجرد ملحقة لحزب معين، ولا يخرج الاتحاديون في طاطا، ولا يخرج الاتحاديون في الحسيمة، ولا يخرج الاتحاديون في الناظور ولا يخرج الاتحاديون في الدارالبيضاء وكل هذه المناطق تتحول إلى مصراتات حزبية بشبكات قائمة على الفساد والتعفن والاحتفال الماجن بإذلال الناس. هناك مشكلة في هذا البلد تسمى »الصرف«: لا يهم إن كان الناس يشعرون بالجوع والظلم وانسداد الأفق، الذي يهم مع الصيارفة السياسيين هو أن «ترد على حزب» »و»تقلي ليه السم»«، و»»تقطر عليه«« والأنكى من ذلك، لا بأس من التمثيل بالمواطنين المغاربة من أجل إرضاء نزعة »»بياعاتية««، لا تعطي أكثر من مناصب قليلة إضافية ! أيها الناس هناك وضع لا يحتمل، فكروا فيه وعالجوه وثقوا بشعبكم الذي يشعر بالحكرة، عوض الاستقواء بلعبة شطرنج باهتة ! سأدافع حتى الموت ليخرج الاتحاديون للتعبير عن أصالة هذا الشعب ورفضه للهوان، وسأدافع حتى الموت عن العقلانية السياسية والواقعية النظيفة ! وسأدافع حتى الموت لكي يصرخ المناضلون ولو ضد حزبهم، إذا ما شعروا بأن أصواتهم لابد أن تسمع ! وحاولوا أن تقنعونني بأن الذي يحدث في مراكش هو مجرد توارد خواطر ومجرد حوادث لا رابط بينها ! حاولوا، ولن أقتنع لأنكم تعرفون بالفعل ما يحدث. وتعرفون بالضبط لماذا سيكون من الصعب إقناع المناضلين بالاكتفاء بالاجتماعات المسؤولة لحل المشاكل.