المعرض الجامع المقام بقاعة صندوق الإيداع والتدبير بالرباط تكريما للفنان خليل غريب، هو معرض قد يصيب الكثيرين ب@الدهشة، أو بالغرابة، بالتعجب أو بالطرافة، أو حتى بالتقزز والاحتقار، أو قد يعتبر البعض منهم أن ما يشاهدونه، مجرد لعب ولهو وعبث، أو يعتبرونه أعمالا فنية فريدة ومتميزة لا تنسج على منوال أو مثال..... الخ لكن الفنان خليل غريب غير مهتم وغير مكترث بما قد تثيره فيهم أعماله هاته.. لأنها أولا وقبل كل شيء هي أعماله وأشياؤه الخاصة، والتي طالما حاول ألا يشاركه فيها أحد، أو ألا يشاركها إلا مع الخلص من أصدقائه الحميمين، الذين أبى بعضهم إلا أن «يفضح» كتابة هذه الأعمال، ويخرجها من طور السر إلى أطوار العلن. ولعل مصطلح »»الأرشيف الخاص»« أو الأرشيف الفني الخاص، هو التسمية الأقرب تطابقا وملاءمة لأعمال الفنان خليل غريب، الذي يقول عنه حسان بورقية في كلمة تضمنها كاتالوغ المعرض انه «»لا يجب أن نسميه فنانا .... ولواحاته ليست كاللوحات، وان كان بينها لوحات كاللوحات. انها حالات وجودية ملونة، وتذكرات تدرج بين الوضوح وبين الضبابية، وخربشات طليقة ومرحة لا سلطان عليها، وتنميق وتزويق وفق الأهواء، وإضافة أثر على أثر، وتشكيل اشكال فوق اللاشكل، ومحو الممحو، والتقاط أثر الزمان على الورق والجدران والمكان، وترويض سيلان الحبر أو لطخاته على الورق، إنها أعمال ضد الأعمال، ولوحات ضد اللوحات أو هي باختصار لوحات وأعمال مضادة لا تريد أن تقول سوى نفسها، التي هي نفسها لا تعرف ماهي هذه ال» نفسها» التي تريد أن تقولها!! إنها أيضا ترويض للفراغ وتمرين للقبض على اللاشيء واستعارة اليد الطفولية الأولى لخدش الجدران، وتضبيب نذف الضباب، والنيل من الجزء الأصغر في المنظر الطبيعي، وإعادة الأشياء إلى بساطة أشكالها، ثم تجريد هذه الأشكال، حتى تنمحي أشكالها فلا يبقى سوى أثر لا يقول سوى أثره! إنها بكل بساطة »»خليليات غريبة« أو »حميميات« غريبة»، تقول زهد صاحبها في اللون والمادة والشكل والتصميم والتخطيط، وتقول غرابة فنان زاهد في بيع أعماله، أو تحويلها إلى سلعة تجارية، لأن ما يعنيه أولا وقبل كل شيء، هو ما توحي به هذه الأعمال له هو قبل أي أحد آخر، وما تعنيه أسرارها له وليس لأحد غيره، لذلك هي أرشيفه الخاص وألبومه الخاص، وقطعة من حياة مبدع متميز، جعلنا هذا المعرض نتقاسمها معه. ان أعمال الفنان خليل غريب هي لهو بالألوان والأشياء، تلكم الأشياء التي وإن بدت أنها ملقاة على قارعة الطريق أو فوق رمال الشاطئ، وأنها من سقط المتاع، فإنها دائما من إبداع من مبدع أول، ويستطيع المبدع الثاني أن يعيد إليها الاعتبار، ويلفت إليها الأنظار، ويجعلها محط إمتاع.