ألمانيا تدعم الشراكة الاستراتيجية والمتعددة الأبعاد والمتميزة مع المغرب بعد قرار العدل الأوربية    بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي        أخنوش: ارتفاع مداخيل جماعة أكادير بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات    ألمانيا ترد على أحكام محكمة العدل الأوروبية: العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تتسم بالاستمرارية والتوسع    المغرب و البرتغال يصدران طابعين بريديين احتفاء بالعلاقات التاريخية    بورصة الدارالبيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    وقفة احتجاجية لأرباب المخابز الأسبوع القادم بالرباط    المغرب.. نمو الاقتصاد بنسبة 2,8 في المائة خلال الفصل الثالث من 2024    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عمليات ضد حزب الله في جنوب غرب لبنان    ماسك يؤكد تأييد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية    المنتخب الوطني يخوض أول حصة تدريبية استعدادا لملاقاة إفريقيا الوسطى    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    مباريات مشوقة في الجولة الثالثة من منافسات كأس التميز    براهيم دياز يعود لتدريبات ريال مدريد    الرجاء الرياضي يتعاقد مع البرتغالي سابينتو لقيادة الفريق خلفًا للبوسني سفيكو    أقسام بدون أساتذة يضع عدد من المؤسسات على صفيح ساخن بالجديدة ومطالب لمدير الأكاديمية الجهوية بالتدخل    طقس الثلاثاء.. نزول أمطار ضعيفة وسحب ببعض مناطق المملكة    معزوز يستعرض حصيلة نصف الولاية الانتدابية لمجلس جهة الدار البيضاء سطات    مرتيل: المجلس الجماعي يصادق على الميزانية التعديلية لسنة 2024 في الجلسة الأولى لدورة أكتوبر        تراجع طفيف لأسعار النفط بعد بلوغها أعلى مستوى في أكثر من شهر    قطاع الانتقال الطاقي سيحدث أزيد من 400 ألف منصب شغل بحلول سنة 2040    مسيرة حاشدة بمكناس تنديدًا باستمرار حرب الإبادة في غزة والعدوان على لبنان    إدارة سجن العرجات توضح حقيقة تعرض محمد زيان لنوبات قلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يتفوق على الدول المغاربية في البنية التحتية ويتقدم 6 درجات عالميا    اختراع نبات صناعي يولد الكهرباء لشحن الهاتف    المملكة العربية السعودية تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي وللوحدة الترابية للمغرب    القضاء يلزم "غوغل" بفتح المتجر الإلكتروني أمام المنافسة    أنقرة تتحرك لإجلاء الأتراك من لبنان    النفط يرتفع لأكثر من 80 دولارا للبرميل مدفوعا بالتوترات في الشرق الأوسط    الرجاء يتفق مع المدرب البرتغالي سابينتو    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    تطوان تحيي ذكرى 7 أكتوبر بالدعوة إلى التراجع عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل    إقصائيات كأس إفريقيا 2025.. الركراكي يوجه الدعوة للاعب "الرجاء" بالعامري مكان مزراوي المصاب    الرئيس التونسي قيس سعيد يخلف نفسه بعد فوزه بأكثر من 90% من الاصوات    الرجاء والجيش الملكي في مجموعة واحدة بدوري أبطال إفريقيا    النادي السينمائي لسيدي عثمان ينظم مهرجانه ال10 بالبيضاء    زهير زائر يعرض "زائر واحد زائر مشكل" بالدار البيضاء ومدن أخرى    اسئلة وملاحظات على هامش قرار المحكمة الاوروبية    تعليقاً على قرار محكمة العدل الأوروبية، وما بعده!!    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محور ندوة فكرية للاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بفاس .. مفتش الشغل: الوظائف والتحديات

الان وبعد مرور تسعون سنة على ميلاده وبفعل التطورات الوطنية والدولية نحاول تسليط الضوء على هذا الجهاز وتحليل وظائفه التقليدية وعلاقتها بالتنمية .
قد يقول البعض أي دور تنموي لجهاز تفتيش الشغل بالمغرب وهو يقوم بالرقابة وتسوية نزاعات الشغل الفردية والجماعية هل فعلا مفتش الشغل فاعل ومساهم في تحقيق التنمية .
باستعمال المنهج الوظيفي الذي يساعدنا على تسليط الضوء على الوظائف الظاهرة للظاهرة المدروسة ووظائفها الباطنة الغير الظاهرة يمكن القول ان هناك علاقة بين وظائف جهاز تفتيش الشغل وتحقيق التنمية كيف ذلك ؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل ولأسباب منهجية ونظرا لشساعة مفهمو التنمية سوف نسلط الضوء على التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقط وعلاقتهما بوظائف جهاز تفتيش الشغل بالمغرب .
وذلك من خلال تقسيم هذا الموضوع إلى محورين أساسيين
المحور الأول نتطرق فيه لادوار جهاز تفتيش الشغل بالمغرب من خلال التشريع الوطني والدولي، أما المحور الثاني فسنخصصه لدراسة العلاقة بين وظائف مفتشي الشغل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب .
المحور الأول : وظيفة جهاز تفتيش الشغل في التشريع الدولي والوطني.
سنتطرق في هذا المحور لوظائف جهاز تفتيش الشغل في التشريع الدولي (أولا) من جهة ومن جهة أخرى دراسة مهام جهاز تفتيش الشغل في التشريع الوطني (ثانيا).
أولا: وظيفة جهاز تفتيش الشغل في التشريع الدولي
تعتبر الاتفاقيتين الدوليتين رقم 81 و129 المرجعيتين الأساسيتين في مجال تفتيش الشغل على المستوى الدولي حيث حددتا اختصاصات جهاز تفتيش الشغل في مهام رقابية بالدرجة الأولى تتجلى في:
- تأمين إنفاذ الأحكام القانونية المتعلقة بظروف العمل وحماية العمال (ساعات العمل والأجور والسلامة والصحة والرعاية واستخدام الأطفال والأحداث)؛
- تقديم المعلومات التقنية والمشورة لأصحاب العمل والعمال؛
- إخبار السلطة المختصة بجوانب النقص أو التعسف التي لا تغطيها الأحكام القانونية القائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن هاتين الاتفاقيتين أكدتا عدم جواز تعارض أي واجبات أخرى تسند إلى مفتشي العمل مع أدائهم الفعال لواجباتهم الأولية أي تفتيش الشغل، أو أن تخل بأي حال بالسلطة والحياد اللازمين للمفتشين في علاقتهم بأصحاب العمل والعمال.
وبالتالي فان المهمة الأساسية لمفتشي الشغل حسب هاتين الاتفاقيتين هي القيام بزيارات التفتيش فقط.
ثانيا: وظيفة جهاز تفتيش الشغل في التشريع المغربي
أحدثت مدونة الشغل التي دخلت حيز التطبيق سنة 2004 أربع مكونات لجهاز تفتيش الشغل هم :
- مفتشون مكلفون بتفتيش الشغل في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة.
- الأطباء المكلفين بتفتيش الشغل في مجال اختصاصهم، الذين أصبح بمقدورهم تحرير محاضر المخالفات والجنح ولم يبق دورهم مقتصرا على مساعدة مفتشي الشغل؛
- المهندسين المكلفين بتفتيش الشغل في مجال اختصاصهم.
وقد حددت مدونة الشغل مجموعة من الاختصاصات والمهام يقوم بها مفتشوا الشغل منها :
- السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل؛
- إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية ؛
- إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها؛
- إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية؛
- إجراء التصالح في مجال نزاعات الشغل الجماعية والعمل على الحيلولة دون تفاقمها؛
- تشجيع المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية.
- إصدار قرارات تحكيمية (مثلا في توزيع المقاعد والهيئات الانتخابية)؛
- قرارات بالموافقة أو الرفض بخصوص بعض الحالات كالقرارات التأديبية في حق الأجراء المحميين؛
- السهر على تنفيذ الإجراءات التي تم إطلاعهم عليها من قبل المشغل كوقف الراحة الأسبوعية أو تغيير مدة الشغل؛
- إجراء البحث في بعض القضايا كالشواهد الإدارية؛
- دراسة القانون الداخلي؛
- التأشير على شواهد العمل.
إذن فهناك مجموعة من المهام يقوم بها مفتشوا الشغل فماهي علاقة هذه الوظائف والمهام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب ؟
المحور الثاني : دور جهاز تفتيش الشغل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
سنحاول في هذا المحور تشريح الوظائف الغير ظاهرة لمفتشي الشغل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب
أولا: علاقة وظائف جهاز تفتيش الشغل بالتنمية الاقتصادية
سنحاول في هذه الفقرة تحديد العلاقة بين التنمية الاقتصادية ومهام مفتشي الشغل وتسليط الضوء على دوره في المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية طبعاهذا يقتضي تحديد مفهوم التنمية الاقتصادية .
ومما لاشك فيه انه من الصعب تحديد تعريف شامل جامع للتنمية الاقتصادية حيث أن هناك عدة تعاريف للتنمية الاقتصادية .
منها انه يقصد بالتنمية الاقتصادية بأنها تنشيط الاقتصاد القومي وتحويله من حالة الركود والثبات إلى مرحلة الحركة والديناميكية عن طريق زيادة مقدرة الاقتصاد الوطني لتحقيق زيادة ملموسة في إجمالي الناتج القومي بالاعتماد على القطاع الصناعي .
وبالتالي فجلب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمار الداخلي من بين أهم عوامل تحقيق التنمية الاقتصادية
فكيف يساهم مفتش الشغل في جلب الاستثمارات الخارجية وتشجيع الاستثمار الداخلي وبالتتالي تحقيق التنمية الاقتصادية؟
كما هو معلوم فجلب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الاستثمار الداخلي كقاعدة عامة يعتمد على بعض الإجراءات وان صح التعبير على بعض القرارات كتقديم تحفيزات ضريبية و عقارية وإصلاح السوق المالي والتقليص من السياسة الحمائية الى غير ذلك هذه العناصر هي مهمة جدا لتحفيز الاستثمارات سواء الاجنبية او الوطنية ولكن في الظرفية الحالية ومن خلال التطورات الدولية وبعد الربيع العربي لم تعد لوحدها محددا أساسيا لتشجيع الاستثمار وفتح شهية المستثمرين لإنشاء استثماراتهم في أي دولة بل أصبح من بين العناصر الأساسية والمكملة لما سبق ذكره بالدرجة الأولى الاستقرار السياسي ودرجة السلم الاجتماعي في البلاد في وبالتالي اي دراسة يقوم بها مستثمر بشكل عام واجنبي على وجه الخصوص لاي مشروع من اجل انشائه تركز بالدرجة الاولى على طبيعة العلاقات المهنية وعلى مامدى توفر سلم اجتماعي في المقاولات هذا الاخير الذي يساهم فيه مفتش الشغل بدرجة كبيرة من خلال دروره الرقابي من جهة و التصالحي في نزاعات الشغل الفردية والجماعية المصحوبة بإضراب أو بدون إضراب من جهة اخرى.
-أ- الدور الرقابي والتنمية الاقتصادية:
إن الدور الغير معلن للرقابة يتمثل في دورها ألاستباقي في عدم نشوء نزاعات شغل بالمقاولة حيث من خلال زيارات التفتيش يقوم مفتش الشغل باعطاء المشغل تقرير زيارة التفتيش التي تتضمن مجموعة من الملاحظات المتعلقة باحترام تشريع الشغل يجب على المشغل التقيد بها هذا الاخير اذا ماقام بالالتزام بتلك الملاحظات فان دلك لامحالة سيساهم في عدم نشوب نزاعات وبالتالي يخفف ذلك عن مفتش الشغل عناء تدخله لتسوية النزاعات التي قد تنشئ مستقبلا .
عدد زيارات التفتيش وعدد الملاحظات الموجهة للمشغلين من سنة 2012 إلى سنة 2015
2 الدور التصالحي والتنمية الاقتصادية
تناط بمهام مفتش الشغل تسوية نزاعات الشغل الفردية والجماعية ومن شان تسوية هذه النزاعات تحقيق السلم الاجتماعي الذي أصبح يبحث عنه المستثمر وهذا ما يفسر عدد المقاولات التي تم إحداثها في المغرب بعد الربيع العربي وخصوصا المتعددة الجنسيات والمتخصصة على سبيل المثال في صناعة السيارات ومنها من انتقل من بعض الدول التي اصبح السلم الاجتماعي بها ضعيف وفضل الاستثمار في المغرب بفعل السلم الاجتماعي الذي عمل على ضمانه مفتش الشغل بفعل تسويته لنزاعات الشغل الفردية والجماعية
جدول يبين تسوية نزاعات الشغل الفردية بين سنة 2012 و2015
جدول يبين عدد الإضرابات المتفاداة من سنة 2012 الى سنة 2015
يتضح من الجدولين السابقين أن تدخلات مفتشي الشغل مكنت من تجنب 1310 اضراب سنة 2015 في 1107 مؤسسة عدد اجرائها 121077 اجير مما مكن معه ضمان استمرارية هذه المقاولات وضمان استقرار 121077 منصب شغل سنة 2015 وهو مايساعد على سلم اجتماعي يفتح شهية المستثمرين.
2 علاقة جهاز تفتيش الشغل بالتنمية الاجتماعية:
سنحاول في هذه الفقرة تحديد العلاقة بين التنمية الاجتماعية ومهام مفتشي الشغل وتسليط الضوء على دوره في المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية هذا يقتضي طبعا تحديد مفهو التنمية الاجتماعية كذلك .
كما هو معلوم تعددت التعاريف المحددة لمفهوم التنمية الاجتماعية ولكن كلها تنصب في كونها تنمية طاقات الفرد إلى أقصى حد مستطاع، أو بأنها إشباع الحاجات الاجتماعية للانسان، أو الوصول بالفرد لمستوى معين من المعيشة فهي تهتم أساسا برأس المال الاجتماعي كالصحة والتعلم والإسكان والتشغيل وتحسين ظروف المعيشة بالقضاء على الفقر والبطالة والحرمان الاجتماعي ورفع المستوى المادي للافراد .
من خلال هذا التعريف يمكن القول بانه من بين عناصر تحقيق التنمية الاجتماعية هي التشغيل وقد يقول قائل ما علاقة التشغيل بمفتش الشغل وبالتالي ما علاقته بالتنمية الاجتماعية ؟
- ان مفتش الشغل يساهم بشكل كبير في عملية التشغيل بل يمكن القول بانه هو الذي يضمن نجاعة عملية التشغيل حيث انه لايكفي توفير منصب شغل فقط بل يجب كدلك ضمان استمراريته هذه هي التنمية الاجتماعية فمفتش الشغل من خلال دوره التصالحي ومن خلال فض نزاعات الشغل الفردية والجماعية يمكن القول انه يضمن استمرارية مناصب الشغل حيث ساهمت تدخلاته في ارجاع عدد مهم من الاجراء لعملهم حيث بلغ عدد الاجراء الذين تم ارجاعهم مابين سنة 2012 و2015 حوالي 17005 أجير في النزاعات الفردية فقط بمعنى ضمان استمرارية 17005 منصب شغل.
وساهم في ضمان استمرارية المقاولة في فض مجموعة من النزاعات الجماعية التي كانت تهدد بتوقف نشاط المقاولة
- كما ان تدخلاته مكنت من تحصيل 7 مليون و950 الف درهم برسم سنة 2010 الى سنة 2015 . تساهم في ضمان عيش الاجير لمدة معينة الى ان يجد عمل اخر .
يتضح مما سبق بان الوظائف الظاهرة لجهاز تفتيش الشغل بالمغرب والمتمثلة في الوظيفة الرقابية والوظيفة التصالحية لها وظائف خفية باطنة غير ظاهرة تساهم بشكل كبير الى جانب المؤشرات الاخرى في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولذلك ونظرا للأدوار الجديدة التي أصبح يلعبها جهاز تفتيش الشغل بالمغرب اصبح لزاما تثمين أدواره والزيادة في عدده وتوفير الحماية القانوية له للقيام بأدواره أحسن قيام.
عرض الدكتور محمد طارق أستاذ القانون في كلية الحقوق بالمحمدية حول : جهاز تفتيش الشغل بين تطبيق القانون وحماية الأجراء
شكلت مدونة الشغل أهم حدث تشريعي في المجال الاجتماعي، وجاءت لتنفيذ الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وملائمة التشريع الوطني مع المواثيق الدولية ذات الصلة ،وتكريس مبدئي الثلاثية والتمثيلية في تدبير العلاقات المهنية، ولتستجيب لتطلعات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ومدخلا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تكريس الحقوق الاساسية في العمل، وتأهيل المقاولة المغربية قانونيا واجتماعيا واقتصاديا، وتعزيز تنافسيتها حتى تصبح قادرة على مجابهة التحولات التي طرأت على العلاقات المهنية وأنماط التشغيل التي فرضتها تحديات العولمة وآثارها المتعددة التجليات، وتصبح تلعب دورا اساسيا في تشغيل اليد العاملة وفي مستوى انجاز أوراش التأهيل الاقتصادي و الاجتماعي ببلادنا .
ومن أجل ربح هذه الرهانات أوكلت مدونة الشغل لجهاز تفتيش الشغل بمكوناته الثلاث (مفتشو الشغل والاطباء مفتشو الشغل ومهندسو السلامة المهنية) باعتباره أداة الدولة في مجال السهر على احترام تطبيق القانون، باعتبار هذا الاخير وسيلة لفرض احترام الحقوق الفردية والجماعية داخل المقاولة وتكريس الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأجراء.
انطلاقا من الوقوف عند الاساس القانوني لتدخل مفتش الشغل ولك عبر التركيز على انجازات الجهاز خلال سنة 2014 سواء في مجال مراقبة تطبيق التشريع الاجتماعي أو عبر تدبيره للعلاقات المهنية ،وبما في ذلك تكريس حقوق الانسان داخل المقاولة المغربية (الفقرة الاولى ) ، ثم سنتناول الاكراهات ومعيقات تدخل مفتش الشغل عند اداء مهامه او بمناسبتها ،والتى تتلخص في اكراهات قانونية مرتبطة ب ضرورة اكمال الترسانة التشريعية المؤطرة لحقوق الانسان داخل المقاولة، واكراهات عملية مرتبطة بضرورة تأهيل وعصرنة جهاز تفتيش الشغل بالمغرب (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: الدور المحوري لجهاز تفتيش الشغل في تطبيق القانون وحماية الإجراء
إن مكانة مفتش الشغل في تفعيل المقتضيات القانونية تتجلى أساسا من خلال الإتفاقيات الدولية 81 و 129 وذلك عبر تدخل مفتش الشغل خلال زيارات تفتيش الشغل، او عبر تقنيات الحوار الإجتماعي والمفاوضات، بالاضافة الى حرصه على تدبير ظروف العمل في مجال الصحة والسلامة المهنية والوقاية من حوادث الشغل وتدبيرها إداريا.
وتكمن أهمية جهاز تفتيش الشغل في ظل قانون 99-65، عبر إسناد المدونة ما يناهز 67 مادة تحدد مجال تدخل هذا الجهاز منها 16 مادة أساسية وردت في الباب الأول من 530 إلى 548، ومواد تحدد اختصاصات الجهاز وتدعم تدخلاته للحفاظ على الأمن الاجتماعي وتشجيع الاستثمار، وتتبع الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى إحداث المؤسسات ومناصب الشغل ، أو عبر تتبع الإغلاقات وفقدان مناصب الشغل وتقليص ساعات العمل تحت طائلة إكراهات اقتصادية، بالإضافة الى إسناد مهمة تدبير النزاعات الفردية والجماعية بمقتضى القانون في إطار الصلح التمهيدي والتصالح.
ويظهر الدور المحوري لجهاز تفتيش الشغل في حماية حقوق الانسان داخل المقاولة عبر مجالات تدخله القانونية انطلاقا من انجازات جهاز تفتيش الشغل خلال سنة 2014:
- زيارات مراقبة تفتيش الشغل خلال سنة 2014:
- إنجاز 19.103زيارة مراقبة (17.871 بقطاع الصناعة والتجارة والخدمات، و1.232 بالقطاع الفلاحي)
- تحرير 437 محضرا بالمخالفات و الجنح (12.684 مخالفة و863 جنحة)،
- تقوية المراقبة في مجال الصحة والسلامة المهنية .
- التنسيق بين مفتشي الشغل ومفتشي ومراقبي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بهدف ضمان حسن تطبيق التشريع الاجتماعي.
- مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتحسين ظروف الشغل داخل الوحدات الإنتاجية التي تشغل أقل من 50 أجيرا (PNACT).
العلاقات المهنية:
- معالجة حوالي 32.900 نزاعا فرديا وإعادة إدماج حوالي 3.670 عاملا مفصولا.
- تفادي اندلاع 930 إضرابا في 749 مؤسسة.
- الإشراف على التوقيع على 185 برتوكول اتفاق.
- دراسة ومعالجة 31 نزاعا جماعيا، من طرف اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة تمت تسوية 10 منها ودراسة ومعالجة 39 نزاعا جماعيا من قبل اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة تمت تسوية 19 منها.
الفقرةالثانية:الاكراهات القانونية والعملية المعيقة لتدخل مفتش الشغل في تطبيق القانون وحماية الأجراء:
الاكراهات القانونية :
- ضرورة اكمال الترسانة التشريعية المؤطرة لحقوق الانسان داخل المقاولة:
- القانون التنظيمي لحق الاضراب
- القانون المنظم للنقابات المهنية
- القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين ؛
- ضرورة اصدار النص التنظيمي المحدد لشروط الصحة والسلامة المتعلقة بالعمال المشتغلين بمنازلهم؛
- ضرورة اصدار النص التنظيمي التطبيقيين يتعلقان بالتدابير الخاصة بالسلامة المتعلقة بالمواد والمستحضرات وكذا بتجهيزات العمل التي قد تلحق ضررا بصحة الأجراء أو تعرض سلامتهم للخطر.
- ضرورة اصدارالمرسوم المحدد لنموذج النظام الداخلي؛
- ضرورة إعداد مشاريع النصوص التطبيقية للقانون الإطار المتعلق بالصحة والسلامة المهنية ؛
- ضرورة التصديق على اتفاقيات العمل الدولية التالية:
- رقم 150 والتوصية رقم 158 حول ادراة العمل.
- رقم 118 بشأن المساواة في المعاملة (الضمان الاجتماعي)
- رقم 132 بشأن الإجازة مدفوعة الأجر (مراجعة)
- رقم 97 بشأن العمال المهاجرين (مراجعة)
- رقم 184 بشأن السلامة والصحة في الفلاحة
- ضرورة التصديق على اتفاقيات العمل العربية التالية:
- رقم 12 بشأن العمال الزراعيين
- رقم 3 بشأن الحد الأدنى للتأمينات الاجتماعية
- رقم 5 بشأن المرأة العاملة
الاكراهات العملية :
- وجود مديريات إقليمية للتشغيل عملية لا تتوفر على وضعية قانونية تسمح بمنح تعويضات للمسؤولين عنها، ويبلغ عددها حاليا 13 مندوبية (إفران، فاس-زواغة-مولاي يعقوب، البرنوصي، تارودانت، بركان، صفرو، تاونات، برشيد، تزنيت، الرحامنة، شتوكة-آيت باها، سيدي سليمان، تاوريرت)؛
- عدم تجانس التنظيم الهيكلي بين للمديريات الجهوية والاقليمية التشغيل (لاتتوفر على جميع المصالح الواجب توفرها في مندوبية نموذجية)؛
- عدم استفادة رؤساء دوائر تفتيش الشغل ودوائر تفتيش القوانين الاجتماعية في الفلاحة من تعويضات المسؤولية؛
- غياب مقرات خاصة لبعض المديريات الإقليمية التشغيل، مجهزة وملائمة.
- تعدد المهام الموكولة لأعوان التفتيش (المراقبة المصالحة، أعمال إدارية تتبع البرامج....)؛
- ضعف تغطية الوحدات الانتاجية بزيارات التفتيش بسبب قلة عدد أعوان التفتيش ؛
- ضعف المراقبة في مجال الصحة والسلامة المهنية، وذلك بسبب قلة عدد الأطباء مفتشي الشغل ومهندسي السلامة المهنية؛
- قلة المحاضر المحررة من قبل الأعوان بسبب غياب حماية قانونية وعدم وجود تنسيق مع وزارة العدل في هذا المجال؛
- إشكالية حماية مفتش الشغل أثناء مزاولة مهام المراقبة خاصة أثناء عرقلة مهامهم وإهانتهم.
إن انخرط المغرب في تكريس قواعد المسؤولية الاجتماعية من خلال إقرار الحقوق الاساسية للعمال داخل المقاولة والمضمنة في «إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل» لمؤتمر العمل الدولي لسنة 1998، وما جاء به الدستور المغربي لسنة 2011، وما تضمنته مدونة الشغل لأهم المبادئ والقواعد التي ترسخ الحقوق الأساسية في العمل كما هي متعارف عليها دوليا، وعبر مصادقة المغرب على سبع اتفاقيات شغل دولية من بين الثمانية المتضمنة للحقوق الأساسية ، وإعمال الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف منذ سنة 1996 كأسلوب ومنهج لتدبير العلاقات المهنية وتطوير التشريع الاجتماعي وأنظمة الحماية الاجتماعية والتكوين المهني ، ومأسسة الحوار الاجتماعي على الصعيدين الوطني والقطاعي وعلى صعيد المقاولة ، وتعزيز مبدأ الثلاثية من خلال تفعيل مختلف الآليات الثلاثية التركيب المتخصصة في المفاوضة الجماعية والتشغيل والصحة والسلامة المهنية ، هذا مع وجود منظمات مهنية للمشغلين ونقابات عمالية قادرة على المساهمة في بلورة مفهوم ومبادئ حقوق الانسان وترجمتها إلى فعل وواقع داخل منظومة العلاقات المهنية انطلاقا من التشاور والتحاور والتشارك.
وبدون شك فان جهاز تفتيش الشغل لا يمكنه ان يكون بمنآى عن هذه التحولات بل اصبح الرهان على نسائه ورجاله اكبر في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي تعزيز دوره في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأجراء باعتبارها اهم مداخل دولة الحق، وذلك اعتبارا لما يضطلع به جهاز تفتيش الشغل من ادورا أساسية يكفلها له التشريع الدولى والوطني، لكن بمقابل هدا الدور المحوري فإن تعوقه اكراهات مرتبطة بقصور تشريع الشغل وضعف الحماية القانونية للجهاز، بالاضافة الى أن الإطار القانوني لمفتش الشغل لا يواكب تطلعاته ارتباطا بالمهام المتعددة الموكولة اليه، وضعف الحوافز المادية والمعنوية ضمن الميزانية المخصصة للوزارة المرصودة لجهاز تفتيش الشغل، والضعف العددي للموارد البشرية مقارنة مع توسع النسيج الاقتصادي الوطني، ومحدودية الترويج والتثمين للدور الاجتماعي والاقتصادي الذي يلعبه جهاز تفتيش الشغل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.