قال عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والتنمية الاجتماعية، إن الوزارة تعمل حاليا، لتفادي العوائق التي يعرفها قطاع التشريع الاجتماعي، على دراسة إمكانية إعادة انتشار مفتشي الشغل على مستوى المصالح الخارجية. وردا عن فشل مباراة توظيف الوزارة لأطباء مراقبة الشغل أكد، الصديقي، أنه لم يتم استكمال هذه العملية، نظرا من جهة، لأنه لم يتقدم أي طبيب مختص في طب الشغل لاجتياز هذه المباراة، وأن الوزارة قامت بتوظيف 11 طبيبا عاما خلال سنة 2011، وتم إخضاعهم لتكوين في مجال طب الشغل على نفقة الوزارة لمدة سنتين في كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، إلا أن هذه العملية عرفت عدة صعوبات سواء من حيث أداء مستحقات التكوين للمؤسسة المكونة أو من حيث تعيينهم في أماكن الخصاص، مؤكدا أن السبب يرجع لعدم رغبة الأطباء في ولوج ميدان تفتيش طب الشغل. *** يعرف قطاع تفتيش الشغل تعثرا يرجع إلى قلة عدد المفتشين فيما يرى هؤلاء أن الوزارة غير جدية في العمل على برامج لتخليق القطاع. ما هو تعقيبكم على ذلك؟ قبل الحديث عن الاكراهات التي تواجه جهاز تفتيش الشغل لابد من الإشارة في البداية إلى أهمية هذا الجهاز في إرساء دولة الحق والقانون في الميدان الاجتماعي من خلال حماية حقوق الإجراء ومصاحبة المقاولات من أجل مناخ اجتماعي يشجع المردودية و الإنتاجية و بالتالي التنمية الاقتصادية المنشودة لبلدنا. وهذا الدور يزداد أهمية وتعقيدا اليوم، نظرا للتغيرات المتسارعة التي يعرفها عالم الشغل نتيجة آثار عولمة الاقتصاد وتطور نظم الإنتاج والإكراهات الناجمة عن المنافسة في علاقات الشغل. إننا نسعى ليتسم هذا الجهاز بفعالية حتى يساهم في تدبير إكراهات المرحلة عن طريق التفاوض والحوار والمساهمة في تسوية نزاعات الشغل والوقاية منها. بالنسبة للإكراهات، وكما تفضلتم مشكورين بالإشارة إليه، و المتعلقة أساسا بالخصاص الذي يعاني منه جهاز التفتيش. إذ لا يتعدى عدد مفتشي الشغل الممارسين في المغرب 470 مفتشا. وهو رقم هزيل بالقياس مع حجم البنية الاقتصادية وعدد المقاولات العاملة، وأعتقد أن السبب لا يرجع فقط الى الوزارة الوصية بقدر ما يتعلق بإكراهات ميزانية الدولة في شموليتها من خلال عدد المناصب المخصص لكل قطاع على حدة في القانون المالي. ولكي تتمكن الوزارة من تفادي العوائق في هذا الجانب، تعمل حاليا على دراسة إمكانية إعادة انتشار مفتشي الشغل على مستوى المصالح الخارجية، خاصة وأنه لم تمنح للوزارة خلال الثلاث سنوات الأخيرة سوى 5 مناصب شغل إضافة إلى عدد الإحالات على التقاعد وتغير المناصب، وهو ما يشكل عائقا أمام تحقيق نتائج ملموسة للأهداف المعلنة والمتضمنة في البرنامج الحكومي وباستراتيجية الوزارة. أما فيما يخص عدم جدية الوزارة في العمل على سن برنامج لتخليق القطاع ، فهذا رأي يجانب الصواب ، ذلك أن وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية ما فتئت منذ سنوات تعمل على الرفع من أداء جهاز تفتيش الشغل ، وتحسين صورته وحضوره، وذلك من خلال توفير التجهيزات والوسائل اللوجستيكية التي من شأنها المساهمة في تسهيل عملية التفتيش؛ والإجراءات التحفيزية التي قامت بها الوزارة الوصية كالرفع من قيمة التعويض عن التنقل الذي يمنح للمفتشين من خلال إخراج النظام الأساسي لهاته الفئة من الموظفين إلى حيز التطبيق ؛ والقيام ببعض المبادرات التي تسعى إلى تبسيط المساطر من خلال إعداد العديد من الدلائل لتوحيد منهجية العمل. وتكوين المفتشين بشكل مستمر خاصة في تقنيات التواصل والمعلوميات والقانون والصحة والسلامة المهنية ؛ وكذلك التوقيع على عقود أهداف بين الوزارة والمصالح الخارجية التابعة لها. وتعتبر هذه النقطة الأخيرة إجراء أساسي عملت الوزارة بجدية عليه خلال السنوات الأخيرة، لكون هذه العقود مكنت من تحديد ضوابط ومؤشرات للتطبيق السليم للمقتضيات القانونية المتعلقة بمدونة الشغل من جهة، ومن جهة ثانية تساهم سنويا في إعطاء نظرة شمولية حول المهام التي يقوم بها جهاز تفتيش الشغل، كما تساعد على تقييم عمل كل مفتش شغل على حدة. *** بعض المفتشين أنفسهم يقرون بانتشار الرشوة في القطاع، بالإضافة إلى أن النيابة العامة لا تفعل تقارير التفتيش رغم قلتها، هل تعمل الوزارة على تصحيح هذا الوضع وتفعيل جزاءات مدونة الشغل؟ كما هو معلوم فالرشوة هي ظاهرة عامة تتواجد في كل المجتمعات، ولعل هذا الموضوع لا يمكن تخصيصه لفئة معينة داخل المجتمع أو بوزارة معينة للإقرار بتواجدها، بل اعتقد أن الأمر يتعلق بمسالة ضمير أكثر من اختصاص، وكما تعلمون فللحد من هذه الآفة فقد عملت بلادنا على اتخاذ العديد من الإجراءات سواء منها الإدارية أو القانونية، بل أكثر من ذلك فقد تم وضع هيئة وطنية لمحاربة الرشوة تعمل جاهدة على وضع برامج فعالة للحد من هذه الآفة. وفي وزارة التشغيل نعمل جاهدين على تفعيل الإجراءات الاحترازية والوقائية من هذه الظاهرة، وذلك من خلال برنامج من مهام المراقبة والتقييم التي تقوم بها المفتشية العامة للوزارة، والتي تمكن من إبراز نقاط القوة والضعف لهذا الجهاز من جهة، وتكون بمثابة قوة ردع استباقية للحالات التي يمكن أن تقوم ببعض التجاوزات من جهة أخرى. إن مفتشي الشغل يسهرون على تطبيق الأحكام التشريعية والتطبيقية المتعلقة بالشغل. ولهذا الغرض أناطهم المشرع بأدوات قانونية متعددة، منها توجيه الملاحظات والتنبيهات وتحرير المحاضر ضد المشغلين الذين يخالفون الأحكام القانونية والمقتضيات التنظيمية. وهكذا، فإن دور مفتشي الشغل ينحصر طبقا للمادة 539 من مدونة الشغل في معاينة المخالفات (la constatation des infractions) ويثبتونها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس. وتحال هذه المحاضر على النيابة العامة لتحريك المتابعة ضد المشغلين المخالفين. وهكذا، فإن هناك تكاملا بين دور مفتش الشغل الذي يتلخص في معاينة المخالفات وتحرير المحاضر ودور النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية والمحاكم في إصدار الأحكام بشأن المخالفات. ولتفعيل محاضر مفتشي الشغل المتعلقة بجرائم الشغل، فإن الوزارة بصدد وضع تصور متكامل للتعاون مع وزارة العدل والحريات في هذا المجال بما يضمن التطبيق السليم للتشريع الاجتماعي. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن وزارتي التشغيل والشؤون الإجتماعية والعدل والحريات بتنسيق مع مكتب العمل الدولي بادرتا إلى تنظيم ورشة عمل بالرباط بتاريخ 12 شتنبر 2013 لتشجيع مفتشي الشغل على تفعيل المواد الزجرية المتضمنة في النصوص القانونية الجاري بها العمل، ومن المنتظر تنفيذ التوصيات والقرارات المنبثقة عن هذه الورشة خلال السنة الجارية . *** هل تتفقون مع من يرى أن غياب التنسيق بين المؤسسات العمومية من ضمان اجتماعي ومصالح المالية والعدل وكذلك المراكز الجهوية للاستثمار مع مفتشي الشغل فيما يخص توحيد قاعدة المعطيات يجعل مفتشي الشغل دون جدوى ويفتقر للدقة والحكامة المطلوبة؟ أعتقد أنه لتوحيد قاعدة المعطيات لابد من تداخل جميع الأطراف في المنظومة الاقتصادية وليس فقط بعض القطاعات الوزارية، عندئذ يمكننا الحديث عن تنسيق فعال وحكامة جيدة، تفيد ليس فقط جهاز تفتيش الشغل بل كل فاعل في المنظومة بشموليتها. إن عملية التنسيق بين كافة قطاعات الدولة والمؤسسات التابعة لوصايتها تكتسي أهمية بالغة على المستوى المركزي و الجهوي و الإقليمي.ووعيا منها بهذه الأهمية بادرت وزارة التشغيل والشؤون الإجتماعية ،ومنذ مدة ،إلى بلورة التنسيق في برامج عملها السنوية ، ويمكن إبراز ذلك عبر مايلي: على الصعيد المركزي : -تنظيم كل المجالس والإجتماعات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل ( المجالس الإدارية للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، المجلس الإداري للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات). -عقد اجتماعات المجالس المنصوص عليها في مدونة الشغل وهي ( مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية ، المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل ، مجلس المفاوضة الجماعية ). وكل هذه المجالس تشكل فضاءات لتعزيز التنسيق والتشاور في أفق سن تشريعات جديدة أو إصلاح الإختلالات وكذا تقوية عنصر الحكامة . كما أن الوزارة تشارك في كل التظاهرات واللقاءات المنظمة من طرف سائر الإدارات والفاعلين الوطنيين والدوليين التي لها علاقات باختصاصاتها، حيث يتم تحسيس جهاز تفتيش الشغل بأهمية هذه اللقاءات التنسيقية وما تمخض عنها من توصيات وقرارات تهم علاقاته مع كافة المرتفقين بهدف تفعليها على أرض الواقع. على الصعيد الإقليمي: عمدت الوزارة إلى التعاقد مع مندوبيات التشغيل بطريقة تدريجية ، حيث أصبح هذا النظام معمما خلال سنة 2013 ، ومن بين محاوره إعطاء الصلاحية التامة لمندوبي التشغيل، ومن خلالهم كافة مفتشي الشغل،بهدف تقوية التواصل والتنسيق مع كافة الإدارات والهيئات الممثلة للمشغلين والنقابات العمالية، وقد أعطت هذه العملية دفعة قوية ونتائج ملموسة في مجالات التنسيق خاصة مع مندوبيات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي والغرف المهنية والمحاكم الابتدائية و المحاكم التجارية في بعض الأقاليم ، وستعمل الوزارة على ترسيخ ثقافة التنسيق وتقويتها عبر كل الوسائل والإمكانيات المتاحة . كما أن الحكومة تعد تعريفا موحدا للمقاولة (identifiant commun de l'entreprise ) بواسطة المرسوم رقم 63-11-2 الصادر بتاريخ 20 مايو 2011، وإن الحكومة بصدد تفعيل هذا التعريف، الشيء الذي سيمكن من التوفر على معطيات موحدة ومضبوطة حول النسيج الاقتصادي والاجتماعي. *** رغم شساعة المجال الذي يغطيه القطاع الفلاحي في خريطة المغرب، وفي ظل البرنامج الوطني الطموح "المخطط الأخضر" لا يتجاوز عدد مفتشي الشغل المكلفين بهذا القطاع 16 مفتشا، هل تعتقدون أن هذا الرقم يقوم فعلا بما يجب القيام به؟ أود في البداية أن أذكر ،وخلافا لما ورد في سؤالكم، بأنه على مستوى مراقبة تفتيش الشغل في القطاع الفلاحي، فإن الوزارة تتوفر على 26 دائرة للقوانين الاجتماعية للفلاحة متواجدة ب 26 مندوبية من بين 51 مندوبية إقليمية للتشغيل على الصعيد الوطني. ويصل عدد المفتشين المكلفين بتفتيش الشغل في القطاع الفلاحي الى 30 مفتشا بدلا من 16. وقد قام هؤلاء بإنجاز 1224زيارة برسم سنة 2013 تضمنت 35ألف و563 ملاحظة من بينها 1272 همت الصحة و584 السلامة المهنية، كما تم تحرير 11 محضرا أحيلت على النيابة العامة. و للتذكير فإن مدونة الشغل وحدت القانون المطبق على القطاعات غير الفلاحية والفلاحية باستثناء الاحتفاظ بحد أدنى للأجر ومدة عمل ومدد عقود الشغل خاصة بالقطاع الفلاحي. وهكذا تم تمديد تطبيق جميع أحكام مدونة الشغل خاصة طب الشغل والتمثيل المهني والصحة والسلامة وبالفعل يتطلب هذا الوضع الجديد تعبئة الوسائل المادية والبشرية والتنظيمية لضمان تطبيق أمثل لهذا التشريع الجديد. وتتوخى الحكومة من هذا الإجراء تطوير العلاقات المهنية وعصرنتها بالقطاع الفلاحي وتحسين الموارد البشرية والنهوض بوضعها المادي والاجتماعي مع الرفع من الإنتاجية الفلاحية ضمانا للأمن الغذائي وتلبية لحاجيات السوق الداخلي وتشجيع الصادرات. إن التنمية الاقتصادية للقطاع الفلاحي تستوجب توفير الشروط الاجتماعية لإقرار التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، ومن هذا المنطلق فإن الوزارة تولي عناية خاصة للعلاقات المهنية بهذا القطاع، علما أن الوزارة تساعد على إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وتشجيع الحوار الاجتماعي والنهوض بالمفاوضة الجماعية، كما أن الوزارة هيأت في مجال التعاون الدولي، برامج ترمي إلى تأهيل العلاقات المهنية وتطبيق قواعد الصحة والسلامة والحوار الاجتماعي في بعض الجهات ذات الطابع الفلاحي . كما أن دور مفتشي الشغل لا يقتصر فقط على إنجاز وظيفة الرقابة بل يمتد أيضا ليشمل المصالحة في نزاعات الشغل الفردية والجماعية وتشجيع المفاوضة الجماعية وإنجاز أعمال إدارية، وبفضل الدور الوقائي الذي يقوم به هؤلاء الأعوان تم تفادي تحول 234 نزاعا إلى إضراب شمل 158 ضيعة تشغل 20ألف و476 عاملا. وتجدر الإشارة إلى أن العائق الأساسي لعملية تفتيش الشغل في القطاع الفلاحي تتمثل بالخصوص في قلة اللوجستيك اللازم للتنقل إلى الضيعات الفلاحية والغابوية المتواجدة في أماكن مختلفة من العالم القروي والمتباعدة فيما بينها مع صعوبة الولوج إليها احيانا. *** أعلنت الوزارة خلال العام المنصرم عن مباراة توظيف لأطباء الشغل فأعلنت النتيجة لاأحد، ما هو السبب، وهل تم تداركه؟ علما أن المغرب لا يتوفر إلا على 22 طبيب شغل؟ يضم جهاز تفتيش الشغل: 470 مفتشا للشغل (390 منهم معينون بالمصالح الخارجية)، و23 طبيب مكلف بتفتيش الشغل موزعين على الجهات الكبرى للمملكة ، و24 مهندس مكلف بتفتيش الشغل، وتم تنظيم مباراة لتوظيف أطباء مكلفين بتفتيش الشغل، وذلك في إطار من النزاهة والشفافية واحترام تام لجميع المساطر. إلا أنه لم يتم استكمال هذه العملية، نظرا من جهة، لأنه لم يتقدم أي طبيب مختص في طب الشغل لاجتياز هذه المباراة، ومن جهة أخرى لصعوبة المساطر الخاصة بإعادة تكوين الأطباء العامين في مجال طب الشغل. علما بأن الوزارة قامت بتوظيف 11 طبيبا عاما خلال سنة 2011، وتم إخضاعهم لتكوين في مجال طب الشغل على نفقة الوزارة لمدة سنتين في كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، إلا أن هذه العملية عرفت عدة صعوبات سواء من حيث أداء مستحقات التكوين للمؤسسة المكونة أو من حيث تعيينهم في أماكن الخصاص. ويرجع السبب لعدم رغبة الأطباء في ولوج ميدان تفتيش طب الشغل إلا أن هذه الفئة لا تستفيد من التعويض عن الجولات أو إجراءات محفزة في المجال.