تعتبر إدارة العمل من أقدم المرافق التي تم إحداثها من طرف إدارة الحماية بهدف مراقبة القوانين الاجتماعية، وضمان الحماية القانونية للفئات الضعيفة من الأجراء وبالخصوص النساء والأطفال من جهة، وتتبع سوق الشغل ولهذا الغرض تضمنت هذه الإدارة مرفقين أساسيين هما مفتشية الشغل ومصالح التشغيل. وتبعا لتدخل الدولة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، ولأهمية تنظيم العمل عملت الدولة على تطوير هياكل ووظائف ادارة العمل على المستويين المركزي والمحلي وتوسعت وظائفها ومهامها لتشمل المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية، وبدورها أولت منظمة العمل الدولية اهتماما خاصا لموضوع إدارة العمل في مفهومه الشامل، وذلك من خلال اعتماد الاتفاقية الدولية رقم 150 والتوصية رقم 158 حول إدارة العمل وذلك سنة 1978، وهكذا أصبحت احكام هذه المعايير تشكل مرجعية لتقنين وظائف وتنظيم وسير هذا المرفقالعمومي الاجتماعي الهام. وتجدر الاشارة الى أن إدارة العمل المغربية وإن كانت تعتبر من أقدم المرافق العمومية فإن وظائفها وتنظيمها المركزي والمحلي والموارد البشرية والموارد المالية المخصصة لها، وضعف تمثيليتها على الصعيد الترابي وافتقار مصالحها للحد الأدنى الضروري لشروط العمل اللائق وتهميشها داخل الجهاز الحكومي رغم أهمية دورها، تجعل هذا المرفق عاجزا عن القيام بأداء فعال في إعداد وتنفيذ وتقييم سياسة الشغل (التفتيش - الصحة والسلامة المهنية وتسوية النزاعات) وسياسة التشغيل واحصائيات العمل وتشجيع المفاوضة الجماعية والسياسة العمومية الاجتماعية. كما أن المتتبع لوضعية وزارة العمل المغربية، يلاحظ أن أداءها ضعيف وأن تأثيرها على عالم الشغل يكاد يكون منعدما. كما أنه خلافا للإصلاحات التي عرفتها ادارات العمل في العديد من الدول، فإن إدارة العمل المغربية لم تعرف ملاءمة لهياكلها ووظائفها مع متطلبات سوق العمل الجديدة التي افرزتها العولمة وآثارها على علاقات الشغل ، اذ منذ 1996 لم يتم إقرار تنظيم جديد على المستوى المركزي ومنذ 1984 على الصعيد الاقليمي. والأدهى من ذلك هناك العديد من المندوبيات تم إحداثها بكل من بركان، تاوريرت، فاس الزواغة مولاي يعقوب، تاونات، بنجرير، البرنوصي زناتة، تارودانت، اشتوكة ايت باها وافران ليس لها وجود قانوني. وفي ظل المتغيرات الناتجة عن التحولات في أدوار الدولة منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، بحيث أصبح الرهان على القطاع الخاص في تشغيل اليد العاملة يتنامى بشكل تصاعدي، وما رافق ذلك من تحولات في عالم الشغل نتيجة بروز أنماط جديدة للتشغيل التي فرضتها عولمة الاقتصاد وتزايد حدة إشكالية التوفيق بين حقوق اطراف العلاقة الشغلية بشكل يضمن احترام الحقوق الأساسية في العمل، ويساهم في تحسين علاقات الشغل وتقوية القدرة التنافسية للمقاولات وتمنيع الاقتصادي الوطني. ومن أجل مواكبة هذه المتغيرات وربح رهان التشغيل المنتج وتقوية جاذبية القطاع الخاص في هذا المجال وضمان العمل اللائق، أصبح الاهتمام بالمسألة الاجتماعية والسعي الى ضمان الاستقرار الاجتماعي عبر الاحترام الفعلي للحقوق الاساسية في العمل، والضمان الاجتماعي وحقوق المواطنة داخل المقاولات، يتطلب تعزيز دور ادارة العمل وتقوية مساهمتها في السهر على ضمان الجوانب الاجتماعية للنمو الاقتصادي، والنهوض بجهاز تفتيش الشغل، باعتباره آلية تدخل الدولة في فرض احترام تطبيق التشريع الاجتماعي وتدبير علاقات الشغل، ضرورة ملحة تفرضها الالتزامات الدولية ومتغيرات الاقتصاد الوطني، وتطور مستوى العلاقات المهنية. لذا ساءل الرماح الوزير ،انطلاقا من البرنامج الحكومي الذي التزم فيه بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يقرها الدستور عن الاجراءات والتدابير التي ستتخذها من أجل: * الرفع من أداء وزارة التشغيل وتعزيز مكانتها داخل الجهاز الحكومي وتوسيع تمثيليتها على الصعيد الجهوي والاقليمي ؛ * ملاءمة هياكل إدارة العمل ووظائفها بالاعتماد على أحكام الاتفاقية الدولية رقم 150 والتوصية رقم 158 حول إدارة العمل في هذا الشأن، وبما تستلزمه متطلبات سوق الشغل الجديدة والتحديات الاجتماعية؛ * إعادة الاعتبار لجهاز تفتيش الشغل من خلال صياغة نظام اساسي جديد لجهاز تفتيش الشغل، موازاة مع التنزيل الديمقراطي للمبادئ العامة للحقوق الدستورية ذات الصلة بمجال تدخله، وورش إصلاح منظومة العدالة بشكل يضمن تعزيز دوره الرقابي وتوفير الحماية القانونية اللازمة وتحسين وضيعته المادية والإدارية وتمكينه من وسائل العمل الضرورية؛ * الرفع من نسبة تغطية النسيج الاقتصادي بزيارات المراقبة من خلال العمل على الرفع من عدد مكونات جهاز تفتيش الشغل( عددهم حاليا لا يتجاوز 450 مفتشا وطبيبا للشغل ومهندسا للسلامة المهنية من بينهم 24 مفتشا في القطاع الفلاحي) بشكل يكفل مراقبة كافة الوحدات الانتاجية الخاضعة لتشريع الشغل. * ضمان احترام تطبيق التشريع الاجتماعي بالمؤسسات التابعة للدولة والجماعات المحلية ذات الطابع الاقتصادي والتجاري، من خلال تمكين مكونات جهاز تفتيش الشغل من القيام بكل ما يخوله له القانون في مجال تدخله؛ * تفعيل منصب المفتشين العامين للشغل عملا بأحكام القانون التنظيمي للتعيين في المناصب السامية. غير أن الوزير لم يجب عن سؤال الرماح، واكتفى بالإشارة إلى اللقاءات التي يعقدها مع مندوبيات الوزارة. وعقب الرماح على جواب الوزير مذكرا إياه بالمتغيرات التي يعرفها عالم اليوم الذي يفرض احترام القانون الاجتماعي وليس العكس. ولن يتأتى هذا إذا لم تكن هذه الوزارة مهيكلة بالشكل الذي يجعلها قادرة على القيام بمهامها، طالبا منه: * ضرورة توحيد قطاع التشغيل مع التكوين المهني * زيادة عدد المفتشين * دعم جهاز التفتيش خاصة أّنهم يتعرضون للعديد من المضايقات كما هو الشأن بالنسبة لمحاكمة عبد الله الناظير الذي يتابع بمحكمة الإستيناف بآسفي رغم أنه أحيل على التقاعد منذ 2010. * تفعيل المحاضر المنجزة من طرف المفتشين * مراجعة القانون الأساسي لمفتشي الشغل تماشيا مع اتفاقية 81.129.