فازت مغنية أوكرانية بالمسابقة الأوربية للغناء لهذه السنة، وقد نالت اللقب بأغنية تحمل عنوان 1944، تتكلم عن مأساة التتار الذين رحلتهم الجمهورية السوفيتية من شبه جزيرة القرم، وكيف استوطنت بدلا عنهم الروس. فازت المغنية برغم أن المسابقة تحظر الأغاني السياسية أو التي تتكلم عنها، لدرجة أنها تمنع حمل الأعلام التي لا تعترف بها الأممالمتحدة، وهو المبدأ الذي ارتكزت عليه لتمنع علم فلسطين من أن يحمل في الحفل الذي يحظى بمتابعة قياسية في كل أنحاء أوربا، لأنه يعرض على القنوات العمومية وفي أوقات الذروة. يأتي هذا الفوز بعد أن فازت كاتبة من روسياالبيضاء بجائزة نوبل للأدب السنة الماضية، وقد نالت اللقب عن أعمال صحفية تصور الحياة، خاصة حياة النساء في الإتحاد السوفياتي سابقا، والذي منع كتبها من التداول لأنه اعتبرها معادية للشيوعية. إن الرابط بين الحدثين يتمثل في أن كليهما تجاوزا معايير الجائزتين، فالأغاني ذات الطابع السياسي ممنوعة في مسابقة الغناء الأوربية، كما أن الأعمال الصحفية لم تكن تعد عملا أدبيا يستحق جائزة نوبل.. الرابط الثاني أن كليهما ينتقد تاريخ الإتحاد السوفياتي بشكل حاد، التاريخ الذي تحاول موسكو بقيادة بوتن إعادته إلى دائرة الأنوار. فهل انتقلت أوربا التي تقيم حظرا سياسيا و اقتصاديا.. على روسيا منذ ضم الروس لشبه جزيرة القرم، إلى حرب ثقافية..، لتبرير هذا الاختيار لمواطنيها المتضررين من الحظر؟ إن هذا السؤال يطرح لما يشكله كلا الحدثين من وقع على المواطن الأوربي.. فالفائز بجائزة نوبل للأدب ترتفع حجم مبيعات كتبه و تترجم إلى أغلب اللغات الأوربية، كما أن حامل لقب مسابقة الغناء الأوربية يصبح نجم أوربيا على الأقل لمدة سنة، و يحظى بمتابعة مستمرة و يصبح حضوره لافتا في أغلب برامج القنوات الأوربية من نشرات الأخبار إلى البرامج الحوارية. وطبيعي عند التكلم مع هذين النجمين الساطعين في سماء أوربا الحرية حاليا سينساق الحديث نحو جمهورية لم تعد موجودة إلا في التاريخ، يتم إسقاط الأمر على روسيا اليوم و بالتالي نصبح أمام مواطن أوربي يرى الشر في شرق القارة لا غير. فهل سنرى في المستقبل مغنية تفوز لأنها تغنت بمعاناة المورسكيين المهجريين من أرضهم؟ و هل يمكن أن تمنح نوبل الأدب لأعمال تؤرخ لمأساة سكان الريف مع الأسلحة الكيميائية والتي استعملها الجيش الأسباني أثناء احتلاله للمنطقة، كما فعلت الكاتبة البلاروسية عند حديثها عن مأساة تشرنوبيل؟