إنهما الدكتوران حسن إغلان والدكتور إبراهيم إغلان، وإنهما لعلى خلق عظيم.. وما يزيد عن هذا التعريف يبقى مجرد إطناب وإسهاب، وإن كان له محلا من الإعراب. هما صديقان في أخوتهما، أخوان في صداقتهما، وكلاهما صديق للكتاب، وأهل للكتابة، يشاء قدرهما أن يحصلا، في مساحة زمنية لا تفصل مدة شهر بينهما، على شهادتي الدكتوراه، ويشاء ذات القدر ان يكون اللاحق في الميلاد بينهما، السابق في الحصول والوصول، بفارق ضئيل، مثل توأم خرجا من رحم هذه الدكتوراه. ومثلما لا تاريخ بلا فلسفة، ولا فلسفة بلا تاريخ، فقد توزع الأخوان بين التاريخ و الفلسفة. هكذا قدم إبراهيم أطروحته للدكتوراه حول: »"التراث الثقافي الساحلي في المغرب: مدينة الرباط نموذجا«." وقدم حسن أطروحته الفلسفية حول »:"السياسة والجنس". » أطروحتان، لابد، عند نشرهما، أن تعززا المكتبة المغربية والعربية، لتفيدا أجيال الباحثين مستقبلا، في هذين التخصصين أو غيرهما. وحسن إغلان الدكتور في الفلسفة اليوم، هو ذاته حسن إغلان الأديب الذي فتح عيونه وهو في الإعدادي، والثانوي على حب القصة القصيرة، قبل محبة الحكمة، فكان من أصغر كاتبي القصة الذين ينشرون في صفحة "على »الطريق:«، ويكتبونها بطريقة حديثة وجديدة ميزت أسلوبه وبناءه لها عن غيره من الكتاب منذ البداية، وهو ذاته طالب الفلسفة المجد وأستاذ مادتها في الثانوية، ثم في مركز المعلمين، والقارئ الفهم يوم كانت عيونه تطارد أحرف الأسطر من غلاف الكتاب الى دفته الأخيرة، لأن طبيبه كان أخبره، أن مآل عينيه هو فقدان البصر آجلا أم عاجلا، وذلك في بداية الثمانينات، لذلك تعايش بشجاعة مع هذه الخشية، لكنه ما تنازل عن الكتاب. والمفارقة أن حسن إغلان كان مقلا وهو بكامل قواه البصرية، ولما حل ما حل بعينيه ضاعف إبداعه، ووسع من مجالات كتاباته، فرأيناه يكتب في النقد الأدبي، ويكتب في الفكر والفلسفة، ويبدع في القصة، بلا كلل أو ملل، أي أنه اليوم أكثر حضورا وأغزر إنتاجا، ولعل الحياة التي استجمعها في دواخله، وما راكمه من حمولات المقروءات قادرتان على تزويده بصبيب لا ينضب، من معينين دائمي الإنبجاس. ... ثم كيف أنسى رافده الأ أنس زوجته خديجة سلام، وهي الشاعرة الرقيقة التي تنازلت عن نشر الشعر، كي لا أقول كتابته، لصالح قصائد أسرتها وأبيات بيتها. وإن نسيت ما نسيت، فلن أنسى فرحتها المجنونة وهي تغرقه قبلا لما نطقت لجنة المناقشة بحكمها ومنحته شهادة الدكتوراه بميزة مشرف، لأن كل جارحة فيها كانت تقول بأن جهدها وسهرها، إلى جانب زوجها، قد كوفئ حقا. فهنيئا لحسن ولخديجة بهذه الميزة المشرفة في زمن عاد يسكنه التمييز، وعز فيه التميز. ... وإبراهيم الذي نال شهادة الدكتوراه اليوم في التاريخ هو ذاته الطالب في علم الآثار الذي عرفته خلال مواسم العطل، لما كان يتابع دراسته الجامعية بالسعودية، والكاتب المقل، الذي لا يكتب إلا إذا رأى ما يبرر كتابته من أسباب النزول، ارتبط بالكتب كقدر لا فكاك منه، منذ اشتغاله بالمركز الثقافي السعودي بالرباط، إلى يوم الناس من القراء هذا، بالمكتبة الوطنية، التي هو »"ديناموها" ونحلتها التي لا تكل أو تتوقف عن الحركة، دائم النشاط، دائم العنفوان، خدوم وصبور ودائم الابتسام، لم يسبق لي أن رأيته قط غاضبا أو متجهما، وإذ تكون المكتبة الوطنية دائمة الأعراس الثقافية والاحتفاءات، تجد إبراهيم أبدا صاحب العرس يستقبل الجميع، ويحتفي بالجميع، ويسهر على كل شيء، وتجده في كل مكان، مثل ملاك يطير بجناحين. هما إبراهيم وحسن إذن... ... هما حسن وإبراهيم إذن.. هما..... هما دائما أبدا... لم يتغيرا يوما.. ولن يتغيرا غدا.. فقط لأنهما على خلق عظيم.