بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس مجلة أنفاس افتتح ببهو المكتبة الوطنية بالرباط، معرض تشكيلي يقدم أعمالا رائدة لأسماء رائدة في الفن التشكيلي المعاصر بالمغرب هم: محمد أطاع لله، فريد بلكاهية، سعد بن السفاج، محمد بناني، محمد شبعة، أحمد الشرقاوي، الجيلالي الغرباوي، محمد حميدي ومحمد المليحي، وهي أعمال تعود إلى فترة الستينات، وبداية السبعينات من القرن الماضي، وأشرف على تنظيم هذا المعرض الفنان محمد المليحي، ليستمر بفضاء المكتبة الوطنية إلى غاية 30 أبريل الجاري، لينتقل بعدها إلى رحاب باب الرواح ابتداء من 17 ماي وإلى غاية 31 منه. يكتب محمد المليحي في كتيب صدر بمناسبة المعرض يضم صور اللوحات المعروضة تحت عنوان "رسامو انفاس"«: ما نحاوله هنا، هو التذكير بمغامرة فنية مدرجة في التاريخ من الآن فصاعدا، نحن لا نطمح إلى توفير تحليل نقدي للأعمال المعروضة، في مناسبة الذكرى الخمسين لمجلة »"أنفاس"« وإنما نريد بكل بساطة أن نعيد إلى التداول، من أجل الأجيال الجديدة، السياق التي تولدت فيه هذه الأعمال، أي الحقبة التاريخية التي جرى فيها في بلادنا إعادة تحديد لهويتنا، والتي عنت كذلك الشروع في عملية نزع الاستعمار عن ثقافتنا، مقدمين تعريفا جديدا لرؤية جديدة للثقافة، أما مواقف الفنانين أدناه (أي في ترتيب هذا الكتيب) فهي مستلة مما قالوه في عدد »"أنفاس" المخصص للفنون التشكيلية، وهي تعبر عن انشغالات ذلك الزمن وعن طرائقهم في العمل من أجل أن يكون للفن والثقافة مكانتها المستحقة في بلادنا. ورغم المسارات التي قطعها هؤلاء الرواد التشكيليون في مسيراتهم الطويلة أو القصيرة - حسب الأعمار التي هي بيد الله - فإن المتأمل لأعمال هذا المعرض ومقارنتها بأعمال ذات الفنانين، التي جاءت بعدها، يكاد يجزم بأن تجارب هؤلاء الرواد، ابتدأ كاملة ومكتملة، وأن أغلب الفنانين الأحياء منهم - أمد الله وبارك في أعمارهم - مازالوا مسكونين إما بنفس الموتيفات، أو نفس المواضيع أو نفس الأشكال الهندسية، أو نفس المواد، بحيث من السهولة بمكان على المتتبع للفن التشكيلي المغربي، ودون أن تكون لوحات هذا المعرض موقعة باسم مبدعها، أن يتعرف على صاحبها الذي أنتجها رغم المسافة الزمنية التي تفصله عن تاريخ إبداعها. يكتب الشاعر عبد اللطيف اللعبي عن هؤلاء الرواد الذين صاحبوا خطوات "أنفاس" منذ التأسيس، أو الذين التحقوا بها بعد ذلك، قائلا: "علينا القول بأنه كان للتشكيليين ميزة صغيرة مقارنة برفاقهم الشعراء: كانوا يمارسون »لغة« في متناول غالبية مواطنيهم الذين تغذوا بانتظام على ما تمنحه إياهم تقاليد ضاربة في القدم قوامها الفنون الشعبية والحرف اليدوية الخلاقة، وهذا ما سوف يمكنهم من النجاح في مهمة طليعية غاية في الصعوبة : إخصاب الحداثة بواسطة التراث، والتراث بواسطة الحداثة. لم يكن ذلك بطبيعة الحال سوى ورش من بين أوراش عدة كان قد فتحها الفنانون التشكيليون الذين يجمعهم هذا المعرض، منذ ذلك الحين طور كل واحد منهم عمله المتفرد وعبر مواسم حياته المتعاقبة، كثيرون منهم التحقوا بالسر. لذا فإن الذكرى الخمسين لإنشاء مجلة "أنفاس" فرصة مثالية لإعادة تجميع تلك الكوكبة من الآيادي المباركة التي ما فتئت تولجنا داخل بواطن الجمال، وتقربنا من منابع النور«". وتجدر الإشارة إلى أن افتتاح هذا المعرض تزامن مع المناظرة الدولية التي امتدت لمدة يومين 8 و9 أبريل الجاري بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس مجلة "»أنفاس"،« والتي ساهم فيها باحثون من المغرب والجزائر وفرنسا وألمانيا وأمريكا.. و التي تداول خلالها هؤلاء الباحثون كل من زاويته، عن هذه التجربة الجماعية والحركة التي خلقتها، وملابسات هذا التأسيس وظروفه الصعبة، وهو تأسيس جاء بعد سنة على احداث 1965، وعلى اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة الذي رفرفت روحه على أعمال هذه المناظرة عبر ذكره من طرف أكثر من متدخل..